( آخر ملوك سكوتلندا )
هادي ياسين
كبيرُ الخدَم The Butler الممثل الأمريكي " فورست ويتكر " الذي مثل شخصية الديكتاتور الأوگندي " إيدي أمين " في فيلم الجائزة ذاتها عن دوره المذهل في فيلم ( كبير الخدم ) عام 2013 . فهذا واحدٌ من أعظم الأفلام التي تناولت موضوعة العنصرية في الولايات المتحدة خلال حقبة الخمسينيات و الستينيات من القرن العشرين ، حين اتخذت هذه العنصرية شكلها العلني شبه الرسمي الذي وضع رؤساء أمريكا في حالة من الحيرة و الحرج بين ضغط الشارع العنصري و وظيفة الرئيس كراعٍ لجميع مواطنيه بلا تمييز . و هذا الفيلم الذي أخرجه الأمريكي الأسود " لي دانييلز " كتب السيناريو له " داني سترونگ " ، إعتماداً على كتابٍ للكاتب " وِل هيگود " بعنوان ( كبير الخدم : شاهدٌ على التاريخ ) الذي يتناول فيه سيرة كبير الخدم في البيت الأبيض " يوجين ألن " الذي لم تكن وسائل الإعلام قد إلتفتت إليه طوال العقود التي عمل خلالها في هذا البيت . أحداث الفيلم تبدأ من عام 2009 ، أي بعد أن فاز " باراك أوباما " ــ كأول أسود ــ بمنصب رئيس الولايات المتحدة بعد 200 سنة من إضطهاد السود و إحتقارهم و إذلالهم في هذه البلاد . و لولب الفيلم يتمثل في شخصية " يوجين ألن " الذي يظهر في الفيلم بإسم " سيسيل گاينز " الذي يروي سيرة حياته و عمله كخادم في البيت الأبيض منذ العام 1952 و قد عاصر ثمانية رؤساء ، إبتداءً بالرئيس " ترومان " و إنتهاءً بالرئيس " ريگن " . و خلال هذه الدورات من الحكم يرصد " سيسيل " تطورات السياسة الداخلية الأمريكية من خلال مرصد الفتى الذي فتح عينيه و قد وجد نفسَهُ إبناً لعبدٍ يعمل في حقول القطن لدى أبيض مستهترٍ في الجنوب ، هذا الأبيض يعتدي على والدته و يقتل أباه ، فيجد الصبيُ نفسه مضطراً الى الهرب ، تاركاً أمه التي أصابها الجنون ، ليهيم على وجهه حتى يجد نفسه عاملاً في محل للمعجنات بعد محاولة السطو عليه ، فتتدرج خطواته حتى ينتهي به الأمر خادماً في البيت الأبيض ، و قد عاصر غزو ( خليج الخنازير ) للإطاحة بنظام الرئيس الكوبي " فيدل كاسترو " من قبل المعارضين الكوبيين ، و تداعيات هذه المحاولة التي قادت الى أزمة الصواريخ التي وضعت العالم على حافة حرب نووية ، و عاصر حرب ڤييتنام و أغتيال الرئيس " جون كنيدي " و حركة إحتجاجات السود و اغتيال الزعيم الأسود " مارتن لوثر كينگ " .. و غيرها من الأحداث الجـِسام . و مثلما وجد الرؤساء أنفسهم في حالة من الحيرة و الحرج بين ضغط الشارع العنصري و وظيفة الرئيس كراعٍ لجميع مواطنيه بلا تمييز ، فقد وجد " سيسيل " نفسه في الحالة ذاتها بين عذاباته كمواطن أسود عديم الحيلة تجاه أبناء جلدته السود و بين خدمته و واجب إخلاصة لرؤسائه البيض الذين لم يفعّـلوا سلطاتهم الدستورية للمساواة بين الرعية ، و قد كان شاهداً على مقتل الرئيس " جون كنيدي " عام 1963 إثر خطابه الذي إشتمّ منه العنصريون رائحة التعاطف مع السود . " سيسيل " الذي هرب من العبودية بحثاً عن حياة مستقرة سليمة ، كوّن عائلةً من زوجته " گلوريا " التي أنجبت له ولدين ــ مثلت دورها الإعلامية التلفزيونية الشهيرة " أوپرا وينفري " ــ كلاهما يسعى الى تأكيد مواطنته المخلصة بطريقته الخاصة ، الإبن " لويس " الذي يلتحق بجامعة ( فيسك ) يعمل على تحقيق الحقوق المدنية و يلتحق بمنظمة ( الفهود السود ) ، ولكنه عندما يكتشف أنها تتجه نحو العنف لتحقيق المساواة يغادرها ليواصل دراسته فيحصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية و من ثم ليفوز بمقعد في الكونگرس ، أما شقيقه " چارلي " فـ ( يخدم ) أمريكا من خلال حرب ڤييتنام ليعود في هيأة جثمان . جسدت أدوار البطولة في هذا الفيلم نخبة من الممثلين المعروفين ، ولكن البطولة الخفية ـ بعد الممثل القدير" فورست ويتكر " ـ إنما كانت للماكياج المذهل الذي تلاعب بملامحه و ملامح " أوپرا وينفري " و " دايڤيد أويلويو " الذي لعب دور الإبن " لويس " . و قد مثّلت الى جانب هؤلاء نخبة ٌ من الممثلين المعروفين ، مثل " روبن ويليامز " في دور الرئيس " آيزنهاور " و " جين فوندا " التي ظهرت في دورٍ قصير مثلت فيه شخصية السيدة الأولى " نانسي ريگن " و " كوبا گودنگ جونير " في دور الخادم " كارتر ويلسون " .. و غيرهم . فيلم ( كبير الخدم The Butler ) ، الذي يستغرق ساعتين و 12 دقيقة ، فيلم مهم و مؤثر و جميل ، و يستحق أكثر من مشاهدة .. بتروٍّ و تأمل . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إليكم رابط الفيلم : https://ok.ru/video/2150747081342