الجمعه 5 ربيع الأول 1431هـ - 19 فبراير 2010م - العدد 15215
سوفت بوكس
انتحال الصور!!
سلافة سعد الفريح
نواجه في الحياة مواقف وأحداث تترك في ذاكرتنا علامة استفهام كبيرة لا يمكن تجاهلها حتى وإن تقادم عليها الزمن، وبمناسبة حديثنا عن المواهب أحببت مشاركتكم بأحد تلك المواقف التي أثارت حافظتي وهي رسالة اليكترونية استقبلتها على بريدي الخاص في أحد المنتديات الفوتوغرافية - قبل عام تقريبا - من عضو جديد في المنتدى؛ شاب صغيرالسن يطلبني أن أهبه صورة من أعمالي (خطيرة تكسر الدنيا) - على حد قوله - لينسبها لنفسه ويشترك بها في مسابقة فوتوغرافية للطلبة الجامعيين في إحدى الدول العربية (وهذا جميل لن ينساه لي) ! طبعا مع ديباجة من المدائح الأنيقة، وعبارات الاستعطاف الرقيقة، وختم رسالته بطلب آخر وهو (إن رفضتِ طلبي فأرجوك لا تفضحيني) !!
قرأت الرسالة عدة مرات للتأكد من فهمي لما قرأت .. معقولة ؟ كيف تجرأ على طلب مثل هذا؟ هل أنصحه؟ أم أوبخه؟ أم أن سكوتي سيخجله ويثنيه عن هذا العمل المشين؟ فاخترت الخيار الأخير بدون أي رد أو تعليق، وبعدها لم ألحظ اسمه في المنتدى.
وبالرغم من أن الموقف انتهى إلا أني أذكره باستمرار وأتساءل؛ لماذا اقتحم عالم التصوير الكثير من الدخلاء الذين لا يتورعون عن الاستيلاء على أعمال الآخرين ونسبتها لأنفسهم للحصول على لقب أو جائزة تملأ فراغ عقولهم وقلوبهم ؟ هل أصبح التصوير هواية من لا هواية له؟ أم أنه هوس (السوبر ستار) الذي افتتن به المراهقون وحب الظهور وتسليط الأضواء على جهلهم وخوائهم ؟ أم هو تعويض للتهميش الذي يعيشه كثير من الشباب في مجتمعنا ؛ فيتعلقون بالشباك العنكبوتية الواهية للوصول للشهرة ؟
الحقيقة بالرغم من مشاعر الاستياء إلا أني تعاطفت معه ورغبت بإحالته إلى الإرشاد النفسي للبحث في الأسباب والدوافع ومن ثم العلاج. مسكين! هو لم يسرق وإنما طلب بأدب وإن كان طلبه فيه إساءة أدب؛ الأمر خطير! التعدي على صور الغير لا يختلف كثيرا عن النشل والنصب والاحتيال وخطف الأطفال وشراء الشهادات المزورة التي يعاقب عليها القانون. فأين القانون الذي يحمي حقوق المصور الفكرية والفنية؟
السرقات الأدبية من الأمراض الاجتماعية التي تصيب سلوك البشر منذ الأزل. كقضية انتحال الشعر المعروفة في العصر الجاهلي، والتي تعد عار يلحق بالشاعر أبد الدهر؛ ومعنى انتحل الشيء في اللغة: ادعاه لنفسه وهو لغيره. وإن التمسنا للجاهليين العذر لأنهم عاشوا في عصر يعتمد على الحفظ والنقل، فما عذرنا ونحن نعيش عصر التوثيق؟ ربما لاننا جميعا نسبح في فضاء؛ هم في فضاء الصحراء ونحن في فضاء الإنترنت. ومن يخض غمار الفضاء يفقد التحكم بتصرفاته والسيطرة على رغباته.
من المفترض أن الفن يهذب النفوس لترتقي إلى مستوى رفيع من الشفافية والسمو والإحساس المرهف والفطرة السليمة التي تميز الفنان عن غيره.
ولكن مشوَّهي الفطرة تلتبس عليهم الحقائق ويطوعونها لتتماشى مع أهوائهم فيخلطون بين الغش والمساعدة ؛ بين الحقيقة والكذب؛ بين الزيف والأصل لأنهم يختبؤون في جلود الماركات المزيفة. فينتحلون الصور والأسماء والأفكار ونسوا أن فوق كل فضاء إله عدل.. يسمع ويرى.
سوفت بوكس
انتحال الصور!!
سلافة سعد الفريح
نواجه في الحياة مواقف وأحداث تترك في ذاكرتنا علامة استفهام كبيرة لا يمكن تجاهلها حتى وإن تقادم عليها الزمن، وبمناسبة حديثنا عن المواهب أحببت مشاركتكم بأحد تلك المواقف التي أثارت حافظتي وهي رسالة اليكترونية استقبلتها على بريدي الخاص في أحد المنتديات الفوتوغرافية - قبل عام تقريبا - من عضو جديد في المنتدى؛ شاب صغيرالسن يطلبني أن أهبه صورة من أعمالي (خطيرة تكسر الدنيا) - على حد قوله - لينسبها لنفسه ويشترك بها في مسابقة فوتوغرافية للطلبة الجامعيين في إحدى الدول العربية (وهذا جميل لن ينساه لي) ! طبعا مع ديباجة من المدائح الأنيقة، وعبارات الاستعطاف الرقيقة، وختم رسالته بطلب آخر وهو (إن رفضتِ طلبي فأرجوك لا تفضحيني) !!
قرأت الرسالة عدة مرات للتأكد من فهمي لما قرأت .. معقولة ؟ كيف تجرأ على طلب مثل هذا؟ هل أنصحه؟ أم أوبخه؟ أم أن سكوتي سيخجله ويثنيه عن هذا العمل المشين؟ فاخترت الخيار الأخير بدون أي رد أو تعليق، وبعدها لم ألحظ اسمه في المنتدى.
وبالرغم من أن الموقف انتهى إلا أني أذكره باستمرار وأتساءل؛ لماذا اقتحم عالم التصوير الكثير من الدخلاء الذين لا يتورعون عن الاستيلاء على أعمال الآخرين ونسبتها لأنفسهم للحصول على لقب أو جائزة تملأ فراغ عقولهم وقلوبهم ؟ هل أصبح التصوير هواية من لا هواية له؟ أم أنه هوس (السوبر ستار) الذي افتتن به المراهقون وحب الظهور وتسليط الأضواء على جهلهم وخوائهم ؟ أم هو تعويض للتهميش الذي يعيشه كثير من الشباب في مجتمعنا ؛ فيتعلقون بالشباك العنكبوتية الواهية للوصول للشهرة ؟
الحقيقة بالرغم من مشاعر الاستياء إلا أني تعاطفت معه ورغبت بإحالته إلى الإرشاد النفسي للبحث في الأسباب والدوافع ومن ثم العلاج. مسكين! هو لم يسرق وإنما طلب بأدب وإن كان طلبه فيه إساءة أدب؛ الأمر خطير! التعدي على صور الغير لا يختلف كثيرا عن النشل والنصب والاحتيال وخطف الأطفال وشراء الشهادات المزورة التي يعاقب عليها القانون. فأين القانون الذي يحمي حقوق المصور الفكرية والفنية؟
السرقات الأدبية من الأمراض الاجتماعية التي تصيب سلوك البشر منذ الأزل. كقضية انتحال الشعر المعروفة في العصر الجاهلي، والتي تعد عار يلحق بالشاعر أبد الدهر؛ ومعنى انتحل الشيء في اللغة: ادعاه لنفسه وهو لغيره. وإن التمسنا للجاهليين العذر لأنهم عاشوا في عصر يعتمد على الحفظ والنقل، فما عذرنا ونحن نعيش عصر التوثيق؟ ربما لاننا جميعا نسبح في فضاء؛ هم في فضاء الصحراء ونحن في فضاء الإنترنت. ومن يخض غمار الفضاء يفقد التحكم بتصرفاته والسيطرة على رغباته.
من المفترض أن الفن يهذب النفوس لترتقي إلى مستوى رفيع من الشفافية والسمو والإحساس المرهف والفطرة السليمة التي تميز الفنان عن غيره.
ولكن مشوَّهي الفطرة تلتبس عليهم الحقائق ويطوعونها لتتماشى مع أهوائهم فيخلطون بين الغش والمساعدة ؛ بين الحقيقة والكذب؛ بين الزيف والأصل لأنهم يختبؤون في جلود الماركات المزيفة. فينتحلون الصور والأسماء والأفكار ونسوا أن فوق كل فضاء إله عدل.. يسمع ويرى.