جدلية النحت والشعر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جدلية النحت والشعر

    جدلية
    النحت والشعر
    فهم العالم كشكل المستمدة من الخبرة البصريةالمخزنة في الدماغ هي خبرة سابقة على اللغةالتي تأسست على قابلية امتصاص الصور وإعطائها نسقا إدراكيا لتصير مادة.كل إبداع وفن عبر كونها مخططا كلاميا قادرا على تلقي وإعادة إنتاج صور وتصورات جديدة عن الذات والعالم عبر المحاكاة والمماثلة والإبداع .
    إن أول مجاز فني شعري عندما تطلع الكائن البشري إلى الحجر والعصاولم يرهما حجرا أو عصا بل أدوات\سلاح.
    الفرد في بداياته اللأولى كان شكلا لتجسد اجتماعي مباشر وكانت ملامح وعيه لذاته وتجسيداته متشابهة بدأ بفصل الشيء عن نفسه واستخدمه بصنع أداة_فأس رمح سهم فاكتشف الصلة بين تصوراته عن الشيء وفصل أرواحية وشبحيةالأشياء عنها منتقلا من المرحلة الفتشية التي هي سمة ومرحلة حضارية مؤسسة فصور الفتش بشكل هلامي ثم أعطاه ملمحا تنين غول ثم نصف حيوان ونصف بشر\أبوالهول ثم مشابها للبشر\هرقل ولاحقا بشريا. \\المجلد\1\الصورة 1\2 \3 \ 4 \5 \6\ 7 \
    إن أقدم الآثار الفنية البشرية كانت نحتية سواء على العظام أو على الحجارة تقدر بأكثر من ثلاثين ألف عام وهي أقدم من الرسوم وبها دقة فنية عالية\هومو\هابيليس فالتماثيل الأولية هي تجسيد للفكر والمخيلة وحيازتهما وهي انعكاس مادي لمشاعر روحية ولها طابع الحيازة والتمائمية السيطرة وتجنب الأذى وكانت أشكال التماثيل لاعمق لها ولاحركة وتجريدية غائمة تعنى بالشكل العام دون التفاصيل نلمح فيها أثر تطورات الكائن وصورة نفسه كتمثل روحي كتذكار ثم كفعل اجتماعي جمالي عبر منح الشكل معطى حسيا. \\\المجلد\\1 \\\الصور\13\14\15\


    النحت فن لصيق بفن العمارة منذ سكن الكهوف إلى العصر الحالي فقد نحت الإنسان في ظلام الكهف مخاوفه وهواجسه أحلامه وتصوراته على هيئة أشكال لها رمزيتها فقد كانت جدران الكهوف تلهم الإنسان وتحث صوره على الظهور وتحرض خياله وكل مايتم رصده من تراقص الظلال والأخيلة ليتم تثبيته والعمل عليه وبالتالي يختار الإنسان مايتفاعل معه ويحرض ذاكرة الصور لديه عبر مشاعر تحرض ميراث الذاكرة والمخيلة وبالتالي يتم الاستحواذ على الشكل والتصور في توحد بين الصورة والفكرة واللغة إنها كتابة بالعين وحضور مدرك أمام الحواس فيندمج البدائي والشاعر والنحات ويصبحان فنانين في لغة واحدة وكل ماتتم حيازته يروى نحتا وشعرا وعلامات. اللغة سطح يشبه سطح الكهف تلاحق عين الشاعر الظلال وتستحوذ عليها تتفاعل معها وتجتازها فترويها نحتا وعلامات فتغدو الكتابة نحتا والنحت كتابةفي قوالب تحمل العلامات وتعيد توزيعهافي عملية صناعة الشكل التي هي مزج تشابهات في الكتل يستعير الشاعر والنحات التشابهات في اللغة والمادة بصرية وبالتفاعل بين الحدث والمكان وتصور شكل المادة يتم القبض على مفرداتها في الأبعاد الثلاثة \\http://youtu.be/umOyQmTqx5Y \\التاميرا
    إن شمولية الإمساك بالعالم وفهم المحيط عبر مرايا متعاكسة ومتداخلة هي بنية الفنان والشاعر والنحات والبدائي عبر التحامهما بكل شيء وكونهما متوهجان بالحياة دائما. ففي المغاور المظلمة حتى في النهاركان ملجأ الإنسان الأول وغالبا ماكانت قسوة الطقس تجبره على الإقامة أكثر من نصف حياته في أمان الكهف على ضوء المواقد المنارة بشحوم الحيوانات والحطب وفي مواجهة رعب العالم
    وقسوته استل الفنان حريته من المخيلة لتحقيق ذاته شكلا ومضموناوإعطاء الكون المحيط به معنى.

    النحت فن يجاري المادة فنحت الكهوف متآلف مع خصائص المكان وهو أكثر الفنون طبيعية لأنه منتزع من الجسد الكوني.
    في البدايات كان للتماثيل والقصائددورا عمليا سحريا طقسيا إنها تفكير الروح التي لاتتكلم إلا عبر الصوركما قال سقراط ثم أصبح لها دور اجتماعي على اعتبار الفن حقلا من حقول الجماعة وتصوراتها عن نفسها وعن العالم من حيث كون العمل الفني داخل الخارج وخارج الداخل يمثل حضور العالم في الجسد وحضور الجسد في العالم عبر الرؤية والحركة والإدراك ثم تحولت المنحوتات إلى مدونات جمالية شعرية لها تاريخها الشخصي بعيدا عن زمنها وزمن الجماعة والفنان.
    الفنون عموما نشاطات سابقة على الكتابة إنها مؤسسة بالشعر والطقس كممارسة وبداية انفصالها عن الممارسة حملت تاريخها الشخصي لتعيد تأسيس ذاتها انطلاقا من الشعر واستقرارا فيه حاملة تاريخها كمدونة أيا كان شكلها وطرق التعبير فيها فهي لاتفصح عن ذاتها إلا على شكل قصيدة مجسدة لاحد لماتقوله.

    مكانبة النحت\زمانية الشعر...
    الفنون ماقبل الحداثية كانت تؤدي مهاما اجتماعية بواسطة قيم أدبية مكرسة لصالح فنون العمارة والبلاط والمعبد وكانت دور العبادة والقصوروالنصب ولتصوير أعمال البشر ومآثرهم كانت فنونا وضعية وضرورة شاعر القصر شاعر المعبد فنان الصالون صوت الجماعة.النحات لايفكر إلا ضمن إطاره المكاني فهو يتصور شكل المادة وتوحد الكتلة ومركز الجاذبية والمكان في الفراغ والذاكرة البشرية نفسها لاتستدعي حدثا أو أثرا إلا وتربطه بمكان في الشعر الذي هو فن زماني يبنى تصور المكان عبر وعي الشكل ومنحه معطى حسيا ففي الشعر الأثر له أربعة أبعادطول عرض ارتفاع وفراغ أما النحت فله ثلاثة أبعاد..
    فنانو الكهوف استخدموا ظاهرة الانطباع البصري عن طريق ترك فجوة في الرسم نتيجة لتعاملهم مع سطح معين ونتوءاته وفجواته وأعادوا استخدامها لصالح الفكرة أو أعادوا استخدام الفكرة لصالحهاوعبر ترك فجوات وانقطاعات تقوم العين بإكمال المشهد والصورة عبر إدراك المكان والتصور لما يراد منه جماليا وكانت معادلة الفراغ والمادة شغلهم فالتفكيرفي الفضاء\\\http://youtu.be/Km-jq80ekt0 \\ كهف الغلاسكو

    الشعر فن زماني والنحت فن مكاني وغياب أحدهما عن الآخرينزع صفة الفن عنهماوبتلاقيهما نرى حضور الزمان في المكان أو حضور المكان في الزمنوعبر هذا الانعكاس يمكن لنا أن نرى في القصيدة منحوتة وفي المنحوتة قصيدة عندها نرى الشعريتحرر من زمانه ويصبح مكانياوالنحت يتحرر من مكانه ويصبح زمانيا بالشعر يلتقط النحات غياب الزمن لغة وتجسيددة والوالحساسية عبر الصلابة في التوثيق ومهادنة الزمن والتوغل في ليل الإنسان ومحرماته واغتراباته عبر بناء علامات والانتقال من الصياغة اللفظية أو المادية إلى المعنى ومن المعنى إلى الصورة ومن الكثافة إلى اللطافة ففي البنى الانسانية نزوع دائمللنحت من النفس والمادة واللغة وتجسيد المخيلة بالتوازن والانسجام ةالملاءمة بين لا محدودية المعاني وقيد التجسيد ومن هنا تأتي الاستعارات التي تنحت معنى جديدا بعد أن تفقد شيئا من معانيها السابقة وهكذا تستمر المخيلة في النحت الدائم للمادة واللغة والمعاني ومن هنا داخلها ففي القصيدة المنحوتة والمنحوتة القصيدة الشاعر والنحات لايقفان أمام جاهز لغوي أو مادي إلا ويريان إمكانية تغيير خصائصهوتحويله إلى مقولة من مقولاتهما بالنحت والتبادل الأزلي بين إنشاء المعنى وهدمه حتى يحررا المادة اللغة والمادة الشيءمن معناه المقيد ليكتسب معنى فنيا.من الممكنت أن تختلف المواد والوسائط لكن التلقي لايختلف فالتلقي الحسي البصري والجمالي اللغوي المجسد مشغولان بهاجس التصور والصورة والتجريد والتجسيد فالعلاقة بين النحت والشعر وشعرية النحت ونحت الشعر لاحدود لتلاقيهما واقعا ومجازا.من خلال قراءة مختارات من شعر بابلو نيرودا نتعرف على العلاقة وتاريخيتها بين الفنين الذين ينتهيان في شعر بابلو نيرودا إلى كونهما فنا واحدا.

    بابلو نيرودا..\\http://youtu.be/8DlLxYKqtRQ \\
    ولد في 12 تموز 1904 في بارال في تشيلي اسمه نيفتالي ريكاردو رابيس بازوالتو
    توفيت والدته هروزا بازوالتو بعد شهر من ولادته فانتقل والده خوسيه رابيس إلى منطقة تيموكو وتزوج من ترينيداد ماريدي والدة الشاعر الثانية.
    1910 دخل المدرسة وأكمل فيها حتى 1920
    1917 نشر أول مقالة باسم نيفتالي رابيس
    1918 نشر أول قصائده في مجلة كوري فيوبلادي سنتياغو وتوالت قصائده وحازت قصيدته ليلة مقمرة مثالية جائزة شعرية سنوية
    1920 اختار اسمه بابلو نيرودا
    في 28\11 من العام نفسه حاز جائزة الربيع في تيموكووعين رئيسا للأتولييه الأدبيه وبدأ في كتابة الجزر الغريبة والتعب غير المقيد دون نشر ثم اختار قصائد منهما ونشرهما في أول ديوان\مغربي\
    1921انتقل إلى سانتياغو لدراسة الآداب
    1922 بدأ العمل في مجلة كلاريداد
    1923 كتب مقالة نقدية باسم مستعار ساشكا
    1924 أصدر ديوان عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة
    1925 رأس تحرير مجلة كابالودوباستوس وصدر له محاولة الرجل اللانهائي
    1927 بدأ حياته السياسية بدخول السلك الدبلوماسي قنصل شرف في برمانيا ليغادر سانتياغو إلى لشبونة ثم مدريد حيث نشر قصائد جديدة
    1928 قنصل شرف في سيلان وحضر المؤتمر المحلي في كالكوتا في الهند وعين قنصلا في جاما وتزوج ماري انطوانيت جينار
    1931 قنصلا في سنغافورة
    1932 عاد إلى تشيلي بعد جولات متعددة
    1933 نشر الإقامة على الأرض والتقى بلوركا
    1934 قنصلا في برشلونة ودريد وولدت ابنته مالغا مارينا
    1935 كرمه شعراء اسبانياروأدار مجلة كابالويردى بارلابوزيه أفضل مجلة أدبية في إسبانيا
    1936 اندلعت الحرب الأهلية في اسبانيا وأعدم لوركا ولم يعد قنصلا فغادر إلى باريس وأسس مجلة شعراء العالم ودافع عن اسبانيا مع الشعب وانفصل عن زوجته ثم عاد إلى تشيلي.
    1938 صدر في باريس اسبانيا في القلب ترجمع لويس باروت وقدم له الشاعر آراغون وأسس في بلده مجلة فجر تشيلي.
    1940 كتب النشيد العام وعين قنصلا في مكسيكو وكتب هناك نشيد من أجل بوليار.
    1942سافر إلى كوبا وكتب أغنية حب في ستالينغراد وأصيب بصدمة وفاة ابنته في أوروبا
    1945 أصبح سيناتور المناطق الريفية لشمال تشيلي وحاز الجائزة الوطنية للأدب وانتسب إلى الحزب الشيوعي وسافر إلى البرازيل وكتب هناك مرتفعات ماشو\بيشو
    1948 كتب مقالة هام بها السلطة التشيلية وغادر البلاد إلى باريس
    1949 سافر إلى روسيا وكرمه اتحاد الأدباء ثم سافر إلى بولونيا هنغاريا المكسيك برفقة صديقه بول ايلوار.
    1950 سافر إلى نيودلهي والتقى نهرو وترجمت قصائده للهندية وحاز في باريس جائزة السلام مناصفة مع بيكاسو.
    1954 نشر كل الحب أشعار سياسية وكتاب انطولوجيا الشعر العالمي وصدر له الأناشيد التمهيدية الكرمة والريح.
    1955انفصل عن ديليا ديكاريير والتي استمرت عدة سنوات وانتقل ليعيش مع ماتيلدا اوروتيا
    1958 صدر كتابه مئة قصيدة حب
    1961 عاد إلى تشيلي بعد أسفار عديدة
    1964 احتفلت مكتبة تشيلي الوطنية بعيد ميلاده الستين وصدرت مجموعته مذكرات الجزيرة السوداء في خمسة أجزاء.
    1965 منحته أوكسفورد دكتوراه فخرية كأول أميريكي لاتيني
    1966 تزوج من ماتيلدا
    1968 الطبعة الثالثة للأعماله الكاملة
    1969 نشر نهاية العالم ورشحه الحزب الشيوعي لرئاسة الجمهورية وانسحب
    1970 ناصر سلفادور الليندي وبعد فوزه عينه سفيرا في باريس
    1971 نال جائزة نوبل
    1972 بدأ كتابة مذكراته ومن أجلها استقال من منصبه وعاد إلى تشيلي
    1973 صدر له مديح الثورة وحذر من حرب أهلية وبعد الإطاحة بالليندي وإعدامه
    1973 وفي23 أيلول توفي الشاعر حزينا على صديقه وبلاده.
    نحت الطبيعه:

    الطبيعة المعلم الأول لكل فن وما من شاعر أو فنان إلا استوقفته تحولات الطبيعة وإبداعاتها وهي تصوغ عالمها وتحولاتها من صخور وتراب وحضى وأحجار كريمة وصواعد ونوازل ورمال وأعشاش طيور وأشكال حياة وكائنات وبقايا من أول هاجس فني، المحاكاة تعلم الإنسان اللغة والفن والشعروأن الطبيعة كانت ولازالت سرالأسرار ودهشة الأولي نتلقاها على اختلاف مكوناتنا بنظرة الدهشة الأولى للأسلاف ةنبحث فيها وانعكاساتها فينا بنفس الآلية على الأقل في وجداننا الجمعي ولاشعورنا المنفتح على التلقي وذاكرتنا.لاحاجة بنا إلى الكلام عن أرواحية الطبيعة ومعتقداتها الراسخة فينا وغرائبها التي تفوق كل مخيلة.\المجلد\1\الصور\9\10\11\
    بابلو نيرودا سحر بمنحوتات الطبيعة ومكوناتها إلى درجة الافتتان المنتبه إنك تحس وهو يقرأ المفردات بعيني نحات يقرأ التكوينات والمواد وماهو منجز ويرى في تحولات الطبيعة تماثيلا وأسرار خلق وفلسفة المادة وأزلية الشيء وتحولاته إلى درجة أنه سكن الجزيرة السوداء،جزيرة منحوتة من الحجر نحتها البحر والريح وقرأها شعرا ونحتا وفتنته بالحجر من كل الأنواع وقراءة للأثر بعيني نحات متمرس حتى أنه توّجها بمديح كائناته في مجموعة أحجار تشيلي أحجار السماء وقرأ خواص كل حجرمهمل وكريم ونادر ولاحق تشكلاته بغلسفة شديدة الخصوصية فأعطى نحت الطبيعة التي استوقفتهمفهومها الزماني معيدا خصائص الجاهز منها إلى متحول ومفسرا أثر الزمن على الأشياء بإعطائها كينونة وحضوراكما يفعل النحات الذي يرى كل شيء تاركا للشعر أن يقول معان مختلفة وأن يسكن في التفاصيل وفي الجوهروهو يصارع ضد اعتباطية العلامات ويتحدى السحر بسحر يماثله ويقيم فيه تاركا للصورة أن تبدع الصورة وللفن أن يبدع الفن.\\\http://youtu.be/ihrqIX0Afl8 \\\

    @
    عندما أوشك النور على الانفصال ليخلق الحمرة والتماثيل
    أزهرت صرخة في وحدة لاحد لها
    حملها الصدى
    من هزة إلى هزة@
    ويتحول كنحات كجواهري من الطبيعة إلى الطبيعة
    @
    أحب أن أصوغ معك مايصوغه الربيع
    مع شجرات الكرز@
    ويفسر الغياب بشفق يقيم جزئيا ويمحو الصور
    @دائما ماأراك ترتحلين في الأمسيات
    إلى جهة الشفق
    وهو يمحو التماثيل وأودعها حجرا
    فاحتفظت بالصرخة
    سيف صراخ مثلم
    وحيوانا لااسم له
    ينبح دون صوت
    في وجه الفراغ@ا\\\المجلد\1\الصورة\4\


    إن أول شكل بشري تمثله الإنسان هو الطوطم الهلامي غائم الملامح المولد لصور لاحصر لها.لابد أنه تمثل نحتا من الطبيعة كما رآه بابلو نيرودا وكرّسه.
    @ كنت نحات أحجارأضرب بلا يدين ولامطرقة
    وأنحت دون منقش
    لم أوجد إلا في الريح
    ولافكر لي سوى الموج
    ومن دون أدوات سوى الزمن،الزمن،الزمن...@\\\المجلد\1\الصور\9\10\

    في النص محاولة فهم وتمثل وإعادة قراءة للطبيعة وملاحقة منحوتاتها والاستحواذ عليها بطريقة تشبه عمل الطبيعة لتجد مخلوقات الطبيعة المنحوتة دربها إلى الشعر لتعيش زمنها الإبداعي بعد إعادتها نحتا شعريا ومنحها زمنا خالصا لتتحدى الزمن بأسلحة من طباعه وتعيش زمنها الخاص بعيدا عن نحت الطبيعة ونحت الشاعر وفي تمثله لتحولات الطبيسعة يرعبه مصيره الشخصي والإبداعي ويبحث عن معادل لينحت مقولات قابلة لأن تصل بعد مصيره الشخصي المحتوم.
    @ مادة الإنسان وصوته يتفككان
    لكن الماء والنار والشجر تغدو أقسى
    إنها تبحث أثناء موتها
    عن جسم معدني لتولد وردة بتويجات صلبة
    الحجر لايسلك طريق الدود..@\\المجلد\1\الصورة\11\

    مبدأ التماهي مع الطبيعة وإعادة إنتاجها فنيا لم تنج منها مخيلة مبدعة فمايكل أنجلو يفسرالمستحاثات بأنها لعب الطبيعة وآنغر الذي اعترف أن كل خطوة له نحو فهم الطبيعة أقنعته أنه لايفهم شيئا وكلما اقترب وصل إلى حتمية مؤلمة هي رحابة مالم يبلغه وأنه يحطم أكثر مما يخلق.إن القاعدة الأولى لتلقي نحت الطبيعة وتلقيها شعريا تعني معادلة لخلق الطبيعة لكائناتها وتشيؤ دقيق يتضمن الحركة.إن التماهي مع الطبيعة يجعله يفكر بقولبة كل مايصادفه لإعادة إنتاجه مستخما عيون الميدوزا الشعرية.\\المجلد\\1\\الصورة\12\
    @ تحول كل شيء إلى حجر خالص
    الماء دمعا أم مطرا يجري أبدا في الحجر
    نور النهر المتمدد
    واشتعال الخمرة في الكأس
    الأشجار العاترية من الحفيف
    كل شيء يجري إلى الصلابة
    الأشجار الخريف الكتب الأوراق
    شمسا من حجر تلمع على الأحجار..@

    النحت البدائي:
    النحت البدائي نحت طفولي بسيط إلى حد التجريد وهذه البساطة المجردة هي أخطر أنواع التعبير الفني إنها الشيء وحركته وعلامته بداية من الحفر على مقبض الفأس الذي يعطي انحناءاغير موجود وشغف الفنان البدائي بالخداع البصري ثابت فكان يترك للعين أن تكمل خطين من قدمي غزالة أو يرصد حركة الحيوان على سطح الكهف بالتتابع فيبدو وكأنه متحرك. تتميز التماثيل اللأولى بالبساطة والعناية بالشكل العام على حساب التفاصيل والتماثيل الأولى أشكال هندسية أقرب إلى جسم ما وعلامته فالآلهة الأم ضخمة الجسم مع تركيز على مناطق الخصوبة وإبرازها وهي في الغالب رمزية وتفسير للبدايات رقى نماذج طقوس عبادة. وهناك عبر تاريخية النحت البدائي إشارات إلى تطور الذهنية العامة وفق الربط بين استخدام الأداة وشكلها\النموذج السمكي البدائي للأدوات أو من النموذج المثلث وآلية استخدام الشيء والمخيلة هي سمة تطورية.\\المجلد\1\الصورة\1\ \\المجلد\ 1 \الصور \14\14\15\16\
    و\\\\\http://youtu.be/umOyQmTqx5Y \\التاميرا وكذلك\\\http://youtu.be/Km-jq80ekt0 \\ كهف الغلاسكو

    التماثيل الأولى قصائد مصاغة من الطين والحجر والنار والمخيلة كتبت قبل اختراع الكتابة بل إن الطريقة الأولى للكتابة ظلت تحمل أثرها إلى يومنا هذا مثال بالعربية سيف إنها الشيء وشكله وعلامته الصوتية ونحته\الشيء منحوتا وقد استلهم سحرية وشعرية تفسير الكون والبدايات ورمّزها وحوّرها واستخدمها كبنية\الدمى الأولية الأقنعة إنها معان مرتبة وفق فواصل منحوتة ومقوّلة تحمل في فواصلها معانيها المستترة والمعلنة وهي تجريدية تمائمية وبها تمثّل روحي وسواء كهف آلاسكو أو التاميراأو التماثيل النطوفية في الكوم ومريبط وتل أسود وبقرص ومجسدات الآلهة الأم والرقى فهي تجريد أولي وتحول باتجاه امتلاك صورة ومعنى بعد مرحلة غياب أو زئبقية الشكل الممثلة في الطوطم.
    إن الآلهة الأم وتمثال فينوس واللاندروف أو فينوس لوسيل المرأة التي تمسك قرنا كلها رموز للخصب والخير ماهي إلا منحوتات قصائد بدل عنايتها بالشيء والدوران حوله وحول معانيه تكونه ويكون الشكل فيه حامل التجربة ومعناها.
    المجلد\\1\\الصور\13 \14\ 15\

    ماأكئر مانعثرعند بابلو نيروداعلى المنحوتات الأولى في مجمل شعره
    @ أقدم الثيران عبر النهار
    كانت يداه تنبشان الكوكب
    لقد مشى إلى المكان الذي يحيا فيه البحر
    إلى الشاطئ وصل أقدم الثيران
    شاطئ الزمن المحيط وأغمض عينيه
    غطاه العشب
    تنشق المدى الأخضر
    وترك للصمت أن ينسى ماحوله@\\المجلد\1\ الصورة\16\

    لكأن بابلو نيرودا يبحث عن بداية لكل الثيران المنحوتة في المغاور في ثوره المنحوت على شاطئ البحر الثور علامة الخصب وعلاقة البدائي به كانت علاقة انبهار واستحواذ ورهبة لقد مثله ومثل نفسه به. ربما لم تعد قطعان الثيران تجوب الأمكنة ذاتها في المغارات لكنها مجسدة في رسومها المنحوتة في أبدية الفن وصورة ثور آخر مستلة من كهف أو ذاكرة
    @ إنه حيوان الزبد
    يعبر الليل والنهار والرمل
    حيوانا خريفيا تشده رائحة الرغوة القديمة
    وديعا بلحيته التي أزهرت فيها الصخور
    وتكونت فيها زلازل الرعد والخطوات
    تائها يجتر الظلمات في وسط البروق
    وثور ثالث
    يحلم بغابات تحجرت مثله
    أنفه خط وعنقه زبد النباتات
    وقرناه صادرتهما الريح@

    بابلو نيرودا يلمح مرة ويصرح أخرى إنه ينتمي إلى نحاتي اللغة والصورة والذات الأوائل ساكنو الكهوف وصيادو الثيران
    @ ترى ماكان يسكنني أو ماكنت أسكنه مغارة
    ورأسا كونيا مليئا بالأحلام @

    لقد أصبحت الأرض كهفا كبيرا ولازال الصراع على مفردات هذا الكهف قائما من ثقافة عبادة الأسلاف إلى عصر الإله والإلكترون والفضاء الافتراضي ولازالت قصائد نيرودا تتدلى كعناقيد الرواسب في مغارة الكهف\العالم..

    النحت الحضاري..

    حضارة المايا والأزتيك:
    حضارة المايا ترجع إلى الألف الثالث ق.م قدمت فنونا نحتية وأهرامات ومسلات وصورا جدارية وتماثيل عملاقة وخزفية تتميز بظهور الانفعال وشدته والمبالغة في إظهار انفعالات الرعب والقسوة وأهم أمثلتها مع الأزتيك التي تعد امتدادا لها هو تمثال إله الماء14\3 م وإله المطر والأقنعة الجنائزية وتماثيل الموسيقيين والراقصين وإله الموسيقا والزهور وتتميز التماثيل بالشكل المبالغ فيه والكروي وعادة ما يمثل الآلهة والزعماء بشكل مشابه مع كتابات رمزية وطقوسية.
    تعد الحضارة النحتية والكتابية والروحية الأزتيكية والمايا كإرث ثقافي في التكوين الشعري لبابلو نيرودا
    @ من أجل النصب الحجري
    كان الدم والدمع والصلاة
    والحج المقدس والقبلة
    ومنه، من الحجر تولدت الآلهة ثم كبر قديس المطر
    والقديس المحارب والقادر على كل شيء
    من أجل الذرة والأرض
    ثم أن الآلهة المجنحة والآلهة الأفاعي
    والمخصبة ونذيرة الكوارث
    كلها انبثقت من الحجر
    نصبتها أميريكا بآلاف الأيدي الذهبية النحيلة
    والعيون المندثرة الغارقة
    في الدم والنسيان..@\\\\\\المجلد\1\الصور \17 مكرر\\18\ 19\

    إن أهم صفات النحت الأميريكي القديم كون أشكاله ضخمة وجامدة ومقنعة ورمزية ذات ارتفاعات عالية عادة ماتكون جزءا من البناء أو المسلات.

    نحت الحضارة المصرية..\\\\\\المجلد \1\ الصور\20\21\22\23\24\25\26\27\

    يعد النحت المصري قريبا في مفرداته من فن المايا والأزتيك يتشابه معه بالأهرامات والمسلات والهيروغليف لكن الفن المصري مؤسس على سمات تخصه وطبيعة هواجس مختلفة من حيث النظرة إلى العالم والكون والذات والفن المصري أكثر تنظيما وتقاليد وغنى روحيا من فنون أميريكا القديمة.

    التكوين والهندسة والميل إلى الزخرفة وتتوزع على مناظر صيد الحيوانات ومقابض عاج لأسلحة مزخرفة.
    ثم في عصر السلالات تطورت التماثيل فأصبحت تمثل قيما دينية وتماثل حرفي ومنظور المثلث أي أنه حدث تحول من الزخرفة والتزيين إلى التجسيم وفق معادلات وقوانين ونسب لايمكن الخروج عليها وكان النحات فيها حرفيا يمتثل لإرادة الكهنة وقوانينهم.
    _في مرحلة لاحقة كان هناك ميل إلى التضخيم في التكوين وخضوع للطبيعة والمؤسسة الدينية فقوة الكتل الضخمة تجسيد لقوى غير بشرية هادفة ومسيطرة ومهيمنة.ومن تقاليد الفن المصري الوقوف ثباتا والصورة وجهية قائمة الرجل اليسرى إلى الأمام النساء والرجال في وضعية الراحة وجميع الأشكال في في وضع جانبي والأكتاف والعيون في وضع جبهي لتحاشي الفراغات.يعد تمثال الكاتب المصري استثناءا جميلا وبيانا لحالة الشخص الداخلية وصفاته الواضحة ونظرته الثاقبة الذكية وتماثيل أخناتون ونفرتيتي من روائع فن النحت العالمي وتعد إضافة القصائد بعد اختراع الكتابةليكون النحت والنصب مزودا بأدب شعري يشبه في سكونيته وتحولاته التمثال ومقدمتون الإهرامات وكتاب الموتى والبرديات قصائد منحوتة يتم فيها الربط صوريا وأدائيا من الصور المنحوتة في التماثيل والمخيلة ولاتخرج هذه النصوص شأنها شأن المنحوتات عن سيطرة المؤسسة الدينية وتصوراتها.
    يعد أبو الهول والأهرامات والمدافن إرثا حضاريا وقصائد مكتوبة عن رحلة الإنسان في الزمان والمكانوتصورا مهندسا مقولبا للذات والروح والعالمإذ تبدأ رحلة النحت من وضع العلامات على الكتلة ونحت الشكل العام ثم الملامح والظلال وصقل السطوح وهي في عمومها للآلهة والطبقة الحاكمة والدينية مع استثناءات وهناك اهتمام بالمحاكاة الواقعية لأسباب دينية كي تتعرف الروح على صورتها بعد الموت وتعد تماثيل الآلهة تمثيل للإله ورموزه حيوان مركبه المقدس وهناك حضور لتقنيات متطورة وغياب للحرية فالمنظر ثابت متكرر نموذجي فالنحات حرفي ميكانيكي متوارث. نتيجة لاهتمام الشاعر الثقافي وموروثه القريب رمزيا من الحضارة المصرية القديمة كان اهتمامه بفلسفة البدايات وملك الشمس الذي يشبه أخناتون والتوازن في بنائية قصيدته النحتيةعدة تلاقيات تجلى أهمها في بنائية قصيدته النحتية أهمها استخدام الرموز الحيوانية التي هي سمة مميزة للنحت المصري النمر النسر الثور الطيور الحشرات وشواهد القبور كنصب
    @ هاهنا انتهى المسافر والسفر وتحولا صمتا @
    الموت والانبعاث والصمت وهاجس الخلود لعله الأبرز بين هواجس النحت المصرية.
    @ الدموع المفرطة حجرت الألم
    وحولته إلى نصب أوزيريس @\
    وتجميع الأجزاء المبعثرة للأسطورة المصرية للإله وأخته التي تجمع أعضاءه من أماكن مختلفة لتعيد خلقه وتجسده وكأنها تعيد خلق نفسها والعالم
    @ عندما تتلمس يدي أعاليك
    أصادف في كل ركن يمامة تبحث عني..@
    @ كأنك ياحبيبتي صنعت من الطين الذي صاغني منه خزافي
    ركبتاك ثدياك خصرك
    أشياء ضائعة مني
    كحفرة في صحراء
    أقتطع منها شكلا @
    كذلك في عدة أوصاف شبه متكررة لصورة المرأة والجسد الأنثوي والاهتمام بتفاصيلها تبدو الصور أقرب إلى منحوتة مصرية قديمة أو قصيدة حب فرعونية من إله عاشق إلى امرأته
    @ قدماك ذات العظام المقوسة
    الصغيرتان القاسيتان
    حجرا عينيك الذين تحولا عني بعيدا1
    ثمرة ثغرك الواسع @
    @ يداك جناحا يمامة من ذهب الأرض والحنطة وزغب العناقيدلمسك خشب
    أوحى لي بلمستك واللوز باح لي بنعومتك @
    صوره معنوية وردة تقطف ماء يتفجر عن الفرح،موجة فضة مباغتة تخلق فيك هكذا وصف الابتسامة
    لنجمع هذه الصفات ونرة أيها أقرب إلى التجسد نفرتيتي كليوباترا أم ححتشبسوت أم آلهة في أنشودة عن غرام إلهي أم مصر المختزلة من مئات التماثيل والقرويات حاملات الجرة التي تعلم منهن محمود مختار الإيقاع وصورة المرأة المستلة من خيال مجسد وآخر يتجسد ولع المصريين بتجسيد الحيوان من الخرافي أبو الهول إلى المقدس الثور إلى الخنفساء التميمة راسخ ويعد أحد مميزات الفن المصري مما يروى عن شغف أحد البطالمة بتمثال طيني مشقق كان يصدر أصواتا متناغمة للثور والأسد في وقت واحد وحبه له جعله يغطيه بلون أوكسيدي خوفا عليه من التشققات الواضحة ومن يومها كف التمثال عن أن يصدر صوتا. جسد نيرودا صورا للحيوانات الأولية المقدسة من أكثر من جهة الثور،الطيور، الحشرات وكلها تبدو منحوتات شعرية
    @ أنا النمر أرقد متربصا بك بين أوراق عريضة
    كسبائك من المعدن الهندي..@

    النسر..@ أحلق فوقك وأنت ماشية
    وفي عاصفة من ريح وريش وخالب
    أرفعك إلى وكري المعتم..@

    الحشرة..@ من ردفيك إلى قدميك أقوم برحلة حشرة
    تجوب تلالك التي بلون الشوفان
    ولها مسالك نحيلة لايعرفها
    سوى سنتمترات محروقة وأبعاد شاحبة
    وترافقه في ترتيلة جنائزية لنصب جنائزي
    يلفك الضوء ووهج الموت
    شاردة شاحبة متعبة
    هكذا تبدين أمام دوامات الشفق
    وهي تدور حولك صامتة وحيدة
    في عزلة ساعة الموت
    وملأى بحيوات النار
    التي ترى النهار المتكسر فيك..@

    ألانشاهد منحوتة بشرية مومياء لم تزل تحتفظ بنبضها وجسدها وصورتها في تفاصيل القصيدة؟
    لعل القرابة بين حضارة المايا والحضارة الفرعونية وأوجه التشابه تجعل المزاج العام للشكل والنحت واحدا إضافة إلى هاجس النحت في قصائد نيرودامايجعل التلاقيات ممكنة إضافة إلى كهانة القصيدة التي تجعل العلاقة بين البدايات والمستقبلوالفنون واحدة من خصائص الشعر فتلامس تحولات الكائن البشري في كل الأزمنة والأمكنة وعلى اختلاف وسائل التعبير والتلقي في وحدة الأناسة البشرية التي تجعل من ساكن الكهف وساكن ناطحة السحاب واحدا والخلاف في تعاملهما الزمكاني
    @طر أيها الطائر إلى السحب والبدر المكتمل
    والشمس والمسافات
    بريشك البازلتي
    وحوصلتك ذات الزغب الحجري @
    نلمح أثر الفن المصري في شعر ومنحوتات نيرودا الشعرية في صوره التي تأخذ من الفن المصري احتفاءه بالحيوانات كرموز وهاجس الزمن والخلود وضخامة الكتل والرسوخ والثبات والسكون وأكثر ماتبدت في تعبيراته عن طبيعة المواد وأسرارها التي سنناقشها لاحقا.

    النحت الرافدي:\\\\المجلد\1\الصور \28\29\30\31\32\33\34\
    35\36\

    المنحوتات والجداريات الرافدية هي قصائد مكتوبة بالطين مادة الخلق الأولى عن الجبروت البشري في لوحة النسور أو ملك لاغاش وصيد الأسود واللبؤة الجريحة وفضضية المعبد وآلهة الينبوع والثيران المجنحة وتمائيل حمورابي وجلجامش وواجهات المدن المنحوتة والأختام. من الصعب الكلام عن أثرها الحضاري والفني ولعل أهم ملامحها القوة والشعرية إذ عادة ماتكون مترافقة مع أناشيد تكون جزء من بنيتها الفنية ولعل تمثال جلجامش الذي يهصر سبعا ويحمل السوط يمثل القوة البشرية والنبل وبإمكاننا قراءة الملحمة الشعرية عنه من خلال أكثر من تمثال يمثله في وضعيته وتعد ملحمة جلجامش أول تجسيد شعري نحتي يفسر الخلق والبدايات والآلهة وسعي الإنسان إلى الخلودوالتسامي.أثرت التماثيل السومرية على حركة الحداثة في العالم بعد اكتشافها وأثارت الدهشة كوثائق مجسدة وقصائد منحوتة تعبر عن الفكر البشري وهو يصوغ أول الأشياء\المدن_الصناعة_الزراعة_العجلة الأبدية والشعر ونفسه وهي في مجملها تمثل الأدب الشعري الدينية مجسما وغالبا ماكانت النصوص ترافق المجسدات النحتية الرمزية التي لاتنتمي لعالم النحت أو الشعر وحدهما أو كلاهما بل إلى عالم الجمال عموما.
    في القصائد التي تشبه الرعويات تبدو مادتها مصاغة عند نيروداعلى عكس هواياته في نحت المادةالصلبة كالحجر والمعادن والجواهر لتبدو مغمسة بالطين وتتشكل من الطمي والدم والنار لتغدو أكثر سلاسة وأقرب إلى الطبع البشري الترابي الطيني المائي الرافديني الزراعي حيث طقوس الخصب ورموزه في صراع دائم بين الراعي بعل وتموز والمزارع على قلب عشتار مرة تفضل هذاومرة ذاك وفي كلا الخيارين هناك زمن يغير رموزه من الخارج وعلى صعيد الشكل.
    @ أبحث فيك عن الصلابة
    وأناأغرق في دمك أياديّ القاسية
    باحثا عن عمق أحتاجه
    فإذا وجدت معدن ضحكتك ولم أجد دربا لخطواتي
    تقبلي حزني وغضبي
    يداي المعاديتان تدحرانك قليلا
    كي تنهضي من الطين بشكل ملائم @

    إنها إعادة صياغة وتوزيع لمنحوتة طينية في تمئل لمادة الخلق وإعادتع وفق صياغة جديدة تمرر عبر النار_التجربة لتأخذ طابعا صلبا مع احتفاظها برونق جديد.

    @ تركتك على الرمل وأنا ألامس غضارك القاتم
    وأرتعش عليك أن تخرجيمني
    فأنت ثقيلة كحجر
    حاسبا خسارتك خطوة خطوة
    لأتركك في الريح وحيدة
    ابتلعك الغضار،ناديتني ابتعدت بلا حراك وابتلعتك الرمال
    خرجنا من القطيعة عاريين
    دون أحلام ولارمال
    كاملين متألقين أوثقت النار رباطنا @

    هنا الشكل،التصور،العلاقة وهي تشكل بالتجربة النار لتعيد خلق ذاتها وتملك إمكانية الاستمراركفكرة أو قصيدة أو منحوتة أو كلاهما.
    @ جسدك ليس مجرد وردة في الظل أو ضوء القمر تتفتح
    ليس حركة واحتراق نار ودما وتويج لهب
    لكنه استعادة طين الطفولة
    وموجة الشوفان وقشور الفاكهة الداكنة للغابات
    عطر الخشب والتفاح ولون الماء السري
    حيث تسقط الفاكهة والأوراق
    جسدك خيط نقي من تراب كأس يعرفني
    كلماتي تحفظ تكوينك
    لكل من لايعرفك سيعرفك
    عبر موجة القمح والشقائق
    وجسد الحب الذي يبقى مابقت الأرض..@

    مرة أخرى الخلق وكون الصورة والتصور من تراب واحد حيث يتم التماهي بين صورة الفنان وتصوره وهو يضوغ من ترابه ومخيلته صورة من يحب.
    وأخيرا صورة الأسد الآشوري_السومري
    @ أسد بائس حمله المد إلى الجزيرة السوداء
    إلى ملح الأرخبيل الأبيض
    ليس له غير خطم أجوف
    وبراثن ضجرة من الانتظار
    وذيل مثل منفضة الريش
    غضّنه الخجل المتكبر
    وهرم كما تهرم الأسود الملقاة في أماكن التسلية
    تحول إلى زينة أسد حديقة أو أسد درج المداخل
    يدفن جبهته في المطر وهو ينتظر عدل ساعة الجيولوجيا @

    صور صيد الأسود وترويضها واللبؤة الجريحة والأسود على المداخل للمعابد والقبور كرمز للقوة والتناسق والعنفوان ماأن توجد في مكان ما شعري وفني حتى تجد لها موطنا أولاطين الفرات وغرين دجلة كذلك قصة الخليقة من الظلمة إلى الفجر إلى خلق العالم إلى الطوفان يتمثلها نيرودا في أرض بعيدة التشيلي.
    @ لم يقل أحد أن ليس وراءهذا المكان أرض
    وأن الفراغ يبدأ من هذا المكان
    الفراغ القديم الحافظ هو والكارثة والظلمة
    ثم الظلمة والظلمة
    ذاك هو الشاطئ الصلب الذي كنت أسير عليه
    من الجنوب إلى الشمال إلى الغرب إلى عزلة الأحجار..@

    كذلك يعيد بحث جلجامش عن الموت والرهبة عبر تحويل الحجارة إلى كائنات تغادرموتها لتعود إليه.
    @ من الصحارى تقدمت السفينة إلى السماء سهما حجريا
    متجها إلى اللانهاية
    لم يكن هناك ماء ولاخبز ولامرعى
    لاشيء سوى مركب صيد من الحجر والموسيقا

    كانت صرختي صرختنا نحن أبناء الأرض التي قتلتنا
    بصبارها الناري بأمومتها الحديدية بصحرائها
    وبالعرق والريح والرمل وصلنا أخيرا إلى الراحة
    متدثرين بالفراغ وأرادت سفينة من حجر أن تقلع بنا
    إلى ذلك الموضع الي لايطير المرء فيه دون أجنحة
    إلا إذا دخل إلى الموت
    هذا المكان الذي بلغته بسفري ولم أتجاوزه
    فمن ورائه يبدأ الموت..@

    هنا يعيد نيرودا نحت النكان مزودا بزمن آخر،الشعر ومقدرا المسافة بين حلمه وحلم جلجامش الأبدي..

    النحت الهندي_الشرقي:\\\المجلد\1\ الصور\37\38\\

    النحت الهندي عنصر من عناصر عمارة المعبد فيه اهتمام بالمضمون أكثر من الشكل. المنظور في المنحوتة الهندية بدائيّ ويتميز النحت باستخدام مواد مختلفة وبالجداريات التي تحكي أسطورة التماثيل. في المرحلة الثانية اهتمام بالمنظور وفيها يها بقوة وعموما يتميز النحت الهندي بالزخرفةوالمنحوتات الخشبية والعاجية والمعدنية بها ترابط سردي فني كالنص الشعري عبر تجسيم الإيماءات والدلالة إليها بقوة ،عموما يتميز النحت الهندي بكونه روحيا تمثيليا وهو غني بالدلالات التي تحتاج إلى التمعن.أهم التمثلات معبد كاجور_شيفا الراقصة_تمئلات الغانج..النحت الهندي رفض للعقل والواقع وبحئ عن الماهية والاستنارة وفيه تحرر من التمئل البشري انطباعيا وشكليا وغير خاضع للمادة وبه رغبة للتحرر منها إلى قوة روحية،إنه زخرفي يعتمد هندسة فوق طبيعة التمثالومحرر من الممكن والزمكان.
    كان لوجود نيرودا قنصلا في سيلان 1948وجاما وسنغافورة وسفره1950 ولقائه مع نهرو وترجمة قصائده للهندية وصداقاته مع الوسط الثقافي والروحي أئرا جماليا تبدى في قصائد بها روح المكان ومنها قصيدته التي ترسّم فيها قصيدة مشهورة للشاعر طاغور وكذلك حضور فلسفة التناسخ والبعث وعلى أية حال فالمصادر الروحية الهندية والتشيلية تشترك في عدة مجالات وتمئلات للعالم وبالتالي تبدى الحضور اللإنسانس الثقافيفي شعر نيرودا وفلسفته الداخلية ولمسة الإشراق والتقمص والحلول وروحنة المادة والدخول إلى قلب الأشياء والعناصر
    @ في هذه النقطة الولادة_الموت ستغدو حجرا
    ليلا بلا رايات
    حبا بلا حركة
    ومضا لانهاية له
    نورا أبديا
    نارا مدفونة


    نيرودا يبحث عن فناء وولادة جديدة ليموت موتة ناسك هندي يغادر جسده ويدخل النرفاناتاركا كل ماهو قابل للموت..يموت باحثا عن المطلق لكنه هنا مرتاب ويبحث عن صلابة لهذه اللطافة الطاقة فبقف على بوابة الشك والبين بين مرتابا أسيرا لتصوراته فيختار خلود الحجر متراجعا عن موته وباحثا عن معنى أقرب إليه وهل ثمة غير الشعر؟؟
    في عقيدة التناسخ التي هي هنا موروث فني ومعادلا جماليا لتجربة أخذت من مجالها واكتسبت معنى خاصا تتكرر حالات التقمص من الولادة من الذات إلى الحلول في الآخر إلىالتوالد اللانهائي في قلب الأشياء إلى نحت التصورات عن الطبيعة وتحولاتها وعن الذات وقد استعارت عالما متكاملا أشبه بوحدة الوجود.
    @ البارحة خرجت من شجرة اقتلعت كي يتعرفوا ماهيتها
    رأيتك تخرجين منها
    محدقة بي من جذورها المسومة بالعطش @

    ومن خلق الذات من الذوات الأخرى ينتقل نيرودا إلى الانفعالات
    @ ابتسامتك وردة تقطف ماء يتناثرمن فرحك
    موجة فضة مباغتة تخلق فيك..@
    إن الاطمئنان والفرح الأولي الإنساني والنور الذي يولد بين عتمتين يلاحقه بتمثلاته ومجازاته ويترك في القصيدة المنحوتة آثاره العميقة.إن ابتسامة المرأة الحبيبة تترنح من بين ثنايا النص غامضة ثرة محيرة،جوكندا تخص الشاعر النحات وحده ويتركها تحيل إلى مئات الدلالات لكنها هي هي كما فعل دافنشي ليثبت ابتسامة الجوكندا الغامضة بصياغة نماذج طينية لاحصر لها ليختار ابتسامة واحدة ويثبتها.ويبدو أثر الهند في القصيدة السجالية مع نص طاغور تناصا يضيع الفواصل بين ترسّمين ليعبرا عن اللوعة ذاتها في صياغتين مختلفتين كقصيدة عن جدارية أو جدارية عن قصيدة..

    النحت الإغريقي:\\\الجلد\1\الصور\39\40\41\42\43\44\45\46\ 47\\

    تحول النحت والشعر على يد الإغريق من معرفة حدسية إلى معرفة حسية وأحدثوا نقلة معرفية من عالم السحر والغموض إلى عالم الأسطورة من الغموض إلى الوضوح واستوعب الشعر والنحت سحرية تحول الكون وحولها إلى بنى دالّة يبتعد عنها الفنان بمقدار اقترابه من ذاته والعكس ولأول مرة تجرأ الفنان والشاعرعلى تفسير العالم ذاتيا عبر بصيرة محنكة للعقل فالنحت والشعر عند الإغريق فن الذات الواعية لنفسها والعالم وهما يأخذان من المادة_اللغة الكليتان ليصوغا خياراتهما بحرية. بألواح معبد زيوس في الأولمب وفينوس اسكلان وحوذي دلفي ووزيوس كالاماس تبدأ مرحلة مؤسسة للنحت قوامها الإيقاع والهارموني تمهد للكلاسية الأولى عبر تمثال رامي القوس ل ميردن الذي جسد التناسق والجمال والحركة وحامل الرمح ل بوليكيت إضافة للمصارع وحامل القوس حيث النسبة والتناسب والحركة من تماثيل تلك المرحلة صيغت معادلة معمارية الجسمومعمارية البناء ارتفاع الرأس =1إلى7 ويساوي نصف طول الساق ونصف الجذع ونصف عرض الكتفين ثم لاحقا الجسد=الرأس×8-قطر العمودبانسبة إلى طوله1إلى5 عرض الإصبع للتمثال=1إلى 10.
    تجلت عبقرية المرحلة الكلاسية في نحت فيرياس_آثينا بروماخوس وفي البارثيون 40 تمثالا و52 جداريةفي الإفريز الخارجي والداخلي360 نحتا نافرا امتازت بالدقة والحركة والواقعية والهارمونيوإظهار العواطف البشرية والانفعالات ليصوغ براكتيل أفروديت لأول مرة عارية وفينوس دي ميلو وساتير على شجرة وكان الناس يأتون إلى مدينة كنيدوس لمشاهدة أفروديت حسية بشرية ناعمة خرج عن الشكل الدائري واهتم بالتعبير والعيون ثم ليزيب الذي اهتم بالحركة والضوء عبر تماثيل الاسكندر_هرمز_هرقل ومن أهم آثار النحت اليوناني جدارية برغامة بطول 130 متر وطول الشخص 3 أمتار وتصور الصراع بن الآلهة والعمالقة وترمز ألى السلطة والترف وامتازت بتوقيع الفنان على عمله ولعل أول توقيع لأبولونيوس من هيرابولس -منبج من أاغيريا تابعة لمنبج موجود في أليسطوم ليديا_غطاء تاورسي رخامي. القداسة عند اليونان تساوي التكامل اوالجمال والتماثيل عندهم لاترمز للحكمة بل تجسدها.وأصبح عندهم نحت النحت أي الجمع بين صفات آلهة محلية -مصريةويونانية-سيرابيس مثلا أو آلهة أخرىوإعطائها ملامح جديدة شعريا ونحتيا. يمتاز النحت اليوناني بالعري وفي حالات أخرى بالألبسة وإظهار الصيغ التشكلية وصدق المحاكاة ووحدة الأجزاء والهارموني عبر التجسيد وجعل الفكرة في متناول العقل.قبل أن يبدع النحاتون الإغريق تماثيلهم كان تمثلها شعريا مجسما في صفوف الإلياذة والإنياذة والأوديسا على يدي نحات البصيرة الأشهر هوميروس الذي شأنه شأن من فقدوا البصر امتلك البصيرة والقدرة على التقاط المحسوس والمجسم وكأنه كان بيديه المبصرتين يصوغ تماثيلا لغوية شعرية مجسمة تبقى بعد أن تفنى كل التماثيل فهو مزود بالبصيرة والمحسوس والشعر.
    الإرث العالمي لفن النحت اليوناني وكامل الإرث الثقافي هو من العناصر المكونة لأي تفكيرحضاري على امتداد جهات العالم وبابلو نيرودا تمثل هذا التراث النحتي والشعري والأسطوريوتناص معه في أكثر من نص شعري عبر استلهام الأسطرة والنصب النحتية والرموز مرة بشكل واع ومرة في لاشعور القصيدة.
    @ كأن الوجود من عطور وضياء ومعادن
    مراكب صغيرة تبحر بي نحو جزيرتك @
    إنه تمثل للإغريقي المبحر بحثا عن طروادة جديدة في الأوديسا وطروادة التي لم تعد موجودة إلا في القصيدة والذات ولكل شاعر طروادة خاصة به. ومثال آخر أو تمثل آخر أو تمثال آخر

    @ أنت من أراها على الخارطة
    مرتفعات النحاس على رأسك
    نهداك قمح وذهب
    وخصرك أنهار وسهول
    وقدماك القادمتان من برد الجنوب ذهب مزدوج
    ألمسك أغصانا وأراض فاكهة ومياها
    ربيعا وقمراصحراويا وصور يمامة برية
    نعومة حبر صقلتها المياه
    وكثافة أدغال حمراء
    أرتمي إلى أميريكا الصغيرة في جسدك..@

    نيرودا هنا يصوغ منحوتة تعبر عن بلد في امرأة وامرأة في بلد وكأن شعره المنحوت مدخل مدينة مرمزة كبوابة عشتار البابلية أو الذئبة التي ترضع روميلوس شعار روما أو نصب ريودي جانيرو أو نصب المرجة التذكاري أو أو لكنها جميعا تستمد حضورها الملموس والعياني من الشعر المجسم البنائي والغالب في المنحوتات الحضارية إنها مستمدة من أسماء مناطقها -فينوس-ميدتشي-ينوس دي ميلو-افروديت..
    الاهتمام بالتفاصيل الجسدية ودراستها وتاملها في قراءة هذه التفاصيل يتوحد الشاعر بالنحات فنراه يهتم بتفاصيل معينة والقبض عليها أما النحات فنراه وهو يدرس التفاصيل يبحث لها عن تشلبيه ومعادلات شعرية لتكمل رؤيته الشكلية.
    -قدماك ذات العظام المقوسة الصغيرتان القاسيتان
    -يداك ناعمتان وقدماك دقيقتان مثل مهرة فضية حلوة
    نهداك رغيفان من تراب وقمر خصرك نهر تكوره يدي
    ولاشيء يشبه ردفيك حلوة ياحلوتي سرتك بشرتك أظافرك وجودك نورك ظلك
    -المطر غسل الهواء وفي الماء قدماك تلمعان كالأسماك
    -سأصنع من كلماتي المشوبة بحبك قلادة لانهاية لها
    ليديك البيضاوين الناعمتين مثل حبات العنب..
    الفنان النحات نيرودا يدرك لاشعوريا نحته في اللغة والصورة والمادة فهو يحجر المواد بعيني الميدوزا تاركا أثر الحياة فيهما إنه يحجر حتى الدموع والألم لقد أخواها تمثالين مظلمين من الغرانيت لأن كل دمعة ولدت حجرا
    الدموع المفرطة حجرت الألم وحولته إلى نصب وأكثر مرة يتحول إلى المعاني الكامنة في المواد ويهزها يحركها من جمودها ويعطيها معنى
    @ قلب إحدى عرائس البحركانت بقساوتها المفرطة تمشط شعرها
    وتلعب بالطحالب في قسماتها
    صورة شريرة من اللواتي يذبحن في القصص عاشقيها وهي ترقص
    ..تركوا قلبها الحجري معلقا بمرساة ملقى على بعد خطوات..@

    لاحاجة إلى مرجعية التصور والنظرة والروح اليونانية في هذا النص المؤسطر عن الحوريات والبحارة والقلب المتحجر.
    يوجد أكثر من تعالق نصي وأحدهما مضمر إنها أسطورة بجماليون الذي عشق تمثاله فطلب من الآلهة أن تهب له الحياة وفعلت لكنه اكتشف أن قلبها حجري وهي المشكلة الأزلية بين صورة الشيء وتصوراتنا عنه
    إنه مورط دائمابالجسد وهو يضيء عتمته بالشعرلكنه مورط به.شغف الشعراء والنحاتين لعظمة الجسد البشري وأسراره وتكويناته وسحره
    @ قل لي لماذا مثل أمواج على شاطئ
    تذهب كلماتك وتعود إلى جسدها أبدا
    أهي الشكل الوحيد الذي تهوى..@

    نيرودا في حالة الانغمار يكشف لنا بعض من أسرار صياغته إنه خزاف ونحات وصائغ مرة يقطع الشكل من الطين والتراب والملح والمجوهرات والأخشاب ومرة يصهره من المعادن وكل ذلك شعرا ماأن تتلقاه حتى تتخذ دلالاته أجسادا وأشكالا

    @ تزرع الحزن بين عيوني
    وتفر من انصهار المعدن الأزرق
    من ليالي الصراع الصامت
    وقلبي يحوم مثل طائر مجنون..@

    لقد عثرنا على أبطال وقادة ونساء وأنصاب تذكارية وتصورات آلهة وجنائزيات وملامح أشخاص بذاكرة نحتية وكأننا نعبرأمام مجلد للنحت من البدائي غلى الراهن وهذه هي عظمة الشعر والنحت والشاعر والنحات حين يصيران شيئا واحدا

    @ الآن الآن حتما ياصغيرة تأتين لي بزهر العسل
    وثدياك معطران بينما الريح الحزينة تعدو وتقتل الفراشات
    أحبك وفرحي بك يغمرفمك الذي يشبه البرقوق
    كم ستتألمين لتتعودي روحي المنفردة البدائية
    أحببت دائما جسدك الذي يشبه اللؤلؤ
    المشبع بالشمس حتى ظننتك تملكين الكون..@

    صدق المحاكاة والاهتمام الكلي ووضوح الرؤيا والخيال،هذا ماطالب به أرسطو الشعراء والنحاتين.
    نلاحظ أن التصور والصور قريبة وحسية ونافرة ومشبهة لكن مسا خفيا يجعل دلالاتها محملة بالعبق والطزاجة والتمثل فيها ممسوس بالخيال واللهفة. ما يروى عن فيدياس النحات اليوناني أنه رسم طفلا يحمل نقودا من العنب حطت عليها العصافير تنقره وحين كرمه الشعب اليوناني انبهارا قال لهم :لوكنت رسمت الولدجيدا لما تجرأت الطيور على الاقتراب.هذا الصدق في المحاكاة والمماثلة يغيب شعريا وهو نسخ غير مرغوب به وتقليدا أولى بالحرفي منه بالفنان لكن فنانا آخرهو مايقترب من ذات الشعر والنحت عندما يرتقيان ليصبح كلاهما فنا وهو مايذكر عن النحات اليوناني بولوغنوتس أنه أراد أن يجسد هيلين الاغريقية فذهب إلى كروتونا المعروفة بجمال نسائها ودرسهن طويلا وكانت أحلى وأجمل منهن جميعا،إنه جمال المخيلة وهي تعيد رسم الواقع وتتجاوزه إنها تحيل إليه لكنها تتخطاه وهذا دأب اليونان شعرا ومسرحا ونحتا إنهم يحلقون إلى السماء لكن أقدامهم مشدودة إلى الأرض-الواقع ويلتقي معهم في معظم نتاجه شاعرنا نيرودا مع فارق الزمنوالموضوعات مترسما خطا شاعرهم بندار
    -اطرق لسانك بالإزميل-إزميل الحقيقة ومايتطاير منه مع أنه ليس سوى شرر سيكون له وزن.


    النحت الإفريقي..\\\المجلد \1\الصور \48\49
    \50\51\

    في افريقيا،لكل قبيلة مخطط منحوت ثابت،التعبير الجسدي به غير واقعي وله دوروظيفي طقسي-للحرب-للأمراض-للرقص-للمطر-للأدوات وتقليد الطبيعة-الأمومة واللعب والحب والجسد..وتختلف أدواته ومواده،عصي رمز السيادة-تعويذات-أقنعة لأدوار مختلفة-أشكال حيوانية.\أدوات-آلات-أسلحة.
    يتميز النحت الإفريقي بالرشاقة والشكل الانسيابي والاسطواني زمن الناحية التعبيرية به مشاعر عميقة داخلية،الرؤيا فيه من المخيلة التي ليست انعكاسا للعين بل للداخل.
    في العصر الحديث تمت إعادة الاعتبارللنحت الإفريقي وإعادة قراءته فهو يعد من أهم روافد الحداثة وهو من أوجد بنات أفينيون ل بيكاسووالتي تعتبر نقلة نوعية تشير إلى بداية مرحلة جديدة في تاريخ التشكيل في العالم.
    تعلم الفنان والمتلقي عن طريق المنحوتة الإفريقية أن العلاقة بين الشكل ولمضمون علاقة افتراضية وأن بإمكاننا نحت عشرين وجها في عمل واحد وأن الداخل يترجم الخارج وأن التحرر من الصورة المباشرةوالذهاب باتجاه التصور وأن بإمكاننا أن نعبر عن الفراغ بالكتلة والعكس.النحت الإفريقي مرتبط بالتقاليد الشفاهية الشعرية في التصورات من الخلق والأصل والأرواحية جزء من أجزاء تكويناته بل في بعض أنواعها هي الأصل فصناعة التمثال يأخذ ملامحه من الشعر والشعر يأخذ ملامحه من التمثال وعادة ماترافق الأغاني الطقوسية مراحل صناعته وعرضه واستخدامه،إنه مغمس بالشعر والشعر مغمس به.هذه التقنيات والتلاقيات ليست غريبة على الشعر فالشعر مثل المنحوتة الإفريقية يحمل صوره وتصوراته على أساسهز الخصائص المعتادة والأليفة للأشياءومنحها هويات جديدة ووسائط تختلف وسائل إيصالها حسب المتلقي فهو في بنيته من الممكن أن يعبر عن الكثرة في الواحد وعن الواحد في الكثرة ويلعب على المتناقضات ويقلب المفاهيم ثم يعود إلى حالته السكونية المتأملة وكأنه لم يفعل شيئا إنه السكون الوهمي السكون المخادع كسكون قلب الإعصار مع أنه ثابت وساكن لكن من حوله طاقة لاحدود لها.
    تتبدى ملامح مشابهة للنحت الإفريقي عند بابلو نيرودا في غالبية الصور المباغتة لأشياء وحالات وعواطف تكسر أفق توقعاتنا وتلقينا لها هي لاتنزع من العادي بل من بساطة مركبة تدخل قلب الحالة داخلها وتحيله إلى الخارج كتفسير ضحكة أو صرخة ليصير الاستثناء فيها قاعدة لنقرأها لاكما نعرفها بل كما هي داخلا أصبح خارجا وفضيحة.

    @ امنعي عني الخبز الهواء لكن لاتمنعي ضحكتك
    الوردة السهم الذي يشطر
    الماء المباغت في فرحك
    الموجة المفاجئة كنبتة تولد فيك..@

    عن طريق التكرار تتحول الرموز إلى مقولات وهي محملة بقابلية الحصانة ضد الملل عن طريق شحن محتوياتها بطاقة لاتنضب على إعادة التسمية وتكريسها لحالات وجدانية عميقة آخذة من اللغة بعض طرائقها لتجسيد المتخيل لتكون شعرا مجسدا..لنتأمل قصيدته عن صديقه لوركا:

    @ أموت لأجل صوتك المعسول كشجرة برتقال
    لأجلك صبغوا المشافي المدارس بالزرقة
    لتنمو السواحل البحرية
    ولتحشو الملائكة جراحها ريشا
    وعذارى الأسماك تتغطى بالحراشف
    ولتحلق قنافذ البحر نحو السماوات
    ومحلات الأقمشة السوداء تمتك ملاعقا ودماء
    أموت من أجل حلاوتك المصنوعة
    والبحيرات الحمراء التي تقيم بها منتصف الخريف
    مع جوادك الساقط وإلهك الجريح
    لأنك تبكي أمام نهر الموت مهجورا جريحا
    وفي عينيك دموع الدموع..@

    عندما يفجع شعب ما بموت شاعر يصاب بالفقدان وعندما يفجع شاعر بموت شاعريعرف أن مخيلة ما خسرت رافدا لايعوض فيذهب إلى المناجم الداخلية للفرح البشري ليعود بشكل يسع مايحدث،هكذا يفعل نيرودا وهكذا يفعل النحاتون الأفارقة وهم يجسدون غيبة الأسلاف بالغرف من الذاكرة الجمعية التي هي موطن واحد للفنانوللشاعر وللغة..

    نحت عصر النهضة:\\المجلد\1\الصور\52\53 \54\55\56\57\59\

    كان لسقوط القسطنطينية صداه على صعيد الفكر والفن تمثل في إنهاء هيمنة النمط البيزنطي الشرعي في أوروبا ثم هجرة المثقفون والفنانون إليها ومعهم الفكر اليوناني وثالثا دفع أوروبا للقيام بنهضة ردا على سقوط أحد مراكزهم،وكان لشعر دانتي وحده أن يفسر ملامح تلك النهضة كونه وريث الروح الإغريقية المتوثبة.
    قامت في مراكز أوروبا حركة نهضة شاملة في كل المناحي وعلى صعيد الفن تم وضع قواعد رياضية وهندسية للعمارة والتصويروالنحت مستمدة من الأفلاطونية الجديدة متمثلة العصر الذهبي الإغريقي وتم تعميم علم المنظور والتناسب فتحت مشاريع أقرب إلى العلمانوية الإنسانية والاتجاه نحو شعرية جديدة كان الملمح العام لها الطابع الرسمي الإنساني والفلسفي المثالي العقلي وقد ساهمت الطباعة في نشر حركة وعي جديدوعمقت الكتب التي تتحدث عن العمارة والنحت والمنظور.أكثر ماتبدت هذه الروحعند علمين من أعلام النهضة هما مايكل أنجلو و ليوناردو دافنشي.
    كانت عذراء الدرج والقنطورس المستمدتان من الشعر بواكير أعمال مايكل أنجلو ثم تأثر بالفكر الهيلنستي في تمثال باخوس وتبدت عبقريته في المنتحبة ثم تمثال داوود الذي جسد فيه القوة والعظمة والنهوض ثم تمثال موسى وراشيل وليا والأرقاء المعدة لضريح البابا واكتمل مشروع عبقريته في ضريح لورنزو دي ميتش بتمثال الفجر والليل.كان أنجلو شاعرا نحتا وله مجموعة من القصائد النحتية والقصائد الشعرية ومن قصائده ردا على شاعر كان يريد ايقاظ تمثاله -الليل
    \النوم حبي الأبدي المجد للحجر
    لاتوقظ تمثالي دعه ينام في ليله وأغلق فمك
    حتى ترحل أزمنة العار\

    حين كلفه البابا برسم سقف السكستين كان يؤثر النحت على الرسم وكتب:اليوم أنا مايكل أنجلو النحات شرعت في رسم سقف الكنيسة،ولاحقا كتب:أعرف أن هذه ليست مهنتي فأنا أضيع وقتي. السكستين جاء رسما منحوتا وشعرا ومما قاله عنه غوته:
    إذا لم تر هيكل سيكستين لن تكون عندك فكرة رقيقة عما يكرس له وجود إنساني الثقة الداخلية وقدرة المعلم وعظمته تتجاوز مايقال فيه يسيطر مايكل أنجلو في هذه اللحظة بحيث لاأستطيع الاستمتاع بالضيعة التي صارت في نظري أقل عظمة.
    كان أنجلو يحس بأزمات عصره وأنها تحيل إلى العدم فقال: أشعر بالقلق وأنا أرسم إنسانا تخلى عنه الله.

    ليوناردو دافنشي..

    كان يمثل كل معارف عصره ومبدعا في كل مجال فيها لم يبق من تماثيله النحتية إلا ثلاثة-سفورتزا في فلورنسا- رأس سيبو في اللوفر- والفارس في ويندسون.
    مثلما وجد غوته في استيعاب روح العصر والقياس على الماضي في إنسانية العصر الإغريقي ومشروعه العقلي حلا للنهوض بمستلزمات عصره كذلك وجد بابلو نيرودا في ديوانه الكبير -النشيد العام- تمثلا نهضويا في استعادة ذاكرة الجغرافيا والمكان والحضارات السابقة والإرث النضالي لمقاومو الاستعمار ومن ثم في الماركسية مشروعا نهضويا عبر العودة إلى ماقبل الغزو الإسباني لأميريكا-التاريخ الجغرافيا النباتات الطبيعة الانتربولوجيا سيرة من البدايات حتى الراهن-هجرة-استيطان-غزو- تحرير.
    في النشيد الأول\المصباح في الأرض\ يتكلم عن الجيولوجيا والغابات المسكونة بالعصافير وأصوات المياه التي سميت -أورنيكو-الأمازون-بيوبيو وفي نهاية الفصل تسكن قبائل الأزتيك والكاريب والمايا والأنكا المكان.
    النشيد الثاني تمجيد للحضارة التي دمرها الإسبان وسلبوها ودعوة لإحيائها.
    النشيد الثالث إدانة لهمجية الغزاة وتعصب رجال الدين..
    النشيد الرابع تمجيد لزعماء الهنود الذين قاوموا الغزو الإسباني ك-راتيموك-توباك-لاوار وللمقاومين الجدد -زاباتا-ساندينو-ريكابين- بحيث تبدو تماثيل نصفية وجداريات وتمثلات تشبه تمثلات عصر النهضة لابل إنه تصور أن قبر -فيكتور هوغو موجود في التشيلي.وفي جزيرته السوداء في ديوانه- أحجار تشيلي - أحجار أسماء فنقله من البانثيون عبر حجر يذكّر بقبره

    @ من ذا الذي يرقد هكذا يحدق به
    الغضب البحري الذي لايسبر عمقه
    لايعلم ذلك إلا قمر القطرس
    وصليب القاق وقدم البجعة الصلبة
    ليس يعلم ذلك إلا البحر
    ورعد الفجر الأخضر الحزين
    غار لحنه في بياض البحر وسرت مادته ..@
    @ من فرنسا الندية ومن ترابها
    أجتاز الأقاليم
    عبر الأعاصير والأرخبيلات
    مترصدا الحمائم المتدفقة في جنوب تشيلي
    شبحا ثلجيا يستريح وحيدا دون قيود
    يغفو أبا لأبديته الخاصة..@

    من المعروف عن هوغوأنه رسام وناقد فني وهو حين أسس مجلة المحافظ الأدبي 1827 كان معه -سانت بوف- ولامارتين وبلزاك ومن الفنانين -بولانجيه وأنغر ودولاكروا معا شكلوا اتحاد رماونتي داعين إلى أن الحقيقة في نفس الفنان بعيدا عن روما وأثينالأن الكلاسية صارت عبئا على نفسها وعلى الفن وأن -دولاكروا- قال:إن روح الفنان ترن كالبرونز عند الصدمة من تأمل الطبيعة وقراءة الشعر وأنه استوحى من غوته وشيللر وبايرون أكثر مما استوحى من الطبيعة.
    يذكرنا هذا النشيد بروائع أنجلو النصبية-الليل -الفجر- العمل -الفكر وكذلك بالنصب التذكاري للشاعر نفسه-هوغو وأن الشعر في وجه من وجوهه نصب تذكاري يحيل إلى صاحب الذكرىوإلى صانع العمل وإلى الشعر والنحت عبر تقديم الإنسان كما عند -مايكل أنجلو- وعند-فيكتور هوغو و-بابلو نيرودا قويا عنيفا متمردا ناهضا وصانعا لقدره..

    كان النشيد العام يرافق غيفارا ورفاقه وفي لقاء مع نيرودا شرح له أنهم معجبون جدا به وبروحه لكن نيرودا أبدى أنه يعارض الحروب في أي مكان في العالم ولايجد لها مبررا وأن مايخسره المرء منها أكثر مما يربحه فابتسم غيفارا غير موافق.. إن حجرا يتراقص على الماءفي جزيرة تبعد آلاف الكيلومترات عن مكان قبر هوغوأوحى للشاعر بمكان وزمان مختلف.إذا كان الشعر لغة اللغة فيمكننا أن نسمي هذه القصيدة المنحوتة نحت النحت وقد مارست مخيلة الشاعر نحتها على طريقة -مايكل أنجلو- من جهتين الأولى تحرير الصورة من سجن الصخرعبر كل ماهو زائد عنهابطريقة تشبه الحذف والاختزال والثانية هي جعل الصور تتكلم السانحة التي أرقته وهو ينحت في عمله -داوود-وحين انتهى ضربه بيديه صائحا:انطق أيها الحجر.
    بابلو نيرودا يصوغ أكثر من نصب تذكاري لأشخاص يعرفهم وآخرون يخترعهم فها هو يكشف مجهولا ويرمي بتساؤلاته عليه

    @ المسافر الذي أعياه العطش فسقط
    أيها القلب المعفر في غباره الذي تحول إلى صحراء
    ياقلب المسافر الرقيق
    لعلك خرجت من أعماق الملح
    من أعماق المناجم لتمشي مع الرمل
    إن حجرا فوق حجر يشيد نصبا للبطل المتعب
    أترى أعياه السفر فترك قدميه وساقيه وبصره
    وحياته على درب الرمل..@

    هذه الأنصاب تتكرر في قصائد نيرودا فهاهو يقيم نصبا لشخص يعرفه..

    @ لقد عرفته وعشت سنين بصحبته
    خبرت ذهيه وحجره
    كان رجلا متعبا انتزعته الشرطة من بيته
    وضربوه بإسراف
    بصق الدم في فرنسا وفي الدانمارك في إسبانيا وإيطاليا
    تاركا فيها حياته
    ولم أسمع عمق صمته
    حتى وجدت قسمات وجهه على حجر
    هاهنا توقف المنفى
    ومنذ أن أصبح حجرا
    صار يعيش في وطنه..@

    يحيلنا هذا النص إلى واحدة من أشهر منحوتات -دافنشي-تمثال سفورترا- في فلورنسا،قصة هذا التمثال تشبه القصيدة فهو تمجيد لبطل دافع عن بلده وحين كلف -دافنشي بصب تمثال لهصادر أخيه البرونز الذي تبرع به الناس لصب المدفع فعمل -دافنشي- نسخة طينيةحطمتها المدافع مرة أخرى فجمع البرونز و مرة أخرىحدث خطأ في الخلط ولولا محبة الناس ل-سفورتز وعناد -دافنشي-ماكان للتمثال أن يبصر النور.
    في نقاش حول تفسير قصيدة ل -دانتي في فلورنسا سألوا دافنشي أن يفسر لهم المعنى وكان -أنجلو -موجودا فقال:لاأحد يفسر دانتي أكثر من أنجلو فرد أنجلو:اشرح أنت فأنت صنعت نموذج لحصان لم يبصر النور.
    أصبح الجمال هدف الفن في عصر النهضة وليس الحقيقة كما في النحت الإغريقي وك شعريا.
    إن أهم ملامح فن وشعر عصر النهضة هو أن مرجعيتنا نحن وداخليا والآن وهنا-الفعل المضارع الآني الأشد حضورا وجمالا ولشد مانجده في شعر بابلو نيرودا المنحوت من الآني.وفقا لما

    النحت الحديث..\\\مجلد\1\الصور\60\61\62\63\\
    رودان 1840-1917

    معتمدا على نحت فيدياس ومايكل أنجلو حرر أوغست رودان النحت من القواعد وابتكر فن النحت من جديد.قبل رودان كان فن النحت فنا ملحقا بالعمارة فغدا فنا قائما بذاته وقبله كان التوافد الثقافي للفنانين ومحبي الفنون لرؤية اللوحات فصاروا يأتون لرؤية التماثيل.
    رودان كان دائم الخروج على القواعد وقد تم رفض قبوله لعدة مرات في مدرسة الفنون ورفض اشتراكه في المعرض الرسمي.كا
    ن لعمله -عصر البرونز- الذي أحدث ضجة بسبب اتهامه أنه صب مباشرة من نموذج حي ،تمثال عصر البرونز شكل رمزي واستعارة بصرية للنهوض بشكل نابض بالحياة. الفن قبل عصر رودان كان تصويرا للإنسان والطبيعة يراد أ يرى منهما وعلى أساس نحت رودان تم التفريق بين ماهو فن وماتم الاعتياد عليه على أنه فن فقد لاحظ أن فنانو عصر النهضة واليونان تركوا سطوح الأجسام غير مستوية وبالتالي أهملوا الضوء الذي يساوي حرية الموضوع والتلقي فترك الضوء منسابا وحرره من كونه عنصرا من عناصرالعمل إلى كونهمكونا أساسيا في العمل فانسيابية الضوء على تمثال المفكر تشبه تحولات الفكرة والجسد ورأى أن القبح الوحيد في الفن هو التكلف.إن مجمل أعمال رودان وخاصة تمثاله المثير للجدل-بلزاك - الذي يعتبر أول خطوة واثقة باتجاه الفن الحديث كانت تشير إلى التحرر من الأكاديمية والاتجاه للحرية واعتماد الحركة وعدم وصول الشكل إلى تصور نهائي مما يترك فراغا لخيال المشاهد كي يكمل الصورة.لقد أصبح الفن على يدي -رودان وسيلة للتعبير عن الأفكار عبر كون العمل النحتي تصورا ذاتيا ينبع من داخل الفنان وليس انعكاسا لتلقي التجسد المنجز.
    -بيكاسو-\\المجلد\1\الصور 64مكرر\65\66\67\68\\
    نحت رأس فتاة بأوجه متعددة ثم عمل على تركيبات للغيتارات متأثرا بالنحت الإفريقي وميزتها الأهم تعبيرها عن فكرة بعينها عبر ظاهرة مرئية ومجسدة وفق ترتيب رمزي،وكان بحثه النحتي في البداية نقل الأبعاد الثلاثة إلى بعدين عبر فن مدرك ذهنيا عزل فيه كثافة الشيء المرئي مجردا عن حياته،احتفى بالآلات والحيوانات مرمزا الشكل ومعطيه شكلا آخر عبر تحويل العادي إلى فن ليتحول الشيء المدرك إلى مفهوم جمالي عبر مزج التشابهات في الكتلة المادية وهو أول من استخدم الحديد في النحت عبرأشكال متطرفة لاحد لبراعتها حولت الفن الوصفي الذي كان ضرورة إلى تراث مهمل وغير ضروري.لقد تم على يد بيكاسو نفي الشكل المستمد من الواقع والسرديات والتاريخ وإعادة تأسيسه بالكتلة والحجم والثقل عبر منظور لايحدد نقاطا ثابتة بل التفافية كمن يدخل في تفاصيل قصيدة عبر مفردات نحتية تجعلها اليد المفكرة،تنأى عن الرياضيات النحتية عبر إدخال مواد جديدة وتقنيات جديدة.بين -بيكاسو- أن إضافة أو حذف أي مكون لفن ما يمكن أن يأخذ إلى أبعاد جديدة ومغامرة تساوي النقطة صفر حيث يربح من يخسر كل أوراقه شرط أن تكون لعبة الفن قائمة وإن أي تعديل أو حذف يؤدي لولادة شكل محاولا ايجاد بعدا رابعا عبر تحرير البصر المتكيف بالبصيرة المتحررة واللعب بالخطوط والسطوح والتكوين وتحطيم النسب باستمرارمعتمدا على التزامن الشعري سواء من حيث تصوير الشيء بوجوه عديدة أو الوصف المتزامن لأشياء منفصلة في الزمن والحيز المكاني وهو صفة مستمدة من الذاكرة البشرية في حلول إشارة الشيء مكان الشيء نفسه. في عصر بيكاسو كان للفن دائما مرجعية حتى مجيء -تزارا- في الدادا التي ألغت كل مفهومية وكل نظام.-تريستيان تزارا-صديق لينين ورفيقه في لعب الشطرنج في سويسرا دعا إلى هدم كل منظومة وكل ديكتاتورية-مفارقة-ويمكننا القول أن المدارس والاتجاهات الفنية بدأت كحالة شعرية ثم انتقلت إلى الفن فغيرت الأطر وعلى يد-الدادا-لغتها تماما.
    بيكاسو نحت تماثيل من أي شيء وقعت عليه يده-سيراميك-نفايات- مواد مهملة-معادن وحولها إلى طيور وحيوانات ورؤؤسا وأشكالا..

    قسطنطين برانكوزي 1876-1957\\\المجلد\1\الصور\69\70\71\

    رسم الماهية أو الجوهر هو المهم في نحت -برانكوزي-كأن يأخذ جزء من الجسدويجرده ويعطيه دلالة الجسد كاملا-ولادة- برميثيوس اعتقد بحكمة الشرق وأعطى لنحته الخشبي حسا بدائيا كانت نظريته أن النحت بيئة ومحيط بقدر ماهو شيء بذاته خطط معبد التأمل بركة ماء محاطة بأشكال طائرة مكررة وأسس نصبه القبلة رمز الاتحاد بين الجنسين التي قال عنها-غيوفيك-أنه أسس قبلة لكل العشاق لتبقى بعد فناء الحجر.أشكاله سحرية غامضة ونما عنده ميل للشكل الدائري نحت العميان بداية العالم،في نحته ابتعاد عن الواقع وميل للكتلة والتجريد في كتل الحركة أسسها في خشبياته عبر تجميع جبري وتحرر من التصور المسبق مختزلا مفرداته إلى نسق داخلي يعطي لموتيفاته وضعيات أنثوية تقترب من الهلوسة وفن ماقبل التاريخ والعقل الباطن لتميز نحت -برانكوزي بايقاع شعري تمثاله الطائر في الفضاء ليس أكثر من كتلة برونز.
    جسد-آرنست ياندل- الشاعر التجسيمي تمثال القبلة بالشكل نعم به شكل التمثال وإيحاءات القبلة
    نعم
    نعم نعم
    نعم نعم
    نعم
    نعم نعم
    نعم نعم

    بابلو نيرودا كان صدى لعصره المتجه من الحداثة ومدارسها إلى إنتاج معنى..وقد أتيح لنيرودا عبر عالمه المنفتح وأسفاره الكثيرة وعلاقاته،التفاعل مع الفنون النحتية وأعاد إنتاجها في لاوعيه الشعري،وكان لعلاقته مع لوركا والفنانين الإسبان أثرا واضحا في مقارباته الفنية فنلمح أثر بيكاسو في أكثر من مرة خاصة في ديوانه-إسبانيا في القلب- وأثر فنانو كاتالونيا والعالم الأوروبي في عواصمه التي كان دائم السفر إليها.

    @على هذه السكينة الكلسية التي يلطمها الزبد بمفاتيحه البيض
    أو الصخر بأصباغه الوردية بقع من أكاسيد برتقالية
    وعروق خضر..تلك حال الأحجار هنا
    من يمكنه القول
    إن كانت خارجة من البحر أو عائدة إليه
    إن حدثا مافاجأها وهي في عنفوانها
    فتلاشت في جمودها لتبني مدينة ميتة
    مدينة لاصراخ فيها
    يسورها الصفاء
    أشكالا خالصة أسيرة فوضاها..@

    سواء من حيث الناحية اللونية أو حركة الكتل تشبه هذه القصيدة عمل- جياكوميتي-القصر في الرابعة ظهرا وهو من بقايا خشب وأسلاك وخيوط صنعت في يوم واحد رغم أن أساس الفكرة حلم ومراودات امتدت عدة شهور.\\\المجلد 1\الصور\72\73\74\\
    وفي قصيدة أخرى يصف الغرقى الذين حولهم النسيان إلى حجارة.

    @ غمرهم الماء إلى وسطهم
    وهم ينتظرون النجدة والأصوات والأذرع والخمر والدواء
    فلم يجدوا غير السرطانات الجهنمية..
    صاروا جثثا صلدة نظراتها متجمدة
    وهاهي تماثيلهم المدورة المشوهة التوحدة..@
    وكأننا مرة أخرى نستعرض معرضا من معارض نحت -جياكوميتي- بمنحوتاته الوجودية الموميائية الضامرة.

    @ السلحفاة التي مشت دهرا وهي تلتهم زيتون الأعماق
    سبحت سبع قرون وعرفت سبعة آلاف ربيع
    المصفحة ضد الحر والبرد والبرق والموج
    الصفراء الفضية بشام العنبر والرجلين المعكوفتين
    تصلبت كالمكواة أغلقت عينيها
    وأغفت بين الحجارة..@

    هذه المنحوتة الشعرية تجمع بين -برانكوزي- التجريدي الاختزالي وبين مجازات بيكاسو النحتية،بيكاسو الذي قال أن للبجعة في الماء شكل عقربة فالعقربة في الصحراء بجعة فالعقرب بجعة الرمل والبجعة عقرب الماء.لو تأملنا تحولات صورة الأنثى في قصائد نيرودا-المرأة الحلم-المرأة الواقع-أنثى اللون-أنثى الجسد الكوني لوجدناه ينحت مثل-هنري مور-على القوام الأنثوي في كل وضعياته ويلاحق صورها وتحولاتها في كل الحضارات وهو يخاطب فيها الأولي والغامض.
    -سمراء-فتاة من صدف أسود وعنب قرمزي وجمر
    -عيناك انسكاب الليل-ذراعاك ورد وحضنك عبق- نهداك صدفتان بيضاوان وروحي ظلال فراشة تنام بينهما ياصامتة
    هذه هي امرأة الحلم المفقودة الداخلية\\\المجلد\1\الصور\75\76\77\
    أما صفات المرأة الحبيبة الواقعية فيستمد لها مدرسة نحتية أخرى ليجسد تصوراته منها على طريقة- آرستيد مايول- ونحته المتوسطي الذي خصصه لجسد المرأةمتخلصا من تأثير رودان ومتجها صوب نساء -رينوار،تخلص من الحواف الخشنة والتحدبات واستدار بالجسد إلى الداخل فحور كل تماثيل النساء المغويات الأبديات وجسد العري جامعا بين حركية رودان وسكونية نساء النحت اليوناني.كان برى الطبيعة في جسد المرأة من مكونات وأثلام وتمر فج وحلو وأسرار وحركة وتناسق واستعمل واقعية مضادة للواقعية لها قوة المخيلة وخصب الاستعارة فهو يحوز الواقع ويبني عليه ثم يتجاوزه وينكره في حرية تحوره لصالح الإيروسية والشغف العميق بالشكل والضوء..\\\المجلد\1\الصور\78\79\80\\

    نحت اللغة:

    اللغة عند -فوكو-تسمي وتقطع وتؤلف وتربط وتفكك الأشياء.النحت لغة هو الشر والبري والقطع ومصطلحا دمج كلمتين أو جملة ونزع من مجموع كلماتها كلمة تدل على ماكانت الجملة عليه
    حوقل- بسمل- عبشمي- رمكنة- عبدري.
    لن-مثال على النحت-لن=لا+أن هلم-هاء التنبيه+لم بمعنى ضم آيان=أي+أن.
    النحت-كلمتان متباينتان معنى وصورة تنحت منهما كلمة تدل عليهما:
    جلمود-جمد+جلد
    نحت فعلي-بسمل=بسم الله الرحمن الرحيم
    نحت وصفي-كلمة من كلمتين-صلدم=صلد+صدم
    نحت اسمي-عبشم-عبد شمس
    نحت نسبي-اسم ينسب إلى شيئين حمد علي
    نحت حرفي-لكن=لكن أن أو لا وأن
    نحت مخفف-بلحارث=بني الحارث
    كل فعل يزيد عن ثلاثة أحرف منحوت
    القصائد المحككة- هي التي تعظم في شهر وتحكك في سنة وهي مدرسة عبيد الشعر للمقارنة:هذا ينحت من صخر وهذا يغرف من بحر.

    شعرية المادة الجمالية والفلسفة..

    بعيني شاعر أولا ولاحقا جواهري وجيولوجي وسيميائي يترصد المادة محاولا النفاذ إلى الجوهلر وإلى فلسفة العناصر وجماليات التكوين\\\المجلد\1\الصور\81\82\83\84\85\86\87\88\8 9\90\91\92\93\\\

    @ حجر أرضي يلتمع هاهنا هاهناك
    وقد غدا حمامة أو جرسا وهج مشتعلا سهما من فوسفور
    ملحا سماويا-كوارتز-يفتح الصوان عينيه تغطيه إبر الثلج بياضا
    ينزلق على بياض مرايا من صفائح منضدة
    قنفذ الأعماق ابن الملح برتقال الصمت
    فيروز-يالوزة زرقاء ياظفرا سماويا ياخطيبة
    زمرد- وحيدا قاسيا قطرة الله انتصارالبرد برجا أخضر
    عقيق- مطرا ودما وعسل
    سفير-ياعيونا مدفونة في أعماق..يابرتقال الضياء المتحجر
    ياقوت أصفر-كنيسة مفرطة الصغر أقيمت في زهرة
    يشب-من الانفجار إلى التوحد في الحديد من التصدع إلى الدرب من الهزة إلى اللهب
    ظل قلب اليشب ساكنا ماء سماويا وذهب
    الحصى الملونة-أجمعه وأعود إلى أهلي ويداي ممتلئتان بالحرائق المطفأة والأسرار
    واللوز الشفاف
    حجرخلقيدونيا-لاثمن الياقوت ولاشخصية الزمرد لك ياحجر الدروب
    أنت شديدة البساطة كالكلب أنت ابنة جذور الأرض
    حجرلازود- ياعين البحر التي يلفها الثلج
    الجمشت- تركت دمي على شوكة البنفسج
    الزبرجد- نار رقيقة تستيقظ باللمس خمر مضيئة في حجر تماس مشرق
    يوقد تويجة بين الحجر والكائن ليعودا بعد برهة كيانين متعاديين
    جسدا وحجرا
    بللور- مكعب ملح أصابع صوان ماء ماس مستطيلات الجمشت هندسة مدفونة
    سفير- شعاع أزرق محبوس فيه
    الزمرد جمر أخضر
    الياقوت الأحمر برق
    سبج- بريق العتمة الأسود من أية نطفة أي عطر@

    لانهاية لتمعن نيرودا في ترصد تحولات الجمال في المادة وإعطائها معان تجعل جوهرها أثمن مما بوسعها
    إن السيميائي القديم والملك الذي أصابته لعنة فصار يحول كل ماتحوزه حواسه إلى ذهب لفظي لغوي نحتي في قصائده وكتبه الأحجار أحجار الكتاب
    الذي يشيده حرفا حرفا صفحة صفحة و حجرا حجرا..

    فن العصافير..

    -عندما أحرك يديّ إلى أعاليك أجد في كل ركن يمامة تبحث عني
    -خرجت يداك تبحثان عن يدي تحملان طائرا
    -عندما وضعت يدك على صدري- عرفت فيهما جناحي يمامة ذهبيتين
    أنت الصغيرة حبة القمح السنونو أعجز عن تطويقك ويتعبني البحث عن زوج حمام يحط ويطير في صدرك
    فوق رأسك عش حيث قلبي يحترق ويسكن
    -أتيت يابني من بحيرة مليئة بالنورس الأبيض الجائع
    -أنا النسر أحلق فوقك وأنت ماشية
    -يداي لاتكشفان أماكن المتعة فيك بل أغصانا وأراض فاكهة ومياها
    -أيام الربيع قمر الصحراء صدر اليمامة البرية
    -ورقة من شجرة الحياة سقطت على صدري صنعت عشا
    -الأحجار امتلكت أجنحة وطارت حجر أرض يلتمع وقد صار حمامة أو جرسا
    العالم المهتز والحروب والعصافير والبيوت والمدن والقطارات والغابات والموجة التي تردد أسئلة البحر ورحيل العنبر تتركز في حجر
    -كانت نهارية مثل العصفور الطنان وحمراء مثل السرطان
    -الطيور البطيئة تمر ريشها بلون النار ونحن نعلم أن العالم ينتهي هنا
    -الزمن هذا الذي له أجنحة وأمواج بحر ويكبر
    -الريح بلون ريش الطيور
    -لايعلم أحد عنه إلا قمر القطرس وحليب القاق وقدم البجع الصلبة
    -اجتذب الحمائم المتدفقة للجنوب البحري الخطا مثلثة الألوان للشبح الثلجي
    -من ألف مرة ألف سنة وسنة طارت على الحبر بطة صغيرة ومضيئة
    -استريحي ياطيور الجنوب التي عرفت كل عش وللطير المرتحل من مأوى حسن أحب طيرانك بمحاذاة الجنوب أحب الاستقامة السوداء في الطيور البعيدة
    -ليس بين الشاعر والطير سوى الموسيقاالخفية والأجنحة الخفية والريش والقدرة
    -شهاب مطوي الجناحين ينقض على الماء ليصيد أسماء حاملا سمكة مدماة
    -السماء تقطعها أجنحة سوداء عظيمة
    -الحب والفضلات والحياة ماتتركه الطيور المغامرة
    -أيها الطائررالطائر الطائر طر طر لذ بعشك واعبر البدر التمام والمسافات
    -ليس هنا سوى الريح والخواء الأبيض وصوت عصافير البرد على حضن العزلة
    في البداية لم يكن غير العصافير وصوت المياه
    كنت ذلك الطفل العصفور هنالك في الأرخبيل
    -لم يك له أذرع ولاأجنحة كان يملك مجاديفا على جوانبه نظر صوبي بعمر الملح بعمر الماء المتحرك.

    شغف الناس بالطيور عادي وشغف الشاعر بالطيور استثنائي وشغف نيرودا متفرد إلى درجة أنه أصدرديوانه-فن الطيور-معبرا عن هذا التفرد في الديوان قصائد لطيور تشيلي-قصيدة للطائر الطنان-قصيدة للقطرس المرتحل وعبر أربعين قصيدةحاور فيها طيران الطيور وأسرارها رقصها طيرانها على السواحل والمرتفعات وكأنه يخزن في داخله صورا سالبة يعرضها لضوء القصيدة
    -إن لم تطر أضعت دربك وبقيت لاتعرف معنى أن تكون شفافا، أنا تعلمت من الطيور الأمل وصدق التحليق
    ويقول عن نفسه: شاعر شعبي عاشق للطيور بحثا عن الأسرار عرفت الأرض طيرا طيرا...لأني حصلت على أجنحة لروحي..
    وهاهو الشاعر يقيس زمنه برفيف أجنحة الطيور

    @ هبة النار طافت من طير لآخر
    من ناي لناي
    مرّ مرتعشا بالخضرة من طيران يفتح ممرات
    ويمر عبر الريح
    حيث مرت الطيور ليحل الليل..@

    يشرح نيرودا كيف خلص بجعة من الصيادين وعالجها فيقول:
    جاؤؤني ببجعة أقرب إلى الموت كانت من نوع فريد رقبة سوداء غارقة فيمايشبه جورب حريري منقط ولها منقار برتقالي وعينان حمراوان قدمت لها خبزا وقد كانت على وشك الشفاء وعرفت أني منقذها،بعد عشرين يوما وحين سبحت معها في النهر وحملتها على صدري،في طريق العودة شعرت بساعد أسود يتزحلق على وجهي كانت تسقط إلى حيث اللاعودة وتعلمت أن الكآبة تقتل كنت حاجزا بينها وبين الموت الذي أجلته لتموت كما ترغب أن تموت..
    وهو يأخذ عادات البجع في قصيدته -الوصية-

    @ أريد خمسة أشياء
    حب بلا نهاية،رؤية الخريف، رؤية المطر
    ومداعبة النار في الغابة
    رؤية الصيف مستديرا كالبطيخ
    رؤية عين ماتيلد التي لاأريد النوم دون عينيها
    ماأريده لاشيء وهو كل شيء @

    لقد رسم الطيور رمزا لتجوال روحه في اللانهائي ورمزا لجسد المرأة وذاكرة أولى للبلاد ورسمها كما هي دون تفسيرات وكما عرفها ورسمها مثالا للشاعر الذي يشاركها الشغف بالبعيد والألفة والحب والقدمان المشدودتان إلى الأرض والروح التي توغل في المجهول لدرجة أنها تزور أمما لم تولد بعد
    نيرودا الذي عرف لغة الشوك وسن السم القاسي يرتاد سفوح القصيدة ليعلمنا كيف يولد الحب في صمت النفوس النقية التي رغم سخطها تحتضن قلوبها الراقصة وتعترف أنها..عاشت...
    -
يعمل...
X