الشاعر والمترجم اللبناني بهاء إيعالي:
من الصعب ترجمة روح القصيدة مهما ارتفعت درجة الاحترافية
. لكن ليس من السيئ ترجمته من باب التعارف الشعري بين الثقافات!
حاورته: خلود الفلاح (ليبيا)
--------
بهاء إيعالي، شاعر ومترجم لبناني (1995). في الشعر يبحث عن صوته الخاص، وأن يحمل نصه الشعري في كل مرة رؤيا وأفكار جديدة. كما يترجم عن اللغة الفرنسية، لم يعد غريبًا أن نجد اليوم شاعرًا يتجه نحو العمل في الترجمة، وهذه الظاهرة، على الرغم من حداثتها النسبية، فإنها باتت اليوم شبه طبيعية بين أوساط العديد من الشعراء، فمن منا لا يعرف الراحل بسام حجار، رفعت سلَّام، عبد المقصود عبد الكريم، هاشم شفيق، أمارجي، إسكندر حبش، إدريس الملياني.. وغيرهم العديد الشعراء الذين امتهنوا الترجمة إلى جانب كتابتهم للشعر، وقدموا للغة العربية آثارًا ومؤلفاتٍ قيمة. لعل هذا الجنوح مرده إلى أن هؤلاء اعتبروا عملية التعريب بمثابة رسالةٍ يؤدونها إلى لغتهم الأم بإغنائها بكل ما هو قيمٌ ومفيدٌ لها، أكانت آثارًا كلاسيكية تراثيةً أو حتى مؤلفاتٍ حداثية راهنة.
بعد مجموعتين شعريتين "الضوء آخر عصفورٍ في السماء" و "كونشيرتو لشفاهٍ ترفعها الريح"، ها أنت تعود بمجموعةٍ جديدةٍ بعنوان "بورتريهاتٌ لوجهٍ يجوعه التجهم" بعد أن اتجهت نحو الترجمة. أي وجهٍ من الوجوه تشير إليه وما خلفية هذا التجهم؟
جاءت فكرة العنوان من عدة التقاءاتٍ اصطلاحية، لن أدعي أنني اكتشفت نظرية البعد الحادي عشر بعنوان الكتاب لكنني لم أضع كلمةً واحدةً فيه عن عبث، بل كل كلمةٍ كان لها مآربها الخاصة.
بدايةً مع الوجه: لربما وصلنا لمرحلة الرؤية الأحادية عقب ما يعرف بثورة المعلوماتية، إذ بات كل شيءٍ متشابهًا إلى حد كبير، ومن الأشياء التي تشابهت هي الوجوه التي أمست وكأنها وجهٌ واحد، برؤيتها وأفكارها وعوالمها وحيواتها اليومية؛ وهكذا لم يعد ثمة وجوهٌ نراها، بل كل ما هو مرئي للعين لدى البشر هو وجهٌ واحدٌ تختلف فيه بعض الملامح الشكلية من فردٍ لآخر ليس أكثر، وبالتالي أمسينا أمام بورتريهات متعددة ومختلفة شكليًا لوجهٍ واحدٍ يحملُ في أعماقه رؤية أحادية تجاه العالم ككل، ولو كان هناك بعض التباينات في هذه الرؤية من بورتريه إلى آخر فهي محض تفاصيل صغيرة لا تغير الكثير مما حُمِّل به هذا الوجه.
أما التجهم فهو ما يدور في خضم هذا العالم ككل، على الأقل في السنوات العشر الأخيرة، من حروبٍ واقتتالاتٍ ونزاعاتٍ أدت لكوارث بشريةٍ واجتماعيةٍ وثقافيةٍ لا تحتمل. هل يذاع بين الحين والآخر أن ثمة حربًا عالمية ثالثة على الأبواب؟ إننا نعيشها في الحقيقة لكنها ليست حربًا قتالية، بل إنها حربٌ قذرةٌ سلاحها هو الخوف قبل القتل بالدرجة الأولى، فالقتل مريحٌ نسبيًّا لمن يموتون في الحروب، أما الخوف فجلادٌ ساديٌّ يمارس أشرس أنواع التعذيب في النفس البشرية وينخر بها بلا هوادة، وبالتالي فإن هذا التجهم هو النقمة والكراهية المكبوتتين لدى هذا العالم على نفسه، تجهمٌ لا بد أن يرتسم في البورتريهات العديدة لوجه هذا العالم وتجعله جائعًا لأي بصيص أمل.
* جزء من الحوار.
* رابط التصفح:
https://online.flipbuilder.com/xfhou/qsx
بهاء إيعالي
Kholoud Elfallah
المصدر. ميريت_الثقافية