سلافة سعد الفريح
رمح في خاصرة العدو
رائحة القهوة العربية تمتزج بأدخنة البخور، وصوت الفناجيل يختلط بعبارات الرضا والسرور. بيوت تشع نورا وسكينة بنور الإيمان ، وترتيل يملأ أفئدة ساكنيها بالقرآن. تنساب لمسات الجدّات كأجنحة الحمام الحانية على رؤوس الصغار، تملأ الأرواح طمأنينة ورحمة . وعلى أضواء القناديل الخافتة في المساء تنغرس حكايا الأجداد المكتنزة بسمو القيم ومكارم الأخلاق في جوانح الأبناء ؛ قصائد فخر ببطولات صقور وأسود بهيئة رجال ومكرمات نساء تغنى بها التاريخ ؛ ( شجاعةٌ في قلب الصحراء ووحشة العراء ، كرمٌ رغم الفقر والحاجة ، إغاثةُ الملهوف ولو ارتهنت عليها حياته وأمن عياله ، شهامةٌ وعفةٌ وأخلاقُ نبلاء ، وحياءٌ ودين يجمّل النساء ؛ ويحفظ لهن الكرامة والإجلال مع تحمل مشاقّ الحياة ومساندة الأزواج في العمل والرأي والمشورة. قصص وملاحم يتردد صداها من زوايا بيوت الشعر في البوادي إلى أركان بيوت الطين في المدن العتيقة.
صور تتقلب في الذاكرة لحياة عاشها آباؤنا وأجدادنا ولم نعشها ، تلك هي بذور الحضارة وجذور الأصالة كوّنت نسيج هذا المجتمع المترامي الأطراف منذ عشرات السنين بل مئات السنين قبل توحيد المملكة .على اختلاف وتنوع وثراء المخزون الثقافي لخمس مناطق ثرية (شمال الشموخ والكرم ، وجنوب الأصالة وعلو الهمم ، ونجد السيادة ، وشرقية الخير ، وغربية مهبط الوحي والحرمين الشريفين). كل منطقة منها تحتضن مُدُنا تتنافس في تنوع تراثها وعاداتها وثقافاتها ومثقفيها ومشائخها وعلمائها وكنوزها وآثارها.
المملكة العربية السعودية وطن استقر في الوجدان كاستقرار الزمن ، جسّد الأمن والأمان وصلابة الجذور، وثوابت دينية لا تتغير كقوانين الطبيعة. "وطن" استعصى على أعدائه لأن فيه رجال هم أحفاد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، وفيه مآذن تصدح بذكر الله ، وقلوب تتوكل على فاطر الأرض والسماء .
لازالوا يحاولون النيل منك يا سيدة البقاع ! يتفانون في غسل أدمغة شبابك ، وطمس هوية شعبك ، وهدم رموزك ، وتشويه أخلاقياتك ومحو بصماتك. يسخرون من ماضيك وحاضرك ، يهزؤون بزيّ شبابك ، ويحقرون من عفاف بناتك ، ويزرعون التمرد في صغارك ؛ وهم يعلمون أن الأمراض الجرثومية تنتقل بالعدوى في الأماكن المغلقة! شبكات اليكترونية تنتشر فيها أبواق ناعقة تعرف أين الجرح وتتكئ عليه! اختلقها الخبثاء وأشاعها السفهاء وتناقل حديثها العامة. حضارات الشعوب تنبع من تمسكها بثوابتها وأصالتها وفرضها على العالم وليس العكس.
السعودية بتلاحم شعبها بكل مستوياته واتجاهاته الفكرية ووعيه بحقيقة السموم المغموسة في العسل وتمسكه بالشريعة الإسلامية التي تضمن له الأمن والعدل والعزة والكرامة في ظل قيادته الحكيمة ؛ ستكون بإذن الله رمحا في خاصرة العدو.
مصور العدد ياسر بن علي الصيخان
بكالوريوس تربيه فنية .. يعمل مشرفا للتربية الفنية، يهوى التصوير الفتوغرافي والرسم التشكيلي، عضو في جمعية الثقافة والفنون والعديد من العضويات في الجماعات الفوتوغرافية..
أقام العديد من الدورات التدريبية والمعارض الفنية داخل المملكة وخارجها، حصل على ست عشرة جائزة محلية ودولية في العديد من المسابقات الفوتوغرافية، رؤيته الفنية : التصوير أحد مجالات الفن ويمكن أن يترك المصور المتميز بصمته على الصور التي يلتقطها من خلال تبني افكار فنية مميزة وتطبيقها من خلال الجمع بين الحس الفني وبين التمكن التقني والمعرفي ومن خلال العدسة يقوم المصور بوضع تفاصيل لا محدودة في مساحة صغيرة جدا وهذه التفاصيل تعيش معنا لفترة طويلة . وقد تطول هذه الفترة وتكون الصور دليلا تاريخيا لحقبة من الزمن.