كتبت الفنانة سلافة سعد الفريح..رسالة إلى والدها سعد الفريح.. أستاذي الكبير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتبت الفنانة سلافة سعد الفريح..رسالة إلى والدها سعد الفريح.. أستاذي الكبير


    سوفت بوكس

    سلافة سعد الفريح
    أستاذي الكبير
    كم نحتاج في حياتنا إلى لمسات الوفاء لمن يستحقون منا الوفاء، ويستحقون أن نبني لهم نصبا تذكاريا في ذاكرتنا التي احتلت وظائفها أجهزة الحواسيب الالكترونية، فلم نعد نتذكر حتى أرقام هواتفنا ناهيك عن الأسماء والمواعيد والأحداث، ولكن هناك أحداثا تقبع في الصندوق الأسود من الذاكرة تأبى إلا أن تزلزل الوجدان كلما استحضرها خيالنا.

    وكيف يستحضر الخيال ذكرى لم تبرح موطنها في كل خلية من خلايا جسدي، ذكرى يرفض النسيان نسيانها.. أراها في ملامحي وأكتبها في اسمي، إنها ذكراك يا أغلى البشر، يا حبي الأول والأحب إلي من نور الحياة، والدي وأستاذي وحبيبي وقدوتي المخرج الراحل سعد الفريح.

    أنت رمز من رموز الوطن كيف لا وأنت أول اسم ينقش في ذاكرة التلفزيون السعودي والمواطن السعودي قبل أكثر من أربعة عقود من الزمن، ولآخر لحظة من حياتك وأنت تعمل لأجل الوطن.

    تُرى من يوازيك في عبقريتك وإنسانيتك وزهدك ورقتك وشفافيتك وثقافتك ؟ كنت موسوعة في الفن والتاريخ والأدب والشعر . أنت من علمني -كما علمت الكثيرين- حب الفن والتصوير واستنطاق مواطن الجمال ؛ أنت من علمنا الوفاء في برامجك وأعمالك عن سير الملوك والعظماء والمفكرين والأدباء حتى بعد رحيلهم ، عجبا كيف يتوقف برنامجك التلفزيوني " أسماء في الذاكرة " دون أن تكون أنت مسك الختام.

    لا أستطيع إغفال الحدث الجلل موعد ذكرى مرور أربع سنوات على سماع صوتك؛ كانت المرة الأخيرة التي أحادثك فيها، نغمة صوتك وضحكتك المميزة لا زالت تتردد أصداؤها في حواسي وإحساسي ودمي وعظمي. أذكر حينها أنك دعوتني بحرارة لزيارتك حالما تعود من حائل ورحلة العمل لإخراج حفل استقبال أهالي حائل لخادم الحرمين الشريفين، وبعد محادثتنا بأسبوع.. أخبروني بأنك فارقت الحياة..

    آه يا أبتي شوقي إليك يفتت كبدي، أذوب حنينا إليك، أبحث عنك في وجوه إخوتي وإخوتك، أتلمس نظراتك في عيونهم، أترقب حضورك في خطواتهم، ألملم نبرات صوتك من أصواتهم.

    تصلبت الكلمات في شراييني، وتحجرت المعاني في أحداقي؛ أكاد أبتلع لساني فلا يجري عليه سوى آهات الحسرة ولوعات التوجع. ضعت في رثائك بين الشعر والنثر لا أدري أأذرفك شعرا ؟ أم أنزفك نثرا ؟ أتمنى لو تعود لأسكب نفسي تحت قدميك، وأتذلل بين يديك، وأداوي حبي الجريح القابع في أعماقي الذي لن يندمل حتى ألحق بك، أشهد بأني لم أعرف معنى الحزن قط قبل رحيلك. أين الخنساء وحزنها على صخر؟ أين سيدنا يعقوب وحزنه على يوسف؟ أين البؤساء عبر التاريخ ؟ كلهم قطرة في بحر أحزاني.

    لم تقو السنين على إخماد ألمي لفراقك ولكن عزائي أن دماءك تجري في عروقي وقلبك لازال يخفق تحت أضلعي. أنت حب لن يموت فارقد يا رحمك الله بسلام وجنة وروح وريحان ورب غير غضبان.
يعمل...
X