الجمعة 3 رمضان 1431 هـ - 13 اغسطس 2010م - العدد 15390
سوفت بوكس
احذروا نصابي الحرم
ســلافة سعد الفريــــح

دخلت حنان من أحد أبواب السلم الكهربائي للحرم المكي الشريف لتتخذ مكانها المعتاد سنوياً في كل عشر أواخر من شهر رمضان المبارك، يحدوها الشوق للانطراح بين يدي الله عز وجل ليشفيها مما ابتليت به من موت الأجنة في رحمها ويرزقها بالذرية الصالحة. وفيما كانت تتضرع بخشوع فإذا بامرأة حامل تمشي بتثاقل شديد وبيدها طفل في الرابعة. جلست المرأة بجانبها وكشفت عن وجهها المتورم بسبب الحمل وطلبت منها استخدام هاتفها الخلوي لمحادثة الشيخ في مسألة فقهية، عرفت حنان من لهجة المرأة أنها من دولة عربية فعرضت عليها المساعدة لربما تعرف الفتوى وتكفيها عناء السؤال؛ فأخبرتها المرأة أنها على وشك الولادة فهل يجوز لها دخول الحرم؟. ومن خلال النقاش عرفت أن المرأة وعائلتها تخلّفت عن الحملة المرافقة لهم لأن الطبيب أخبرها بأن الجنين سيموت إن لم تجر لها عملية قيصرية فوراً وهي "أجنبية" لا يحقّ لها الولادة في المستشفيات الحكومية وتحتاج لمبلغ أربعة آلاف ريال لتتمكن من الولادة في مستشفى خاص. حينها استرجعت حنان شعورها المؤلم بفقد أجنتها واغرورقت عيناها بالدموع. وفكرت إن هي أنقذت هذا الجنين سيفرج الله كربتها فما كان منها إلا أن أخرجت مبلغاً يفوق ما طلبت المرأة وقالت لها بالحرف "إن كنت صادقة فهذا المبلغ خالصاً لك وهدية لجنينك المنتظر، وإن كنت كاذبة فحسيبي وحسيبك الله؛ يسمعنا ويرانا من فوق سبع سموات". جحظت عينا المرأة على المال وأخذته ورحلت. أخبرت حنان زوجها بما حدث فانفجر غاضباً وقال هذه المرأة "نصابة" استغلت طيبتك وسذاجتك إلى آخر سيل التوبيخ والسخرية من الموقف، فدافعت حنان بأنها أنفقت المبلغ لله وليس للمرأة ودعت بحرارة أن يكشف أمرها.
مرت خمسة أيام وحنان على حالها تجلس في أحد أركان الحرم تدعو وتتضرع، وإذا بامرأة حامل متثاقلة تجلس بجانبها وتطلب هاتفها الخلوي لتسأل الشيخ ع... رفعت حنان عيناها نحو المرأة وكانت المفاجأة (إنها نفس المرأة النصّابة) فقالت لها: أتذكرينني؟ قلت لك إن الله حسيبي وحسيبك، ولاح لها في تلك اللحظة سخرية زوجها من موقفها فأمسكت بتلابيبها وسلّمتها إلى الشرطة واستطاعت بمساعدتهم في التحقيق أن تسترد المبلغ بأعجوبة.
فسبحان الله كيف ساق المرأة إليها من بين ملايين المعتكفين في العشر الأواخر في الحرم وعاد إليها المبلغ الذي أرادت به إغاثة الملهوف بسبب الدعاء.. شكرت حنان ضابط المباحث الذي ساعدها بطريقته الذكية والمحترفة في انتزاع المال من براثن المرأة وزوجها "رئيس العصابة" فأخبرها أن هناك كثيرا من الأساليب الماكرة في النصب والاحتيال في الحرم كأن يصرخ أحدهم ويدعي أنه سرق أو أضاع كل ما يملك فيهب المواطنون لنجدته. فرحلت وهي تدعو أن يحفظ الحرم ويؤيد رجاله الساهرين.
سوفت بوكس
احذروا نصابي الحرم
ســلافة سعد الفريــــح
دخلت حنان من أحد أبواب السلم الكهربائي للحرم المكي الشريف لتتخذ مكانها المعتاد سنوياً في كل عشر أواخر من شهر رمضان المبارك، يحدوها الشوق للانطراح بين يدي الله عز وجل ليشفيها مما ابتليت به من موت الأجنة في رحمها ويرزقها بالذرية الصالحة. وفيما كانت تتضرع بخشوع فإذا بامرأة حامل تمشي بتثاقل شديد وبيدها طفل في الرابعة. جلست المرأة بجانبها وكشفت عن وجهها المتورم بسبب الحمل وطلبت منها استخدام هاتفها الخلوي لمحادثة الشيخ في مسألة فقهية، عرفت حنان من لهجة المرأة أنها من دولة عربية فعرضت عليها المساعدة لربما تعرف الفتوى وتكفيها عناء السؤال؛ فأخبرتها المرأة أنها على وشك الولادة فهل يجوز لها دخول الحرم؟. ومن خلال النقاش عرفت أن المرأة وعائلتها تخلّفت عن الحملة المرافقة لهم لأن الطبيب أخبرها بأن الجنين سيموت إن لم تجر لها عملية قيصرية فوراً وهي "أجنبية" لا يحقّ لها الولادة في المستشفيات الحكومية وتحتاج لمبلغ أربعة آلاف ريال لتتمكن من الولادة في مستشفى خاص. حينها استرجعت حنان شعورها المؤلم بفقد أجنتها واغرورقت عيناها بالدموع. وفكرت إن هي أنقذت هذا الجنين سيفرج الله كربتها فما كان منها إلا أن أخرجت مبلغاً يفوق ما طلبت المرأة وقالت لها بالحرف "إن كنت صادقة فهذا المبلغ خالصاً لك وهدية لجنينك المنتظر، وإن كنت كاذبة فحسيبي وحسيبك الله؛ يسمعنا ويرانا من فوق سبع سموات". جحظت عينا المرأة على المال وأخذته ورحلت. أخبرت حنان زوجها بما حدث فانفجر غاضباً وقال هذه المرأة "نصابة" استغلت طيبتك وسذاجتك إلى آخر سيل التوبيخ والسخرية من الموقف، فدافعت حنان بأنها أنفقت المبلغ لله وليس للمرأة ودعت بحرارة أن يكشف أمرها.
مرت خمسة أيام وحنان على حالها تجلس في أحد أركان الحرم تدعو وتتضرع، وإذا بامرأة حامل متثاقلة تجلس بجانبها وتطلب هاتفها الخلوي لتسأل الشيخ ع... رفعت حنان عيناها نحو المرأة وكانت المفاجأة (إنها نفس المرأة النصّابة) فقالت لها: أتذكرينني؟ قلت لك إن الله حسيبي وحسيبك، ولاح لها في تلك اللحظة سخرية زوجها من موقفها فأمسكت بتلابيبها وسلّمتها إلى الشرطة واستطاعت بمساعدتهم في التحقيق أن تسترد المبلغ بأعجوبة.
فسبحان الله كيف ساق المرأة إليها من بين ملايين المعتكفين في العشر الأواخر في الحرم وعاد إليها المبلغ الذي أرادت به إغاثة الملهوف بسبب الدعاء.. شكرت حنان ضابط المباحث الذي ساعدها بطريقته الذكية والمحترفة في انتزاع المال من براثن المرأة وزوجها "رئيس العصابة" فأخبرها أن هناك كثيرا من الأساليب الماكرة في النصب والاحتيال في الحرم كأن يصرخ أحدهم ويدعي أنه سرق أو أضاع كل ما يملك فيهب المواطنون لنجدته. فرحلت وهي تدعو أن يحفظ الحرم ويؤيد رجاله الساهرين.