-- - - - قراءة في نصّ :
(بغداد امرأة الكبائر )
للشّاعر محمّد الزّهراوي..
بقلم الناقد أسامة حيدر
بغداد في هذا النصّ الثمين معشوقة ومن أجلها يخفق العشق . جميلةٌ مكللّة الجبين كالخيل تصهل في الريح . هموم أبنائها تأكل ثدييها . هي البحر والدّهر . هي المرأة الوحيدة التي طوّقت عمر أبي نوفل تغيظ الحسّاد من النّساء بكحل عينيها .
وجاء الحسّاد اليوم ليوغلوا صدرها حقدا على شاعرنا ففترت علاقة الحبّ بينهما وكان لا بدّ من التّصريح والإشارة إلى هؤلاء القتلة المارقون فاستحضر بيت المتنبي :
وسوى الروم خلف ظهرك روم
فعلى أيّ جانبيك تميل ؟
فقال شاعرنا : ( وسوى الروم لا يزال يتربص باغتصابها الروم .
وفي يوم النّحر نحر بغداد تلمس أبو نوفل نبضه في نبضها . كيف لا وبغداد الروح في الروح ؟! هي ملاذه ودفء قلبه حين يعمّ الصقيع أرجاء الكون . هي أحباؤه وسمّاره . ويداها شموس في عتمة الليل .
وكي يكتمل المشهد كان لا بدّ من حضور السيّاب في نصّه ( إقبال والليل )
يقول الشاعر : ( وما وجد ثكلى مثل وجدي إذا الدّجى .. )
وهذا جزء من قصيدة السيّاب تلك . ولماذا السيّاب هنا ؟
كان السيّاب في نصّه يعاني مرارة الموت والبعد و يشكل فيه العنوان مربط الفرس فإقبال الحبيبة والملاذ والملجأ والوطن ويمثل الليل الغربة والعذاب . وعند شاعرنا الزهراوي شكلت بغداد كلّ هذه المعاني فهي الحبيبة والملاذ الآمن والدفء والعذاب والألم والوطن .
بغدادُ هي امرأة أرادوا لها الموت وأن تكون مباحة للغير وهي الحالمة بالبحر وقد شاخت على وجهها الجميل النّدوبُ .
راح المارقون يعددون خطاياها وهي القتيلة وهم قتلتُها . تهدمت جدرانها بفعل ليالٍ عسرٍ ولا من مجير وسيعمد شاعرنا إلى إضرام النّار في خصرها أو ثوبها كمشهد وداع أخير .
القصيدة لوحة ألوانها قاتمة من دخان النّار المنبعثة من احتراق كلّ شيء جميل فيها أو غبار هدم جدرانها أو دم جرح متربٍ أوجزن يشفّ على الوجه دبيباً أو كحل بغداد الأسود أو من لون دمع ذرفته بعد اغتصابها من روم الدّاخل والخارج أو من ورد ذابل مرميّ في مكان النّحر .
لغة شفّافة كثرت فيها الرموز ( الثدي مصدر الخير والحياة . البحر رمز للعنفوان . الخلخال رمز للجمال .... )
وجاءت الأفعال المضارعة لتخرج النصّ من الرتابة والهدوء إلى الحركة والضجيج ليكتمل المشهد ( ترتسم . ترتق . تصهل . تموج . تميد . تنزّ . يأكل ...... )
وقد جاء النصّ يحمل الطّابع الخبريّ وجاءت الجمل فعليّة تارة واسمية تارة أخرى لتعبر عن هدوء المشاعر وشدتها وقد اعتمد الشاعر على الأسلوب الخبري لأنّه رسم لوحةً في خياله وطفق ينقل لنا مفرداتها التي يريدنا أن نراها بإحساسه .
أمّا الجمل الإنشائيّة فجاءت لتثير المشهد وتنوّعُه ( ماذا يريدون من امرأة تحلم بالبحر )
ورغم السّواد الكثيف في المشهد إلاّأنّه ترك لنا نافذة مضيئة للتفاؤل والحياة ( لم يفنها الجراد / ولن تترك الخندق / فما أكثر ما أغوت بلياليها الملوك .! )
ومن الملاحظ أنّ الشاعر استخدم مفردات بلهجته فقلب الضاد في أماكن الظاء أحيانا . ولا أجد لذلك تبريراً .
بغداد في قلب هذا المغربيّ الشّاعر كما في قلب السيّاب وكل ابن بارّ بها تنعكس ألماً في قلبه ينغص عليه دقائق الحياة لما تعانيه من جور ذوي القربى قبل جور المتطفلين عليها .
نص الشاعر/ محمد الزهراوي
___________________
بغْداد ..
امْرأة الكبائر
لوْ لاها ما
خَفقَ العِشْقُ
هِيَ جِدارِيّةُ
الصّبْحِ مُكلّلة
الجَبينِ البَهِي.
ترْتَسِمُ ظِلاًّ..
تَرْتقُ جُرْحاً يَكبُرُ
وَتَصْهلُ
في الّرّيحِ.
لها تَسْريحةُ
بَحْرِ تَموجُ بينَ
العِبارة والعَبيرِ.
مِنْها الأبْيَضُ
يَمْتَدُّ تَنُزُّ نَبيذاً.
اَلْهَمُّ الجارِحُ..
يَأكُلُ ثَدْيَيْها !
غجَرِيّة الأضْدادِ
والرّغَباتِ..
اَلْبَحْرُ
هِيَ والدّهْر.
بِسَوالِفِها
تُطَوِّقُ عُمْري..
امْرأةٌ وحيدة !
بغْدادُ غيرُ دَمٍ
مُتْرِبٍ أوْ ..
قواريرُ طينٍ.
بِرِياحي
أحْرُثُها ياسَميناً
وَجْهُها في كُلِّ
الصّوَرِ مِلْءُ عيْنَيَّ
كُلُّ النِّساءِ
مودَعاتٌ في
بَسَماتِها البَعيدة
كُلُّ صِفاتِ
الخَيْلِ فيها..
ما أكْثَرَ ما أغاضَ
كُحْلُها حُسّاداً
وأوْدَتْ بِعُشّاقٍ !
في بَراري الحُلْمِ..
أفْسَدوا الْموَدّةَ بيْنَها
وَبيْني حتَى جَفتْني
الغَجَريّةُ وطَوّحتْ
بي جِراحُها
في غِناءٍ !
ترْعى الوُعولَ..
تُكَفْكِفُ
دمْعَتيْنِ في خنْدقٍ
وَسِوى الرّومِ لا
يَزالُ يَتَرَبّصُ
بِاغْتِصابِها الرّومُ.
توغِلُ في شُجوني..
وما زِلْتُ بَعيداً.
ها نَهاراتُها تُشاكِسُ
يَأْسي وَوُرودُها
تُقاوِم ُالذّبولَ في
شَكْلِ القَصيدَةِ.
أغيبُ أسْتَقْصي..
مُنْعَزِلاً صَواعِقَها
في البحْر.
في مَراسِمِ ذَبْحِها
تَحَسّسْتُ نبْضي
وهاطِلاً ..
خلخالُها اليَعْرُبِيُّ
في الظلوعِ.
لَمْ أنَمْ بعْدُ..
إذْ لَمْ تفْهَمِ
النّيرانُ غاياتي
ولمْ تُفارِقْ دمي.
أرْسُمُها سابِحَةً
كَما أشْتَهي
في بياضٍ
وَسَماءٍ خَضْراءَ.
كَمْ وَكمْ أنا
هَرِمٌ أمامَها في
انْتِظارِ الصُّبْح.
فَلْياتِ الصّقيعُ..
قُرْبَ شَهْرزاد أنا
لا أشْعُرُ بِالْبَرْدِ.
وَحْدي أزْحَفُ..
أتعَبَتْني الْحُفَرُ أُطارِدُ
ظمْآنَ ظراوَةَ
عُرْيِها الْمَخْمورِ.
أتَبَعْثَرُ على حَصاها
معَ َ وَجَعي !
يُزَلْزِلُني النّهْدُ..
مِن مَناحاتِها تُلَوِّحُ
لي نَجْمَةُ اللّيالي..
بِرِياحي أحْرُثُها
تَسْتَعِرُ..
أعْراسُ غَدِها
في جَوانِحي.
وَكُلُّ أحْلامِها
وَدِمائي تُهْدَرُ
في رِياحٍ ! ؟
لمْ يُفْنِها الجَرادُ
ولنْ تتْرُكَ الخَنْدَقَ..
فما أكْثَرَ ما أغْوَتْ
بِلياليها الْمُلوكَ !
وَبِمِلاحِها أثارَتِ
السِّنْدِبادَ وَالْجُنْد.
تُناديكُمْ..
والسّعفُ يَحْتَدِمُ
لِفَك طَوْقِ الحِصار.
لَها في المَسافاتِ
الوَهَجُ البِكْر.
كُلُّ الكُؤوسِ
أرَقْتُها مِنْ أجْلِ
فِتْنَةِ هذه الأنْثى !
وَ(ما وَجْدُ ثَكْلى
مثْل وجْدي..)
واقِعٌ أنا تحْتَ رَحى
حُزْنِها الثّقيلَةِ !
هِيَ أحِبّائي وَسُماّري
يَداها أصْباحٌ ماطِرَة
توجِزُ شُموساً في
عتْمَةِ الليْل..
هاهُمْ أوْلاءِ يَحْرَقونَ
بابِلَ أرْضَ حُبِّنا..
وَقَمَرَ النّخْلاتِ.
ماذا يُريدونَ مِن
امْرأةٍ تَحْلُمُ بالبَحر! ؟
شاخَتْ على
مُحَيّاها النُّدوبُ.
يَعُدّونَ خَطاياها
وَهِيَ القَتيلَةُ.
هذه امْرأةُ
كُلِّ الكَبائِرِ..
سيِّدَةُ البوْحِ حينَ
مَعي تُصَلِّي ! ؟
تسْتَعيثٌ امْرأتي..
اَلجُدْرانُ علَيْها
انْهارَتْ في
لَيالٍ عُسْر.
وَلا مَن يُلَبّي ! ؟
يَوْماً ما أضَعُ
حَدّاً لِحَيائِها وأُشْعِلُ
الأرْضَ خلْفَ
حَقْوِها النّهارِيِّ
وقَوامِها الْمَمْشوقِ
بِمِياهي وَحَرائِقي
على دينِ العِشْق..
كَمَشْهَدِ وَداعٍ.
محمد الزهراوي
أبونوفل
(بغداد امرأة الكبائر )
للشّاعر محمّد الزّهراوي..
بقلم الناقد أسامة حيدر
بغداد في هذا النصّ الثمين معشوقة ومن أجلها يخفق العشق . جميلةٌ مكللّة الجبين كالخيل تصهل في الريح . هموم أبنائها تأكل ثدييها . هي البحر والدّهر . هي المرأة الوحيدة التي طوّقت عمر أبي نوفل تغيظ الحسّاد من النّساء بكحل عينيها .
وجاء الحسّاد اليوم ليوغلوا صدرها حقدا على شاعرنا ففترت علاقة الحبّ بينهما وكان لا بدّ من التّصريح والإشارة إلى هؤلاء القتلة المارقون فاستحضر بيت المتنبي :
وسوى الروم خلف ظهرك روم
فعلى أيّ جانبيك تميل ؟
فقال شاعرنا : ( وسوى الروم لا يزال يتربص باغتصابها الروم .
وفي يوم النّحر نحر بغداد تلمس أبو نوفل نبضه في نبضها . كيف لا وبغداد الروح في الروح ؟! هي ملاذه ودفء قلبه حين يعمّ الصقيع أرجاء الكون . هي أحباؤه وسمّاره . ويداها شموس في عتمة الليل .
وكي يكتمل المشهد كان لا بدّ من حضور السيّاب في نصّه ( إقبال والليل )
يقول الشاعر : ( وما وجد ثكلى مثل وجدي إذا الدّجى .. )
وهذا جزء من قصيدة السيّاب تلك . ولماذا السيّاب هنا ؟
كان السيّاب في نصّه يعاني مرارة الموت والبعد و يشكل فيه العنوان مربط الفرس فإقبال الحبيبة والملاذ والملجأ والوطن ويمثل الليل الغربة والعذاب . وعند شاعرنا الزهراوي شكلت بغداد كلّ هذه المعاني فهي الحبيبة والملاذ الآمن والدفء والعذاب والألم والوطن .
بغدادُ هي امرأة أرادوا لها الموت وأن تكون مباحة للغير وهي الحالمة بالبحر وقد شاخت على وجهها الجميل النّدوبُ .
راح المارقون يعددون خطاياها وهي القتيلة وهم قتلتُها . تهدمت جدرانها بفعل ليالٍ عسرٍ ولا من مجير وسيعمد شاعرنا إلى إضرام النّار في خصرها أو ثوبها كمشهد وداع أخير .
القصيدة لوحة ألوانها قاتمة من دخان النّار المنبعثة من احتراق كلّ شيء جميل فيها أو غبار هدم جدرانها أو دم جرح متربٍ أوجزن يشفّ على الوجه دبيباً أو كحل بغداد الأسود أو من لون دمع ذرفته بعد اغتصابها من روم الدّاخل والخارج أو من ورد ذابل مرميّ في مكان النّحر .
لغة شفّافة كثرت فيها الرموز ( الثدي مصدر الخير والحياة . البحر رمز للعنفوان . الخلخال رمز للجمال .... )
وجاءت الأفعال المضارعة لتخرج النصّ من الرتابة والهدوء إلى الحركة والضجيج ليكتمل المشهد ( ترتسم . ترتق . تصهل . تموج . تميد . تنزّ . يأكل ...... )
وقد جاء النصّ يحمل الطّابع الخبريّ وجاءت الجمل فعليّة تارة واسمية تارة أخرى لتعبر عن هدوء المشاعر وشدتها وقد اعتمد الشاعر على الأسلوب الخبري لأنّه رسم لوحةً في خياله وطفق ينقل لنا مفرداتها التي يريدنا أن نراها بإحساسه .
أمّا الجمل الإنشائيّة فجاءت لتثير المشهد وتنوّعُه ( ماذا يريدون من امرأة تحلم بالبحر )
ورغم السّواد الكثيف في المشهد إلاّأنّه ترك لنا نافذة مضيئة للتفاؤل والحياة ( لم يفنها الجراد / ولن تترك الخندق / فما أكثر ما أغوت بلياليها الملوك .! )
ومن الملاحظ أنّ الشاعر استخدم مفردات بلهجته فقلب الضاد في أماكن الظاء أحيانا . ولا أجد لذلك تبريراً .
بغداد في قلب هذا المغربيّ الشّاعر كما في قلب السيّاب وكل ابن بارّ بها تنعكس ألماً في قلبه ينغص عليه دقائق الحياة لما تعانيه من جور ذوي القربى قبل جور المتطفلين عليها .
نص الشاعر/ محمد الزهراوي
___________________
بغْداد ..
امْرأة الكبائر
لوْ لاها ما
خَفقَ العِشْقُ
هِيَ جِدارِيّةُ
الصّبْحِ مُكلّلة
الجَبينِ البَهِي.
ترْتَسِمُ ظِلاًّ..
تَرْتقُ جُرْحاً يَكبُرُ
وَتَصْهلُ
في الّرّيحِ.
لها تَسْريحةُ
بَحْرِ تَموجُ بينَ
العِبارة والعَبيرِ.
مِنْها الأبْيَضُ
يَمْتَدُّ تَنُزُّ نَبيذاً.
اَلْهَمُّ الجارِحُ..
يَأكُلُ ثَدْيَيْها !
غجَرِيّة الأضْدادِ
والرّغَباتِ..
اَلْبَحْرُ
هِيَ والدّهْر.
بِسَوالِفِها
تُطَوِّقُ عُمْري..
امْرأةٌ وحيدة !
بغْدادُ غيرُ دَمٍ
مُتْرِبٍ أوْ ..
قواريرُ طينٍ.
بِرِياحي
أحْرُثُها ياسَميناً
وَجْهُها في كُلِّ
الصّوَرِ مِلْءُ عيْنَيَّ
كُلُّ النِّساءِ
مودَعاتٌ في
بَسَماتِها البَعيدة
كُلُّ صِفاتِ
الخَيْلِ فيها..
ما أكْثَرَ ما أغاضَ
كُحْلُها حُسّاداً
وأوْدَتْ بِعُشّاقٍ !
في بَراري الحُلْمِ..
أفْسَدوا الْموَدّةَ بيْنَها
وَبيْني حتَى جَفتْني
الغَجَريّةُ وطَوّحتْ
بي جِراحُها
في غِناءٍ !
ترْعى الوُعولَ..
تُكَفْكِفُ
دمْعَتيْنِ في خنْدقٍ
وَسِوى الرّومِ لا
يَزالُ يَتَرَبّصُ
بِاغْتِصابِها الرّومُ.
توغِلُ في شُجوني..
وما زِلْتُ بَعيداً.
ها نَهاراتُها تُشاكِسُ
يَأْسي وَوُرودُها
تُقاوِم ُالذّبولَ في
شَكْلِ القَصيدَةِ.
أغيبُ أسْتَقْصي..
مُنْعَزِلاً صَواعِقَها
في البحْر.
في مَراسِمِ ذَبْحِها
تَحَسّسْتُ نبْضي
وهاطِلاً ..
خلخالُها اليَعْرُبِيُّ
في الظلوعِ.
لَمْ أنَمْ بعْدُ..
إذْ لَمْ تفْهَمِ
النّيرانُ غاياتي
ولمْ تُفارِقْ دمي.
أرْسُمُها سابِحَةً
كَما أشْتَهي
في بياضٍ
وَسَماءٍ خَضْراءَ.
كَمْ وَكمْ أنا
هَرِمٌ أمامَها في
انْتِظارِ الصُّبْح.
فَلْياتِ الصّقيعُ..
قُرْبَ شَهْرزاد أنا
لا أشْعُرُ بِالْبَرْدِ.
وَحْدي أزْحَفُ..
أتعَبَتْني الْحُفَرُ أُطارِدُ
ظمْآنَ ظراوَةَ
عُرْيِها الْمَخْمورِ.
أتَبَعْثَرُ على حَصاها
معَ َ وَجَعي !
يُزَلْزِلُني النّهْدُ..
مِن مَناحاتِها تُلَوِّحُ
لي نَجْمَةُ اللّيالي..
بِرِياحي أحْرُثُها
تَسْتَعِرُ..
أعْراسُ غَدِها
في جَوانِحي.
وَكُلُّ أحْلامِها
وَدِمائي تُهْدَرُ
في رِياحٍ ! ؟
لمْ يُفْنِها الجَرادُ
ولنْ تتْرُكَ الخَنْدَقَ..
فما أكْثَرَ ما أغْوَتْ
بِلياليها الْمُلوكَ !
وَبِمِلاحِها أثارَتِ
السِّنْدِبادَ وَالْجُنْد.
تُناديكُمْ..
والسّعفُ يَحْتَدِمُ
لِفَك طَوْقِ الحِصار.
لَها في المَسافاتِ
الوَهَجُ البِكْر.
كُلُّ الكُؤوسِ
أرَقْتُها مِنْ أجْلِ
فِتْنَةِ هذه الأنْثى !
وَ(ما وَجْدُ ثَكْلى
مثْل وجْدي..)
واقِعٌ أنا تحْتَ رَحى
حُزْنِها الثّقيلَةِ !
هِيَ أحِبّائي وَسُماّري
يَداها أصْباحٌ ماطِرَة
توجِزُ شُموساً في
عتْمَةِ الليْل..
هاهُمْ أوْلاءِ يَحْرَقونَ
بابِلَ أرْضَ حُبِّنا..
وَقَمَرَ النّخْلاتِ.
ماذا يُريدونَ مِن
امْرأةٍ تَحْلُمُ بالبَحر! ؟
شاخَتْ على
مُحَيّاها النُّدوبُ.
يَعُدّونَ خَطاياها
وَهِيَ القَتيلَةُ.
هذه امْرأةُ
كُلِّ الكَبائِرِ..
سيِّدَةُ البوْحِ حينَ
مَعي تُصَلِّي ! ؟
تسْتَعيثٌ امْرأتي..
اَلجُدْرانُ علَيْها
انْهارَتْ في
لَيالٍ عُسْر.
وَلا مَن يُلَبّي ! ؟
يَوْماً ما أضَعُ
حَدّاً لِحَيائِها وأُشْعِلُ
الأرْضَ خلْفَ
حَقْوِها النّهارِيِّ
وقَوامِها الْمَمْشوقِ
بِمِياهي وَحَرائِقي
على دينِ العِشْق..
كَمَشْهَدِ وَداعٍ.
محمد الزهراوي
أبونوفل