تويت
في النقد الادبي
إنّ بيئاتٍ مختلفة اشتركتْ في تناول النصوص الأدبية ، من بينها :
1- بيئة المتكلّمين الذين يدرِسُون فلسفةَ الدين الإسلامي ، وينظرون إلى القرآن الكريم نظرةً غير مقصورة على مسائل التأثيرِ القريب في عامة الناس . أراد المتكلّمون أن تقفَ النصوصُ الدينية على قديمها في مواجهة الخاصة من المثقفين في علوم الأوائل ، بحثوا في علوم الأوائل ، بحثوا في إعجاز القرآن ، وعقائده ، وشاركوا في وضعِ أسس دراسة الأدب ، ذلك أنّ الإعجاز ذو وجوهٍ متعددة ، منها وجهٌ أدبيٌ .
2 - وإلى جانبِ المُتكلّمين علماءُ الأصول الذين يبحثون في التشريع الإسلامي وأصول استنباطه ، ويشتغلون بمبدأِ استخراج الأخكام وكيفيته ، وهذا يُحوجهُم إلى التعرّض لطبيعة النص . فالنّصُ مجازٌ أو غير مجاز ، خاص أو عام ، مطلقٌ أو مُقيّدٌ . وكيفية استنباط الحكم تحتاجُ إلى بحثٍ لغوي واسع . وهكذا نجدُ مباحث في مدلول الكلمات المُعرّفة والمُنكرة ، ومدلول القصْر أو الحصْر من أجل تحديد المعنى المُراد . كذلك بحثوا في استغراقِ المُفْرد ، واستغراق الجمع ، والترادف ، لمعرفة مدى تشابه الكلمات في معانيها .
يستندُ استنباط الحكم إذن إلى معرفةٍ لغوية . وقد فهم علماءُ الاصولِ اللغةَ بطريقةٍ عقلية منطقية ، وتأثروا بالمنطق في نواحٍ كثيرة ، لأنّ المنطق ووسائله الخاصة بالقسمة والتعريف تُلائمُ الجانبَ العمليّ الذي يقصدون إليه واستخراج أحكام مُحددة مضبوطة .
وهناك أيضا طائفة الأدباء التي تعتمدُ على ما جُمع من التراث الأدبي شعرا ونثرا . وهناك نصٌ هام في الإشارة إلى هذه البيئة وتمييزها عن غيرها من البيئات . قال الجاحظُ في كتابه البيان والتبيين :
طلبتُ علمَ الشعر عند الأصمعي ، فرأيتُه لا يُحسن إلّا غريبَه ، ورجعتُ إلى الأخفش فوجدتُه لا يُحسنُ إلا إعرابَه ، فعطفتُ على أبي عُبيدة ، فوجدتُه لا يُتقنُ إلا ما اتصل بالأخبار ، وتعلّق بالأيام والأنساب ، فلم أظفرْ بما أردتُ إلا عند أدباء الكُتّاب كالحسن بن وهب ، ومحمد بن عبد الملك الزيّات . هؤلاء الأدباء يمارسون صناعةَ الأدب ، ويُنشئون النص ، وقد تميزوا عن علماء الأخبار والأنساب والرواة واللغويين . وهم - فيما يُحدثنا الجاحظ - أصحابُ القدرة على التعريف بأمر الشعر وتفهّم لغته . "
** الناقد ، الدكتور مصطفى ناصف ، من كتابه " دراسة الأدب العربي " ، دار الأندلس .
إنّ بيئاتٍ مختلفة اشتركتْ في تناول النصوص الأدبية ، من بينها :
1- بيئة المتكلّمين الذين يدرِسُون فلسفةَ الدين الإسلامي ، وينظرون إلى القرآن الكريم نظرةً غير مقصورة على مسائل التأثيرِ القريب في عامة الناس . أراد المتكلّمون أن تقفَ النصوصُ الدينية على قديمها في مواجهة الخاصة من المثقفين في علوم الأوائل ، بحثوا في علوم الأوائل ، بحثوا في إعجاز القرآن ، وعقائده ، وشاركوا في وضعِ أسس دراسة الأدب ، ذلك أنّ الإعجاز ذو وجوهٍ متعددة ، منها وجهٌ أدبيٌ .
2 - وإلى جانبِ المُتكلّمين علماءُ الأصول الذين يبحثون في التشريع الإسلامي وأصول استنباطه ، ويشتغلون بمبدأِ استخراج الأخكام وكيفيته ، وهذا يُحوجهُم إلى التعرّض لطبيعة النص . فالنّصُ مجازٌ أو غير مجاز ، خاص أو عام ، مطلقٌ أو مُقيّدٌ . وكيفية استنباط الحكم تحتاجُ إلى بحثٍ لغوي واسع . وهكذا نجدُ مباحث في مدلول الكلمات المُعرّفة والمُنكرة ، ومدلول القصْر أو الحصْر من أجل تحديد المعنى المُراد . كذلك بحثوا في استغراقِ المُفْرد ، واستغراق الجمع ، والترادف ، لمعرفة مدى تشابه الكلمات في معانيها .
يستندُ استنباط الحكم إذن إلى معرفةٍ لغوية . وقد فهم علماءُ الاصولِ اللغةَ بطريقةٍ عقلية منطقية ، وتأثروا بالمنطق في نواحٍ كثيرة ، لأنّ المنطق ووسائله الخاصة بالقسمة والتعريف تُلائمُ الجانبَ العمليّ الذي يقصدون إليه واستخراج أحكام مُحددة مضبوطة .
وهناك أيضا طائفة الأدباء التي تعتمدُ على ما جُمع من التراث الأدبي شعرا ونثرا . وهناك نصٌ هام في الإشارة إلى هذه البيئة وتمييزها عن غيرها من البيئات . قال الجاحظُ في كتابه البيان والتبيين :
طلبتُ علمَ الشعر عند الأصمعي ، فرأيتُه لا يُحسن إلّا غريبَه ، ورجعتُ إلى الأخفش فوجدتُه لا يُحسنُ إلا إعرابَه ، فعطفتُ على أبي عُبيدة ، فوجدتُه لا يُتقنُ إلا ما اتصل بالأخبار ، وتعلّق بالأيام والأنساب ، فلم أظفرْ بما أردتُ إلا عند أدباء الكُتّاب كالحسن بن وهب ، ومحمد بن عبد الملك الزيّات . هؤلاء الأدباء يمارسون صناعةَ الأدب ، ويُنشئون النص ، وقد تميزوا عن علماء الأخبار والأنساب والرواة واللغويين . وهم - فيما يُحدثنا الجاحظ - أصحابُ القدرة على التعريف بأمر الشعر وتفهّم لغته . "
** الناقد ، الدكتور مصطفى ناصف ، من كتابه " دراسة الأدب العربي " ، دار الأندلس .