لاباس" و"قناوة ديفيزيون" موسيقيون جدد ينتصرون للحب والإنسان
يحفل المغرب العربي بمجموعات موسيقية شبابية جديدة تحاول أن تقدم أعمالا مختلفة ومقاربات تتجاوز ما هو كائن وتنفتح على موسيقات العالم، حاملة بين طياتها قضايا الشعوب المغاربية والإنسان العربي، حالمة في أغلبها بالحرية ومنتصرة للإنسان بلغة كونية، وهو ما يجعل هذه المجموعات محل متابعة جماهيرية وحتى نقدية.
تونس - استطاعت المجموعتان الموسيقيتان “لاباس” و”قناوة ديفيزيون” اللتان قدمتا أخيرا عرضا جديدا على خشبة المسرح الأثري بقرطاج، استقطاب أعداد كبرى من جمهور مهرجان قرطاج الدولي في دورته الحالية التي تنفتح على فنون متنوعة في محاولة لتلبية التنوع في ذائقة الجماهير واهتماما بآخر ما بلغه الموسيقيون الشباب اليوم.
واهتزّت على إيقاعات أغاني الفرقتين الاحتفالية مدرّجات المسرح، ولم يهدأ الجمهور، الذي كان أغلبه من فئة الشباب، ولم يصمت طيلة ما يناهز ثلاث ساعات، وظلّ يُردّد أشهر الأغاني التي عُرفت بها هاتان المجموعتان والتي حصدت ملايين المشاهدات على اليوتيوب.
أولى الإطلالات
كانت الإطلالة الأولى على خشبة المسرح مع الفنان ناجم بويزول ومجموعته “لاباس” التي أسسها سنة 2004 في مقاطعة مونريال الكندية. وهذا الفنان الذي يعرّف نفسه بأنه فنان شارع، بهويته الموسيقية الحية والحرة، بدى متشبعا بجذوره الجزائرية وبرحلاته الواسعة، واستطاع أن يبتكر لمجموعته الموسيقية مسارًا فريدًا يتجاوز الحدود المعهودة للموسيقى المغاربية، من خلال أنماط موسيقية منفتحة على العالم، استوحاها من الثقافة الأفريقية ومن نمط الحياة عند الغجر، فارتفع صوته عاليا مغنيا بعدة لغات منها اللهجة الجزائرية والعربية والإسبانية والفرنسية.
واشتهرت هذه المجموعة بأغنية “يمّا”، وهو الاسم نفسه الذي تم إطلاقه على الألبوم الرابع لمجموعة «لاباس». وتتغنى المجموعة بالوطن الجزائر وبالأم التي تعبت كثيرا من أجل أبنائها ومستقبلهم. وتمتزج في هذه الأغنية الموسيقى الشعبية الجزائرية مع أصوات الماندولا والبانجو، التي أراد من خلالها ناجم بويزول تكريم جميع الأمهات حول العالم لا في الجزائر فحسب.
وأدّى بويزول باقة من أشهر أغانيه على غرار “dance me” و”مريومة” و”يا بابور اللوح” و”يا دنيا” و”الحقرة” و”caboverde” و”سلام” وغيرها من الأغاني التي اهتزت على إيقاعاتها مدرجات المسرح الروماني بقرطاج.
وروى ناجم بويزول بتأثر شديد، في الندوة الصحافية التي تلت العرض، أن والدته كان لها الفضل الكبير في شهرته واقتحامه عالم الغناء، لذلك كان ألبومه الرابع “يما” الذي أطلقه منذ نحو سنة، تكريما لها وهي التي تعبت كثيرا من أجله وإخوته حتى يبلغوا مراتب أسمى في الحياة.
وعبّر عن سعادته بالصعود على خشبة مسرح قرطاج، قائلا “كنت في صغري أسمع أصداء جيدة عن مهرجان قرطاج وأنا سعيد لكوني اعتليت خشبته”. وأضاف “أهدي هذا التكريم الذي حظيت به من المهرجان إلى والدتي التي لطالما كانت تتمنى حضور سهراتي”.
وعن الموسيقى التي تبعث بها مجموعة “لاباس”، أفاد بويزول بأن موسيقاه تعبّر عن الهوية الأفريقية كما تعبر عن نمط الحياة الغجرية التي تلهمه كثيرا في كتابة الأغاني وتأليفها.
وبخصوص دعوته ابن موطنه الجزائري أمازيغ كاتب مؤسس “قناوة ديفيزيون” والفنان التونسي حليم يوسفي مؤسس مجموعة “قول تره صاوند سيستام” إلى أن يؤديا برفقته إحدى الأغاني على الركح، أجاب ناجم بويزول بأنه يعرف حليم يوسفي منذ زمن طويل، قائلا “هو صديق عزيز وفنان بحق وأنا سعيد له بنجاح عرضه فنيا وجماهيريا”.
صوت المضطهدين
عادت مجموعة «قناوة ديفيزيون» إلى مسرح قرطاج بآلاتها المغاربية والأفريقية الفريدة وأغانيها التي تدافع عن الحرية والحب والسلام. مجموعة تحمل رسائل قوية وطاقة موسيقية كبيرة تأخذ جمهورها في أجواء استثنائية من خلال أغان من الثقافة الأمازيغية بثلاث لغات هي العربية والفرنسية والإنجليزية وتمتزج فيها الأصوات الغنائية بآلات الموسيقى الإلكترونية.
وأمّنت مجموعة “قناوة ديفيزيون” بآلاتها النموذجية الأصلية كالشقاشق والطبول الجزء الثاني من السهرة، فردّدت عاليا باقة من أغانيها التي تدافع عن الحرية والحب والسلام، فهذه المجموعة تركز على نحت رسائلها من خلال أساليب موسيقية جديدة تعتمد على مزج أصوات الآلات المختلفة وعلى مواضيع الأغاني التي تكرس أغلبها لطلب الحرية وكشف معاناة الشعوب المضطهدة وتبث من خلال ذلك صوت التمرد والثورة لكن بإيقاعات خارجة من عمق البيئة الأفريقية الأمازيغية.
وصدح أمازيغ كاتب، مؤسس هذه المجموعة سنة 1992، بأغاني “سلام عليكم” التي استهل بها حفلته و”يا لايمي” و”ماليكا” و”روينا” التي أطلقها أثناء جائحة كورونا و”صابرينا” و”نروحو لجمايكا”.
وتحدّث أمازيغ كاتب، في لقائه مع الصحافيين مباشرة بعد العرض، عن ظروف تأسيس “قناوة ديفيزيون”، قائلا إنها ولدت من رحم البطالة. وأضاف “نعم لقد كنا عاطلين عن العمل لكن كان يجمعنا أيضا حبنا للموسيقى”.
ويروي أنه هاجر إلى فرنسا سنة 1988 وشعر بمرارة الغربة عن وطنه، فجاءت “قناوة ديفيزيون” سنة 1992 كتعبير عن حياة المغتربين عن الأوطان وهي التي لطالما عبّرت عن معاناة الأفارقة الذين يُساقون بالسلاسل إلى العبودية.
ويعتبر أمازيغ كاتب مجموعته بمثابة البلد الصغير الذي يجتمع فيه أفرادها لعزف إيقاعات القناوة والريغي والشعبي الجزائري.
أما بخصوص الهوية الموسيقية لهذه المجموعة، فقد أفاد بأن “قناوة ديفيزيون” هي مزيج من الأنماط الموسيقية التي تعبر عن الغربة وتطرح أيضا مواضيع ذات علاقة بالسياسة والمجتمع والحب والسلام والإنسان في مفهومه الكوني.
انشر
WhatsApp
Twitter
Facebook
يحفل المغرب العربي بمجموعات موسيقية شبابية جديدة تحاول أن تقدم أعمالا مختلفة ومقاربات تتجاوز ما هو كائن وتنفتح على موسيقات العالم، حاملة بين طياتها قضايا الشعوب المغاربية والإنسان العربي، حالمة في أغلبها بالحرية ومنتصرة للإنسان بلغة كونية، وهو ما يجعل هذه المجموعات محل متابعة جماهيرية وحتى نقدية.
تونس - استطاعت المجموعتان الموسيقيتان “لاباس” و”قناوة ديفيزيون” اللتان قدمتا أخيرا عرضا جديدا على خشبة المسرح الأثري بقرطاج، استقطاب أعداد كبرى من جمهور مهرجان قرطاج الدولي في دورته الحالية التي تنفتح على فنون متنوعة في محاولة لتلبية التنوع في ذائقة الجماهير واهتماما بآخر ما بلغه الموسيقيون الشباب اليوم.
واهتزّت على إيقاعات أغاني الفرقتين الاحتفالية مدرّجات المسرح، ولم يهدأ الجمهور، الذي كان أغلبه من فئة الشباب، ولم يصمت طيلة ما يناهز ثلاث ساعات، وظلّ يُردّد أشهر الأغاني التي عُرفت بها هاتان المجموعتان والتي حصدت ملايين المشاهدات على اليوتيوب.
أولى الإطلالات
موسيقيون يقدمون مزيجا من الأنماط الموسيقية التي تطرح عدة مواضيع حول السياسة والمجتمع والحب والسلام
كانت الإطلالة الأولى على خشبة المسرح مع الفنان ناجم بويزول ومجموعته “لاباس” التي أسسها سنة 2004 في مقاطعة مونريال الكندية. وهذا الفنان الذي يعرّف نفسه بأنه فنان شارع، بهويته الموسيقية الحية والحرة، بدى متشبعا بجذوره الجزائرية وبرحلاته الواسعة، واستطاع أن يبتكر لمجموعته الموسيقية مسارًا فريدًا يتجاوز الحدود المعهودة للموسيقى المغاربية، من خلال أنماط موسيقية منفتحة على العالم، استوحاها من الثقافة الأفريقية ومن نمط الحياة عند الغجر، فارتفع صوته عاليا مغنيا بعدة لغات منها اللهجة الجزائرية والعربية والإسبانية والفرنسية.
واشتهرت هذه المجموعة بأغنية “يمّا”، وهو الاسم نفسه الذي تم إطلاقه على الألبوم الرابع لمجموعة «لاباس». وتتغنى المجموعة بالوطن الجزائر وبالأم التي تعبت كثيرا من أجل أبنائها ومستقبلهم. وتمتزج في هذه الأغنية الموسيقى الشعبية الجزائرية مع أصوات الماندولا والبانجو، التي أراد من خلالها ناجم بويزول تكريم جميع الأمهات حول العالم لا في الجزائر فحسب.
وأدّى بويزول باقة من أشهر أغانيه على غرار “dance me” و”مريومة” و”يا بابور اللوح” و”يا دنيا” و”الحقرة” و”caboverde” و”سلام” وغيرها من الأغاني التي اهتزت على إيقاعاتها مدرجات المسرح الروماني بقرطاج.
وروى ناجم بويزول بتأثر شديد، في الندوة الصحافية التي تلت العرض، أن والدته كان لها الفضل الكبير في شهرته واقتحامه عالم الغناء، لذلك كان ألبومه الرابع “يما” الذي أطلقه منذ نحو سنة، تكريما لها وهي التي تعبت كثيرا من أجله وإخوته حتى يبلغوا مراتب أسمى في الحياة.
وعبّر عن سعادته بالصعود على خشبة مسرح قرطاج، قائلا “كنت في صغري أسمع أصداء جيدة عن مهرجان قرطاج وأنا سعيد لكوني اعتليت خشبته”. وأضاف “أهدي هذا التكريم الذي حظيت به من المهرجان إلى والدتي التي لطالما كانت تتمنى حضور سهراتي”.
وعن الموسيقى التي تبعث بها مجموعة “لاباس”، أفاد بويزول بأن موسيقاه تعبّر عن الهوية الأفريقية كما تعبر عن نمط الحياة الغجرية التي تلهمه كثيرا في كتابة الأغاني وتأليفها.
وبخصوص دعوته ابن موطنه الجزائري أمازيغ كاتب مؤسس “قناوة ديفيزيون” والفنان التونسي حليم يوسفي مؤسس مجموعة “قول تره صاوند سيستام” إلى أن يؤديا برفقته إحدى الأغاني على الركح، أجاب ناجم بويزول بأنه يعرف حليم يوسفي منذ زمن طويل، قائلا “هو صديق عزيز وفنان بحق وأنا سعيد له بنجاح عرضه فنيا وجماهيريا”.
صوت المضطهدين
عادت مجموعة «قناوة ديفيزيون» إلى مسرح قرطاج بآلاتها المغاربية والأفريقية الفريدة وأغانيها التي تدافع عن الحرية والحب والسلام. مجموعة تحمل رسائل قوية وطاقة موسيقية كبيرة تأخذ جمهورها في أجواء استثنائية من خلال أغان من الثقافة الأمازيغية بثلاث لغات هي العربية والفرنسية والإنجليزية وتمتزج فيها الأصوات الغنائية بآلات الموسيقى الإلكترونية.
وأمّنت مجموعة “قناوة ديفيزيون” بآلاتها النموذجية الأصلية كالشقاشق والطبول الجزء الثاني من السهرة، فردّدت عاليا باقة من أغانيها التي تدافع عن الحرية والحب والسلام، فهذه المجموعة تركز على نحت رسائلها من خلال أساليب موسيقية جديدة تعتمد على مزج أصوات الآلات المختلفة وعلى مواضيع الأغاني التي تكرس أغلبها لطلب الحرية وكشف معاناة الشعوب المضطهدة وتبث من خلال ذلك صوت التمرد والثورة لكن بإيقاعات خارجة من عمق البيئة الأفريقية الأمازيغية.
وصدح أمازيغ كاتب، مؤسس هذه المجموعة سنة 1992، بأغاني “سلام عليكم” التي استهل بها حفلته و”يا لايمي” و”ماليكا” و”روينا” التي أطلقها أثناء جائحة كورونا و”صابرينا” و”نروحو لجمايكا”.
وتحدّث أمازيغ كاتب، في لقائه مع الصحافيين مباشرة بعد العرض، عن ظروف تأسيس “قناوة ديفيزيون”، قائلا إنها ولدت من رحم البطالة. وأضاف “نعم لقد كنا عاطلين عن العمل لكن كان يجمعنا أيضا حبنا للموسيقى”.
ويروي أنه هاجر إلى فرنسا سنة 1988 وشعر بمرارة الغربة عن وطنه، فجاءت “قناوة ديفيزيون” سنة 1992 كتعبير عن حياة المغتربين عن الأوطان وهي التي لطالما عبّرت عن معاناة الأفارقة الذين يُساقون بالسلاسل إلى العبودية.
ويعتبر أمازيغ كاتب مجموعته بمثابة البلد الصغير الذي يجتمع فيه أفرادها لعزف إيقاعات القناوة والريغي والشعبي الجزائري.
أما بخصوص الهوية الموسيقية لهذه المجموعة، فقد أفاد بأن “قناوة ديفيزيون” هي مزيج من الأنماط الموسيقية التي تعبر عن الغربة وتطرح أيضا مواضيع ذات علاقة بالسياسة والمجتمع والحب والسلام والإنسان في مفهومه الكوني.
انشر