أللحرية مذاقٌ آخر ؟!
أكلت كتابين ليلا، حدثت غريب نهارا، وزعت بسمات على المارة، توقفت عن الحديث معك، محيتك، شربت الشاي دون سكر، ارتديت الأسود دون موت أحدهم، لعقت النوتيلا من أصابعي، جلست بزواية الظل، حرقت الرسائل، على صوتي، ناديت، صرخت، صمت..ثرثرت، لن أبرر لأحد ولا تبرروا، لم أنم ليلا، نظرت للسقف، نزعت بطاريات الساعة، أغلقت النافذة حين حاول النسيم أن يمر، لن يذهب الياسمين لمكان، أغلقت كل الأبواب في وجه الأفكار حتى لا تعبر خلالي، لا أعرف الرسم ولكن لطخت جدراني بألوان رمادية، أدع الصنبور ينقط لا أغلقه لأسمع سيمفونية الليل والفراغ، أربت على كتف وسادتي
" فلتتحمليني " كسرت عدة أطباق قصدا لأشعر نشوة لا تضاهى، ثم وشوشت دفترًا بكلمتين في أذنه ودسسته تحت سجادة الغرفة ، وصمتُ برهة وعدت لتكسير الأكواب لأصنع كومة من الحطام راقت لي سرياليتها، ثم عاودت الصراخ صمتًا وجهرا، تذكرت أني ضلع أبي المعوج وهو يشتكي أعوجاجي وأنا أشتكي ألم استقامة أضلعه، فنزعت ألمي ونشوز أبي، تسللت، إلى الدرج بالخارج نظرت لأعلى وأسفل رأيتهم ينتظرون خبرا، لكن لم يدق أحدهم بابي ليسأل، فلن أشفي انتظارهم ولن أفسر سبب تساقط الدماء من يدي ومن ابتسامتي، أملك جسدي وأفكاري وأفعالي ولن أبرر قراري بالموت والحياة بالحياة.
سماح_رشاد
اضيف هنا قراءة نقدية للقصة بقلم الاستاذ محمد العبراني
من أين نبدأ قراءة النص؟..أي نص!..قطعا الإجابة ستكون " من أول العنوان، وحتى نقطة النهاية..وهى إجابة صحيحة تامة..لا لا ليست تامة بل جزئية، نعم جزئية تتعلق بالقراءة الأولى، ولكن القراءة الثانية لها مذاق آخر وترتيب مغاير، وهذا ما ينطبق حرفيا على هذا النص.
نص شديد التعقيد رغم سيولته السردية وتدفقها الملحوظ، مفاتيحه استهلها العنوان الذي ورد بصيغة جملة استفهامية تلامس التقريرية، ولا تنخرط فيها، فالسؤال يحتاج إجابة، والإجابة غائبة أو مؤجلة لما بعد التهام المتن واسيعاب ذهن القارئ له ومخيلته وذهنه المتحفز.
نص بسيط اللغة، أسلوب سردي سريع الإيقاع بتوالي الأفعال الحركية، وبالتشتت العفوي المعبر بمهارة عن حالتي الصراع الداخلي وانعكاسه المباشر على حالة توتر ظاهرية واقعية، تمثلت في أبهى صور التشتت على سبيل المثال لا الحصر ( أكل الكتب..والمعنى قطعا قراءاتها/ تكسير الأطباق والأكواب/ الهمس في أذن الدفتر.. والمقصود كتابة في مذكرة/ شربت الشاي / ارتديت الأسود/ لعقت النوتيلا / وزعت النظرات على المارة/ وووو) وكلها دوال تشتت ذهني إثر حدث جلل، فما هو الحدث الجلل؟ الذي يحمله النص ويخفيه بحنكة خلف سطوره المدونة.
لنضع يدنا عليه يجب أن نتوقف ونتأمل الأسطر الأخيرة ذات الرمزية العالية بالغة الدقة بارعة التوظيف.. اعوجاج واستقامة، نشوز وابتسامة، انتظار فوق واسفل الدرج، تساقط الدم..هنا نرى ضوءًا يبرق معلنا عن جريمة قتل، وقد سبقها مباشرة أول ظهور واضح ومباشر للأب، فهل هو المقتول فعليا؟..أم أن هناك قتيل آخر؟
لذا وللوقوف بقوة على أحد الخيارين، سنتكئ على إشارة سيميائية تمثلت في الانتظار ومنتظرين - اعلى وأسفل الدرج - خبرا ما، وهنا تتضح لنا المشهدية المتوارية خلف أبواب مغلقة، فنحن يا سادة أمام ليلة زفاف تجري أحداثها خلف الباب، ومنتظرين أمامه -ترقب وقلق- لبشارة، والبشارة كما جرت العادة والتقاليد الموروثة هى إعلانٌ بفض غشاء بكارة العروس، الذي يضطلع به العريس مهمة واعلانا.
وياللهول..تنقلب الآية لتخرج العروس معلنة انتهاكها لذكورة العريس، مبتسمةً ومعلنة انتصارها لبنات جنسها المنتهكات قبلا، منتقمة لهم من سطوة الذكر وغشمه وأنانيته..انظروا معي كيف عبرت القاصة المبدعة عن ذلك بتطويعها الاعوجاج والاستقامة كمعادل موضوعي للسطوة ( ضلع أعوج/ ٢٣ ضلع مستقيم ) ثم تلتها بنشوز الاستقامة والتخلص منها لحيودها عما اختصها الله به، ألا وهو العدل والمحبة والرحمة والمودة، فحاد بها الذكر إلى السطوة والقهر والامتلاك والإذلال متمثلًا في أب وزوج مجازًا عن مجتمع ذكوري اتخذ الأنثى خادمة وخادنة فراش لا شريكًا ممكافئًا وموازيا للذكر لا تستقيم حياة الا بهما معا دون انتقاص من أحقية وجود الآخر.
وزادت القاصة في توكيد خيارها واختيارنا له ( القتيل هو الزوج ) أن ذكرت عرضا عابرا في مستهل النص وقرنته بضمير المخاطب ( محيتك ) بينما ورد ذكر الأب بضمير الغائب.
نعم..للحرية مذاق آخر ..مذاق نسيم عليل، وتحرر النفس روحا وجسدا من ربقة أسر استدام قرونا، وكما لكل مبتغى ثمن، فثمن الحرية دم.
محمد البنا..١٢ يوليو ٢٠٢٢
أكلت كتابين ليلا، حدثت غريب نهارا، وزعت بسمات على المارة، توقفت عن الحديث معك، محيتك، شربت الشاي دون سكر، ارتديت الأسود دون موت أحدهم، لعقت النوتيلا من أصابعي، جلست بزواية الظل، حرقت الرسائل، على صوتي، ناديت، صرخت، صمت..ثرثرت، لن أبرر لأحد ولا تبرروا، لم أنم ليلا، نظرت للسقف، نزعت بطاريات الساعة، أغلقت النافذة حين حاول النسيم أن يمر، لن يذهب الياسمين لمكان، أغلقت كل الأبواب في وجه الأفكار حتى لا تعبر خلالي، لا أعرف الرسم ولكن لطخت جدراني بألوان رمادية، أدع الصنبور ينقط لا أغلقه لأسمع سيمفونية الليل والفراغ، أربت على كتف وسادتي
" فلتتحمليني " كسرت عدة أطباق قصدا لأشعر نشوة لا تضاهى، ثم وشوشت دفترًا بكلمتين في أذنه ودسسته تحت سجادة الغرفة ، وصمتُ برهة وعدت لتكسير الأكواب لأصنع كومة من الحطام راقت لي سرياليتها، ثم عاودت الصراخ صمتًا وجهرا، تذكرت أني ضلع أبي المعوج وهو يشتكي أعوجاجي وأنا أشتكي ألم استقامة أضلعه، فنزعت ألمي ونشوز أبي، تسللت، إلى الدرج بالخارج نظرت لأعلى وأسفل رأيتهم ينتظرون خبرا، لكن لم يدق أحدهم بابي ليسأل، فلن أشفي انتظارهم ولن أفسر سبب تساقط الدماء من يدي ومن ابتسامتي، أملك جسدي وأفكاري وأفعالي ولن أبرر قراري بالموت والحياة بالحياة.
سماح_رشاد
اضيف هنا قراءة نقدية للقصة بقلم الاستاذ محمد العبراني
من أين نبدأ قراءة النص؟..أي نص!..قطعا الإجابة ستكون " من أول العنوان، وحتى نقطة النهاية..وهى إجابة صحيحة تامة..لا لا ليست تامة بل جزئية، نعم جزئية تتعلق بالقراءة الأولى، ولكن القراءة الثانية لها مذاق آخر وترتيب مغاير، وهذا ما ينطبق حرفيا على هذا النص.
نص شديد التعقيد رغم سيولته السردية وتدفقها الملحوظ، مفاتيحه استهلها العنوان الذي ورد بصيغة جملة استفهامية تلامس التقريرية، ولا تنخرط فيها، فالسؤال يحتاج إجابة، والإجابة غائبة أو مؤجلة لما بعد التهام المتن واسيعاب ذهن القارئ له ومخيلته وذهنه المتحفز.
نص بسيط اللغة، أسلوب سردي سريع الإيقاع بتوالي الأفعال الحركية، وبالتشتت العفوي المعبر بمهارة عن حالتي الصراع الداخلي وانعكاسه المباشر على حالة توتر ظاهرية واقعية، تمثلت في أبهى صور التشتت على سبيل المثال لا الحصر ( أكل الكتب..والمعنى قطعا قراءاتها/ تكسير الأطباق والأكواب/ الهمس في أذن الدفتر.. والمقصود كتابة في مذكرة/ شربت الشاي / ارتديت الأسود/ لعقت النوتيلا / وزعت النظرات على المارة/ وووو) وكلها دوال تشتت ذهني إثر حدث جلل، فما هو الحدث الجلل؟ الذي يحمله النص ويخفيه بحنكة خلف سطوره المدونة.
لنضع يدنا عليه يجب أن نتوقف ونتأمل الأسطر الأخيرة ذات الرمزية العالية بالغة الدقة بارعة التوظيف.. اعوجاج واستقامة، نشوز وابتسامة، انتظار فوق واسفل الدرج، تساقط الدم..هنا نرى ضوءًا يبرق معلنا عن جريمة قتل، وقد سبقها مباشرة أول ظهور واضح ومباشر للأب، فهل هو المقتول فعليا؟..أم أن هناك قتيل آخر؟
لذا وللوقوف بقوة على أحد الخيارين، سنتكئ على إشارة سيميائية تمثلت في الانتظار ومنتظرين - اعلى وأسفل الدرج - خبرا ما، وهنا تتضح لنا المشهدية المتوارية خلف أبواب مغلقة، فنحن يا سادة أمام ليلة زفاف تجري أحداثها خلف الباب، ومنتظرين أمامه -ترقب وقلق- لبشارة، والبشارة كما جرت العادة والتقاليد الموروثة هى إعلانٌ بفض غشاء بكارة العروس، الذي يضطلع به العريس مهمة واعلانا.
وياللهول..تنقلب الآية لتخرج العروس معلنة انتهاكها لذكورة العريس، مبتسمةً ومعلنة انتصارها لبنات جنسها المنتهكات قبلا، منتقمة لهم من سطوة الذكر وغشمه وأنانيته..انظروا معي كيف عبرت القاصة المبدعة عن ذلك بتطويعها الاعوجاج والاستقامة كمعادل موضوعي للسطوة ( ضلع أعوج/ ٢٣ ضلع مستقيم ) ثم تلتها بنشوز الاستقامة والتخلص منها لحيودها عما اختصها الله به، ألا وهو العدل والمحبة والرحمة والمودة، فحاد بها الذكر إلى السطوة والقهر والامتلاك والإذلال متمثلًا في أب وزوج مجازًا عن مجتمع ذكوري اتخذ الأنثى خادمة وخادنة فراش لا شريكًا ممكافئًا وموازيا للذكر لا تستقيم حياة الا بهما معا دون انتقاص من أحقية وجود الآخر.
وزادت القاصة في توكيد خيارها واختيارنا له ( القتيل هو الزوج ) أن ذكرت عرضا عابرا في مستهل النص وقرنته بضمير المخاطب ( محيتك ) بينما ورد ذكر الأب بضمير الغائب.
نعم..للحرية مذاق آخر ..مذاق نسيم عليل، وتحرر النفس روحا وجسدا من ربقة أسر استدام قرونا، وكما لكل مبتغى ثمن، فثمن الحرية دم.
محمد البنا..١٢ يوليو ٢٠٢٢