قلب الدمية" عمل مسرحي سوري – عراقي يجمع بين المونودراما وفن الدمى
يبدو عالم البشر معقدا، ويسير نحو فقدان الكثير من مميزاته، حتى أن الإنسان صار في بعض الأحيان أقرب إلى الدمية أو الآلة، متخليا بإرادته عن مشاعره التي تميّزه عن بقية الكائنات، من هذه الفكرة يحاول المخرج العراقي حسين هارف النظر إلى هذا العالم من زاوية مختلفة بطلتها “دمية”.
بغداد- في تعاون فني هو الأول من نوعه، قدمت نقابة الفنانين العراقيين ونقابة الفنانين في سوريا بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح، مسرحية عراقية – سورية مشتركة تحلل الوضع الإنساني المأساوي في البلدين والمعاناة المشتركة في كثير من المواضع بين الشعبين، بطرح فني جديد يزاوج بين فن المونودراما ومسرح الدمى.
وكان مسرح آشور ببغداد قد شهد العرض الأول للعمل والذي قامت بتأدية دور الدمية فيه الفنانة العرائسية السورية إيمان عمر في المسرحية التي ألفها وأخرجها حسين علي هارف، سينوغرافيا علي محمود السوداني، موسيقى وألحان محمد إيهاب، نصوص الأغاني حسين علي هارف، هندسة الصوت محمد فؤاد، الإضاءة عباس قاسم، الدعاية والإعلان فؤاد المصمم، ماجد لفته وحيدر حبة.
وتقتبس مسرحية “قلب الدمية” الحادث الذي تعرض له “سبايدرمان” في الفيلم الشهير، عندما تعرض إلى لسعة عنكبوت مفاجئة قلبت حياته رأسا على عقب، إذ تتعرض الدمية الجامدة إلى صعقة عن طريق الرعد فتدب فيها الحياة من دون سبب، وتبدأ في البوح بما يدور في داخلها وتنطق بلسان البشر فتبوح بأوجاعهم ومعاناتهم ومشكلاتهم. ولأنها دمية لم تكن تستطيع أن تعبّر عن حبها لمحركها (ماهر) والذي كان يحركها بالتعاون مع صانعتها التي تسميها أمها.
حسين هارف: أردت إدانة القسوة التي أتعبتنا وجردت العالم من الحب
تبدأ الدمية بتجربة الإحساس بالمشاعر الإنسانية، حتى تعيش حالة صدمة عند سماعها أهازيج عرس فتكتشف أنه عرس محركها (ماهر) فتفزع لإعادة حساباتها ومحاولة تحليل وفهم وإدراك الأفعال البشرية، لكنها تندفع لمحاولة التخلي عن حياتها والانتحار.
وتذكرنا قصة “قلب الدمية” بالدمية الشهيرة بينوكيو التي تحولت فجأة إلى إنسان بهيكل دمية خشبية لكنه أخذ يجرب العيش على طريقة البشر، ويتعرف على أفعالهم ومشاعرهم، السيء منها والجيد.
وتقدم الدمية البشرية مقارنة بين الدمية (اللعبة) والإنسان، بين الإنسان الذي يحمل عقلا جامدا ومشاعر لا تتحرك إلا نادرا، وبين دمية تحمل قلبا آدميا نابضا بكل الأحاسيس والقيم الحميدة.
وقد زاوج المؤلف والمخرج حسين علي هارف في معالجته المسرحية بين ثنائيات متضادة، أهمها الحقيقة والحلم، الحلم والوهم، الوجود والعدم، الخيال والواقع. وذلك ليكشف الواقع المرير الذي عانته الدمية وعاشته بقلب شبيه بالقلب البشري النابض بالحياة. إلا أن المفارقة التي أسس لها المخرج في هذا العرض المسرحي هي قسوة القلب الآدمي الذي خُلقَ من لحم ودم أمام قلب الدمية الذي تحول إلى مركز للإحساس والمشاعر الرقيقة مع أنه “قلب خشبي” ومن صنع الإنسان.
وحوّل المخرج الصراع مع الذات من الإنسان إلى الدمية تأكيداً على فقدان الإنسان للمشاعر الإنسانية بعد أن فقد قلبه سجيته الأولى.
وبدا سعي الدمية للتحوّل من ذاتها المشيئة إلى الذات البشرية إصرارا على الوجود مع احتفاظها بكينونتها كدمية، إلا أنها سقطت بتحولها إلى آدمية في آفتي القلق والشعور بالاغتراب الوجودي، حيث لم تتمكن من استمالة قلب ماهر فظلت تدور في فك العزلة والعبثية الشعورية.
وبحالة المقارنة بين الدمية والإنسان، كان العرض المسرحي “قلب الدمية” أصدق تعبير عن أزمة الإنسان المعاصر في مناقشته المستمرة للحرية والاغتراب والموت والعدم بعيداً عن القيم الإنسانية الراسخة.
وقال المخرج والمؤلف حسين علي هارف خلال العرض المسرحي الأول للعمل “ربما تكون تجربة ‘قلب الدمية’ مغامرة لكنها مغامرة ممتعة كون العمل يعد تجربة نوعية جديدة جمعت بين المونودراما والدمية التي تؤدي كل فصول المسرحية بأكملها”.
وأضاف “في قلب الدمية بصفتي مؤلفاً ومخرجاً تنطوي تجربتي على جدّة وابتكار في المزاوجة بين المونودراما ومسرح الدمى، فالشخصية المونودرامية في هذا العرض ليست إلا دمية، لكنها قد تكون متمردة وحزينة لما وصل إليه الإنسان من قسوة ووحشية”.
وتابع أن “مسرحية قلب الدمية تعد باكورة التعاون الفني المثمر بين نقابتي الفنانين العراقيين والسوريين لتشكل انعكاساً إيجابياً للأعمال الفنية العراقية – العربية المشتركة.”
ويوضح المخرج العراقي أن الفكرة التي يريد إيصالها من مسرحية “قلب الدمية”، قائلا “في العادة تتشكل مسرحيات الدمى بعدة شخصيات، لكني اخترت شخصية واحدة، شخصية الدمية التي سرعان ما تبعث فيها الحياة والنبض فتجد نفسها هكذا ومن دون مقدمات بين عوالم لا تشبهها، ونكتشف لاحقاً أنها حبيسة مشاعر شديدة العمق منها شعورها بالغيرة على مالكها من حبيبته، لينتهي بها المطاف بصدمةٍ كبيرة تخطفها من هذا العالم وقسوته لتعود إلى حالتها الأصلية من الجمود”.
ويصف هارف بشاعة هذا العالم بطريقته غير المألوفة فيضيف “أردت أن أُدين القسوة التي لطالما أتعبتنا، وبات العالم اليوم متجردا من الحب ونحن لسنا سوى آلات بشرية تحركنا العواطف أحياناً وتقتلنا الكراهية أحياناً كثيرة، إذ لا هروب ولا خلاص”.
وأعرب هارف عن “شكره للفنانة السورية إيمان عمر التي جسدت دور الدمية بمهارة عالية وكانت شريكة إبداعية لهذا العمل منذ البداية، ولنقيب الفنانين العراقيين جبار جودي ونقيب الفنانين السوريين محسن غازي”.
يذكر أن حسين علي هارف فنان ومسرحي وأكاديمي اختص بكتابة مسرح الدُمى والمونودراما وهو حاصل على ماجستير في الإخراج المسرحي في عام 1988، ودكتوراه في الأدب والنقد المسرحي عام 1997.
يبدو عالم البشر معقدا، ويسير نحو فقدان الكثير من مميزاته، حتى أن الإنسان صار في بعض الأحيان أقرب إلى الدمية أو الآلة، متخليا بإرادته عن مشاعره التي تميّزه عن بقية الكائنات، من هذه الفكرة يحاول المخرج العراقي حسين هارف النظر إلى هذا العالم من زاوية مختلفة بطلتها “دمية”.
بغداد- في تعاون فني هو الأول من نوعه، قدمت نقابة الفنانين العراقيين ونقابة الفنانين في سوريا بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح، مسرحية عراقية – سورية مشتركة تحلل الوضع الإنساني المأساوي في البلدين والمعاناة المشتركة في كثير من المواضع بين الشعبين، بطرح فني جديد يزاوج بين فن المونودراما ومسرح الدمى.
وكان مسرح آشور ببغداد قد شهد العرض الأول للعمل والذي قامت بتأدية دور الدمية فيه الفنانة العرائسية السورية إيمان عمر في المسرحية التي ألفها وأخرجها حسين علي هارف، سينوغرافيا علي محمود السوداني، موسيقى وألحان محمد إيهاب، نصوص الأغاني حسين علي هارف، هندسة الصوت محمد فؤاد، الإضاءة عباس قاسم، الدعاية والإعلان فؤاد المصمم، ماجد لفته وحيدر حبة.
وتقتبس مسرحية “قلب الدمية” الحادث الذي تعرض له “سبايدرمان” في الفيلم الشهير، عندما تعرض إلى لسعة عنكبوت مفاجئة قلبت حياته رأسا على عقب، إذ تتعرض الدمية الجامدة إلى صعقة عن طريق الرعد فتدب فيها الحياة من دون سبب، وتبدأ في البوح بما يدور في داخلها وتنطق بلسان البشر فتبوح بأوجاعهم ومعاناتهم ومشكلاتهم. ولأنها دمية لم تكن تستطيع أن تعبّر عن حبها لمحركها (ماهر) والذي كان يحركها بالتعاون مع صانعتها التي تسميها أمها.
حسين هارف: أردت إدانة القسوة التي أتعبتنا وجردت العالم من الحب
تبدأ الدمية بتجربة الإحساس بالمشاعر الإنسانية، حتى تعيش حالة صدمة عند سماعها أهازيج عرس فتكتشف أنه عرس محركها (ماهر) فتفزع لإعادة حساباتها ومحاولة تحليل وفهم وإدراك الأفعال البشرية، لكنها تندفع لمحاولة التخلي عن حياتها والانتحار.
وتذكرنا قصة “قلب الدمية” بالدمية الشهيرة بينوكيو التي تحولت فجأة إلى إنسان بهيكل دمية خشبية لكنه أخذ يجرب العيش على طريقة البشر، ويتعرف على أفعالهم ومشاعرهم، السيء منها والجيد.
وتقدم الدمية البشرية مقارنة بين الدمية (اللعبة) والإنسان، بين الإنسان الذي يحمل عقلا جامدا ومشاعر لا تتحرك إلا نادرا، وبين دمية تحمل قلبا آدميا نابضا بكل الأحاسيس والقيم الحميدة.
وقد زاوج المؤلف والمخرج حسين علي هارف في معالجته المسرحية بين ثنائيات متضادة، أهمها الحقيقة والحلم، الحلم والوهم، الوجود والعدم، الخيال والواقع. وذلك ليكشف الواقع المرير الذي عانته الدمية وعاشته بقلب شبيه بالقلب البشري النابض بالحياة. إلا أن المفارقة التي أسس لها المخرج في هذا العرض المسرحي هي قسوة القلب الآدمي الذي خُلقَ من لحم ودم أمام قلب الدمية الذي تحول إلى مركز للإحساس والمشاعر الرقيقة مع أنه “قلب خشبي” ومن صنع الإنسان.
وحوّل المخرج الصراع مع الذات من الإنسان إلى الدمية تأكيداً على فقدان الإنسان للمشاعر الإنسانية بعد أن فقد قلبه سجيته الأولى.
وبدا سعي الدمية للتحوّل من ذاتها المشيئة إلى الذات البشرية إصرارا على الوجود مع احتفاظها بكينونتها كدمية، إلا أنها سقطت بتحولها إلى آدمية في آفتي القلق والشعور بالاغتراب الوجودي، حيث لم تتمكن من استمالة قلب ماهر فظلت تدور في فك العزلة والعبثية الشعورية.
وبحالة المقارنة بين الدمية والإنسان، كان العرض المسرحي “قلب الدمية” أصدق تعبير عن أزمة الإنسان المعاصر في مناقشته المستمرة للحرية والاغتراب والموت والعدم بعيداً عن القيم الإنسانية الراسخة.
وقال المخرج والمؤلف حسين علي هارف خلال العرض المسرحي الأول للعمل “ربما تكون تجربة ‘قلب الدمية’ مغامرة لكنها مغامرة ممتعة كون العمل يعد تجربة نوعية جديدة جمعت بين المونودراما والدمية التي تؤدي كل فصول المسرحية بأكملها”.
وأضاف “في قلب الدمية بصفتي مؤلفاً ومخرجاً تنطوي تجربتي على جدّة وابتكار في المزاوجة بين المونودراما ومسرح الدمى، فالشخصية المونودرامية في هذا العرض ليست إلا دمية، لكنها قد تكون متمردة وحزينة لما وصل إليه الإنسان من قسوة ووحشية”.
وتابع أن “مسرحية قلب الدمية تعد باكورة التعاون الفني المثمر بين نقابتي الفنانين العراقيين والسوريين لتشكل انعكاساً إيجابياً للأعمال الفنية العراقية – العربية المشتركة.”
ويوضح المخرج العراقي أن الفكرة التي يريد إيصالها من مسرحية “قلب الدمية”، قائلا “في العادة تتشكل مسرحيات الدمى بعدة شخصيات، لكني اخترت شخصية واحدة، شخصية الدمية التي سرعان ما تبعث فيها الحياة والنبض فتجد نفسها هكذا ومن دون مقدمات بين عوالم لا تشبهها، ونكتشف لاحقاً أنها حبيسة مشاعر شديدة العمق منها شعورها بالغيرة على مالكها من حبيبته، لينتهي بها المطاف بصدمةٍ كبيرة تخطفها من هذا العالم وقسوته لتعود إلى حالتها الأصلية من الجمود”.
ويصف هارف بشاعة هذا العالم بطريقته غير المألوفة فيضيف “أردت أن أُدين القسوة التي لطالما أتعبتنا، وبات العالم اليوم متجردا من الحب ونحن لسنا سوى آلات بشرية تحركنا العواطف أحياناً وتقتلنا الكراهية أحياناً كثيرة، إذ لا هروب ولا خلاص”.
وأعرب هارف عن “شكره للفنانة السورية إيمان عمر التي جسدت دور الدمية بمهارة عالية وكانت شريكة إبداعية لهذا العمل منذ البداية، ولنقيب الفنانين العراقيين جبار جودي ونقيب الفنانين السوريين محسن غازي”.
يذكر أن حسين علي هارف فنان ومسرحي وأكاديمي اختص بكتابة مسرح الدُمى والمونودراما وهو حاصل على ماجستير في الإخراج المسرحي في عام 1988، ودكتوراه في الأدب والنقد المسرحي عام 1997.