صور قديمة عن العراق
في العام 1861م جهز الوالي " أحمد توفيق باشا " حملة عسكرية ضخمة للهجوم على قبيلة العبيد في الحويجة بعد ان رفض شيخهم سعدون بن مصطفى بن علي " أمير الحويجة
دفع الضرائب الثقيلة والخضوع للولاة الاتراك .
ويعود سبب عصيان الشيخ سعدون لما قبل ١٨٥٥ م ، حيث قال جيمس فلكس جونز الضابط و الرحالة البريطاني سنة ١٨٤٨ م إن سعدون شيخ العُبيد دائماً ما يسبب المشاكل للسلطة ، ومثله قال Yanko Aristarchi الرحالة التركي الفرنسي في كتابهِ De Bagdad à Berlin بعد أن التقى به واثنى عليه قائلاً :
إنه شيخ ذكي جداً والدولة تحاول كسبه إلى جانبها بأن ارسلت إليه أكثر من مرة تستحضره إلى بغداد ولكنهُ امتنع وبقي في الحويجة .
ثُمَّ إن تكاثر هذهِ الشكاوي أدى إلى عزله واستمر على هذا الحال إلى أن كثرت عليه الكتب والمخاطبات وتم عزلهُ نهاية عام ١٨٥٤ م .
و أُعتبرَ بعد خروجهِ عن الطاعة مطلوباً لحكومة بغداد ، ضمت القوة الحكومية مجموعة من الجنود النظامية و الهايتة ( الهايتة : هي قوة جندرمة غير نظامية يستخدمهم الوالي لقاء أُجور وكانوا من العنصر الألباني غالباً ) ،
هناك مثل عند اهلنا في الحويجة يستعمله كبار السن حتى اليوم ويطلقونه على التجمعات الفوضوية فيقولون (حصن الهايتة)
وتتكون من الآلات الحربية ومن المدافع وغيرها ، ترافقها بعض العشائر العربية ، تحركت تلك القوة سنة ١٨٦١ م من بغداد .
عندما وصلت أخبار الحملة إلى الحويجة ، تحرك امير الحويجة " سعدون " من منطقة " شبيچة " مبتعداً عن قطعات الجيش العثماني ، و سار بمحاذاة الماء ( نهر العظيم ) هو ومن معهِ من أبناء عشيرته وقبيلته إلى أن وصل قرب الخالص ، أستقر فترة فيها لكن الحملة كانت تتحرك خلفهِ بأستمرار ، لذا تحرك عائداً شمالاً لكن هذهِ المرة بمحاذاة نهر دجلة حيث وصل قريباً من تكريت أستقر فيها لمدة ليست بالكثيرة ،
بعدها اتجه نحو منطقة الفتحة وسار إلى أن وصلها ثمَ عبرها ، وتوغل في الأرض المحصورة بين نهر الزاب الصغير ونهر دجلة وأستقر هنالك عند منطقة علوشة أو ما تسمى أيضاً ( رسم غريب ) حيث لم يعد بالإمكان التحرك أكثر لما سبب كثر التنقل من تعب للعشيرة والعشائر المتنقلة معهُ ، وأصبح بعدها أمر تفادي الصدام والقتال شبه مستحيل .
" .
.
سارت قوات الوالي أحمد توفيق باشا " خلف الأمير " سعدون " أينما يحل ويرتحل إلى أن وصلت منطقة علوشة . عندما ألتقى الجمعان ، بادرت العشيرة بالهجوم حيث قاموا بتحميل الاباعر ( الأبل ) أكياس من التراب وجعلوها تتحرك وتركض بأتجاه قوات الجيش لخرق صفوفهم ، لكن خطتهم فشلت لأن المدفعية العثمانية أطلقت قذائفها بأتجاه قطعان الإبل مما جعلها تخاف وترجع راكضة على جمع العشيرة ، أعاد الأمير " سعدون " ترتيب الصفوف ، وقام بـِ شّن هجمة قوية على رأسها هو بأتجاه قلب الجيش ، فأوقع بهم هزيمة لم يتوقعوها وقتل منهم الكثير ، وغرق منهم عدد أكثر في النهر إثر هروبهم إليه ، وأخذ مدافعهم والآلات الحربية ، وبعد أنتهاء المعركة وقع العديد من الجنود في الأسر .
وتم عزل أحمد توفيق باشا" بعد خسارته المعركة وكان احد الاسباب لنجاح العبيد هو قيام مجموعة من فرسان العشيرة ومن رجال العشيرة المتحالفين معها بالتسلل من الخلف علي التلة التي كانت تطلق نيران مدفعيتها علي الجمع العشائري وهم الشيخ والفارس عبدالله بن حسين بن علي ، الذي أنتخى في المعركة ومعهِ كُل من الشيخ الفارس فارس الغياض الصالحي من عشيرة البوصالح العبيدية وهو جد البو صالح الحاليين .
اضافة الى ابو جدايه الدندوشي الجبوري حيث قاموا بالصعود على التل الذي وضعت عليه المدافع والتي كانت تطلق قذائفها بتجاه جمع العبيد ، حيث قتلوا الطوبچية وقطعوا الحبال التي تربط المدافع ورموها من فوق التل
بعد مجيئ " نامق باشا " إلى دفة القيادة في بغداد والتي أستلم ولايتها في شباط ( ١٨٦٢ م ) . أتفقت حكومتهِ والأمير " سعدون بن مصطفى " وبوساطة اخوالهِ بيت الشاوي في بغداد على العفو ، حيث أقرتهُ عنه بشروط ، والعفو طبعاً عنه وعن عشيرته ومن معهِ من العشائر ، وكانت الشروط هي دفع دية لقتلى وخسارة الجيش قدرها ( ٤٠٠٠ إلى ٥٠٠٠ ) رأس من الأغنام ، و ( ٥٠٠ ) ناقة من الإبل ، مع إرسال المدافع والآلات الحربية المأخوذة ، ومن جانبها تقوم الحكومة العثمانية بإرجاع لقب إمارة ومشيخة قبيلة العبيد لـِ الأمير " سعدون " وارضائهِ . بعد تنفيذ الشروط وعودة السنجق للأمير " سعدون " أزدادَ نفوذهِ ليتعدى مناطق الحويجة وعشائرها .
الصورة : الشيخ مزهر العاصي العبيدي امير عشيرة العبيد والشيخ ناظم العاصي و والشيخ إبراهيم المدرس العبيدي أمام مضيف الشيخ مزهر العاصي في الحويجة عام 1963