المخرج الراحل محمد خان (مواقع التواصل)إيمان محمد
26/7/2022
"نحن نعيش في مجتمع رجال بشكل عام، فمن يضع القوانين هم الرجال، وهم من يطبقونها، وهم من يتحكمون في زمام الأمور، حتى إن كانت هناك عضوات برلمان أو قاضيات أو ما شابه، فالمرأة في الشرق والغرب تعاني من الطبقية مقارنة بالرجال"، كان هذا أحد تصريحات المخرج المصري الراحل محمد خان الذي رحل عن عالمنا في مثل اليوم 26 يوليو/تموز من عام 2016.
هكذا كان ينظر إلى المجتمع الذي عاش فيه طوال حياته، وهو ما شجعه على أن يحاول تغيير نظر المجتمع للمرأة من خلال ما قدمه من أعمال فنية، وتفاصيل وقضايا أخرى اهتم بتقديمها.
خان والتفاصيل النسائية
يعتبر محمد خان "ملك التفاصيل النسائية"، إذ كان من أكثر المخرجين الذين استطاعوا التعبير عن مشاعر المرأة وإظهار ذلك بشكل واضح على الشاشة، بالإضافة إلى الاهتمام بالملابس والإكسسوارات والتفاصيل الصغيرة في حياة النساء.
فنجده في فيلم "موعد على العشاء"، استطاع أن يرسم المرأة الحالمة بعالم بسيط المقهورة في زيجتها، من خلال سعاد حسني، فرسما معًا نظرات السيدة الخائفة الشاعرة بعدم الأمان الدائم بنظرات زائغة، وأثرى تلك المشاعر بديكورات خانقة توحي بالأزمة التي تتعرض لها البطلة، حتى بعد طلاقها وتخلصها من هذا الكبت. كما جاء الاهتمام ظاهرًا في الملابس وربطة الشعر، وهي الأشياء التي تدخل البهجة على قلوب النساء. وقد شارك في بطولة الفيلم أحمد زكي وحسين فهمي وزوزو ماضي.
واستكمل خان اهتمامه بالتفاصيل النسائية من خلال "زوجة رجل مهم"، لنجد لقطة سينمائية تتغزل بـ"قرط أذن" أو تسريحة شعر البطلة التي يحاول البطل التقرب إليها، أو ملابسها المهلهة نتيجة تعرضها للاكتئاب.
رؤية محمد خان لعبد الحليم حافظ
وعلى الرغم من الشهرة التي حظي بها المخرج محمد خان في العالم العربي، فإن تاريخه الفني لم يتعد 30 عملا سينمائيا دون أعمال درامية أو مسرحيات، فقد وهب نفسه للسينما فقط، وحاول أن يعبّر من خلالها عن كافة مشاعره، ليقوم هو بكتابة 16 فيلما من إجمالي 26 فيلما أخرجها.
وجاء "العندليب الأسمر" عبد الحليم حافظ جزءا من نسيج تلك الأفلام، وكأن خان كان يؤكد دائمًا على المرحلة التاريخية للعندليب في حياة الشعب المصري وتأثيره في العديد من الأحداث الخاصة بالشخصيات في أعماله.
فظهر العندليب في فيلم "الحريف" الذي قام ببطولته عادل إمام، في صورة يضعها البطل على الحائط حبًا لمطربه المفضل، وكان خان يقترب من الصورة في العديد من المشاهد، وخاصة مع شخصية البطل الرومانسية التي شهدتها أحداث الفيلم.
وشارك في بطولة "الحريف": فردوس عبد الحميد، وعبد الله فرغلي، وزيزي مصطفى، وهو من تأليف محمد خان، وسيناريو وحوار بشير الديك.
كذلك كان وجود عبد الحليم حافظ واضحًا وجليًا بشكل أكبر في فيلم "زوجة رجل مهم"، فكانت البطلة تعيش حالة الغرام الأولى لها مع مطربها المفضل "العندليب"، الذي كانت وفاته مؤثرة في سياق أحداث الفيلم بشكل قوي.
وقد أهدى الفيلم لـ"زمن وصوت عبد الحليم حافظ"، وترك هذه العبارة على بداية شارة العمل الذي شارك في بطولته كل من أحمد زكي وميرفت أمين وحسن حسني ونظيم شعراوي، وهو من تأليف وسيناريو وحوار رؤوف توفيق.
اهتمام خان بالمهمشين
كان للراحل محمد خان توجهات فكرية في الأفلام التي يقدمها، فإلى جانب اهتمامه بالنساء، كان أغلب اهتمامه ينصبّ على فئة المهمشين والأكثر شعبية، وهذا ما وجدناه في كافة أفلامه، بداية من "موعد على العشاء"، مرورا بـ"طائر على الطريق"، ثم "الحريف"، و"أحلام هند وكاميليا".
كما أنه قدم "مستر كراتيه"، و"الكليفتي"، و"فارس المدينة"، و"بنات وسط البلد"، و"شقة مصر الجديدة"، نهاية بـ"فتاة المصنع"، وقد عبر في كل منها عن نوع مختلف من المهمشين.
الطعام في أفلام محمد خان
كان من التفاصيل التي اهتم بها المخرج الراحل محمد خان: الطعام، وكان هذا الاهتمام منذ عمله الأول "موعد على العشاء" الذي كانت وجبة "المسقعة" هي النهاية التي تسمم بها البطل والبطلة في نهاية العمل، انتقامًا لحبيبها.
وكان أكثر الأفلام التي ظهر من خلالها الاهتمام بالطعام هو فيلم"خرج ولم يعد"، فقد اعتمد على الطعام بشكل كبير، حيث إن أغلب مشاهد العمل كانت تدور حول مائدة الطعام التي تنوعت أشكالها وأصنافها.
أما في فيلم "أحلام هند وكاميليا"، فكان الطعام يتم استخدامه في إيصال لحظات الهدوء خلال العمل والتجمعات حول الأبطال. أما في فيلم "بنات وسط البلد"، فقرر محمد خان أن يكون الطعام إشارة إلى بدء العلاقات أو انتهائها خلال أحداث الفيلم، بحسب قوله في أحد اللقاءات السابقة، فاستخدمه في إنهاء علاقة البطلة منة شلبي بحياة قديمة حين قامت الأم بالتخلص من الوزة، وفي بداية علاقتها الجديدة مع بطل الفيلم خالد أبو النجا حين اجتمعا أيضًا حول الطعام الذي أعده هو.
مع كل ما سبق، لا يمكن القول سوى أن المخرج الراحل محمد خان هو ملك التفاصيل السينمائية، بعد أن حاول التقرب من الجمهور بكافة أنواعه عبر مائدة فنية مليئة بالمشاعر والشغف والتفاصيل.
المصدر : الجزيرة
تعليق