الجمعة 12 ربيع الأول 1431هـ - 26 فبراير 2010م - العدد 15222
سوفت بوكس
بتلات الورد
سلافة سعد الفريح
كم أنت ثري يا وطني ! ليس بمخزون النفط والثروة الطبيعية المدفونة في أرضك ، بل بالثروات البشرية والكنوز الإبداعية في بطون البيوت والمدارس التي تحتاج للتنقيب عن المواهب واستخراج النفائس . وإن كانت الدولة تبذل الأموال الطائلة لوضع الأهداف والخطط والاستراتيجيات الاستثمارية للحفاظ على ثرواتها ؛ فمن يدير استثمار الثروات البشرية في الأسرة وداخل أسوار المدرسة ؟ وهل كل الآباء والأمهات والمعلمين لديهم الكفاءة المطلوبة لاكتشافها وإدارتها واستثمارها ؟
من خلال بحثي عن المواهب الصغيرة التي حرصت على أن تشمل عدة مناطق من المملكة أعجبني تعامل الآباء والفنانين مع أبنائهم في احتواء مواهبهم وتطويرها بالتعليم والاحتضان وتهيئة الأجواء الدافعة لهم للخلق والابتكار . وأذهلني كذلك وجود المعلم الفنان الذي أخذ على عاتقه تبني المواهب الفوتوغرافية الصغيرة تطوعا دون تكليف من أحد ، وتخطى العقبات ، وتجاوز الممنوعات ، وأخذ يضع بذور الجمال في نفوس طلابه وتنمية الحس الفوتوغرافي فيهم حتى تفتقت مواهبهم ووضعوا أقدامهم على أول الطريق . ولكن مَن للموهوبين الذين لا يجدون معلما مبدعا أو أبا متفهما ؟ هل بالضرورة أن يكون آباءهم ومعلميهم فنانين لكي يجدوا الدعم ؟ ماذا لو كان أحد المواهب المبدعة قابع تحت سلطة أب جلاد أو أم لاهية أو معلم متبلد ؟ المواهب الصغيرة مثل بتلات الورد في رقتهم وحساسيتهم وتأثرهم بالعوامل المحيطة بهم فلا تخدشوها بقسوتكم ، وتئدوها بإهمالكم .
إنها همسة أهمس بها في أذن من يسمع ، وصرخة في قلب من لا يسمع : الطفل الموهوب هدية من الخالق عز وجل ؛ له شخصيته المستقلة التي يحب أن يعبر عنها بطريقته ، دعوه يلعب بالرمل ويبحث في الشاطئ عن القواقع والأصداف ، و يعبث بالألوان ويتلطخ بالطين ويركض ليلاحق الطيور ، دعوه يلملم النجوم ويقطف الأزهار ويصيد الفراشات ويحملها في طيات ثوبه ليصنع منها قصيدة ضوئية أو لوحة شعرية ، دعوه يتنفس الهواء النقي دون فلاتر أوامركم وقضبان عقولكم . ضعوا له الضوابط والحدود لا السلاسل والقيود ، افسحوا له الأماكن وافتحوا له الأبواب وضعوا خياره بيده .
بعض الآباء يخنقون أبناءهم بالقيود فيرسمون لهم المستقبل ويحددون الاختيارات ؛ وينسون أن الأطفال يولدون باستراتيجيات سيكلوجية واستعدادات فطرية خاصة بهم . والبعض الآخر من الآباء والمعلمين يتفننون بتثقيب قلوب أبنائهم بالسخرية من صفاتهم والتحقير من أعمالهم والاستخفاف بأفكارهم ؛ متعللين بأعذار محبتهم والرغبة في مصلحتهم ! وهم في الحقيقة يدمرونهم . وهناك آباء لا يرسمون ولا يقيدون ولا يتابعون وإنما يقذفون أبناءهم في أحضان العشوائية تربيهم وتعلمهم كيفما اتفق . من هنا أطالب بإنشاء مؤسسات تربوية فنية خاصة تقوم على رعاية الموهوبين في كافة الفنون وتقدم لهم ما افتقدوه من تقدير لمواهبهم الفطرية وقدراتهم العقلية واحتياجاتهم النفسية . إن تعزيز الثقة في نفس الموهوب الصغير وترديد كلمات الإعجاب بقدراته والفخر بإنجازاته يصنع منه علما من أعلام الأمة . والأعلام هم الثروة الحقيقية لهذا الوطن .
سوفت بوكس
بتلات الورد
سلافة سعد الفريح
كم أنت ثري يا وطني ! ليس بمخزون النفط والثروة الطبيعية المدفونة في أرضك ، بل بالثروات البشرية والكنوز الإبداعية في بطون البيوت والمدارس التي تحتاج للتنقيب عن المواهب واستخراج النفائس . وإن كانت الدولة تبذل الأموال الطائلة لوضع الأهداف والخطط والاستراتيجيات الاستثمارية للحفاظ على ثرواتها ؛ فمن يدير استثمار الثروات البشرية في الأسرة وداخل أسوار المدرسة ؟ وهل كل الآباء والأمهات والمعلمين لديهم الكفاءة المطلوبة لاكتشافها وإدارتها واستثمارها ؟
من خلال بحثي عن المواهب الصغيرة التي حرصت على أن تشمل عدة مناطق من المملكة أعجبني تعامل الآباء والفنانين مع أبنائهم في احتواء مواهبهم وتطويرها بالتعليم والاحتضان وتهيئة الأجواء الدافعة لهم للخلق والابتكار . وأذهلني كذلك وجود المعلم الفنان الذي أخذ على عاتقه تبني المواهب الفوتوغرافية الصغيرة تطوعا دون تكليف من أحد ، وتخطى العقبات ، وتجاوز الممنوعات ، وأخذ يضع بذور الجمال في نفوس طلابه وتنمية الحس الفوتوغرافي فيهم حتى تفتقت مواهبهم ووضعوا أقدامهم على أول الطريق . ولكن مَن للموهوبين الذين لا يجدون معلما مبدعا أو أبا متفهما ؟ هل بالضرورة أن يكون آباءهم ومعلميهم فنانين لكي يجدوا الدعم ؟ ماذا لو كان أحد المواهب المبدعة قابع تحت سلطة أب جلاد أو أم لاهية أو معلم متبلد ؟ المواهب الصغيرة مثل بتلات الورد في رقتهم وحساسيتهم وتأثرهم بالعوامل المحيطة بهم فلا تخدشوها بقسوتكم ، وتئدوها بإهمالكم .
إنها همسة أهمس بها في أذن من يسمع ، وصرخة في قلب من لا يسمع : الطفل الموهوب هدية من الخالق عز وجل ؛ له شخصيته المستقلة التي يحب أن يعبر عنها بطريقته ، دعوه يلعب بالرمل ويبحث في الشاطئ عن القواقع والأصداف ، و يعبث بالألوان ويتلطخ بالطين ويركض ليلاحق الطيور ، دعوه يلملم النجوم ويقطف الأزهار ويصيد الفراشات ويحملها في طيات ثوبه ليصنع منها قصيدة ضوئية أو لوحة شعرية ، دعوه يتنفس الهواء النقي دون فلاتر أوامركم وقضبان عقولكم . ضعوا له الضوابط والحدود لا السلاسل والقيود ، افسحوا له الأماكن وافتحوا له الأبواب وضعوا خياره بيده .
بعض الآباء يخنقون أبناءهم بالقيود فيرسمون لهم المستقبل ويحددون الاختيارات ؛ وينسون أن الأطفال يولدون باستراتيجيات سيكلوجية واستعدادات فطرية خاصة بهم . والبعض الآخر من الآباء والمعلمين يتفننون بتثقيب قلوب أبنائهم بالسخرية من صفاتهم والتحقير من أعمالهم والاستخفاف بأفكارهم ؛ متعللين بأعذار محبتهم والرغبة في مصلحتهم ! وهم في الحقيقة يدمرونهم . وهناك آباء لا يرسمون ولا يقيدون ولا يتابعون وإنما يقذفون أبناءهم في أحضان العشوائية تربيهم وتعلمهم كيفما اتفق . من هنا أطالب بإنشاء مؤسسات تربوية فنية خاصة تقوم على رعاية الموهوبين في كافة الفنون وتقدم لهم ما افتقدوه من تقدير لمواهبهم الفطرية وقدراتهم العقلية واحتياجاتهم النفسية . إن تعزيز الثقة في نفس الموهوب الصغير وترديد كلمات الإعجاب بقدراته والفخر بإنجازاته يصنع منه علما من أعلام الأمة . والأعلام هم الثروة الحقيقية لهذا الوطن .