سحر العالم السري
المساحات الفارغة تتعالى بجمالها الخاص، لكن هذا الجمال لا يتجسد واضحا او تشعر به العين لوحده، وأنما بحضور كائنات او أشخاص أو تكوينات تشعرك بروعته وقيمة فضائه، وبدون هذه الاشياء يصبح الفراغ كالدوي، أو الأنتظار المخيف.
الرسام لا يترك لوحته فارغة حتى وأن شغل فراغها بخطٍ او أثنين، وربما ظل لون، والكاتب لا يترك ورقته موحشة بيضاء حتى وأن كتب كلمة واحدة قد تكون المفتاح لعالم من الخيال، والمعماري يرتكز الى الفراغات المحيطة بالتكوين المُصمم او داخله، لإنه لا يضع أسيجة للفراغ فقط.
جمالية الفراغ تكمن بما يحيطه أو بما تتوزع فيه، أو حوله من نباتات أو تحف، ولوحات او صور، فتصوير الصحراء مدهش، لكنه أكثر سحرا ودهشه عندما تتوسط الكادر شجرة أو جذعها، وربما سراب شبح لانسان او خياله أو حضور لهيب الشمس او ضوء القمر وانعكاساتهما على رمالها.
ينتقدني الكثير لأني مسرفة في توزيع الزرع والتحف واللوحات في بيتي، لست كارهة للفراغات والمساحات، لكن لي لغتي الخاصة في التحاور مع محيطي الداخلي، لأنني أرتبط بعلاقة حب صادقة مع عالمي الداخلي، أو كما اسميه؛ مملكتي، والوفاء يتوج هذا الرابط.
فعندما أنظر الى الفراغ لا أجد المادة او الشيء الذي يحاورني او يتعاطف معي، وبالتالي لا يتشكل عندي أي شعور بحضور المكان الذي يخلق الفكرة، لكني أجد أكثر من لغة، وصيغ حب متنوعة مع نبتة نمت تحت رعايتي، أو عندما ترتفع وريقاتها لتستقبل حضوري مع الماء، وقد تُولدُ عندي فكرة نص مجنون مثل هذا الذي كتبته، فعندما أنظر الى القيثارة وباقي الالات الموسيقية الصغيرة المعلقة على جداري، أسمعها تعزف الاغاني التي أرددها دائما، لأنني مع هذه الالات والتحف واللوحات نشكل عائلة تدرك قيمة الحب والجمال وما حولهما، ولا نعرف مع بعضنا الا الصدق.
مَنْ يتعامل مع الانارة كمصدر ضوء فقط فأنه لا يدرك قيمة الظل وجماله، ولا يشعر ببريق الزرع عندما يعانق الانارة لينمو مع ضوئها الى الاعلى، أو عندما تفرد النبتة أوراقها لتشعر بدفء وحب هذا الضوء الذي لا يشبه الشمس.
أن كل تفصيل في عالمك الداخلي، مملكتك أو ما يسمى ببيتك، هو قصة ستُكتب وبيت شعر سيكتمل ولوحة ستتلون، وبالتالي هو حكاية لذكرى او حدث لا يُنسى لأنه شاخص بهذا التفصيل، ولهذا أحب أن أهدي الاشياء التي لها ديمومة، وليس باقة ورد ستذبل، لأنها ستبقي ذكراك عند المُهدى اليه.
داخل بيتي حديقة أشبه بغابة صغيرة، توسعت وأحتلت مساحات كبيرة في عالمي الداخلي، لكنها تذكرني دائما، عندما تنمو بينها ورقة صغيرة، أن حياة جديدة قد بدأت وستنمو..
يسألني البعض؛ الا تتعبني هذه التفاصيل؟، لا أجيب على سؤالهم، لأني أن تعبت من القراءة، وان جفت افكار الكتابة، فأني أواصل قراءة حياة نباتاتي، وأكتب القصص على جدران بيتي، وأرسم اللوحات بين الضوء وظله، وخارج بيتي أصور الغيوم والغروب وجذع شجره جف لكنه تحول الى عمل إبداعي متقن...
إن عالمنا الداخلي رواية لا تصدر بكتاب، إنما تكتب روحيا وبلغة خاصة بيننا وبين أجمل الكائنات والتكوينات التي تدور حولنا..
بيتنا عالمنا السري والساحر، ملكيتنا الروحية والفكرية، روايتنا التي ليست للطبع وصدرت منها نسخة واحدة فقط.
سعاد الجزائري
المساحات الفارغة تتعالى بجمالها الخاص، لكن هذا الجمال لا يتجسد واضحا او تشعر به العين لوحده، وأنما بحضور كائنات او أشخاص أو تكوينات تشعرك بروعته وقيمة فضائه، وبدون هذه الاشياء يصبح الفراغ كالدوي، أو الأنتظار المخيف.
الرسام لا يترك لوحته فارغة حتى وأن شغل فراغها بخطٍ او أثنين، وربما ظل لون، والكاتب لا يترك ورقته موحشة بيضاء حتى وأن كتب كلمة واحدة قد تكون المفتاح لعالم من الخيال، والمعماري يرتكز الى الفراغات المحيطة بالتكوين المُصمم او داخله، لإنه لا يضع أسيجة للفراغ فقط.
جمالية الفراغ تكمن بما يحيطه أو بما تتوزع فيه، أو حوله من نباتات أو تحف، ولوحات او صور، فتصوير الصحراء مدهش، لكنه أكثر سحرا ودهشه عندما تتوسط الكادر شجرة أو جذعها، وربما سراب شبح لانسان او خياله أو حضور لهيب الشمس او ضوء القمر وانعكاساتهما على رمالها.
ينتقدني الكثير لأني مسرفة في توزيع الزرع والتحف واللوحات في بيتي، لست كارهة للفراغات والمساحات، لكن لي لغتي الخاصة في التحاور مع محيطي الداخلي، لأنني أرتبط بعلاقة حب صادقة مع عالمي الداخلي، أو كما اسميه؛ مملكتي، والوفاء يتوج هذا الرابط.
فعندما أنظر الى الفراغ لا أجد المادة او الشيء الذي يحاورني او يتعاطف معي، وبالتالي لا يتشكل عندي أي شعور بحضور المكان الذي يخلق الفكرة، لكني أجد أكثر من لغة، وصيغ حب متنوعة مع نبتة نمت تحت رعايتي، أو عندما ترتفع وريقاتها لتستقبل حضوري مع الماء، وقد تُولدُ عندي فكرة نص مجنون مثل هذا الذي كتبته، فعندما أنظر الى القيثارة وباقي الالات الموسيقية الصغيرة المعلقة على جداري، أسمعها تعزف الاغاني التي أرددها دائما، لأنني مع هذه الالات والتحف واللوحات نشكل عائلة تدرك قيمة الحب والجمال وما حولهما، ولا نعرف مع بعضنا الا الصدق.
مَنْ يتعامل مع الانارة كمصدر ضوء فقط فأنه لا يدرك قيمة الظل وجماله، ولا يشعر ببريق الزرع عندما يعانق الانارة لينمو مع ضوئها الى الاعلى، أو عندما تفرد النبتة أوراقها لتشعر بدفء وحب هذا الضوء الذي لا يشبه الشمس.
أن كل تفصيل في عالمك الداخلي، مملكتك أو ما يسمى ببيتك، هو قصة ستُكتب وبيت شعر سيكتمل ولوحة ستتلون، وبالتالي هو حكاية لذكرى او حدث لا يُنسى لأنه شاخص بهذا التفصيل، ولهذا أحب أن أهدي الاشياء التي لها ديمومة، وليس باقة ورد ستذبل، لأنها ستبقي ذكراك عند المُهدى اليه.
داخل بيتي حديقة أشبه بغابة صغيرة، توسعت وأحتلت مساحات كبيرة في عالمي الداخلي، لكنها تذكرني دائما، عندما تنمو بينها ورقة صغيرة، أن حياة جديدة قد بدأت وستنمو..
يسألني البعض؛ الا تتعبني هذه التفاصيل؟، لا أجيب على سؤالهم، لأني أن تعبت من القراءة، وان جفت افكار الكتابة، فأني أواصل قراءة حياة نباتاتي، وأكتب القصص على جدران بيتي، وأرسم اللوحات بين الضوء وظله، وخارج بيتي أصور الغيوم والغروب وجذع شجره جف لكنه تحول الى عمل إبداعي متقن...
إن عالمنا الداخلي رواية لا تصدر بكتاب، إنما تكتب روحيا وبلغة خاصة بيننا وبين أجمل الكائنات والتكوينات التي تدور حولنا..
بيتنا عالمنا السري والساحر، ملكيتنا الروحية والفكرية، روايتنا التي ليست للطبع وصدرت منها نسخة واحدة فقط.
سعاد الجزائري