{ الكون المتعدد }
الكون مصطلح قبل أن يكون شيئا بعينه . و هو يعني كل ما هو موجود مما يمكن لعقلنا عبر حواسنا سواء بصفة مباشرة أو عن طريق وسائل مكملة للحواس كالآلات أو المعادلات الرياضية أعدت خصيصا لذلك . و هذا ما يسمى بالملاحظة و التجربة مادية كانت أو فكرية في لغة الفيزياء .
و قد كان قديما يتمثل في الأرض و السماء و ما وجد فيهما أو بينهما . و هذا تعريف صحيح تنقصه التفاصيل التي اختلف الناس في تعريفها . و هذا التعريف الذي يمتاز بالوضوح حيث يفهمه كل الناس يطرح مشكلا في عصرنا حيث أنه يمنح للأرض مكانة تفوق حجمها بكثير مقارنة بحجم الكون الذي نعرفه في هذا العصر .
ذلك لأن مفهوم الكون أصبح منذ كوبيرنيكوس يتمثل في المجموعة الشمسية التي لا تمثل الأرض إلا كوكبا من بين الصغار من كواكبها . لكن سرعان ما تغير هذا المفهوم بفضل معرفة طبيعة النجوم التي تعتبر الشمس واحدا من أصغرها حجما و أقلها ضياء و حرارة فأصبح الكون يعني المجرة التي سميت باسم مركزها الذي كان يتراءى منذ القديم للبشر كخيط أبيض في كبد السماء يوحي شكله ببقايا بيضاء في شبه طريق مستقيم سمي حسب الثقافات بدرب التبانة ( من التبن ) أو اللبانة (من اللبن ) و بنيت حول وجوده قصص خيالية .
و منذ العشرينيات من القرن الماضي توسع المفهوم أكثر بفضل إدوين هابل الذي اكتشف أن مجرتنا ليست كل الكون إذ أن هناك مجرات أخرى مثلها كنا نعتبرها لبعدها نجوما متفردة و أن ما عرف باسم أندروميدا أو المرأة المسلسلة ليست نجما أو مجموعة متقاربة من النجوم بل هي في الواقع مجرة كاملة تحتوي على مليارات النجوم .و هي أقرب مجرة لدرب التبانة بمسافة تقدر بمليونين و نصف المليون من السنين الضوئية !! . أما باقي المجرات فمنها القريبة نسبيا و منها البعيدة و منها البعيدة جدا عنا . و لم يتوقف اكتشاف هابل عند هذا الحد بل تحداه إلى الملاحظة عبر تحليل طيف الضوء المنبعث من المجرات المائل للأحمر ( redshift ) بأن المجرات ليست بعيدة عنا فحسب و لكنها في ابتعاد مستمر تزيد سرعته كلما كانت المجرات المعنية بالملاحظة أبعد . و هكذا فإنه بعد توسع مفهوم الكون أصبح ما يعبر عنه المفهوم أي الكون في حد ذاته في توسع مستمر . و زيادة عن ذلك لاحظ العلماء بعد هابل في أواخر القرن الماضي أن سرعة هذا الابتعاد ليست ثابتة بالنسبة لكل مجرة كما كان يعتقد بل هي في تزايد مستمر أيضا . و هذا يعني فيما يعنيه أن الكون في توسع مطرد و أن المجرات فيه تتشكل في مجموعات و مجموعات المجموعات سميت بالعناقيد بالعربية ( amas et superamas ) .
لكن العلماء استنتجوا كذلك من الملاحظات و كذا من المعادلات أن الحيز الحاوي لكل المجرات الملاحظة الذي بلغ الآن قطره ما يزيد عن 90 مليار سنة ضوئية ليس بكل الكون إنما هو الجزء المرأي منه فقط . و أن الكثير من المجرات الموجودة خلف هذا الأفق لم يلحق إلينا بعد الضوء المنطلق منها منذ نشأتها لنتمكن من رؤيتها .
غير أن كل هذا الكم الهائل من المادة المنحصرة في هذا العدد الضخم من المجرات حسب ما رصده العلماء عبر الملاحظة و المعادلات لا يكاد يمثل إلا 5 % من كتلة الكون المرصودة . و هذا ماجعلهم يهتدون إلى جزء آخر سموه بالمادة السوداء يمثل حوالي 27 % و إلى جزء غيره أكبر منه اطلقوا عليه اسم الطاقة المظلمة يمثل 68 % . و هذا النوع من التسمية يدل بوضوح على أن ما تمت تسميته لا يمكن رؤيته بصفة مباشرة . لذلك ما زال المفهومان غامضين إلى حد الآن رغم محاولة العلماء جاهدين لتفسير ما ينطبقان عليه . و قد تكون الطاقة المظلمة إذا تأكد وجودها هي المسؤولة عن تسارع توسع الكون حيث يفترص العلماء أنها قد تكون نوعا من الضغط يعاكس قوة الجاذبية التي تتسبب في انكماشه .
و رغم هذا التوسع الخيالي فإن الكون ما زال يسمى بالكون و لم يتغير اسمه وفاء للتعريف الذي بني عليه المصطلح منذ ظهوره . و أعتقد أن كل ما سيكتشف من جديد مهما كانت عظمته سيوضع ضمن هذا المصطلح القديم . و لذلك إن ثبت عبر الملاحظة و التجربة وجود الاكوان أو العوالم المتعددة فعلا فإنها ستدخل ضمن مصطلح الكون فنضطر لتسمية كوننا باسم آخر كالعالم للتفرقة بينه و بين غيره من العوالم أو العالمين إذا استعملنا اللفظ الوارد في القرآن الكريم و التي ستاخذ أسماء مغايرة حسب اكتشافها مع الزمن . و ذلك كما سمينا مجرتنا باسم من التراث البشري و عبرنا عن المجرات الأخرى بأسماء أو أرقام .
لكن ذلك يبدو أنه ما زال بعيدا رغم أن المستقبل جدير بتكذيب ذلك . و في كل الاحوال ما زال مصطلح العوالم المتعددة أو الكون المتعدد ( multiverse ) على شكل فرضية لم ترق بعد إلى مرتبة النظرية يحاول بعض العلماء من خلالها فك بعض ألغاز فيزياء الكم مثل لغز تجربة شريدينجر التى تمنح لقطة التجربة صفة الحياة و الموت في آن واحد . فقد تكون القطة بمفهوم فرضية الاكوان حية في عوالم و ميتة في عوالم أخرى . و هكذا يحدد نوع عالمنا بين العوالم المذكورة حسب حياة القطة ( التي سميت فيما بعد بقطة شريدينجر) أو موتها . و لذلك يظن العلماء الذين يؤيدون هذه الفرضية أن عدد هذه العوالم كبير جدا لكي لا نقول أنه بلا نهاية إذ أن في كل لحظة ينشأ عدد من العوالم بعدد الاحتمالات الموجودة أمام كل شخص و كل شيء في الكون ليتقدم في الزمن بحيث تتحقق كل هذه الاحتمالات باختلافها عبر العوالم التي تتشكل في كل لحظة من الزمن . و هذا ما سينهي مفهوم الصدفة بالنسبة لهم لأن ما يعتبر صدفة هو ما تحقق في عالمنا من بين العدد الهائل من الاحتمالات . لكن حسب الفرضية المذكورة لا وجود للصدفة لأن كل الاحتمالات تحققت في عالم أو في آخر . و حسب العلماء فإن هذا سيفتح آفاقا واسعة أمام البحث عن فهم تاريخ الكون و خاصة فيما يسمى بالظروف الملائمة التي وجدت في بداية نشأة الكون ليكون مثل ما هو عليه أو الظروف التي وجدت فيها الأرض من بين كل كواكب المجموعة الشمسية لتظهر فيها و تستمر الحياة و يستطيع الإنسان العيش على سطحها . و من تفسيرات هذه الظروف ما يؤيد نظرية المسبب الأول الذي كان وراء وجود الكون و مما يتخذ المؤمنون دليلا من الأدلة على وجود الله .
كما أن هذه الفرضية تجيب على التساؤلات و تفسر لغز المفارقات حول عملية السفر عبر الزمن التي يقول العلم أنه ممكن نظريا إذا توفرت الظروف لذلك مثل الثقب الدودي الذي ننبأت به نظرية النسبية العامة لإينشتاين على سبيل المثال . لكن المنطق يطرح حولها بعض التساؤلات و المفارقات كما ذكرت آنفا . فمن التساؤلات : إذا كان ذلك صحيحا لماذا لا يعود الناس من المستقبل الذي ستتوفر فيه الظروف بفضل التكنولوجيا المتطورة ؟ و من المفارقات أن الشخص إذا استطاع العودة إلى الماضي يمكن أن يتحايل على والديه قبل الزواج في التفرقة بينهما أو يتسبب في قتل جده فيكون موجودا رغم أنه منطقيا لا يمكن أن يكون موجودا لأنه ببساطة أعدم ظروف وجوده . لكن فرضية العوالم المتعددة تعطي تفسيرا منطقيا لهذه التساؤلات . فكما أن سيرنا في الزمن المستقبل يتخذ الكثير من الاحتمالات التي تنشيء عوالم متعددة فكذلك السير نحو الماضي سيجد احتمالات لا تحصى لا يسمح عددها باختيار عالم من العوالم التي نشأت لحظة السفر و ما قبلها . و بالتالي فإن للشخص المسافر للماضي احتمالا ضئيلا يكاد يكون منعدما للعودة للعالم الذي كانت فيه الظروف المواتية لولادته . و إذا أصر على ذلك وجب عليه المحاولة ملايير المرات لا تكفي حياته للقيام بها إلا إذا كانت أبدية . و لذلك لا يستطيع الشخص أن يعدم شروط ولادته عبر سفره للماضي لأنه بكل تأكيد سيفعل ذلك في عالم هو غير موجود فيه أصلا لسبب من الأسباب . و كذلك لا يعود الناس من المستقبل لأنهم إذا عادوا فعلا سيكونون قد عادوا إلى عوالم غير عالمنا و لم تسمح لهم الصدفة بعد بزيارتنا إلى حد الساعة أو انهم لا يريدون الرجوع إلى عصور لا تسمح لهم التكنولوجيا البدائية فيها بالعودة إلى المستقبل من جديد أو قد يكون النوع البشري قد تعرض للانقراض قبل اختراع التكنولوجيا الضرورية للسفر عبر الزمن ........ .
و قد يبدو هذا من الخيال لكنه مما يهتم به العلماء حقا و منه تم استيحاء بعض الروايات و الأقلام المنضوية تحت مسمى الخيال العلمي .
تحياتي الخالصة و كذا شكري و امتناني لكل من لم تمنعه الإطالة من الوصول إلى نهاية النص .
بقلم ✏️ : #بلقاسم_مسعود
الكون مصطلح قبل أن يكون شيئا بعينه . و هو يعني كل ما هو موجود مما يمكن لعقلنا عبر حواسنا سواء بصفة مباشرة أو عن طريق وسائل مكملة للحواس كالآلات أو المعادلات الرياضية أعدت خصيصا لذلك . و هذا ما يسمى بالملاحظة و التجربة مادية كانت أو فكرية في لغة الفيزياء .
و قد كان قديما يتمثل في الأرض و السماء و ما وجد فيهما أو بينهما . و هذا تعريف صحيح تنقصه التفاصيل التي اختلف الناس في تعريفها . و هذا التعريف الذي يمتاز بالوضوح حيث يفهمه كل الناس يطرح مشكلا في عصرنا حيث أنه يمنح للأرض مكانة تفوق حجمها بكثير مقارنة بحجم الكون الذي نعرفه في هذا العصر .
ذلك لأن مفهوم الكون أصبح منذ كوبيرنيكوس يتمثل في المجموعة الشمسية التي لا تمثل الأرض إلا كوكبا من بين الصغار من كواكبها . لكن سرعان ما تغير هذا المفهوم بفضل معرفة طبيعة النجوم التي تعتبر الشمس واحدا من أصغرها حجما و أقلها ضياء و حرارة فأصبح الكون يعني المجرة التي سميت باسم مركزها الذي كان يتراءى منذ القديم للبشر كخيط أبيض في كبد السماء يوحي شكله ببقايا بيضاء في شبه طريق مستقيم سمي حسب الثقافات بدرب التبانة ( من التبن ) أو اللبانة (من اللبن ) و بنيت حول وجوده قصص خيالية .
و منذ العشرينيات من القرن الماضي توسع المفهوم أكثر بفضل إدوين هابل الذي اكتشف أن مجرتنا ليست كل الكون إذ أن هناك مجرات أخرى مثلها كنا نعتبرها لبعدها نجوما متفردة و أن ما عرف باسم أندروميدا أو المرأة المسلسلة ليست نجما أو مجموعة متقاربة من النجوم بل هي في الواقع مجرة كاملة تحتوي على مليارات النجوم .و هي أقرب مجرة لدرب التبانة بمسافة تقدر بمليونين و نصف المليون من السنين الضوئية !! . أما باقي المجرات فمنها القريبة نسبيا و منها البعيدة و منها البعيدة جدا عنا . و لم يتوقف اكتشاف هابل عند هذا الحد بل تحداه إلى الملاحظة عبر تحليل طيف الضوء المنبعث من المجرات المائل للأحمر ( redshift ) بأن المجرات ليست بعيدة عنا فحسب و لكنها في ابتعاد مستمر تزيد سرعته كلما كانت المجرات المعنية بالملاحظة أبعد . و هكذا فإنه بعد توسع مفهوم الكون أصبح ما يعبر عنه المفهوم أي الكون في حد ذاته في توسع مستمر . و زيادة عن ذلك لاحظ العلماء بعد هابل في أواخر القرن الماضي أن سرعة هذا الابتعاد ليست ثابتة بالنسبة لكل مجرة كما كان يعتقد بل هي في تزايد مستمر أيضا . و هذا يعني فيما يعنيه أن الكون في توسع مطرد و أن المجرات فيه تتشكل في مجموعات و مجموعات المجموعات سميت بالعناقيد بالعربية ( amas et superamas ) .
لكن العلماء استنتجوا كذلك من الملاحظات و كذا من المعادلات أن الحيز الحاوي لكل المجرات الملاحظة الذي بلغ الآن قطره ما يزيد عن 90 مليار سنة ضوئية ليس بكل الكون إنما هو الجزء المرأي منه فقط . و أن الكثير من المجرات الموجودة خلف هذا الأفق لم يلحق إلينا بعد الضوء المنطلق منها منذ نشأتها لنتمكن من رؤيتها .
غير أن كل هذا الكم الهائل من المادة المنحصرة في هذا العدد الضخم من المجرات حسب ما رصده العلماء عبر الملاحظة و المعادلات لا يكاد يمثل إلا 5 % من كتلة الكون المرصودة . و هذا ماجعلهم يهتدون إلى جزء آخر سموه بالمادة السوداء يمثل حوالي 27 % و إلى جزء غيره أكبر منه اطلقوا عليه اسم الطاقة المظلمة يمثل 68 % . و هذا النوع من التسمية يدل بوضوح على أن ما تمت تسميته لا يمكن رؤيته بصفة مباشرة . لذلك ما زال المفهومان غامضين إلى حد الآن رغم محاولة العلماء جاهدين لتفسير ما ينطبقان عليه . و قد تكون الطاقة المظلمة إذا تأكد وجودها هي المسؤولة عن تسارع توسع الكون حيث يفترص العلماء أنها قد تكون نوعا من الضغط يعاكس قوة الجاذبية التي تتسبب في انكماشه .
و رغم هذا التوسع الخيالي فإن الكون ما زال يسمى بالكون و لم يتغير اسمه وفاء للتعريف الذي بني عليه المصطلح منذ ظهوره . و أعتقد أن كل ما سيكتشف من جديد مهما كانت عظمته سيوضع ضمن هذا المصطلح القديم . و لذلك إن ثبت عبر الملاحظة و التجربة وجود الاكوان أو العوالم المتعددة فعلا فإنها ستدخل ضمن مصطلح الكون فنضطر لتسمية كوننا باسم آخر كالعالم للتفرقة بينه و بين غيره من العوالم أو العالمين إذا استعملنا اللفظ الوارد في القرآن الكريم و التي ستاخذ أسماء مغايرة حسب اكتشافها مع الزمن . و ذلك كما سمينا مجرتنا باسم من التراث البشري و عبرنا عن المجرات الأخرى بأسماء أو أرقام .
لكن ذلك يبدو أنه ما زال بعيدا رغم أن المستقبل جدير بتكذيب ذلك . و في كل الاحوال ما زال مصطلح العوالم المتعددة أو الكون المتعدد ( multiverse ) على شكل فرضية لم ترق بعد إلى مرتبة النظرية يحاول بعض العلماء من خلالها فك بعض ألغاز فيزياء الكم مثل لغز تجربة شريدينجر التى تمنح لقطة التجربة صفة الحياة و الموت في آن واحد . فقد تكون القطة بمفهوم فرضية الاكوان حية في عوالم و ميتة في عوالم أخرى . و هكذا يحدد نوع عالمنا بين العوالم المذكورة حسب حياة القطة ( التي سميت فيما بعد بقطة شريدينجر) أو موتها . و لذلك يظن العلماء الذين يؤيدون هذه الفرضية أن عدد هذه العوالم كبير جدا لكي لا نقول أنه بلا نهاية إذ أن في كل لحظة ينشأ عدد من العوالم بعدد الاحتمالات الموجودة أمام كل شخص و كل شيء في الكون ليتقدم في الزمن بحيث تتحقق كل هذه الاحتمالات باختلافها عبر العوالم التي تتشكل في كل لحظة من الزمن . و هذا ما سينهي مفهوم الصدفة بالنسبة لهم لأن ما يعتبر صدفة هو ما تحقق في عالمنا من بين العدد الهائل من الاحتمالات . لكن حسب الفرضية المذكورة لا وجود للصدفة لأن كل الاحتمالات تحققت في عالم أو في آخر . و حسب العلماء فإن هذا سيفتح آفاقا واسعة أمام البحث عن فهم تاريخ الكون و خاصة فيما يسمى بالظروف الملائمة التي وجدت في بداية نشأة الكون ليكون مثل ما هو عليه أو الظروف التي وجدت فيها الأرض من بين كل كواكب المجموعة الشمسية لتظهر فيها و تستمر الحياة و يستطيع الإنسان العيش على سطحها . و من تفسيرات هذه الظروف ما يؤيد نظرية المسبب الأول الذي كان وراء وجود الكون و مما يتخذ المؤمنون دليلا من الأدلة على وجود الله .
كما أن هذه الفرضية تجيب على التساؤلات و تفسر لغز المفارقات حول عملية السفر عبر الزمن التي يقول العلم أنه ممكن نظريا إذا توفرت الظروف لذلك مثل الثقب الدودي الذي ننبأت به نظرية النسبية العامة لإينشتاين على سبيل المثال . لكن المنطق يطرح حولها بعض التساؤلات و المفارقات كما ذكرت آنفا . فمن التساؤلات : إذا كان ذلك صحيحا لماذا لا يعود الناس من المستقبل الذي ستتوفر فيه الظروف بفضل التكنولوجيا المتطورة ؟ و من المفارقات أن الشخص إذا استطاع العودة إلى الماضي يمكن أن يتحايل على والديه قبل الزواج في التفرقة بينهما أو يتسبب في قتل جده فيكون موجودا رغم أنه منطقيا لا يمكن أن يكون موجودا لأنه ببساطة أعدم ظروف وجوده . لكن فرضية العوالم المتعددة تعطي تفسيرا منطقيا لهذه التساؤلات . فكما أن سيرنا في الزمن المستقبل يتخذ الكثير من الاحتمالات التي تنشيء عوالم متعددة فكذلك السير نحو الماضي سيجد احتمالات لا تحصى لا يسمح عددها باختيار عالم من العوالم التي نشأت لحظة السفر و ما قبلها . و بالتالي فإن للشخص المسافر للماضي احتمالا ضئيلا يكاد يكون منعدما للعودة للعالم الذي كانت فيه الظروف المواتية لولادته . و إذا أصر على ذلك وجب عليه المحاولة ملايير المرات لا تكفي حياته للقيام بها إلا إذا كانت أبدية . و لذلك لا يستطيع الشخص أن يعدم شروط ولادته عبر سفره للماضي لأنه بكل تأكيد سيفعل ذلك في عالم هو غير موجود فيه أصلا لسبب من الأسباب . و كذلك لا يعود الناس من المستقبل لأنهم إذا عادوا فعلا سيكونون قد عادوا إلى عوالم غير عالمنا و لم تسمح لهم الصدفة بعد بزيارتنا إلى حد الساعة أو انهم لا يريدون الرجوع إلى عصور لا تسمح لهم التكنولوجيا البدائية فيها بالعودة إلى المستقبل من جديد أو قد يكون النوع البشري قد تعرض للانقراض قبل اختراع التكنولوجيا الضرورية للسفر عبر الزمن ........ .
و قد يبدو هذا من الخيال لكنه مما يهتم به العلماء حقا و منه تم استيحاء بعض الروايات و الأقلام المنضوية تحت مسمى الخيال العلمي .
تحياتي الخالصة و كذا شكري و امتناني لكل من لم تمنعه الإطالة من الوصول إلى نهاية النص .
بقلم ✏️ : #بلقاسم_مسعود