الجمعة 2 جماد الأولى 1431هـ - 16 ابريل2010م - العدد 15271سوفت بوكس
إنه لطفلٌ كبير
سلافة سعد الفريح
من منا لا يحب الأطفال ويستمتع بأحاديثهم وحركاتهم والدخول لعالمهم اللذيذ، عالم قزحي جميل مليء بالألعاب والألوان والأحلام والأشياء الصغيرة، عالم تغمره الضحكات التي تنقلب إلى بكاء مرير في ثوانٍ وبعدها تعود الابتسامة وبريق الدموع الصغيرة يتلألأ في العيون، عالم مليء بالخيالات الكاذبة والأسرار البريئة والعنصريات التي يزرعها الكبار. كذلك هو عالم الفنانين المرهفين؛ عالم خاص يأوي إليه الفنان لا ليلعب برشاش الماء أو التلطخ بالألوان وإنما لتحرير المشاعر وإطلاق الرغبات والتعبير عن الذوات!
حينما تثني على اللعبة المفضلة لطفل وتشاركه اللعب بها ينتفض مسرعا إلى صندوق ألعابه ليأتي إليك بالمزيد من الألعاب والمكعبات الملونة والقراطيس والأشياء الغريبة؛ ويستعرض بها أمامك ويحتار أيها أجمل وأفضل لتحوز على إعجابك وتثني عليها كما أثنيت على لعبته الأولى؛ بالضبط مثل الفنان المرهف حينما يُطلب منه عملا ليقدمه ويعرضه للجمهور يذهب إلى صندوقه الالكتروني ويبدأ بالبحث والحيرة بين الجميل والأجمل.. بين القوي والأقوى، ويظل ذلك الهاجس يعتريه مهما بلغ من الشهرة والاحترافية والإبداع.
استهوتني تلك الموازنة بين الطفل والفنان فاستغرقت في ربط العلاقة بينهما؛ حقا إن الفنان لطفل كبير! فكما يملّ الطفل من المكوث في مكان واحد ويحب الانطلاق والتعبير عن مشاعره بكل الطرق؛ فالفنان أيضا يعشق الحرية والسفر ويكره القيود والاحتكار. وكما للطفل رقة أحاسيسه ونقاء مشاعره وتأثره بمحيطه؛ فإحساس الفنان أيضا كجناح فراشة من الأفضل ألا تمسه وإلا خسرته؛ وهنا يمتعني تخيل الأطفال الصغار الذين يتأثرون بمن حولهم فيبكون حين يرونك تبكي ويضحكون حين تضحك ويعبسون حين تعبس في وجوههم الغضة؛ تماما كالفنان الذي يتأثر من نظرة أو همسة عوضا عن كلمة نابية؛ لذلك نجد الفنانين أكثر تأثرا وأسرع استجابة من غيرهم في الحروب والكوارث والأحداث العامة فينثروا مشاعرهم بالشعر والرسم والتصوير والغناء وغيرها من الفنون. وكما أن الطفل يحب سماع ترانيم هدهدة أمه ليشعر بالأمان فيكبر ويترعرع ويشتد عوده؛ فالفنان أيضا تسعده عبارات الثناء ونظرات الإعجاب وإيماءات الاحترام عند النظر إلى أعماله أو سماع شعره وهذا يغذيه ويشبعه ويمده بطاقة جبارة تدفعه للإبداع. وهناك لعبة طريفة يحبها الطفل وهي لعبة الاختباء ليبحث عنه الآخرون وحينما يطول البحث يصدر حركة لتدلهم عليه وحينها تتعالى قهقهاته في استمتاع غريب؛ كذلك الفنان تغمره السعادة باحتواء الآخرين له وسؤالهم عنه حين يطول غيابه أو اختباؤه!
الطفل نواة المجتمع، وفي قلب كل فنان يعيش ذلك الطفل بشقاوته وعناده وهدوئه وعبقريته وخياله، وعلى قدر رعاية المجتمع له وتقديره لفنه واحترامه لعقله يكون عطاؤه وإبداعه؛ فهل سيعطي المجتمع الطفل حق الاختيار واتخاذ القرار أم سيحبسه داخل صندوق ألعابه؟
إنه لطفلٌ كبير
سلافة سعد الفريح
من منا لا يحب الأطفال ويستمتع بأحاديثهم وحركاتهم والدخول لعالمهم اللذيذ، عالم قزحي جميل مليء بالألعاب والألوان والأحلام والأشياء الصغيرة، عالم تغمره الضحكات التي تنقلب إلى بكاء مرير في ثوانٍ وبعدها تعود الابتسامة وبريق الدموع الصغيرة يتلألأ في العيون، عالم مليء بالخيالات الكاذبة والأسرار البريئة والعنصريات التي يزرعها الكبار. كذلك هو عالم الفنانين المرهفين؛ عالم خاص يأوي إليه الفنان لا ليلعب برشاش الماء أو التلطخ بالألوان وإنما لتحرير المشاعر وإطلاق الرغبات والتعبير عن الذوات!
حينما تثني على اللعبة المفضلة لطفل وتشاركه اللعب بها ينتفض مسرعا إلى صندوق ألعابه ليأتي إليك بالمزيد من الألعاب والمكعبات الملونة والقراطيس والأشياء الغريبة؛ ويستعرض بها أمامك ويحتار أيها أجمل وأفضل لتحوز على إعجابك وتثني عليها كما أثنيت على لعبته الأولى؛ بالضبط مثل الفنان المرهف حينما يُطلب منه عملا ليقدمه ويعرضه للجمهور يذهب إلى صندوقه الالكتروني ويبدأ بالبحث والحيرة بين الجميل والأجمل.. بين القوي والأقوى، ويظل ذلك الهاجس يعتريه مهما بلغ من الشهرة والاحترافية والإبداع.
استهوتني تلك الموازنة بين الطفل والفنان فاستغرقت في ربط العلاقة بينهما؛ حقا إن الفنان لطفل كبير! فكما يملّ الطفل من المكوث في مكان واحد ويحب الانطلاق والتعبير عن مشاعره بكل الطرق؛ فالفنان أيضا يعشق الحرية والسفر ويكره القيود والاحتكار. وكما للطفل رقة أحاسيسه ونقاء مشاعره وتأثره بمحيطه؛ فإحساس الفنان أيضا كجناح فراشة من الأفضل ألا تمسه وإلا خسرته؛ وهنا يمتعني تخيل الأطفال الصغار الذين يتأثرون بمن حولهم فيبكون حين يرونك تبكي ويضحكون حين تضحك ويعبسون حين تعبس في وجوههم الغضة؛ تماما كالفنان الذي يتأثر من نظرة أو همسة عوضا عن كلمة نابية؛ لذلك نجد الفنانين أكثر تأثرا وأسرع استجابة من غيرهم في الحروب والكوارث والأحداث العامة فينثروا مشاعرهم بالشعر والرسم والتصوير والغناء وغيرها من الفنون. وكما أن الطفل يحب سماع ترانيم هدهدة أمه ليشعر بالأمان فيكبر ويترعرع ويشتد عوده؛ فالفنان أيضا تسعده عبارات الثناء ونظرات الإعجاب وإيماءات الاحترام عند النظر إلى أعماله أو سماع شعره وهذا يغذيه ويشبعه ويمده بطاقة جبارة تدفعه للإبداع. وهناك لعبة طريفة يحبها الطفل وهي لعبة الاختباء ليبحث عنه الآخرون وحينما يطول البحث يصدر حركة لتدلهم عليه وحينها تتعالى قهقهاته في استمتاع غريب؛ كذلك الفنان تغمره السعادة باحتواء الآخرين له وسؤالهم عنه حين يطول غيابه أو اختباؤه!
الطفل نواة المجتمع، وفي قلب كل فنان يعيش ذلك الطفل بشقاوته وعناده وهدوئه وعبقريته وخياله، وعلى قدر رعاية المجتمع له وتقديره لفنه واحترامه لعقله يكون عطاؤه وإبداعه؛ فهل سيعطي المجتمع الطفل حق الاختيار واتخاذ القرار أم سيحبسه داخل صندوق ألعابه؟