نادر.. ومسيرة ”آل جلال“ السينمائية الحافلة والمثمرة
«سينماتوغراف» ـ محمود درويش
لم يكن من الممكن للطفل “نادر أحمد جلال” أن يكون غير ما كان. فلم يكن يلعب في الحدائق أو الشوارع المحيطة بمنزل أهله الواقع بمنطقة “حدائق القبة” بالقاهرة، بل كان مكان لعبه غريبا بعض الشئ وغير معلوم لدى الكثيرين من اقرانه وزملاء دراسته. لقد كان مكان لعبه هو الاستوديو الكبير الذي يحمل اسم جده “جلال” والذي تعرف المنطقة حوله بأسرها باسمه كما عرفناها نحن من سكنوا بجانبها أو ترددوا عليها.
فنادر الطفل ولد في 29 يناير عام 1941 ترعرع وسط عائلة فنية عريقة لم يجود الزمان بمثلها في تاريخ السينما المصرية. فأبوه هو المخرج أحمد جلال، ووالدته الممثلة الرحلة مارى كوينى، وخالته المنتجة القديرة آسيا.
انظر للأسماء تدرك على الفور الأجواء التي تهيأت للطفل ثم الشاب نادر فالكل حوله لا يتحدث سوى عن السينما وألأفلام والخام والسيناريو والديكور، وهي مصطلحات قد يكون عرفها غيره من الأطفال في سن الشباب مع بدء ترددهم على دور السينما.
ولم يغفل الأب المخرج أن يصحب إبنه إلى البلاتوه وإلى داخل غرفة المونتاج ليشهد عن قرب كيف تنتج الأفلام وكيف يدار الاستوديو.
لذلك لم يكن غريبا أن يحصل نادر جلال على بكالوريوس التجارة عام 1963 ثم دبلوم معهد السينما (قسم إخراج) عام 1964، ليبدأ في العمل كمساعد مخرج مع مخرجين كبار ممن عرفهم عن طريق “استوديو جلال”.
بل إنه دخل مجال السينما منتجا، وقد يكون ذلك تاثرا بخالته آسيا، ثم مؤلفا ومخرجا.
بدأ نادر جلال العمل في السينما عام 1965 كمساعد مخرج من خلال فيلم “الشقيقان” للمخرج حسن الصيفي. وقدم أول أفلامه عام 1971 بعنوان “غدا يعود الحب”، بطولة نيللي ونور الشريف.
وتعاون نادر جلال خلال مسيرته الفنية كمخرج على مدى 43 عاما مع كبار الفنانين وترك بصمة فى مشوارهم الفنى ومنهم عادل إمام فى “جزيرة الشيطان” و”الإرهابى” و”بخيت وعديلة” و”سلام يا صاحبى”. كما قدم مع نادية الجندى سلسلة من الأفلام الناجحة منها “شبكة الموت” و”ملف سامية شعراوى” و”الإرهاب” و”امرأة هزت عرش مصر” و”عصر القوة” و”مهمة فى تل أبيب” و”أمن دولة”.
وتمكن من الجمع بين عادل إمام ونادية الجندى وفؤاد المهندس للمرة الأولى فى فيلم “خمسة باب” عام 1983.
مشوار نادر جلال الفنى امتد لما يزيد على الـ65 عاما بدءا من طفولته، حيث ظهر فى أفلام قام والده بإخراجها. وقدم تجربته الإخراجية الأولى بالفيلم الروائى القصير “هاشم وروحية” قبل أن تنتج له والدته فيلمه الروائى الطويل الأول “غدا يعود الحب” (1971) الذى كتب له السيناريو والده احمد جلال، وقام ببطولته نيللي ونور الشريف. ثم قدم بعدها أفلاما منها “رجال لا يخافون الموت” و”بدور” من بطولة محمود ياسين ونجلاء فتحي ويتناول نصر اكتوبر 1973، الذى كتب له القصة والسيناريو والحوار. كما قدم أفلام “وعادت الحياة” و”عندما يسقط الجسد” و”أقوى من الأيام” و”أرزاق يا دنيا”. ثم قدم تجربة جديدة على السينما المصرية بالتعاون مع المصور سعيد شيمى بإخراج فيلم تجرى بعض أحداثه تحت الماء بعنوان “جحيم تحت الماء”.
كما قام بكتابة القصة والسيناريو والحوار لفيلمين، هما “واحدة بواحدة” عام 1984 بطولة عادل إمام وميرفت أمين، وهو من أهم الأفلام الكوميدية في تاريخ السينما المصرية.
بلغ عدد الأفلام التي عمل بها نادر جلال كمساعد مخرج أو مخرجا73 فيلما، بدأها بفيلم “اقتلني من فضلك” عام 1965 كمساعد مخرج، وانتهاء بفيلم “جحيم تحت الأرض” عام 2001 .
وعندما أدارت السينما وجهها لنادر جلال وجيله، اتجه الى التلفزيون فأخرج عددا من المسللسلات المتميزة أهمها “الناس في كفر عسكر” عام 2003، و”عباس الأبيض في اليوم الأسود” عام 2004. وقدم عددا من الأعمال مع المؤلف بشير الديك هي: “درب الطيب” و”أماكن في القلب” وظل المحارب”.
كما قدم “حرب الجواسيس”. وكانت آخر أعماله التليفزيونية مسلسل “كيكا على العالى” الذى يعرض حاليا على إحدى القنوات الفضائية، وهو من إنتاج محمد فوزى، وتأليف حسام موسى، ويقوم ببطولته كل من أحمد صفوت وحسن الرداد وصلاح عبد الله وصبرى فواز والراقصة دينا وآيتن عامر وصلاح رشوان وهادى الجيار ومحمد أبو داود وحسناء سيف الدين، وتستعرض الحلقات حياة شريحة كبيرة من البسطاء الذين يعيشون تحت خط الفقر، وتطلع العديد منهم للوصول إلى القمة وتحقيق طموحاتهم بأى ثمن.
ومع دخوله مجال الإخراج، حرص نادر جلال على الظهور ممثلا في عدد من أفلامه في أدوار صغيرة، منها “حسن اللول” في دور مدير المشرحة (1993)، و”جزيرة الشيطان” في دور مدير مركز الغطس (1990).
رحم الله نادر جلال وعوض السينما المصرية عنه خيرا، ووفق ابنه أحمد لمواصلة مسيرة “آل جلال” التي كانت ولا شك حافلة ومثمرة