حكاية بعنوان: "بنات"
تنبهني أمي دائما حينما تزورنا أم نوال، وتقول:
• لما تيجي ما تخرجش من أوضتك خالص.
فأهز رأسي، وأردد خائفا من تبريقات عينيها:
• حاضر.
وأقبع في غرفتي بالساعات، ريثما تتزحزح أم نوال عن الكنبة التي تجلس مع أمي فوقها.
أسأل أمي عن السبب، فتقول:
• مني عينها يبقي عندها واد.
أقول في استغراب:
• لكن دي عندها بنات. عددهم..
ولا أستطيع أن أحصي عددهم، فتقول امي ضاحكة:
• تمانية.
أردد متعجبا:
• عندها تمن بنات وتغير مننا؟
تقول أمي جادة:
• لما تلاقيها أمشي بعيد، وما توريهاش وشك.
أهز رأسي متخوفا من تنبيه أمي.
* * *
ألتقي بها ذات مصادفة، وأنا عائد من المدرسة. سمراء طويلة نحيلة، ترتدي جلباب أسود، تصطحب معها ثلاث بنات صغيرات، كن في مثل عمري.
تقول ضاحكة:
• أمك فكت أسرك خلاص؟
وتضحك البنات معها.
لا أعرف بماذا أرد؟. تقول:
• يلا بقي أكبر، وأختار لك واحدة.
تخفض البنات وجوههن في حياء.
أعود لأمي، فتضربني. أصرخ:
• يعني كنت أجري في الشارع منهم؟
* * *
تمر السنوات.
وأحضر عزاءها.
في خوف أسأل أمي:
• أروح العزا؟
تبتسم لي، وتقول:
• خلاص كبرت.
أقف في العزاء وحدي.
لم يكن لها أهل. بعض الجيران لا يتعدي عددهم العشرة علي المقاعد. يرتل القرآن، ثم يقوم الناس في فتور.
* * *
أقول لأمي:
• طب والبنات؟
ترد في حزن:
• ليهم ربنا.
• مين السبب طيب؟
ترد أمي، وعيناها تلمعان بالغضب:
• جوزها. كان عاوز واد، ففضل وراها بنت ورا بنت ورا بنت لحد ما بقوا بالعدد دة. لما عرف أنه ربنا مش رايد، هج وسابها مع البنات.
ثم قامت إلى غرفتها بعدما بكت عليها مجددا!
كانت المرة الوحيدة التي أشعر فيها بأن أمي لا تخشي أم نوال. بل تكن لها عطفا!
.................................................. .................................................. .
ـــ كتبت في مايو 2022 ، ونشرت في جريدة "الأهرام" عدد 15 يوليه 2022 .
تنبهني أمي دائما حينما تزورنا أم نوال، وتقول:
• لما تيجي ما تخرجش من أوضتك خالص.
فأهز رأسي، وأردد خائفا من تبريقات عينيها:
• حاضر.
وأقبع في غرفتي بالساعات، ريثما تتزحزح أم نوال عن الكنبة التي تجلس مع أمي فوقها.
أسأل أمي عن السبب، فتقول:
• مني عينها يبقي عندها واد.
أقول في استغراب:
• لكن دي عندها بنات. عددهم..
ولا أستطيع أن أحصي عددهم، فتقول امي ضاحكة:
• تمانية.
أردد متعجبا:
• عندها تمن بنات وتغير مننا؟
تقول أمي جادة:
• لما تلاقيها أمشي بعيد، وما توريهاش وشك.
أهز رأسي متخوفا من تنبيه أمي.
* * *
ألتقي بها ذات مصادفة، وأنا عائد من المدرسة. سمراء طويلة نحيلة، ترتدي جلباب أسود، تصطحب معها ثلاث بنات صغيرات، كن في مثل عمري.
تقول ضاحكة:
• أمك فكت أسرك خلاص؟
وتضحك البنات معها.
لا أعرف بماذا أرد؟. تقول:
• يلا بقي أكبر، وأختار لك واحدة.
تخفض البنات وجوههن في حياء.
أعود لأمي، فتضربني. أصرخ:
• يعني كنت أجري في الشارع منهم؟
* * *
تمر السنوات.
وأحضر عزاءها.
في خوف أسأل أمي:
• أروح العزا؟
تبتسم لي، وتقول:
• خلاص كبرت.
أقف في العزاء وحدي.
لم يكن لها أهل. بعض الجيران لا يتعدي عددهم العشرة علي المقاعد. يرتل القرآن، ثم يقوم الناس في فتور.
* * *
أقول لأمي:
• طب والبنات؟
ترد في حزن:
• ليهم ربنا.
• مين السبب طيب؟
ترد أمي، وعيناها تلمعان بالغضب:
• جوزها. كان عاوز واد، ففضل وراها بنت ورا بنت ورا بنت لحد ما بقوا بالعدد دة. لما عرف أنه ربنا مش رايد، هج وسابها مع البنات.
ثم قامت إلى غرفتها بعدما بكت عليها مجددا!
كانت المرة الوحيدة التي أشعر فيها بأن أمي لا تخشي أم نوال. بل تكن لها عطفا!
.................................................. .................................................. .
ـــ كتبت في مايو 2022 ، ونشرت في جريدة "الأهرام" عدد 15 يوليه 2022 .