المتوالية الحزينة فى أسباب موت شكسبير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المتوالية الحزينة فى أسباب موت شكسبير

    المتوالية الحزينة فى أسباب موت شكسبير

    محمد عبد الحافظ ناصف

    صدر مؤخرا عن دار الفاروق المجموعة القصصية “أسباب موت شكسبير” للكاتب رضا محروس الذى صدر له من قبل مجموعة “البنت ذات الضفائر” عن قصور الثقافة و”أمنية للشمس” قصص للأطفال عن المركز القومى لثقافة الطفل، كما نشر عشرات القصص القصيرة للكبار و الأطفال فى المجلات العربية و المصرية. فاز محروس بعدد من الجوائز فى القصة القصيرة مثل جائزة اقرأ التى كانت تقيمها مؤسسة اقرأ الخيرية وجائزة سوزان مبارك فى أدب الطفل لعامى 91 و 92.

    بدأ رضا محروس الكتابة كفلاشة قوية فى التسعينيات سطع نورها بين هذا الجيل من كتاب القصة القصيرة وأدب الطفل لكن الحياة قد أخذته سنوات كثيرة ربما لأسباب منها أن حرفة الأدب لم تكن وقتها، ولا فى أى وقت قادرة على أن تحقق أى طموح للعيش الكريم فى بلادنا العربية، فأى كاتب خارج عالمنا العربي يستطيع أن يعيش حياة كريمة من عائد كتاباته، لكن دور النشر فى بلادنا تضن على الكاتب بحقه و المضحك أنها تصادر هذا الحق فى الحاضر والمستقبل والغيب أيضا، وكأنه يجب على الكاتب أن يؤمن و يبصم أن ما سيتحقق فى المستقبل من حق دار النشر التى ستنشر له الكتاب و يكفبه الفخر و عليه أن يعمل فى الفاعل لكى يأكل ويشرب و يعيش لأن الكتابة ليست حرفة إلا لدور النشر فقط !!

    شاء القدر أن أكون فى طريق هذا الكاتب المهم حتى يعود دائما للكاتبة مرة بعد مرة وأن أذكره دايما بموهبته الكبيرة التى كانت ومازالت قادرة على تقديم نصوص قصصية جيدة؛ ومنها بالطبع تلك المجموعة القصصية “أسباب موت شكسبير ” والتى تستحق دار النشر الفاروق الشكر على نشرها بهذا الغلاف المتميز والأنيق وهذا الشكل المحترم اللائق.

    تتكون المجموعة من اثنتى عشرة قصة قصيرة تتراوح بين الطول والقصر، وبعد القراءة أرى أن المجموعة ناقشت و تعاملت مع مجموعة من المفاهيم التى وردت خلال عدد من القصص منها الموت والغربة والقهر والحرية والحزن، وتميزت المجموعة بروح المتوالية القصصية التى يشترك فى وجودها عدد من العناصر المشتركة من عناصر كتابة القصة، مما يأخذ بها أيضا نحو روح الرواية.

    ومن الأفكار التى بدأت بها المجموعة فكرة الموت التى ظهرت فى قصة “الموت وطقوس الياسمين” ونجد بها موت الأم من خلال فكرة جيدة مزجت بين الواقع والخيال، حين حلم القاص بأمه التى لم تمنحة عقد الياسمين الذى يحبه ربما لشيء يشعر به الكاتب من تقصير تجاهها لغيابه بعض الوقت عنها منشغلا بأكل العيش المر فى هذا الزمن الصعب، لكن الواقع كان يجهز للبطل مفاجأة سعيدة أن الأم قد تركت له هذا العقد من الياسمين مع التمرجى قبل أن تموت. “.. و همس بصوت يملؤه الأسى: قبل أن تسلم الروح..استفاقت للحظة واعتدلت.. تكلمت بصوت واضح، أوصتنى أن أعطيه لك.. تأملته.. طوقت به عنقى.. و التفت إليها.. وكان وجهها مازال يبتسم”.

    ومن سمات المجموعة أيضا النهايات التى حملت الكثير من المفارقة مما أحدث حالة من التشويق لتتبع القصة من البداية للنهاية دون ملل و دون توقع لتلك النهايات، و هذا يعطى القارئ حالة من الرغبة فى استكمال العمل.

    ومن العناصر المهمة التى تصب فى فكرة المتوالية القصصية غير فكرة الموت جاءت وظيفة البطل التى لم تتغير طوال قصص المجموعة، فلم تخل قصة تقريبا من الإشارة المباشرة أو غير المباشرة أن البطل يعمل مدرسا للغة الانجليزية فى إحدى المدارس الحكومية؛ ففى القصة الأولى للمجموعة على سبيل المثال تبدأ من جملة “كنت قد انتهيت من كتابة التاريخ وعنوان الدرس حين دق هاتفى المحمول..”وفى القصة الثانية ” الخيوط لا تتقاطع أحيانا” تبدأ بجملة “عندما دق هاتفى المحمول،كنت على وشك الانتهاء من حصة الدرس الخصوصى” وفى القصة الثالثة “حدث استثنائي للسيد المهيب” وهى القصة التى تعاملت مع لحظة إنسانية لشخصية عسكرية ينسى فيها كل الطقوس التى يجب أن يتحلى بها و ينزل من سيارته لكى يرد ويحتضن حفيدته التى خرجت تجرى ورائه، كانت عين المدرس تراقب تلك الحادثة الإنسانية و جالس على المقهى المقابل لعمارة تلك الشخصية.. يقول البطل/ المعلم: “..لكن السؤال الذى داهمنى ذات صباح حينما لم ألحق الحصة الأولى، ما الساعة التى يأتى فيها هذا الموكب كل صباح”.

    وفى النهاية أرى أن المجموعة تمتلك ذاكرة قوية فى عقل ووجدان من سيقرأها لأنها تعاملت مع لحظات إنسانية فارقة فى حياة البطل وتتماس مع حياة القارئ لآنها تمتلك الكثير من الصدق الفنى.

يعمل...
X