تويت
إعداد: سلافة سعد الفريح (عدسة/ أديب الحماد)
فقراء يعيشون حولنا
عيناها تقطر حياء قد أظهرته ملامحها ببراءة، كوخها الصغير لم يمنعها من السرور، ذلك البيت الذي خلفها من بقايا الخشب والحديد، والأرض المشتعلة بلهيب الشمس. الحياة صعبة والحال لا توصف والصورة لا تكفي لتعبر عن ما شاهدته. لم يخطر ببالي أنه في يوم من الأيام سأكون بين مثل هؤلاء المساكين، منذ فترة وأنا أتامل أعمال المصورين الذين يقدمون إغاثات في شتى البلدان، في أفريقيا وشرق آسيا وغيرهما من المناطق، أتأملها وأقول: سبحان من يسر هذه الصورة لتكون مؤثرة في قلوب البشر. وسبحان من يسر المصورين لهؤلاء الفقراء في شتى البلدان رغم تباعدها. فبصورة أُسعد إنسان بل قبائل وبصورة عولج مريض وكُسِي عار وأُطعم جائع وارتوى ظمآن ونصر مظلوم ودحر ظالم واغتنى فقير وسُدد عن مديون وبنيت مدارس ومساجد ومستشفيات. سبحان من بدل الحال إلى حال أجمل بسبب صورة. سبحان من جعل الصورة بمعناها ومغزاها قادرة على التأثير في خواطر الناس أكثر من ١٠٠ مقال وخطاب.
كنت بصحبة أحد الزملاء عندما اتجهنا إلى أحد مناطق جنوب الرياض التي يقطن بها عدد من المقيمين، يعيشون في بيوت خشبية، مناظر شدت بصري وبصيرتي. الأطفال، الأكواخ الخشبية والمرقعة ببعض الحديد. وجدنا عدداً من العوائل تسكن في تلك الأكواخ تُفرحهم قطعة حلوى بل ويتسابقون لها، بكل لهفة يتراكضون حفاة وعلى صخور قاسية إذا مررت عليهم. يتسابق الصغار إليك ليخبروك أنهم في حاجة ماسة بما تجود به نفسك.. أي شيء تحمله يريدونه وكلٌ يقدم شكواه: أبي مريض، أخي معوق، أمي كبيرة وغيرها. ومما شدني شخص مصاب بالإعاقة يداه هي التي تنقله من مكان إلى آخر يزحف على قدميه وقد تجرحت من قسوة الأرض التي يزحف عليها وحرارتها. أتانا من أقصى تلك الأكواخ التي خلفه لكي يأخذ ما قسم الله له. عندما رأيت بعض بناتهم الصغار بلبس محتشم وبحجاب بل إن هناك عدداً منهن متنقبات وبحجاب كامل ويرفضن التصوير حياء أدركت أن هناك تربية صحيحة رغم قسوة الحال الذي هم فيه. في الحقيقة تخجل من نفسك لبعض نظراتهم عندما تمر من عند أحدهم وتراه يحدق بك طيلة الوقت، يخطر في بالك سؤال ماذا يرى وماذا في داخله وما الذي يفكر فيه هل يتمنى أن يكون لباسه مثل لباسي الذي أحتقره أم حذائي الذي لا أريده أو سيارتي التي أسعى إلى تغييرها حقاً تخجل من نفسك وتحقرها، فبنظرة واحدةٍ لما حولك في ذلك المكان تحمد الله بتنهيدة صدر يسمعها البعيد فضلاً عمن هم حولك.
رسالة: إليك يا صاحب الهواية لا تجعل هوايتك مجردة من رسالة تسعد حزيناً تعبر عن أشخاص لم يستطيعوا إيصال ما في قلوبهم للناس فتوصلها أنت بفنك وهوايتك. لا يلزم أن تسافر شرقاً وغرباً جواً وبحراً وبراً لكي تبحث عن فقراء يحتاجون المساعدة، هم بجانبنا ويعيشون معنا.. فقط ابحث حولك وستجدهم.
