مصورو نجران ورشة التصوير الدعوي
كتبت- سلافة الفريح
الجمعة 10 رمضان 1431 هـ - 20 اغسطس 2010م - العدد 15397
صالح الدغاري : ثقافة الصورة تسهم في الإقناع عندما تمتزج بالقرآن الكريم والسنة النبوية
ورشة التصوير الدعوي لمصوري منطقة نجران
استكمالا لما سبق طرحه في الأسبوع الماضي عن مناقشة اختفاء ( التصوير الدعوي ) كفن من فنون التصوير إلا من بعض المحاولات الخجولة والمكررة ؛ قام عدد من مصوري نجران مشكورين بإقامة ورشة التصوير الدعوي الأولى من نوعها لصفحة قصائد ضوئية بقيادة الفنان صالح بن حسين الدغاري الذي تحمس كثيراً لفكرة الورشة الدعوية وسعى لجمع فريق عمل مكون من الفنانين ( مسفر حسين آل حشيش - عبدالله مشبب آل منصور - ماجد عبدالله آل سالم - سمير عبدالله الحازمي - ناصر سعيد الربيعي ) لتقديم أعمال فنية دعوية راقية تخدم الدين والوطن والإنسانية ، وتحفز على الإبداع والابتكار، وقد أجمع المصورون على أن الورشة كانت رائعة من جميع النواحي ظهرت فيها روح الفريق الواحد الذي خرج بنتائج مذهلة ، يسرنا عرضها مع تفاصيل العمل وآراء المبدعين ..
ناصر الربيعي : التصوير الراقي يتطلب الولوج في قضايا الأمة ومحاولة معالجتها دون حرج
يقول الفنان صالح بن حسين الدغاري قائد الورشة : إن من أرقى علاقات الإنسان بأخيه الإنسان التواصل بالكلمة والفكرة تواصلا جميلا ومقبولا ، ولفن التصوير الضوئي تقنياته وأدواته وفنياته التي توصل الصورة إلى الوجدان مباشرة فتغني عن صفحات طويلة ، من هنا نؤمن – كمصورين - بخدمة ديننا وتقديم مانستطيع في سبيل الدعوة إلى الله ، ولابد لنا أن نجمّل تلك الوسائل المتاحة في هذا الفن حتى نوصل أفكارنا وتصوراتنا عن ديننا الإسلامي السمح إلى كل العالم قاطبة وإثبات أنه دين الرحمة والتسامح والوسطية بالشكل المطلوب . إنَّ براعة المصور في نقل المشهد الفني بطريقة مبتكرة يظهر فيها جوهر ديننا الإسلامي الحنيف يخدم الدعوة إلى الله كثيرًا ، ويصل بها إلى درجة لايستهان بها من التأثير والإقناع . وتختلف الرؤى والأفكار الفنية من مصور لآخر ولكن المصور الفنان هو من ارتبط بمحيطه وقضاياه واستشعرها وأسهم إسهاما مباشرا في التوعية والنصح والإرشاد وتطرق إلى كل المواضيع التي تخدم مجتمعه وأمته ووطنه ، ولن يتمكن المصور من كل ذلك إلا بامتلاك خلفية ثقافية كبيرة . وعندما يخوض المصور غمار تجربة التصوير الدعوي يجب أن يكون العرض بمستوى الحدث قويا مؤثرا غير مطروق بفكرته وتصوره ؛ لا أن يكون عرضا ضعيفا باهتا من دون مؤثِّرات، لأننا نعبر عن قضايا حساسة ومهمة في أخلاقيات المؤمن وسماحة الإسلام وتعاملاته.
ويرى الدغاري : إن ثقافة الصورة تسهم في الإقناع والتأثير فما بالنا عندما تختلط بأفكار القرآن الكريم والسنة النبوية ، ولن يجد المصور مكانا خصبا زاخرا بالأفكار والتصورات والرؤى أكفأ من سِيرة النبي صلى الله عليه وسلم ونهجه في الدعوة إلى الله ، فعندما نكون قادرين على تصوير الأوامر والنواهي والمعاني والألفاظ بفكرة مبتكرة مشبعة بالتكوين والحس الفني حتما ستجد لها في أذهان المتلقين مكانا واهتماما منقطع النظير لما للصورة من أثر كبير في النفس وإثارة العواطف وهي وسيلة لايستهان بها في الدعوة إلى الله ، تصلح من أحوال المجتمع وتبرز الوجه الحسن لأمتنا في التعامل ومكارم الأخلاق لذا لا يجب أن تكون مشاركتنا خجولة تفتقر إلى عناصر القوة والجذب في التكوين الفني
ويختم بقوله : قمنا في هذه الورشة بمحاولة تحريك الخير في نفوس الناس بقالب مغاير يبقى ثوابه مضمونا في الحياة وبعد الممات واعتمدنا خلال ورشة التصوير الدعوى أن لا تكون مجرد نقل للأحداث أو الأفكار المكررة والمواضيع المطروقة ، وإنما حرصنا على أن يكون الابتكار هو سيد الموقف وأن تكون ممزوجة بالعاطفة تدفع المتلقي للتأمل في العمل ومغزاه وفكرته وتكويناته الفنية
العمل الأول : ( توازن ) فكرة المصور - مسفر آل حشيش
تتلخص فكرة العمل في مقارنة ماذا يجب أن نقدم لعقولنا وقلوبنا في شهر رمضان الكريم وسائر الشهور
مقابل مانقدمه على موائدنا من أنواع الأكل والشرب حيث إن الثقافة أصبحت تحتل مراكز متأخرة من اهتمامات الفرد والقرآن الكريم هو الثقافة الحقيقية الذى نستمد منه كل أمور حياتنا وهو الذي سترجح كفته في آخر المطاف إلى جانب عدم إهمال اطلاعنا على الثقافات المختلفة
تمت الاستعانة في هذا العمل بإضاءة فلاش على مقدمة العمل ناحية اليمين.
التكوين في هذا العمل خارج عن المألوف والنمط المعتاد في عرض القران الكريم وفوائده ومكانته العظيمة في نفس كل مسلم استعان بكفتين تمثل يدي شخصين في صراع دائم بوجهين متقابلين
مع رجوح كفة القرآن الكريم
العمل الثاني : ( برايل ) فكرة المصور- عبدالله آل منصور
من منطلق المسؤولية أمام الله فإن فقدان البصر لدى أي شخص لايعفيه من أداء العبادات والطاعات ومن ناحية أخرى نحن بحمد الله نبصر ونرى ونستمتع بمشاهدة المناظر فما بالنا نغفل عن شفاء الصدور ونور القلوب.
لويس برايل هو الشخص الكفيف الذى أكمل النقص التعليمي الذى كان يعانيه المكفوفين ومن بعده أتى محمد الأنسى في النصف من القرن التاسع عشر ليضع لنا لغة برايل باللغة العربية وبحمد الله قامت حكومتنا الرشيدة بطباعة المصاحف الخاصة بلغة برايل للمكفوفين فتمكن الشخص الكفيف من قراءة القران بكل سهولة ويسر.
خائنة الأعين
استعان المصور بإضاءة عبارة عن بقعة ضوء (سنوت ) مركزة بارتفاع بمقدار متر ونصف بشكل رأسي فوق الشخص القارئ
التكوين في وضعية الشخص القارئ وأنه يبصر شئيا ما حوله ويحس به ووضع اليد وبسطها بهدوء وصمت على المصحف الشريف لتحسس أحرف برايل
العمل الثالث : ( خائنة الأعين ) فكرة المصور - ماجد آل سالم
تقوم الفكرة على قيمة أخلاقية في وجوب احترام خصوصيات الآخرين وحفظ النظر التي أكد عليها ديننا الإسلامي مرارا ، ورؤية الفنان في هذا المشهد الفني تحاكي كثيرا مما نراه في الأماكن العامة والأسواق في رمضان وغيره، وإن كنت خلف ساتر أو مانع يخفيك عن أعين الناس فلن تخفى عن عين الله ومراقبته لك .إضافة إلى أن الكون من بديع صنع الخالق متسع للجمال لتشاهده فلماذا نختزل هذه النعمة العظيمة بفضول النظر والتطفل على الآخرين.
اختار المصور للعمل خلفية ذات لون أصفر يحمل دلالات الحزن والذبول وأعطى انطباعا لدى المشاهد بمدى اهتمام الشخص بمتابعة كل شارد ووارد
العمل الرابع : ( مساواة ) فكرة المصور - سمير الحازمي
في إدراج مبدأ المساواة بين البشر فلا فرق بين أبيض ولا أسود إلا بالتقوى ، فالإسلام دين السماحة والمساواة والمؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص كذلك لغير المسلمين حق التعايش الإنساني معنا ونبذ العنصرية والتطرف والغلو والطائفية ودعوة للتسامح والتآخي والإحساس بالوطنية
الإضاءة في هذا العمل طبيعية .
وتكوين العمل يدل على التلاحم والتضامن بين أطياف المجتمع بألوانهم وإشكالهم
العمل الخامس : ( قيم ) فكرة المصور - صالح الدغاري
من واقع أن المرأة المسلمة لا يمنعها الحجاب والاحتشام بأي حال من الأحوال من أن تكون شخصية قيادية لها أهداف وطموحات بالحياة فهو ليس بالمعوق أوالمانع الذى يمكن أن يقتل الإبداع في نفس المرأة فهي الادارية والطبيبة والمهندسة والأديبة والشاعرة، وهي قبل ذلك كله من تربي وتصنع الرجال والدين الإسلامي كفل للمرأة حقوقها كاملة غير منقوصة ، وذلك بالنقيض تماما معا من رضيت أن يكون بالمرتبة الأدني ممن فرطت في احتشامها وعفتها
الإضاءة عبارة عن سوفت بوكس من يمين الكادر ويساره
من التكوين الذى يحمل صفة الرمزية هناك قناع على وشك السقوط في بحر لاقاع له.
وهناك بالمقابل مساحة بيضاء كبيرة يتوسطها وجه مشرق التحف بالبياض ، برغم البحر المتلاطم إلا أن أساسه متين وراسخ وهذا من مكتسبات ديننا الإسلامي وعاداتنا الحميدة
العمل السادس : ( رفقا بالقوارير ) فكرة المصور - ناصر الربيعي
أصبح امتهان المرأة والاستخفاف بعاطفتها ومشاعرها أمرا شائعا رغم أن الدين قد ضمن حقوقها وبين لها واجباتها ، فعندما يرتبط الرجل بالمرأة برباط الزواج الشرعي لا يجوز له بحال من الأحوال أن ينتهك حقوقها ويدهس كرامتها بحكم قوامته وذكورته ولكن يجب عليه كما ارتبط بها على أسس قوية ومتينة أن يحترمها وينزلها منزله يرضاها لنفسه لأنها أمانة في عنقه وزهرة رقيقة يجب المحافظة عليها.
استعان المصور بإضاءة فلاش يمين الكادر.
نرى هنا في التكوين إعطاء مثلثات للعمل أعطت له طابعاً جميلاً
ويشعر المتلقي بمدى فرض القوة والسيطره على اليد القابضة على تلك الزهرة بغاية في القسوة والعنف.
وفي المقابل تجسيد المحافظة على المرأة بعدم انتزاعها من كرامتها وإبقائها كما هي متأصلة بجذورها
العمل السابع : ( حاله قرب ) فكرة المصور - ناصر الربيعي
من أقرب الحالات إلى الله عندما يخر العبد ساجدا بين يدي الله والسجود حالة من الخشية والرغبة بالمغفرة والتقرب من الله وتتجلى فيه الراحة والسكينة للنفس وقد جسد لنا المصور الفكرة بشكل يشعرنا بالديمومة والاستمرارية في إيقاع مميز وسلسل لمنظر السجود ، ومما يجدر الاشارة إليه أن للسجود إلى جانب انه طاعة وتقرب لله فهناك العديد من الجوانب صحية عديدة فهويزيل للتوتر والإجهاد والأرق حسب ماتوصلت إليه أحدث الدارسات الطبية فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين.
تمت الاستعانة في هذا العمل بإضاءة عبارة عن سوفت بوكس فوق الشخص الساجد بارتفاع متر تقريبا .
وعبر ناصر الربيعي عن رأيه بالورشة قائلا : كانت محكا قويا لي ولزملائي وهي بمثابة التقويم الحقيقي لأي منا خاصة في مثل هذا الموضوع فالمصور يجب أن يكون ذا ثقافة عامة عالية كي لا يسمح بتأويل أفكاره بطريقة تخرج عن صلب الموضوع وتضعه في دائرة الاتهام أو الشك لذا فالتصوير لغة وعناصر الصورة مفرداتها فكلما زادت حصيلة المصور من هذه المفردات أجاد توليف بعضها مع بعض لنخرج بعمل فني هادف له أبعاد عميقة وأرى أن ورش العمل في مواضيع محددة للتصوير تعمل على صقل الموهبة وتأثيرها كبير جدا وذلك لأنني من خلال هذه الورشة الحقيقية خرجت بالعديد من الفوائد أهمها القناعة التامة بأن العمل الفكري الجماعي هو الطريق لتحقيق طموح أي مصور ومن أهم الخطوط العريضة لبداية أي عمل فني هو عدم المباشرة في الطرح وذلك لتحفيز المتلقي للتفكير والاستنتاج والمتعة البصرية في آن واحد ونحن على قناعة بأن العمل الفني الحق هو ما يبقى عالقا في الأذهان ، والتصوير كفن راق يتطلب من رواده الرقي والسمو بأنفسهم عن محاكاة القشور والولوج في قضايا الأمة ومحاولة معالجتها دون حرج وأعتقد أن عمل المصور هو بمثابة مكتشف لإبداع الله في أرضه من خلال عدسته فالمصور الحقيقي هو الله سبحانه جل جلاله والفنون البصرية بشكل عام استمدت تكوينها وقواعدها من قواعد الطبيعة الأزلية فلماذا لا نصنع من هذا الفن قالبا خاصا بهويتنا نرى من خلاله مجتمعنا بكل أطيافه مؤطرا بطهارة وعفة الإسلام .
وأشار عبدالله مشبب آل منصور إلى أنها كانت تجربة رائعة في ظل هذه الأجواء الروحانية المفعمة بجو التعاون وتبادل الأفكار السامية وقد تم تقسيم الورشة إلى ثلاثة أقسام رئيسية :
1- طرح الأفكار والمواضيع ذات الصلة.
2- طريقة الإخراج ووضعيات الإضاءة.
3- طريقة تكوين العناصر المناسبة والملائمة للموضوع
ومن بعد ذلك شرعنا بالتنفيذ للفكرة والخروج بالمشهد الفني بطريقة ملائمة مما كان له عظيم الفائدة لي ولإخواني المشاركين ويضيف : إن عالم التصوير عالم حافل كل يوم نتعلم فيه شئ جديد ولابد أن نعي أن الصورة هي إحساس رائع يعبر عن الذات والوجدان ولا ننسى دور الأخ صالح المميز في جمع شتات المصورين في هذه الورشة الفريدة من نوعها لما تميزت به من التحدي في تواجد الأفكار والمناقشة فيها وفي طريقة إخراجها للخروج بنتائج مرضية.
يقول مسفر آل حشيش : كنت أبحث عن الفكرة وطريقة إخراجها وتجسيدها مع الحرص على أن تصل للمتلقي بشكل يرقى لذائقته، وما أتمناه من كل مصور لديه فكرة للعمل الدعوي أو الإنساني والوطني أن يحاول تبسيطها لتصبح رسالة مشرقة مفيدة للمجتمع وأن يبرز الصورة المضيئة عن عاداتنا وتقاليدنا الكريمة وأخلاقنا الحميدة وتبتعد عن كل ما يخدش الحياء ويؤذى المشاعر
وأوضح ماجد آل سالم : أن موضوع الورشة قريب من نفوس الناس لما فيه من إبراز أعمال الخير المذكورة في القرآن وأحاديث رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم والقيام بها في هذا الشهر المبارك. وكانت الورشة ممتعة بروح الفريق والإعمال الدينية والاجتماعية وقد استفدت كثيرا من الاحتكاك بزملائي ومن المعلومات والأفكار المطروحة وهذا لاشك من ثمرات العمل بروح الفريق الواحد وأشكر الأخ صالح الدغاري علي روحه ومواضيعه الخيرة وجميع المصورين المشاركين
ختاما يتوجه مصورو نجران لجمعية الثقافة والفنون فرع منطقة نجران بالشكر والعرفان على دعمها وتشجيعها المستمر وتهيئة الأجواء المناسبة للقيام بهذه الورشة من ناحية المكان و تجهيزات الاستديو مما أسهم إسهاما مباشرا في نجاح الورشة ولله الحمد.
-مساواة