الخرسانة البيتونية .منذ القدم الشعوب رسخت حضاراتها ببناء القصور والقلاع والمعابد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الخرسانة البيتونية .منذ القدم الشعوب رسخت حضاراتها ببناء القصور والقلاع والمعابد


    مثقفو حلب
    Walid Bannoud · ‏١٥ يوليو‏، الساعة ‏٩:١٢-2022 م‏ ·
    الخرسانة البيتونية
    لقد سعت شعوب العالم منذ القدم وعلى مر العصور لترسيخ حضاراتها ببناء القصور والقلاع والمعابد على أرض الواقع الذي تعيش فيه , مستعينة بالمواد الطبيعية التي توفرت من حولها من الأتربة والأحجار والصخور القاسية ....... فقامت ببناء الأهرامات في مصر وحدائق بابل في العراق وسور الصين ..... وغيرها من الأوابد الحضارية التاريخية التي بناها الإنسان في العديد من بقاع الأرض .
    وكما إعتمدت البشرية لبناء هذه الآثار الحضارية على مواد البناء المتوفرة لها , كذلك فإنها إعتمدت على الأدوات الحرفية اللازمة لبناء هذه الأوابد الحضارية وذلك تبعاً للأزمنة التي مرت بها , مستعينة في بداياتها بالأدوات الحرفية البسيطة لنقش الرسوم والكتابات التي ترسم حضاراتها في تلك الحقبة من التاريخ على الصخور والأحجار الصلبة كحضارات الآشوريين والبابليين والفراعنة ...... وغيرها .
    لقد لعبت الأتربة والمياه دوراً قوياً لجمع أحجار البناء في كتلة هندسية متجانسة ترسم في معظم الحالات صورة حضارية لمبنى أو لهيكل أو لمعبد في مكان ما من العالم ...... وبالرغم من بدائية مكونات هذه المباني إلا أن هذه التركيبة ( الخلطة ) من الأحجار والأتربة والمياه كانت ( وما زالت ) هي أكثر مواد البناء شيوعاً وإستخداماً في مجال الإنشاءات الهندسية , حيث كانت تنتج من هذه المواد المجتمعة كتلة صلبة قوية ومتينة كالصخربحيث كانت تكفي لتشييد جميع أنواع المنشآت الهندسية المختلفة وفق جميع المعاييرالمعمارية القديمة والحديثة .
    الخرسانة البيتونية الرومانية :
    لقد كان الرومان هم أول من إستخدم المادة الرابطة ( الإسمنت الحالي ) ضمن هذه التركيبة من الأحجار والأتربة والمياه لتكوين مادة بناء رئيسية في الأبنية التي أنشأؤوها في القرن الثاني قبل الميلاد حيث إستخدموا نوع خاص من الرمل البركاني ( رمل بوزولانا ) والذي كان متواجداً في خليج نابولي في إيطاليا ....... فكانوا يضيفون هذا الرمل إلى هذه التركيبة من الأحجار والأتربة والمياه لصنع خلطة نسميها اليوم ( الخرسانة البيتونية ) ......... بحيث كان يتم تفاعل ( رمل بوزولانا ) كيميائياً مع هذه التركيبة والجص والماء لتبدأ عملية التحول الكيميا – فيزيائية لكامل التركيبة إلى كتلة صلبة شبيهة بالصخر تزداد صلابتها مع الزمن ....... ولقد أثبتت هذه التركيبة ( الخرسانة البيتونية ) متانتها وصلابتها وذلك من خلال الجسور والمباني التي شيدها الرومان ...... ومازال ( مبنى البانثيون ) الذي تم تأسيسه عام ( 27 ) قبل الميلاد في روما بهيكله الإنشائي الضخم وقبته الكبيرة التي مازالت قائمة إلى الآن يجسد عظمة العمارة الرومانية القديمة .
    مبنى البانثيون :
    هو معبد وثني تأسس في روما عام ( 27 ) قبل الميلاد , ثم أعيد بناؤه مابين عامي ( 120 - 124 ) ميلادية بعد الحرائق التي أضرت بالمبنى مابين عامي ( 80 - 120 ) ميلادية ثم تحول هذا المعبد في بداية القرن السابع إلى كنيسة مسيحية أطلق عليها سكان روما إسم ( الروتونا - الروتوندا ) والتي أصبحت منذ عام 2014 تعود إدارتها لوزارة التراث الثقافي وإدارة متاحف الدولة الإيطالية .
    يتكون هذا المبنى من هيكل دائري متصل برواق فيه ثمانية أعمدة في الأمام ومجموعتان من الأعمدة تحتوي كل منهما على أربعة أعمدة في كل من الصف الثاني والثالث وهي التي تدعم قاعدة الخلية الدائرية الكبيرة ( المسماة الروتندا ) تحيط بها جدران حجرية سميكة وثمانية أعمدة كبيرة يتوزع عليها وزن القبة الخرسانية نصف الكروية والتي توجد في قمتها فتحة دائرية ( تسمى أوكلوس ) تسمح بإضاءة الفسحة الداخلية للقبة .
    يتميز( مبنى البانثيون ) بأن إرتفاعه يساوي قطر القاعة المستديرة والتي تعكس المعايير الكلاسيكية للهندسة المعمارية المتوازنة والمتجانسة . كما يتميز بأنه أكبر قبة في العصور القديمة ( يبلغ قطرها حوالي 43.30 مترًا وحجمها حوالي 43.44 متراً مكعباً من الخرسانة البيتونية الرومانية ) والتي لا تزال تعتبر إلى اليوم بأنها أكبر خرسانة بيتونية غير مسلحة في العالم لم يظهرعليها أي علامة على الضعف الهيكلي بالرغم من مرور ألفي عام على إنشاءها .
    الخرسانة البيتونية الحديثة :
    لم يكون لدى الرومان أية معرفة بعلوم الخرسانة البيتونية المسلحة وبقيت الخرسانة البيتونية العادية ( الغير مسلحة ) هي السائدة في العالم حتى بداية القرن التاسع عشر , حيث حصل الإنكليزي ( جوزيف آسبن ) عام 1820 على براءة إختراع لأحد أنواع الإسمنت التي وجدها في جزيرة ( بورتلاند ) وقد تمت تسمية هذا النوع من الإسمنت منذ ذلك التاريخ ( الإسمنت البورتلاندي ) والذي مازال يستعمل إلى اليوم في صناعة الخرسانة البيتونية الحديثة .
    إلى جانب ذلك فقد قام آخرون بإجراء بعض التجارب البدائية على إستعمال الأسلاك والقضبان الحديدية مع الخرسانة البيتونية ومنهم الإنكليزي ( وليام ولينكسون ) الذي قام عام 1854 ببناء مبنى مؤلف من طابقين وقام بتسليح أرضيته وسقفه بأسلاك وقضبان حديدية بحيث تقاوم إجهادات الشد ونال براءة إختراع بأنه أول من بنى بهذه الطريقة .....
    إلا أن هذا النوع من المباني لم يلقى قبولاً من السكان نظراً لضعف ناحيته الجمالية وبقي محصوراً في الأبنية التجارية ( دون الأبنية السكنية ) ...... إلى أن قام المهندس الأمريكي ( وليام وارد ) عام 1875 ببناء أول منزل له مستعملاً الخرسانة البيتونية المسلحة بواجهات تشبه واجهات المباني الحجرية أو الخشبية المجاورة ....... والتي مالبثت أن بدأت تأخذ تجاوباً من السكان المحليين وبدأت بالتوسع والإنتشار لتأخذ بعد ذلك أبعاداً معمارية فنية رائعة ولترسم بمنشآتها البيتونية الحديثة حضارة الإنسان في القرن الحادي والعشرين ....... حيث إنطلقت بداياتها التي لم تتوقف لغايته :
    عام 1903 شيدت أول ناطحة سحاب من الخرسانة البيتونية المسلحة في ولاية أوهايو الأمريكية.
    عام 1911 شيد أول جسر من الخرسانة البيتونية المسلحة في روما.
    عام 1935 شيد أول سد ( سد هوفر ) من الخرسانة البيتونية المسلحة في الولايات الأمريكية.
    =======================





    +4
    Basel O Hariri
يعمل...
X