( طريقة البحث عن نشأة الكون بين النظرة الدينية و النظرة العلمية )
لا توجد علاقة بين الدين و العلم في تفسير نشأة الكون . لكل واحد منهما طريقته في ذلك لا تربطها أية صلة بالطريقة الأخرى رغم وحدة الموضوع .
النظرية الدينية لوجود الكون عبارة على مجموعة من المعلومات حول طريقة إيجاده يعتقد المؤمنون في كل دين أن مصدرها يعود لموجد الكون نفسه الذي يتمثل بالنسبة لديننا في ذات الله الذي أخبرنا عن كيفية الخلق في القرآن الكريم . و كل دين من الأديان يتضمن نظرية خاصة به حول هذه الكيفية تتشابه مع غيرها في جوانب و تختلف عنها في أخرى . غير أنها تشترك كلها في خاصية أساسية هي أن كل واحدة منها صحيحة لا يطالها الشك و لا تقبل النقاش . و بما أنها مختلفة قليلا أو كثيرا أو حتى متناقضة في مضمونها فإن كل واحدة منها لا تلزم إلا المؤمنين بها مثلها في ذلك مثل كل ما تعلق من طقوس و شرائع بالدين الذي أخبر بها عن طريق الكتب المؤسسة لكل دين من الأديان .
أما النظرية العلمية فإنها مجموعة من الفرضيات التي تقوم صياغتها على الملاحظة الواقعية و تندرج في نموذج لا يتناقض مع التجربة بل يحققها مهما تكررت في الزمان و المكان . و كلما ظهرت ملاحظة جديدة في الطبيعة أو عن طريق التجربة لا تتماشى مع النموذج المتفق عليه من قبل العلماء وجب تغيير هذا الأخير عبر تعديله أو عبر التخلي عنه لصالح نموذج جديد يأخذ بالحسبان الملاحظة أو التجربة الجديدة التي كانت وراء هذا التغيير . و على هذا الأساس فإن النظرية العلمية ليست يقينية بل هي بمثابة أحسن تفسير للكون أو لأي ظاهرة كونية ما في مرحلة زمنية معينة . و لهذا فإنها قابلة للتشكيك و المناقشة و التعديل مع مرور الزمن . فما كان صحيحا بالأمس ليس بالضرورة كذلك اليوم . و قد لا يكون ما هو صحيح اليوم بنفس الصحة غدا . لكن لا يتم أي تعديل للنظرية إلا باتباع المنهج العلمي القائم على الملاحظة و التجربة بعيدا عن كل قناعة تقوم على الإعتقاد الشخصي أو الحجج العقلية المجردة المستقلة عن الواقع و بعيدا عن المفاهيم الدينية و الفلسفية عبر استعمال لغة خاصة تتضمن مصطلحات موضوعية دقيقة و معادلات رياضية . و رغم أن العلم موجه لكل البشر على اختلاف انتماءاتهم العقائدية إلا أنه لا يلزم إلا العلماء منهم كل حسب اختصاصه . و بهذا فان النظرية العلمية لا تفرض على من لا يقتنع بصحتها لسبب من الأسباب الخارجة عن نطاق العلم . لكن في نفس الوقت لا يؤثر عدم الإقتناع بها من طرف غير العلماء على صحتها من الناحية العلمية . و حتى العلماء أنفسهم لا يحق لهم معارضتها بناء على قناعات عقائدية إذ لا يمكن لعالم مسلم أو مسيحي على سبيل المثال أن يرفض النظرية العلمية بسبب تعارضها مع ما ورد في القرآن الكريم أو في الكتاب المقدس بعهديه القديم و الحديث . السبب الوحيد لرفض النظرية العلمية هو تعارضها مع الملاحظة أو التجربة أو مع نتائج المعادلات المبنية عليهما .
و على ضوء كل ما سبق ذكره تتبين لنا صعوبة النقاش في مجال المقارنة بين الدين و العلم في نظرة كل منهما للظواهر الكونية و الطبيعية بما في ذلك البشرية التي يعتبر الدين واحدة منها بالنسبة للعلم الحديث الذي يتناوله كذلك بالدراسة ككل ظاهرة بشرية أو طبيعية . بل قد لا يجدي هذا النقاش نفعا لكونه لا ينتهي بنتيجة ترضي طرفي النقاش و التي تعتبر الهدف الأسمى لكل حوار بين المختلفين . و كل من حاول أن يؤلف بين نظرة الدين و نظرة العلم للظواهر الكونية كما يفعل أنصار ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن سيصل حتما إلى نتيجة عقيمة ليست من العلم و ليست من الدين .
بقلم ✏️: #بلقاسم_مسعودي
لا توجد علاقة بين الدين و العلم في تفسير نشأة الكون . لكل واحد منهما طريقته في ذلك لا تربطها أية صلة بالطريقة الأخرى رغم وحدة الموضوع .
النظرية الدينية لوجود الكون عبارة على مجموعة من المعلومات حول طريقة إيجاده يعتقد المؤمنون في كل دين أن مصدرها يعود لموجد الكون نفسه الذي يتمثل بالنسبة لديننا في ذات الله الذي أخبرنا عن كيفية الخلق في القرآن الكريم . و كل دين من الأديان يتضمن نظرية خاصة به حول هذه الكيفية تتشابه مع غيرها في جوانب و تختلف عنها في أخرى . غير أنها تشترك كلها في خاصية أساسية هي أن كل واحدة منها صحيحة لا يطالها الشك و لا تقبل النقاش . و بما أنها مختلفة قليلا أو كثيرا أو حتى متناقضة في مضمونها فإن كل واحدة منها لا تلزم إلا المؤمنين بها مثلها في ذلك مثل كل ما تعلق من طقوس و شرائع بالدين الذي أخبر بها عن طريق الكتب المؤسسة لكل دين من الأديان .
أما النظرية العلمية فإنها مجموعة من الفرضيات التي تقوم صياغتها على الملاحظة الواقعية و تندرج في نموذج لا يتناقض مع التجربة بل يحققها مهما تكررت في الزمان و المكان . و كلما ظهرت ملاحظة جديدة في الطبيعة أو عن طريق التجربة لا تتماشى مع النموذج المتفق عليه من قبل العلماء وجب تغيير هذا الأخير عبر تعديله أو عبر التخلي عنه لصالح نموذج جديد يأخذ بالحسبان الملاحظة أو التجربة الجديدة التي كانت وراء هذا التغيير . و على هذا الأساس فإن النظرية العلمية ليست يقينية بل هي بمثابة أحسن تفسير للكون أو لأي ظاهرة كونية ما في مرحلة زمنية معينة . و لهذا فإنها قابلة للتشكيك و المناقشة و التعديل مع مرور الزمن . فما كان صحيحا بالأمس ليس بالضرورة كذلك اليوم . و قد لا يكون ما هو صحيح اليوم بنفس الصحة غدا . لكن لا يتم أي تعديل للنظرية إلا باتباع المنهج العلمي القائم على الملاحظة و التجربة بعيدا عن كل قناعة تقوم على الإعتقاد الشخصي أو الحجج العقلية المجردة المستقلة عن الواقع و بعيدا عن المفاهيم الدينية و الفلسفية عبر استعمال لغة خاصة تتضمن مصطلحات موضوعية دقيقة و معادلات رياضية . و رغم أن العلم موجه لكل البشر على اختلاف انتماءاتهم العقائدية إلا أنه لا يلزم إلا العلماء منهم كل حسب اختصاصه . و بهذا فان النظرية العلمية لا تفرض على من لا يقتنع بصحتها لسبب من الأسباب الخارجة عن نطاق العلم . لكن في نفس الوقت لا يؤثر عدم الإقتناع بها من طرف غير العلماء على صحتها من الناحية العلمية . و حتى العلماء أنفسهم لا يحق لهم معارضتها بناء على قناعات عقائدية إذ لا يمكن لعالم مسلم أو مسيحي على سبيل المثال أن يرفض النظرية العلمية بسبب تعارضها مع ما ورد في القرآن الكريم أو في الكتاب المقدس بعهديه القديم و الحديث . السبب الوحيد لرفض النظرية العلمية هو تعارضها مع الملاحظة أو التجربة أو مع نتائج المعادلات المبنية عليهما .
و على ضوء كل ما سبق ذكره تتبين لنا صعوبة النقاش في مجال المقارنة بين الدين و العلم في نظرة كل منهما للظواهر الكونية و الطبيعية بما في ذلك البشرية التي يعتبر الدين واحدة منها بالنسبة للعلم الحديث الذي يتناوله كذلك بالدراسة ككل ظاهرة بشرية أو طبيعية . بل قد لا يجدي هذا النقاش نفعا لكونه لا ينتهي بنتيجة ترضي طرفي النقاش و التي تعتبر الهدف الأسمى لكل حوار بين المختلفين . و كل من حاول أن يؤلف بين نظرة الدين و نظرة العلم للظواهر الكونية كما يفعل أنصار ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن سيصل حتما إلى نتيجة عقيمة ليست من العلم و ليست من الدين .
بقلم ✏️: #بلقاسم_مسعودي