الشعر والإيدلوجيا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشعر والإيدلوجيا

    الشعر والإيدلوجيا
    نأى الشعر بنفسه عن الإيدلوجيا , لأنها تنطوي على فكر دعائي يهدف إلى ترسيخ مبدأ بعيد كل البعد عن الفضائل والقيم الإنسانية النبيلة السامية . . .
    فالشاعر البريطاني ( كولين رايرز ) قال جملة شهيرة : الشعر والإيديولوجيا عدوان لا يلتقيان ... ذلك لأن الشعر إنسان بطبيعته ... والإيديولوجيا محددة الفضاء ... إنها تخص شعباً بعينه أو مبدأ بمفرده ...
    ولقد نادى الناقد البريطاني منذ عصر النهضة البريطانية في القرن السادس عشر بفصل الشعر عن التاريخ ... فالتاريخ مؤدلج والشاعر صادق يكتب وفق وحي روحه الصافية التي تخاطب بني البشر خطاباً شفافاً يتخطى الحدود الزمانية والجغرافية والإثنية والعقائدية ...
    وأما المؤرخ فهو حبيس إيديولوجيا تختص بفكر محدد ... إنه لا يستطيع التحرر من ربقة المقولات الإيديولوجية الصارمة ... فهو اللسان الناطق بها ... يدافع عنها لقاء مكافآت وما شابه ذلك ...
    وأما الشاعر فيطلق العنان لخياله الذي يطوف به في آفاق رحبة لا تعرف حداً ولا قيداً ...
    ومن نافلة القول هنا إن مفردة البروبوغاندا هي من نتاج الإيديولوجيا , فالدعاية ترويج لمبدأ أو فكرة ...
    إنها تسويق لها ... وأما الشعر فلا يحتاج سوقاً ولا دعاية ... إنه يحتاج روحاً سامية ترى الحياة الإنسانية في المثل النبيلة التي من شأنها أن تعيد الفردوس الذي فقدناه حين تفشت الرذائل واستفحلت المساوئ ...
    الإيديولوجيا تحتاج إلى بوق ... كما قال عملاق المسرح العالمي شكسبير ... هذا البوق أجوف يمكن حشوه بأي فكر في أي مكان وزمان ...
    وشتان ما بين الشاعرية وضجيج الأبواق ... شتان ما بين روح الشاعر الهامسة والبوق الصارخ المجعجع ... هذا ما قاله الشاعر البريطاني وليام جونسون في العصر الإليزابيثي في انكلترا في القرن السادس عشر .
    من هنا نعي أن لقب أمير الشعراء لم يمنح إلا لأولئك الذين أنصتوا إلى همس أرواحهم , فكتبوا خلجاتها ...
    لم يهبوا كلماتهم إلاّ لذوي الألباب , الذين لا يفكرون إلا بالفضائل السامية . . .
    جاء هذا في ملف أمير الشعراء لدى الإنكليز في القرن الثامن عشر .
    أ . د . الياس خلف
يعمل...
X