سماء صيفية
ابراهيم الجبين
هي تأملات في إشارات المحيط، انشغل بها البعض من القدامى، حتى جاء من قال بواقعية العلم وثبات الواقع، إلى درجة حشره في عالم مغلق من الاحتمالات. وسابقا وضع العرب مصنفات وكتبا تحت عنوان “العلوم الغريبة” والتي حوت عددا من الاهتمامات التي اكتشفناها نحن مبكرا، بينما يحتفل الغربيون بادعاء ابتكارها، لكن مجلداتنا الضخمة تضمّنت تكرارا متواصلا للسؤال “كيفية الاطلاع على المستقبل”. ما الذي ينفعنا اليوم من تلك العلوم؟ بل قل ما الذي أضرّ بنا ويضرّنا الآن من هجرانها؟ قبل أولئك جميعا كان الشيخ محيي الدين بن عربي قد فسّر علم السيمياء بأنها مشتقة من “السّمة” وهي العلامة، لتكون السيمياء “علم العلامات”، والتي أصبحت في عصرنا هذا “السميوتيكا” ودراسة أنساق الأدلة والرموز ومن ثم اللسانيات وأبطالها المعروفون. دع عنك التفكير في الآداب والقواعد والنحو والتنجيم، وتمعّن في معنى العلامات التي تعيش معنا وتطوراتها وتحرّكاتها من حال إلى حال. إن قراءة مستمرة وواعية لتحولات العلامات في البيئات المحيطة بنا كفيلة بإطلاعنا على ما يجري، وغض البصر عن مثل تلك التحولات هو العيش في الضباب، ومن ثم في ظلام دامس من غياب المعرفة. زلزلة الاقتصاد العالمي الوشيكة بسبب نقص الطاقة لم تحدث فجأة، وكانت العلامات تقول كل شيء، لكن لا استجابة تواكبها. مسخ العالم إلى لفافة كروية من الاختزالات والسوشال ميديا مسار لا يخطئه عقل عاقل، لكن الانجرار إليه أقوى من التوقف عند قراءة ما فيه من علامات. لا نطلب منك أن تصبح قارئا يعيش في مكتبة برفوف عالية، إنما أن تجد الوقت لقراءة العلامات لا أكثر، على وجوه أفراد أسرتك وفي نطاق عملك، راقب نباتات الزينة في بيتك، وانظر إلى تضاريس وجهك في المرآة. هي علوم تركناها بأيدي المشعوذين من الأكاديميين المنغلقين ومن العوام المنتشرين في البيئات المختلفة، ليخدعوا الناس بها، بدلا من أن نوظفها لتطوير الحواس ومزج التأثيرات الإرادية بكل ما حولنا. كيف يمكن قراءة المستقبل بالاعتماد على الماضي وحده؟ دون النظر في الراهن الدقيق وما يجري فيه من متغيرات مهما كانت طفيفة، لنتعلم من الإيكولوجيين الذين يقيسون انحسار الثلج في القطب بالمليمتر، ويراقبون كيف ينعكس هذا على العالم كله. سأعطيك مثلا مفرحا جدا على ذلك؛ إذا استمر ارتفاع درجات الحرارة العالمية 4 درجات إضافية في هذه السماء الصيفية، فإن ذوبان القطب الجنوبي وحده يمكن أن يرفع مستوى سطح البحر حول العالم في النهاية أكثر من 6 أمتار إلى 12 مترا. أي تسونامي بلا ضجيج سيغرق الجميع، وحينها ستفهم أنك لم تقرأ لا علامة ولا هم يحزنون. انشرWhatsAppTwitterFacebook
ابراهيم الجبين
هي تأملات في إشارات المحيط، انشغل بها البعض من القدامى، حتى جاء من قال بواقعية العلم وثبات الواقع، إلى درجة حشره في عالم مغلق من الاحتمالات. وسابقا وضع العرب مصنفات وكتبا تحت عنوان “العلوم الغريبة” والتي حوت عددا من الاهتمامات التي اكتشفناها نحن مبكرا، بينما يحتفل الغربيون بادعاء ابتكارها، لكن مجلداتنا الضخمة تضمّنت تكرارا متواصلا للسؤال “كيفية الاطلاع على المستقبل”. ما الذي ينفعنا اليوم من تلك العلوم؟ بل قل ما الذي أضرّ بنا ويضرّنا الآن من هجرانها؟ قبل أولئك جميعا كان الشيخ محيي الدين بن عربي قد فسّر علم السيمياء بأنها مشتقة من “السّمة” وهي العلامة، لتكون السيمياء “علم العلامات”، والتي أصبحت في عصرنا هذا “السميوتيكا” ودراسة أنساق الأدلة والرموز ومن ثم اللسانيات وأبطالها المعروفون. دع عنك التفكير في الآداب والقواعد والنحو والتنجيم، وتمعّن في معنى العلامات التي تعيش معنا وتطوراتها وتحرّكاتها من حال إلى حال. إن قراءة مستمرة وواعية لتحولات العلامات في البيئات المحيطة بنا كفيلة بإطلاعنا على ما يجري، وغض البصر عن مثل تلك التحولات هو العيش في الضباب، ومن ثم في ظلام دامس من غياب المعرفة. زلزلة الاقتصاد العالمي الوشيكة بسبب نقص الطاقة لم تحدث فجأة، وكانت العلامات تقول كل شيء، لكن لا استجابة تواكبها. مسخ العالم إلى لفافة كروية من الاختزالات والسوشال ميديا مسار لا يخطئه عقل عاقل، لكن الانجرار إليه أقوى من التوقف عند قراءة ما فيه من علامات. لا نطلب منك أن تصبح قارئا يعيش في مكتبة برفوف عالية، إنما أن تجد الوقت لقراءة العلامات لا أكثر، على وجوه أفراد أسرتك وفي نطاق عملك، راقب نباتات الزينة في بيتك، وانظر إلى تضاريس وجهك في المرآة. هي علوم تركناها بأيدي المشعوذين من الأكاديميين المنغلقين ومن العوام المنتشرين في البيئات المختلفة، ليخدعوا الناس بها، بدلا من أن نوظفها لتطوير الحواس ومزج التأثيرات الإرادية بكل ما حولنا. كيف يمكن قراءة المستقبل بالاعتماد على الماضي وحده؟ دون النظر في الراهن الدقيق وما يجري فيه من متغيرات مهما كانت طفيفة، لنتعلم من الإيكولوجيين الذين يقيسون انحسار الثلج في القطب بالمليمتر، ويراقبون كيف ينعكس هذا على العالم كله. سأعطيك مثلا مفرحا جدا على ذلك؛ إذا استمر ارتفاع درجات الحرارة العالمية 4 درجات إضافية في هذه السماء الصيفية، فإن ذوبان القطب الجنوبي وحده يمكن أن يرفع مستوى سطح البحر حول العالم في النهاية أكثر من 6 أمتار إلى 12 مترا. أي تسونامي بلا ضجيج سيغرق الجميع، وحينها ستفهم أنك لم تقرأ لا علامة ولا هم يحزنون. انشرWhatsAppTwitterFacebook