عيد الحب Feast of Love
هادي ياسين
يبدو أن هذا الفيلم الجميل واحدٌ من الأفلام المنسية ، أو لنقل أنه لم ينل استحقاقه الكامل . و ـ كما أعتقد ـ فإن سببَ ذلك يعود الى أنه فيلمٌ يحتاج الى استرخاء في مشاهدته . و على الرغم من أنه فيلمٌ دراميٌ سلس ، إلا إنه فيلمٌ مصنوعٌ للمشاهدين النُخبةِ حتماً . فقد يبدو ـ أول الأمر ـ أنه ذو إيقاع غيرِ شاد ، على الرغم من أنه يشي ، منذ اللقطة الأولى ، أن بطله هو الممثل الأمريكي المحبوب " مورغان فريمان " الحائز على جائزة الأوسكار ، و سيظهر معه الممثل المرشح للأوسكار " غريغ كينير " .
يظهر " فريمان " في دور البروفيسور ( هاري ) الذي يبدو أنه متخصص بعلم النفس ، أو علم الاجتماع ، و هو يقضي إجازةَ عملٍ مفتوحة ، و يبدو أنه شخصٌ حكيم . فيما يظهر " كينير " في دور ( برادلي ) ، و هو صاحبُ مقهى . و الفيلم يستند الى رواية بذات العنوان للروائي الأمريكي و أستاذ الفلسفة دكتور " تشارلز باكستر " ، و تعالجُ فكرة الشعور بالوحدة و الحاجة الى الآخر و علاقات الحب غير المتوازنة .
يبدأ الفيلم من ساعة زمنية هي 2:25 فجراً ، عندما يصل ( هاري ) الى ذروة الشعور بالفقدان و اللاجدوى و الحيرة أمام ما يصنعه القدر من مشاعر حزن موجعة ، و هو يفتقد ابنه الوحيد الطبيب ( آرون ستيفنسون ) الذي توفي في السادسة و الثلاثين من عمره بجرعة زائدة من الهيرويين .
ينزل ( هاري ) الى حديقةٍ عامة ، هي ساحة للعب البيسبول ، و هو يرددُ القول :
( ثمة قصةٌ عن الآلهة اليونانية
مفادُها أنهم كانوا ضجرين ، لذا خلقوا الإنسان
و إذ ظلوا ضجرين .. فقد خلقوا الحب
لذلك لم يشعروا بالضجر أبداً
فجرّبوا أن يُحبوا أنفسَهم
و أخيراً خلقوا الضحك .. و هم مَن يمكنهم إيقافه )
و هذه هي الفلسفة التي قامت عليها الرواية و من ثم الفيلم . ولكن هل ثمة ضحكٌ في الفيلم ؟ قد لا يقتنعُ المشاهدُ العادي أن الفيلمَ مليءٌ بالضحك ، لأن هذه هي حال المشاهد الذي لا يستقرئ الفيلم من أعماقه .
في الفيلم ثمة ضحك ، ضحكٌ حزين ، مكتوم ، مخزونٌ في أعماق الشخصيات التي هي ضحيةُ لعبةِ قدَرٍ شطرنجية ، وُضعت أرواحُها في غير مكانها الملائم من الرقعة ، فلم يعد تبيان الضحك مبرَّراً لدى الشخصيات المهمومة بكيفية إيجاد الحب و الحفاظ عليه وسط تباين المشاعر و تضارب العواطف و اختلاف الظروف .
في الحديقة ، فجراً ، يستذكر ( هاري ) النشاط الرياضي للعبة البيسبول فيها ، و تعود به الذاكرة الى لقائه بصديقه الأصغر منه سناً ( برادلي ) الذي يعرّفه على زوجته ( كاثرين ) المولعة باللعبة ، مثّلت دورها الأمريكية " سلمى بلير " . و يتذكر كيف أنه التقط ـ في النادي الليلي ـ لحظة سرقة إحدى اللاعبات ( كاثرين ) من زوجها ( برادلي ) حين وضعت يدَها على فخذها و تبادلتا النظرات و تهامستا ـ في غفلةٍ من الزوج صافي النوايا ، لتكشفا عن تقارب ميولهما السحاقية ، و بذلك يفقد ( برادلي ) زوجته .
( برادلي ) ـ الذي يمتلك مقهىً ـ يثقُ بحكمة ( هاري ) الذي ينبهه الى خيانة زوجته السحاقية له ، و ما كان يعلم بذلك ، و يرشده ـ بحكمته ـ الى أن يقبل توظيف الشابة ( كلوي ) التي مثلت دورَها الممثلة الأمريكية الشابة الجميلة " اليكسا دافالوس " المولودة في باريس عام 1982 ، فيوظفها . لكن " برادلي " الصافي نفسياً ، و حَسن النية ، و الحريصَ على الاستقرار العائلي ، على غرار ما هو عليه صديقه ( هاري ) و زوجته ( ايستر ) التي مثلت دورها الممثلة الأمريكية " جين ألكسندر " ، يتحين الفرص لأي سبيل لتحقيق هذا الهدف ، فيقوده مساره الى التعرف على موظفة العقارات ( ديانا ) ، لعبت دورها الممثلة الأمريكية " رادها ميتشل " ( 1973 ) ، من أصل أسترالي . و هي امرأة شهيةٌ لعوب ، ينحصر ( الحب ) لديها في حدود السرير .
تكاد فكرة الحب الحقيقي في الفيلم تنحصر في مسعى الشابة العذبة ( كلوي ) و هي تسعى الى تعويض فقدانها الحب العائلي بفقدها لذويها حين تلتقي بعامل المقهى ( أوسكار ) ، الذي يتعقبه أبٌ متهور ، و قد مثل دور( أوسكار ) الممثل " تومي همنغواي " ، المولود في بريطانيا عام 1983 . هذا اللقاء هو الذي راقبه البروفيسور الحكيم ( هاري ستيفينسون ) و تبناه حتى اللحظة الأخيرة من هذا الفيلم الذي هو درسٌ إنسانيٌ لمن يفهمه .. و يعرف كيف يشاهد هكذا أفلامٍ مدروسة و ذات رسالة إنسانية تجعل عيوننا تغرورق بالدموع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليكم رابط الفيلم :
https://ok.ru/video/321309379321
هادي ياسين
يبدو أن هذا الفيلم الجميل واحدٌ من الأفلام المنسية ، أو لنقل أنه لم ينل استحقاقه الكامل . و ـ كما أعتقد ـ فإن سببَ ذلك يعود الى أنه فيلمٌ يحتاج الى استرخاء في مشاهدته . و على الرغم من أنه فيلمٌ دراميٌ سلس ، إلا إنه فيلمٌ مصنوعٌ للمشاهدين النُخبةِ حتماً . فقد يبدو ـ أول الأمر ـ أنه ذو إيقاع غيرِ شاد ، على الرغم من أنه يشي ، منذ اللقطة الأولى ، أن بطله هو الممثل الأمريكي المحبوب " مورغان فريمان " الحائز على جائزة الأوسكار ، و سيظهر معه الممثل المرشح للأوسكار " غريغ كينير " .
يظهر " فريمان " في دور البروفيسور ( هاري ) الذي يبدو أنه متخصص بعلم النفس ، أو علم الاجتماع ، و هو يقضي إجازةَ عملٍ مفتوحة ، و يبدو أنه شخصٌ حكيم . فيما يظهر " كينير " في دور ( برادلي ) ، و هو صاحبُ مقهى . و الفيلم يستند الى رواية بذات العنوان للروائي الأمريكي و أستاذ الفلسفة دكتور " تشارلز باكستر " ، و تعالجُ فكرة الشعور بالوحدة و الحاجة الى الآخر و علاقات الحب غير المتوازنة .
يبدأ الفيلم من ساعة زمنية هي 2:25 فجراً ، عندما يصل ( هاري ) الى ذروة الشعور بالفقدان و اللاجدوى و الحيرة أمام ما يصنعه القدر من مشاعر حزن موجعة ، و هو يفتقد ابنه الوحيد الطبيب ( آرون ستيفنسون ) الذي توفي في السادسة و الثلاثين من عمره بجرعة زائدة من الهيرويين .
ينزل ( هاري ) الى حديقةٍ عامة ، هي ساحة للعب البيسبول ، و هو يرددُ القول :
( ثمة قصةٌ عن الآلهة اليونانية
مفادُها أنهم كانوا ضجرين ، لذا خلقوا الإنسان
و إذ ظلوا ضجرين .. فقد خلقوا الحب
لذلك لم يشعروا بالضجر أبداً
فجرّبوا أن يُحبوا أنفسَهم
و أخيراً خلقوا الضحك .. و هم مَن يمكنهم إيقافه )
و هذه هي الفلسفة التي قامت عليها الرواية و من ثم الفيلم . ولكن هل ثمة ضحكٌ في الفيلم ؟ قد لا يقتنعُ المشاهدُ العادي أن الفيلمَ مليءٌ بالضحك ، لأن هذه هي حال المشاهد الذي لا يستقرئ الفيلم من أعماقه .
في الفيلم ثمة ضحك ، ضحكٌ حزين ، مكتوم ، مخزونٌ في أعماق الشخصيات التي هي ضحيةُ لعبةِ قدَرٍ شطرنجية ، وُضعت أرواحُها في غير مكانها الملائم من الرقعة ، فلم يعد تبيان الضحك مبرَّراً لدى الشخصيات المهمومة بكيفية إيجاد الحب و الحفاظ عليه وسط تباين المشاعر و تضارب العواطف و اختلاف الظروف .
في الحديقة ، فجراً ، يستذكر ( هاري ) النشاط الرياضي للعبة البيسبول فيها ، و تعود به الذاكرة الى لقائه بصديقه الأصغر منه سناً ( برادلي ) الذي يعرّفه على زوجته ( كاثرين ) المولعة باللعبة ، مثّلت دورها الأمريكية " سلمى بلير " . و يتذكر كيف أنه التقط ـ في النادي الليلي ـ لحظة سرقة إحدى اللاعبات ( كاثرين ) من زوجها ( برادلي ) حين وضعت يدَها على فخذها و تبادلتا النظرات و تهامستا ـ في غفلةٍ من الزوج صافي النوايا ، لتكشفا عن تقارب ميولهما السحاقية ، و بذلك يفقد ( برادلي ) زوجته .
( برادلي ) ـ الذي يمتلك مقهىً ـ يثقُ بحكمة ( هاري ) الذي ينبهه الى خيانة زوجته السحاقية له ، و ما كان يعلم بذلك ، و يرشده ـ بحكمته ـ الى أن يقبل توظيف الشابة ( كلوي ) التي مثلت دورَها الممثلة الأمريكية الشابة الجميلة " اليكسا دافالوس " المولودة في باريس عام 1982 ، فيوظفها . لكن " برادلي " الصافي نفسياً ، و حَسن النية ، و الحريصَ على الاستقرار العائلي ، على غرار ما هو عليه صديقه ( هاري ) و زوجته ( ايستر ) التي مثلت دورها الممثلة الأمريكية " جين ألكسندر " ، يتحين الفرص لأي سبيل لتحقيق هذا الهدف ، فيقوده مساره الى التعرف على موظفة العقارات ( ديانا ) ، لعبت دورها الممثلة الأمريكية " رادها ميتشل " ( 1973 ) ، من أصل أسترالي . و هي امرأة شهيةٌ لعوب ، ينحصر ( الحب ) لديها في حدود السرير .
تكاد فكرة الحب الحقيقي في الفيلم تنحصر في مسعى الشابة العذبة ( كلوي ) و هي تسعى الى تعويض فقدانها الحب العائلي بفقدها لذويها حين تلتقي بعامل المقهى ( أوسكار ) ، الذي يتعقبه أبٌ متهور ، و قد مثل دور( أوسكار ) الممثل " تومي همنغواي " ، المولود في بريطانيا عام 1983 . هذا اللقاء هو الذي راقبه البروفيسور الحكيم ( هاري ستيفينسون ) و تبناه حتى اللحظة الأخيرة من هذا الفيلم الذي هو درسٌ إنسانيٌ لمن يفهمه .. و يعرف كيف يشاهد هكذا أفلامٍ مدروسة و ذات رسالة إنسانية تجعل عيوننا تغرورق بالدموع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليكم رابط الفيلم :
https://ok.ru/video/321309379321