تويت
مثقفو حلب
ابو رفعت حاج بكري
القطن..الذهب الأبيض...عاصمته حلب...
فيها معامله ومهرجانه...وفي حي الميدان منها..حيث لايخطئ الناظر مديرية مكتب القطن ومختبراته ..
ذكرياتي كثيرة مع القطن..وفي رحلتي مع القطن أتمنى ان اعرض بعض المعلومات عن هذا المحصول الذي كان من اهم المحاصيل الاستراتيجيه في بلدنا...
ففور تخرجي من ثانوية بوقا الزراعيه في عام ١٩٦٤ وقبل دراستي للحقوق والتحاقي بوزارة العدل بدأت عملي في مكتب القطن الذي كان يتولى الاشراف على القطن بدء من الحقل حتى التصدير..
فكان أول تكليف لنا هو الاشراف على حقول الاكثار التي سيخصص بذارها للتوزيع على المزاعين كبذار للعام التالي..فكان يتم اختيار افضل الحقول وافضل المزارعين لهذا الغرض..حيث كلفت شخصيا بالاشراف على حقول في ناحية محرده محافظة حماه فقد اعطاني مكتب القطن مكبسا يدويا وبطاقات قماشيه وقطع من الرصاص...كنت اربط البطاقة مع الرصاصه على فم الشل بعد تعبئته ثم اكبس الرصاصة بالمكبس الذي هو بمثابة ختم عليه كلمة اكثار إضافة إلى مافي البطاقه من معلومات..حيث يحظى انتاج الاكثار بسعر اعلى..ويتم حلجه بشكل مستقل لكي يوزع بذاره على الفلاحين بواسطة المصرف الزراعي..في حين ترسل بذور الحقول الأخرى لصناعة الزيوت...
بعد موسم القطاف..يقوم مكتب القطن بارسالنا الى المحالج..للاشراف على حلج القطن..وكانت اخطر مهمه لنا هي ضبط درجة الحرارة على درجة ٥٥ مئويه بحيث يتم تعقيم بذور الاكثار من ديدان القطن كالدوده الشوكيه والدوده القرنفليه..وبحيث لاترتفع الحراره عن ذلك كيلا تموت البذور فتصبع غير صالحه للزراعه...
اذكر أنه تم فرزي الى محلج..جورج ميخائيليان في عين التل..واذكر انهم كانوا يحصون قبل تأميم المحالج اول صيف عام ١٩٦٥ أكثر من ثلا ثين محلجا في حلب تم اختزالها بعد التأميم،الى ثمانيه.. واربعه في محرده وواحدا في كل من حماه وادلب واللاذقيه ودمشق والرقه ودير الزور..
وبعد الحلج كان مكتب القطن يحصل على عينات من بالات القطن المحلوج قبل تصديرها..ويتم فحصها في مختبرات القطن لبيان مدى صلاحيتها للتصدير...
ولكي نشهد لكل بما يستحق...فقد كان مدير مكتب القطن آنذاك السيد راتب جابر...وكان رجلا اداريا من الطراز الاول..ومثالا في النزاهه والذكاء..وكان يدعى في الخارج برجل القطن السوري ..من حيث كان للقطن السوري شهرته العالميه كقطن متوسط التيله.. وكانت سوريا منتجا رئيسيا له يتجاوز انتاجها المليون طن..
هذا وبعد التأميم تم احداث الهيئه العامه لحلج وتسويق الاقطان ومقرها حلب..وكان اول رئيس للهيئه السيد راتب جابر نفسه..لينهض بها ..حيث تم حصر تجارة الاقطان وحلجها وتسويقها داخليا وخارجيا بهذه الهيئه..وبقي دور مكتب القطن دورا فنيا بالدرجه الاولى..حيث تسلم ادارته بعد التأميم الدكتور عبد الرحيم الشامي..
والحقيقه ان عبد الرحيم الشامي رحمه الله كانت تنطبق عليه صفة العالم ...فقد احدث في مكتب القطن ابحاثا وتجارب في القطن كانت تدعى تجارب الشامي...موزعه على بعض المحافظات..وقد استطاع خلال سنوات ان يحصل من خلال عمليات التلقيح والتهجين للأقطان على سلالات من بذور القطن..مقاومه للحشرات والامراض سيما مرض الذبول الذي يعد من أخطر أمراض القطن..بل وتم الشروع بتصدير هذا البذار السوري المحسن الى دول اخرى...هذا وقد تم اعتبار المرحوم الشامي في حينه كبطل من ابطال الانتاج ..
استمرت رحلتي مع القطن عندما تم فرزي صيف عام ١٩٦٥ الى مركز الابحاث الزراعيه بالرقه..حيث تم احداثه مع وصول بعثة خبراء روسيه..تضم خبراء في ابحاث القطن والآلات الزراعيه والمكننه الزراعيه والتي كانت تسير بمحصول القطن من الزراعه حتى القطاف...
وكان معظم الخبراء من جمهورية أوزبكستان باعتبارها الجمهوريه الأهم بزراعة القطن ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق..اذكر من اسمائهم..شوكت برناشو.. ومير حاصل رحماتوف وكولداش بخراموف..وقد فرزوني مع الاخير مع الدكتور اللامع علميا جمال الدين رضوان..والذي اصبح فيما بعد مديرا لمؤسسة اكثار البذار. مع التنويه الى ان له ابحاثا على مااعلم في شؤون الفطر والبطاطا.. وهو يتقن عدة لغات كالروسيه والفرنسي والإنجليزية...
بعد سنتين..رحلت البعثه الروسيه.الى بلادها...وقامت مديرية الزراعه بالرقه بفرزي لما يسمى الوحده الإرشادية بناحية السبخه...وهي ناحيه تبعد عن الرقه ٣٠ كم على طريق حلب دير الزور...وقد كنا نرخص لهذه الناحيه مساحة ثلاثمائة الف دونم من القطن على شاطئها الممتد لأكثر من خمسين كيلومترا على نهر الفرات..وبعرض حوالي خمسة كيلو مترات..حيث كانت تسقى هذه المشاريع بمحركات ضخمه على نهر الفرات..اذكر ان احدها كانت قوته مئه وخمسون حصانا...وكنا نراقب هذا المحصول بعناية شديده لحمايته من الحشرات ومكافحتها اذا اقتضى الامر ومن الرعي الخ...وايام الجني نقوم بقطع شهادات المنشأ لمآت السيارات التي كانت تحمل المحصول الى محالج حلب.الخ
وعذرا للاطاله...
١٧٨Basel O Hariri