القصيدة السينمائيّة
وحده الصوت يبقى -فروغ فرخزاد
كما تقف الخرافات وانعكاسات المخيلة على بوابات القصائد لتُبعث من جديد كذلك.. تقف مسكونة بالانبعاث والحلم على حساسية شريط تستعير الضوء لتقف في منطقة الحلم مجرّدة.
الشعر والسّينما باحتكاكهما بالواقع يعيدان الحلم إلى قلب الحضارة من خلال الإيهام بالواقع وواقع الإيهام.. إنّهما تاريخ المخيّلة في عبورها من المحسوس إلى الرّوحيّ، من الملموس إلى المتخيّل عبر الإيقاع والصورة..
يشترك الشّعر مع السّينما بالتّصوّر الذّهني والاستعارات والرّموز في جميع المثيرات عبر شهوة العين كما يشتركان بالتفاوتات والانقطاعات في عالم خاص بهما تجرّد من مراكز ثقله متجهاً إلى متلق لم تعد ذاته مركزاً لإحساساته.. بل لما تتلقّاه.. فالمرسل والمتلقي في لعبة الشعر والسينما فقدا مراكز الجاذبية وتورّطا في لعبة الدّهشة.. إنها أحلام "آبولينير" و"جون كوكتو" في تحرير الأشياء من عاديتها.
إنّ تحول المنظور في السينما ربما لا يكون شعرياً لكنه يستعير كل وسائط الشعر.
الفرق بين الحالتين جسّده "بريسون": على فيلمك أن يماثل ما تراه عند إغماض عينيك، جسّد المرئي الذي لا يراه سواك".\\\http://youtu.be/DdD-dyhgcNM\\\فيلم النشال بريسون
ارتيطت السينما منذ بدايتها بالشعر على اعتبار الثقافة الشعرية مهيمنة وجذرها يمتد الاف السنين يذكرنا ايزنشتاين ان الكتابة في الشرق القديم تقدم توليفة بين
هيروغليفتين تجعلها قادرة على انتاج دلالة صورة الى جانب باب تعني انصات
عصفور وفم غناء اي ان فكرة التعبير بالصورة كتابة عامية فكرية تعودالى اول عصور البشرية السنما لاتعرف اللغات ولاالحدود فهي تكتب بالضوء وتخاطب كل فرد بلغته وتتجاوزها انها خطاب متطور يعتمد الصورة
الشاعر السينمائي والسينمائي الشاعر
سنة 1913 انجز مايايكوفسكي فيلم فلاديمير ماياكوفسكي في اللونابارك
وفي 1918 فدم فيلم الانسة الراقية وفتى الازقة ومثله مع ريبيكوفا مع المخرج سابينسكي \\\http://youtu.be/JI0eVsi-Dmo\\\
ثم عمل سناريو عن قصة لجاك لندن ليس في سبيل المال يجيئ المرء الى الدنيا
وفيلم مقيدة بالسلاسل الذي مثله مع ليلي بريك واخرجه توركين
يعد فيلمي المدرعة بوتمكين والمواطن كين لازنشتاين ووبودفكين من الارث السنمائي الذي لايزال حاضرا الى الان
ومن التجارب المهمة تجربو جان كوكتو دم الشاعر 1931 كتابة واخراجاوتعد لقطة دخول الشاعر المراة متجاوزا وعابرا ماسماه مابعد المراةلاتزال حاضرة الى اليوم
وفي 1946 انتج الحسناء والوحش وبعده الاهل الشقياء واورفيوس وموت الشاعر مشروع جان كوكتو هو واقعية اللاواقع شخوصه بين الظل والضوء بين الحلم والواقع مرة حقيقية ومرة سحرية \\\http://youtu.be/KCYcWpMDWLQ\\\
ومن اهم الشعراء السينمائيون بيير باولو بازوليني\\\ http://youtu.be/_wcmu2zrpEs \\\
إنّ شهوة العين في السّينما تماثل شهوة الصورة الشّعرية وهي تتضح وتتكشف على مهل. لتوضيح العلاقة بين السّينما والشّعر نستعير واحدة من أهم التجارب لشاعرة وسينمائية معاً عبر مجموعة شعريّة هي أقرب للسّينما أو عبر سينما في مرحلة "الديكوباج".
-المرحلة السابقة للتصوير.. مجموعة "وحده الصوت يبقى"
1935 ـ كانون الثاني: ولادتها في طهران، للأب (العقيد محمد فرخ زاد) والأمّ (توران وزيري تبار). \\\http://youtu.be/A6WO-Xcfx0A\\\
1952 ـ زواجها من (برويز شابور) ـ رسام كاريكاتير.
1953 ـ ديوانها الشعري الأول (أسير).
1954 ـ ولادة ابنها الأوحد (كاميار).
1955 ـ طلاقها.
1956 ـ الطبعة الثانية من ديوانها (أسير).
1957ـ أصدرت ديوانها الثاني (حائط).
1958 ـ أصدرت ديوانها الثالث (عصيان).
1959ـ تعرفت على القاص الإيراني الشهير (إبراهيم كلستاني) وهو تعارف سيكون مقدمة لصداقة حميمة استمرت إلى وفاتها.
* التعاون مع (إبراهيم كلستاني) في مؤسسته السينمائية (كلستان فيلم).
1960 ـ سفرها إلى لندن للبحث عن إعداد أحد الأفلام.
· بداية موتاج فيلم (يك آتش) ـ (نارٌ ما).
· السفر إلى خوزستان ـ جنوب إيران، للتصوير.
* تدرس عدداً من الأفلام، وتساعد في إعداد مقدمات لصناعة أفلام أخرى.
1961 ـ ممثلة ومعدة لفيلم (الخطوبة) المنتج من قبل مؤسسة الفيلم الوطني الكندي.
1962 ـ تعد القسم الثالث من فيلم (الماء والحرارة).
* تساعد في إعداد الصوت لفيلم (موج ومرجان وحجر).
*نجاح فيلم (نار ما).
*السفرة الثانية إلى لندن لغرض إنجاز فيلم.
*تعد فيلماً مدته دقيقة واحدة لصالح صفحة المحتاجين في صحيفة (كيهان) الإيرانية.
1963 ـ ربيع ـ تسافر إلى تبريز ـ شمال غرب إيران لتنجز فيلمها عن المصابين بالجذام.
* صيفاً تمثل وتساعد في إعداد فيلم (البحر) الذي لم ير النور.
* خريفاً سفرة لمدة ثلاثة عشر يوماً إلى تبريز مرة أخرى برفقة ثلاثة أشخاص.
* إعداد فيلم (البيت الأسود)، وإكمال المونتاج.
* تتبنى طفلاً اسمه (علي)، وتكتب فيه قصيدتها (علي الصغير).
1964 ـ شتاء ـ عرض فيلمها (البيت الأسود).
* إعداد فيلم ملون لمؤسسة كيهان.
* ربيعاً كتابة سيناريو لفيلم لم ينجز.
* خريفاً: بدأت التدريب والتمثيل في مسرحية (ست شخصيات تبحث عن مؤلف) للكاتب الإيطالي الشهير (بيراندللو).
* صدور الطبعة الثالثة من (أسير).
1965 ـ شتاء ـ تمنح الجائزة الأولى لأفضل فيلم وثائقي في مهرجان (اوبرهاوزن) عن فيلمها (البيت الأسود* \\\خرجت فيلماً سينمائياً وثائقياً بعنوان "البيت أسود" عن حياة المجذومين ونال الفيلم جائزتين من مهرجان "لايبزيغ" و"أوبرهاوزن" الذي سمّى جائزته الكبيرة باسم الشاعرة الفنانة عام 1963.\\\http://youtu.be/5WL4w5ceO7w\\\\
-
* صدور مجموعتها الشعرية (ولادة أخرى).
* ربيعاً إنجاز فيلم (آجر وامرأة)..
* صيفاً تسافر إلى ألمانيا وإيطاليا وفرنسا.
* صدور كتابها (مختارات شعرية)
* خريفاً ـ (اليونسكو)، تعدّ فيلماً لمدة نصف ساعة عن حياتها.
* المخرج الإيطالي (برناردو برتولوجي) ينجز فيلماً مدته ربع ساعة عنها أيضاً.
1966 ـ ربيعاً ـ تسافر إلى إيطاليا وتشارك في الدورة الثانية لمهرجان (بيزارو) للتأليف السينمائي ويتم تكريمها.
* تتلقى عرضاً لإنجاز فيلم في السويد وتوافق عليه.
* توافق على عرض آخر لترجمة وطبع أشعارها باللغات: الألمانية، الإنكليزية، الفرنسية، والسويدية.
1967 ـ الاثنين ـ السابع من آذار، في الساعة الرابعة والنصف عصراً،توفت إثر حادث سير، اتقنت الانجليزية والإيطالية والألمانية. عاشت مع القاص,والمنتج السينمائي
ابراهيم كلستان في صداقة لمدة ثمان سنوات
من رسالة الى والدها نشرت مؤخرا لقد سألتني عن العمل والدراسة، أنت تعرف هدفي في الحياة، قد يكون فيه شيء من الجنون، لكنه الشيء الوحيد الذي أجد فيه سعادتي وأحس فيه بالرضا، أحب الشعر وأريد أن أكون شاعرة كبيرة، ليس لي أي شغل غير هذا، أي أنني منذ وعيت نفسي
وأنا أحب الشعر، وكل عمل أقدم عليه يكون لتنمية أفكاري ومشاعري، أنا لم أدرس قط لكي أحصل على الشواهد، بل أسعى إلى استخدام معلوماتي ومعارفي لكي أنجح في الشعر، لقد اغتنمت الأشهر السبعة التي قضيتها في إيطاليا لتعلم اللغة الإيطالية، وتمكنت من ترجمة كتابين من اللغة الإيطالية، وأنا الآن مشغولة بمساعدة أمير بترجمة
كتاب من الألمانية.
بعد أن أنهيت ترجمت الكتاب الأول، وهو الآن لدى ناشر في طهران- بالطبع هناك تعويض مالي من ورائه- وخلال الأشهر العشرة التي قضيتها هنا في أوروبا كتبت ديواناً شعريا أعتقد أنني سأنشره، الشعر سيدي، إلى هذا الحد أحب الشعر، أقضي الأيام والليالي في إبداع شعر جديد، شعر جميل لم يقله أحد حتى الآن، اليوم الذي لا أقضيه وحيدة
ولأفكر فيه في شعر جديد، أعتبره يوما باطلا وبلا معنى، قد لا يجلب لي الشعر سعادة ظاهرة، لكنني أقدر السعادة بطريقة أخرى، فالسعادة بالنسبة لي ليست هي اللباس الجيد، والحياة المرفهة، أنا أكون سعيدة حين أحس بالرضا، والشعر يمنحني الإحساس بالرضا، بينما إذا أعطيت كل هذه الأشياء التي يحرص الناس عليها ويأخذ مني القدرة
على قول الشعر، حينئذ سأنتحر... دع عنك الذين يعتقدون أنني بائسة وحائرة، لكنني لن أشكو قط من الحياة... أقسم بالله وبحياة أطفالي أنني أحبك كثيرا، والتفكير فيك يملأ عيني بالدموع، أحيانا أتساءل مع نفسي:
لماذا خلقني الله هكذا؟ وخلق في داخلي شيطانا باسم الشعر يمنعني من كسب رضاك ومحبتك، لكنه ليس تقصيري، إنني لا أرى في نفسي القدرة على تحمل حياة عادية كما يعيشها ملايين الناس، الزواج كذلك ليس من أهدافي، إنني أريد أن أكون متميزة في حياتي الشخصية وفي حياتي الاجتماعية أرغب في أن أكون امرأة بارزة، وأظن
أنك ستتفهم موقفي. أكتب لي فأنا أحب رسائلك، أرغب كذلك في شراء شيء جميل وإرساله لك، لكنني لا أعرف ما لذي تحبه، وأيضا أريد أن أرسل مبلغا ماليا، هدية صغيرة إلى أبي الحبيب، لكن ينبغي لك أن تكتب لي مالذي تحبه من هنا، إنني أقبلك».
عاشت فروغ فرخزاد حياة مليئة بالاضطراب، كان والدها رجلا عسكريا يرغب في أن تكون ابنته سيدة متميزة يحترمها المجتمع، تحكي الروايات أنها أمضت طفولتها في ظروف صعبة، لكنها لا تقول شيئا عن والدتها، إلا ما نقل عن لسان فروغ نفسها حين وصفتها بامرأة تحرص على الدعاء، لكن أكثر شيء أثر على فروغ هو زواجها المبكر.
كان عمرها القصير سلسلة من المرارات و الإحباطات المتتالية، ترجمتها أشعارها وعناوين دواوينها وكذا أفلامها القصيرة: «أسير- عصيان- نار ما- البيت الأسود»... وقد كشفت صراحة عن وجعها الدفين حين قالت: «أحسّ أني خسرت عمري كله، كان عليَّ أن أعرف أقل بكثير من خبرة السبعة والعشرين عاما، لعلّ السبب يكمن
في أن حياتي لم تكن مضيئة، فالعاطفة وزواجي المضحك في السادسة عشرة زلزلا أركان حياتي. على الدوام لم يكن لي مرشد، لم يربّني أحد فكرياً وروحياً. كل ما لدي هو مني، وكل ما لم أحصل عليه كان بمقدوري امتلاكه لولا اخطائي وعدم معرفتي لنفسي، عراقيل الحياة منعتني من الوصول»- فروغ فرخزاد -
أحسّ أني خسرت عمري كله ، كان عليَّ أن أعرف أقل بكثير من خبرة السبعة والعشرين عاما ً، لعلّ السبب يكمن في أن حياتي لم تكن مضيئة ، فالحب ، وزواجي المضحك في السادسة عشرة زلزلا أركان حياتي. على الدوام لم يكن لي مرشد ، لم يربّني أحد فكرياً وروحيا ً. كل ما لدي هو مني ،
وكل ما لم أحصل عليه كان بمقدوري امتلاكه لولا انحرافي وعدم معرفتي لنفسي . عراقيل الحياة منعتني من الوصول
أريد أن أبدأ ..
سيئاتي لم تكن لسوء في صميمي ، لكن بسبب إحساسي اللامتناهي بعمل الخير.
أشعر تحت جلدي بانقباض وغثيان ..
أريد تمزيق كل شيء .. أريد أن أتقوقع في ذاتي ما أمكنني . أريد الانطواء في أعماق الأرض ، فهناك حبي ، هناك عندما تخضر البذور وتتواشج الجذور يلتقي التفسخ والانبعاث ، وجود ما قبل الولادة وما بعد الولادة ، كأنما جسدي شكل مؤقت سرعان ما سيزول . أريد الوصول إلى الأصل ،
أرغب في تعليق قلبي على الأغصان مثل فاكهة طازجة ..
سعيت دائماً لأكون بوابة موصدة لئلا يطلع أحد على حياتي الباطنية الموحشة ،
لئلا يعرف أحد حياتي ... سعيت إلى أن أكون آدمية .. ولكن كان في داخلي على الدوام كائن حي ..
قد ندحرج إحساسنا بأقدامنا .. لكننا لا نستطيع أن نرفضه أبداً .
لا أعرف الوصول .. لكني أعتقد أن هناك هدفاً ولابد ّ، هدف ينساب من وجودي كله إليه ، آه .. لو أموت وأبعث ثانية لأرى الدنيا شكلاً آخر .
العالم ليس ظلماً بكليته ، والناس ، الناس المتعبون ينسون أنفسهم دائماً فلا يسيج أحد منهم بيته .
الإدمان على عادات الحياة المضحكة ، والإذعان للمحدودية والعوائق ، كلها أعمال مخالفة للطبيعة .
إن حرماناتي ، وإن تكنْ قد منحتني الحزن ، فهي على العكس من ذلك أيضاً أعطتني هذه الميزة :
لقد أنجتني من فخاخ التهتك المخادع في العلاقات المحتملة . فالحرمانات تقرب العلاقة إلى مركز الاضطرابات والتحولات الأصلية .
لا أريد أن أشبع ،
أريد الوصول إلى فضيلة الشبع .
سيئاتي؟
أية سيئات لي سوى خجلي وعجز حسناتي عن الإفصاح ، سوى أنين حسناتي الأسيرة في هذه الدنيا المليئة بالجدران على مد البصر ، جداراً تلو جدار ، التقشف بالشمس ، وقحط الفرص ، والخوف والاختناق والاحتقار ...
أمس الأول ، في الغرفة اللصيقة بغرفتي ( في الفندق ) انتحرت امرأة ، قبيل الصبح انفجر صوت صراخ ظننته عواء كلب ، خرجت لأستمع ، الآخرون خرجوا أيضًا.. وأخيراً كسروا الباب .. كانت المرأة قد أصبحت رمادية ، كانت قبيحة قصيرة ، فقيرة ، ترقد على سريرها فاقدة وعيها .
يبدو أنها قد ضُربت أولاً ، وقام ضاربوها بسحبها من الطابق الرابع إلى الطابق الأول . كانت قبل انتحارها ميتة تقريباً ، والآن ماتت تمامًا . من حقيبتها المفتوحة وسط الغرفة ومن بين ثيابها تبرز أشياء مضحكة ، وعجيبة : حمالات صدر لا عدد لها ، ألبسة داخلية قذرة ، جوارب ممزقة ،
أوراق ملونة ودمى ملفوفة بالأوراق الملونة ، كتب قصصية للأطفال ، أقراص مختلفة ، صورة المسيح وعين اصطناعية .
لا أعرف ، لقد جاء هذا الموت بلا شفقة . تمنيت أن أذهب وراءها إلى المستشفى . لكني أمام كل الناس الذين تعاملوا مع جسدها الرمادي بهذا القدر من الفظاظة ، لم أتجرأ على إظهار رأفتي ومواساتي نحوها ...
سعيدة أنا ،
لأن شعري صار أبيض ، وجبيني تغضن ، وانعقدت بين حاجبي تجعيدتان كبيرتان رسختا على بشرتي . سعادتي أني لم أعد حالمة . قريباً سأبلغ الثانية والثلاثين ، صحيح أن ال الثانية والثلاثين عاماً هي حياتي التي تركتها خلفي وأتممتها . لكن ما يشفع لي أنني وجدت فيها نفسي .
فمي مضطرب ، وقلبي منقبض . تعبت من كوني متفرجة . .
ما إن أعود إلى البيت وأتوحد مع نفسي أحس أني قضيت يومي كله بالتشرد والضياع بين أشياء ليست مني ! ، أشياء زائلة .
- في قصيدتها "لتؤمن ببداية فصل بارد" تحدثت عن الموت في الشتاء والساعة الرابعة مراراً وهي آخر القصائد التي نشرتها قبل وفاتها إثر حادث اصطدام عند عودتها من موقع التصوير..\\\http://youtu.be/8eRflfyaMGU\ \\\
لم يقبل أحد أن يؤم الصلاة في جنازتها، مما دفع الأديب والناقد "مهر داد صمدي" إلى القيام بذلك، لا تزال مجموعة من عشاقها الكثيرين مصرة على التجمع عند قبرها كل سنة، في الخامس عشر من شهر شباط فبراير، تجتمع هناك لتشعل الشموع وتتذكر الشاعرة التي كتبت وحيدة ومغتربة كأنما تكتب لنفسها وتتنبأ بمصيرهاجولستان.
« إلى جانب كتابتها الشعر وإبداعها فيه اتجهت الشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد إلى السينما وصناعة الأفلام فقد قامت بمونتاج فيلم تسجيلي بعنوان "الحريق" الذي يروي قصة الحريق الذي اندلع في آبار نفط في مدينة الأهواز، وسافرت إلى إنكلترا لدراسة صناعة الأفلام وبالأخص الوثائقية
منها وقد مثلت دوراً في فيلم يدور حول طقوس الخطوبة في إيران وكان لها دور أساسي في إعداده ومثلت دوراً مهماً في الجزء الثالث من فيلم "الماء والبحر" من إخراج إبراهيم كلستان، كما شاركت في فيلم "الموج والمرجان والحجر" من إخراج كلستان أيضاً.
وبعد عودتها من انكلترا أخرجت فيلما طوله دقيقة واحدة عن صحيفة "كيهان" الإيرانية المعروفة وهو فيلم ترويجي مهم»
لكنه نشرت ديوانين آخرين بعنوان الجدار والثورة وذلك قبل ذهابها إلى تبريز لتصوير فيلماً عن الإيرانيين المصابين بالجذام بعنون "البيت أسود". نقطة تحول في صنعة فرخزاد السينمائية إذ توجهت إلى مدينة تبريز في شمال إيران مع طاقم لها "البيت أسود" أو "بيت الظلام" تدور ثيمته
حول الناس المصابين بداء الجذام في مصحة تجمعهم في تبريز، وقد أخرجت الفيلم بناء على طلب من "لجنة مساعدة المجذومين"وفاز بجوائز عالمية. «وقد فاز فيلم "بيت الظلام" بجائزة أفضل فيلم في مهرجان "أوبرهاوزن" بألمانيا الغربية سابقاً وقد سمى المهرجان في دورته الرابعة عشرة جائزته الكبرى للأفلام الوثائقية
باسم "فروغ فرخزاد" كما اقتبست اللجنة المشرفة على المهرجان شعار الجائزة من حوارات الفيلم.
ومن الجدير بالذكر أن فروغ فرخزاد تبنت طفلاً اسمه "حسين" كان يعيش في المصحة مع والديه المجذومين بعد أن نجحت في الحصول على موافقتهما فعاش الطفل معها.وفى العام التالي 1342ه.ش. نشرت ديوان "ميلاد جديد" والذي كان علامة في تاريخ الشعر الحديث بإيران.« قبل وفاتها، كتبت فرخزاد قصيدة لابنها كاميار ا
لذي ربما علمت أنها لن تتمكّن من تربيته، بالإضافة إلى أنها حُرمت من حضانته بسبب طلاقها من قريبها الذي عشقته في السادسة عشرة من عمرها، وكانت نتيجة الغرام زواجاً «مضحكاً» كما عبّرت في رسالتها لصديقها ا(كلستاني(.»
«كان لحياة فروغ مرحلتان كما يقول والدها: "فعندما باشرت بتأليف الشعر شجعتها ولكن عندما تسبب الشعر في إثارة الضجيج حولها وكان يهزأ أركان حياتها العائلية كنت منزعجا، لأنني كنت أعتقد أن هذه الخطوة والطريق التي اختارتها ستكون سببا في تحطيم حياتها العائلية".
في إحدى مقالاتها كتبت "أخشى أن أموت أسرع مما أتوقع ولا أتمكن من إتمام أعمالي"، وجاء ذلك اليوم في 13 فبراير1967. اليوم الأخير في حياة الشاعرة فروغ فرخزاد. كان الشعر بالنسبة لفروغ النافذة التي تصلها بالوجود ومن خلالها تمعن النظر داخل ذاتها لذلك كانت تعتبره -أي الشعر- قطعة من الحياة لا يستطيع الانفصال عنها أ
و أن يكون خارج منطقة نفوذ المؤثرات التي تشكل حياة الناس المعنوية والمادية، كذلك يمكن النظر إليها بـ رؤية شاعرية بحتة.بل إن الشعر الذي لا يحفل بمحيطه وظروف ظهوره وتطوره لن يكون شعر ذات يوم.
في العام 1334ه.ش. صدرت الطبعة الأولى من ديوانها الأول "الأسيرة" الذي أثار زوبعة من الانتقادات والردود حوله لأن الشاعرة جسدت من خلاله مشاعرها كامرأة في مجتمع مغلق. صدر ديوانها الثاني "الجدار" الذي اعتبر امتداد لديوانها الأول ولكن هذه المرة بنضوج أكبر في طرح فكرتها الشعرية.
في ديوان "عصيان" بحثت الشاعرة فروغ فرخزاد عن فضائها الشعري الخاص لذلك قالت عن هذا الديوان وديوان "الجدار": "هما محاولة يائسة وسط مرحلتين من مراحل الحياة، آخر محاولات التنفس قبل أحد أشكال التحرر. الإنسان يصل إلى مرحلة التفكير في سنوات الشباب.للمشاعر جذور ضعيفة
وإن كانت لها قوة اجتذاب واضحة إذا لم يتول الفكر هذه الأحاسيس بالتوجيه أو أنها لم تكن هي نفسها وليدة تفكير فإنها تجف وتنتهي".
. ديوانها الرابع "ميلاد آخر" وبعد وفاتها صدر ديوانها الخامس "لنؤمن ببداية فصل قارس"،
«فارقت فرخزاد الحياة وهي في قمة إبداعها ولم تكن قد تجاوزت الثانية والثلاثين من عمرها إثر إصاباتٍ في الرأس في حادث سير في الرابع عشر من شباط فبينما كانت تحاول أن تتجنب عربةً قادمةً، اصطدمت بجدارٍ وانطرحت خارج سيارتها. ومن سخرية القدر هو أنّ هذه المرأة التي تجنبت الجدران وفرت منها
طيلة عمرها قتلها في نهاية المطاف جدار.» [7] ونشر لها بعد وفاتها قصيدة بعنوان "لنؤمن ببداية موسم البرد" وتعد أقوى القصائد في الشعر الفارسي الحديث.
-
ترى هل سأمشّط جدائلي
في الريح ثانيةً
ترى هل سأزرع البنفسج
في الحدائق ثانيةً
وهل سأضع الشمعدانات
في السماء وراء النافذة
هل سأرقص فوق الكؤوس ثانيةً
وهل سيأخذني جرس الباب
مرّة أخرى إلى انتظار الصوت؟
قلت لأمي: "أخيراً انتهى
قلت دائماً قبل أن تظني أن حادثاً سيقع
يجب أن نبعث التعازي إلى الصحيفة..
في قراءتنا لمجموعتها وحده الصوت يبقى نركّز على تقنيات السرد السينمائي في الشعر والشعر في السرد السينمائي وفق المعطيات التالية:
الصورة – الفلاش باك – المونتاج..
1- الصورة في شعر فروغ فرخزاد
الصورة هي لغة الشيء قبل أن يصبح مجرداً وفي الكتابات القديمة كالهيروغليفية والصينية القديمة كان التعبير أقرب إلى التصور الشعري والسحري للعالم والكائنات.. ويبدو أن هذه اللغة السرية التي لم يكن يستطيع أن يقرأها سوى الكهنة عادت إلى الوجود عبر الشاشة بعد مرحلة تراجع كان "بازوليني" يحاول أن يجعل للسينما لغة من خلال كون الصورة مدلول.. وأشياء الواقع وحدات للصورة.. عندما تتحرك تغدو واقعاً يتكلم عبر الأشياء.. الوحدة السينمائية مقابل الوحدة اللغوية.
تقسم الصورة الشعرية وتكاد تتماهى معها الصورة السينمائية إلى ثلاثة أقسام:
1-الصورة الإحساس:
وهي تشابه الماء في حالة التجمّد.. أحادية لا تحيل إلاّ إلى ذاتها.
ولّت تلك الأيام
تلك الأيام الطيبة
تلك الأيام السليمة المثمرة
تلك السماوات الملأى بالغلس
تلك الأغصان الملأى بالكرز
تلك البيوت المتكئة على بعضها
هنا.. نلاحظ فيزيائية الصورة وأحاديتها وكونها لا تحيل إلا إلى ذاتها.. إنّها الشيء كما هو أمام عين الشاعرة وعين الكاميرا.. محايد لأطلال هلة وضعيفة من الناحية الفنية والشعرية ويعتبر بالمفهومين الشعري والسينمائي بوابة أو عتبة ممهدة للدخول فيمايليها:
2- الصورة العاطفية:
سائلة متموجة.. عابرة ثنائية لا تعرف إلا الاستناد إلى صورة أخرى تفسرها.
تعال إلى سهل النجيل
إلى سهل النجيل الكبير
ونادني من وراء أنفاس
وردة الحرير
كما ينادي غزالٌ.. أنثاه
الثنائية هنا لا يمكن عزلها ولا تفسيرها إلاّ بما يقابلها – ارتباط النجيل بالورد.. ارتباط النجيل بالغزال.. ارتباط الحبيب بذكر الغزال والحبيبة بأنثى الغزال..
الصورة هنا أكثر عمقاً ومليئة بالتقابل والترادف.. وحتى حركة الكاميرا تعبر من الثنائيات المفترضة إلى تفسيرها الفني والداخلي.
الفعل العاطفي هنا في: تعال ونادني، وحضور اللون والحركة بين تخيل له صورة واقعية وواقعيّ له صورة خيالية.. الأرضية الثابتة لعناصر ثابتة – سهل – نجيل – زهرة – وكائنات متحركة- غزال- أنثاه- شاعرة وحبيبها- والنداء/اصطدام صوتين فعل أهم وأخطر من اصطدام صورتين.
3- الصورة الفعل:
أثيرية – متحولة.. خلاصة للصورة السابقة تختلف عنها بالحرارة والحركة.
والآن كيف
كيف ينهض شخص إلى الرقص
ويحل ضفائر طفولته
في الماء الجاري
ويشم التفاحة التي قطفها في النهاية
ويدوسها بأقدامه
هنا اجتمعت عناصر الصورة شعرياً وسينمائياً.. وكذلك الصور اجتمعت. فالثنائية تتضمن الواحدية والثلاثية تتضمنها معاً مجسّدة اللون والحركة والفعل.. المعنى واللامعنى.. الرمز والمثال بتركيب لمجموعة أشياء لإنتاج دلالة تتضمنها، وتختلف عنها، وتجسيد الرؤية لا كما هي، ولكن كما نراها في مرحلة عبور من العادي إلى التلقي المنتبه وخلخلة المفردة والصورة عبر الحركة والإيحاء لإنتاج معنى مغايراً وقابلاً لاحتمالات لا نهائية..
تحتاج الكاميرا وهي تستعيد عين الشاعر، أو الشاعر وهو يستعيد حساسية عين الكاميرا إلى عدة زوايا للرؤية لتجسيد عملية الانتقال من الثابت إلى الجانبي ومن البانورامي إلى الرؤية الداخلية ليظهر الفعل والحركة والتشخيص عبر حركية الضوء الموزع بين الخفوت والسطوع الحنان والقسوة.. بين الدافئ والبارد والصارخ في تمثيل أقرب للانطباع وتأثيراته. تصطاد تحولات الحركة في مشهدية شعرية وسينمائية ينتجها نص متحرك مكثف.. ومفتوح..
2- الفلاش باك بالسينما تكمن الانسان لاول مرة من تسجيل الزمن وتحولاته وهي اقرب الفنون الى الشعر وطبيعته ويشترك اكل منهما في الصورة والايقاع والاثر وفي التداعي اعبر
نقاط تفرّع غير محسوسة، محملة بالماضي محطمة السببية باحثة عن مبرر لوجودها المادي ثقلها ورابطها.. وأكثر ما تتبدى تقنية الفلاش باك في قصيدة "لعلي قالت أمه ذات يوم" هنا نختار بعض المقاطع مع التأكيد على أن الحالة في هذه القصيدة حلميّة استرجاعية رابطها المتحول يتخذ رمز السمكة.. حيث تتقاطع أحلام الشاعرة الأم مع أحلام ابنها الذي لم تره مذ كان صغيراً وتتداخل أحلامهما في حلم دخل الحلم..
كان حلُم بسمكة
سمكة كما لو بكومة مسكوكات
كما لو لفافة حرير
بسجافٍ مشغول بالترتر
كما لو سطح أوراق زهر الساعة
طرّزت بالقشدة
يلعب الاستغماية في عينيه
حجران مدوّران صافيان
من الماس
بطيئاً.. بطيئاً
تمدّد نفسها فوق الماء
بحيث تداعب
دورة المروحة.. وجه الماء..
حالة التلقي الأولى تماهي بين الطفل عليّ.. والسمكة باللون والملمس والرائحة.. ويحضر الزمن في أوراق زهر الساعة ودورة المروحة في تحريكها وجه الماء.. وكأنه الزمن الحلم في حركيّته..
مهما كانت.. كائنة من كانت
فعليّ الصغير كان مشدوهاً برؤيتها
صار مولهاً.. مفتوناً بها
بحيث مدّ يده كي يمسّ
ذلك اللون الجاري
النور الفتيّ
المطعّم بالفضة
فبرقت.. وأمطرت
وصار الماء.. أسود..
إنّها حالة التحول من الدهشة إلى الاشتهاء والفتنة والانغمار بالنور والفضة والأبيض ومحاولة معانقة الحلم التي تنتهي بإدراك أنه.. مجرد حلم.. حيث يتوقف جريان الزمن الحلمي والصحو على الحالة الكابوسية المليئة بالبرق والمطر وتحوّل الماء "الرحم" للون الأسود اللافت هنا استخدام صورة الماء عبر حالات ثلاث.. الماء الجاري الممثل لزمن الحلم، وحركيته الماء الأسود الممثل لاصطدام زمنين ينتهيان لحالة كابوسيّة مرفوضة
والماء المطر الملي بالبرق الممثل للداخل- سخطاً وحزناً وبكاءً..
فجأةً.. ارتفع الماء
وشُفط.. وابتلع
كما لو أن الماء
بحث عن قرينه
وامتصه إليه
الدوائر الفضيّة على دواخلها
دارت.. ودارت.. وتعبتْ
أحدثت الأمواج جرائر
ومن جديد
انشدت بسلاسل قعر الحوض..
إن تغير اللون والزمن والسمكة في الحركتين السابقتين /المقطعين من القصيدة/ انتهى إلى عدميّة.. استعارت البياض، وأعطته معنى الغياب /غياب الحلم/ وكائناته من مياهٍ وأسماك وألوان وحركة لم يبقَ منها إلاّ الحوض الفارغ..
اللون هنا بياض مختلف عن بياض الفضة الموحي بالامتلاء والحركة.. بينما يوحي الآن بالخواء والعدم..,,ومقطع اخر من نص اخر يعود الى البداية ليفسر بالتداعي حالة انية راهنة
أنا آتية من ديار الدمى،
من ظلال الأشجار الورقية في بستان كتاب مصوّر،
من المواسم اليابسة لتجارب الحب ّ والصداقة العقيمة في أزقة البراءة الترابية.
أنا قادمة من سنوات نضوج ّ حروف الأبجدية الكالحة وراء طاولات المدرسة المسلولة..من اللحظة التي استطاع فيها الأطفال أن ينحتوا على السبورة مفردة حجر
إذ هجرت الزرازير شجرة شائخة.
قادمة أنا من زحمة جذور نباتات تمضغ اللحوم
ومازال دماغي يدوي
بحفيف موحش لفراشة
صلبوها في الدفتر بدبوس.
حينما كانت ثقتي مدلاة من حبل العدالة الناحل
حينما كانوا يقطعون في المدينة قلب قناديلي إربا إربا
حينما كانوا يعصبون عيني حبي الطفلتين
بمنديل القانون الداكن
حينما كانت نافورات الدم تنفجر من أصداغ أملي المضطربة
وحينما لم تعد حياتي سوى دقات ساعة جدارية
أدركت أن
أن
أن أعشق بجنون.
نافذة بلحظة صحو ورؤيا وصمت
والآن
فقد سمقت شجيرة الجوز
حتى صارت تترجم لأوراقها اليانعة معنى الجدار.
سل المرآة عن اسم منقذك
أليست الأرض الراجفة تحت قدميك أكثر عزلة منك؟!
حمل الرسل رسالة الدمار إلى عصرنا
أليست هذي الانفجارات المتتالية والغيوم المسمومة
دوي آيات مقدسة؟!
يا صاحبي
يا أخي
يا بن دمي
حينما تصل القمر
دون تاريخ مجزرة الأزهار!
يسقط الحالمون دوما من علو سلّم سذاجتهم ويموتون
إني أشم رائحة ورود الليلك النامية على قبر الأفكار الهرمة
ترى هل كان شبابي تلك المرأة المتفسخة في كفن انتظارها وبراءتها؟
هل سأتسلق , ثانية سلّم الفضول الشاهق
كي ألقي تحية على الإله السائر فوق سطح الدار؟
أشعر أن الوقت مضى
أشعر أن "اللحظة" هي حصتي من وريقات التاريخ
أشعر أن الطاولة فاصلة خادعة بين ضفائري وأيادي هذا الغريب الحزين
قل لي شيئا!
قل لي ماذا تروم منك من تهبك طراوة جسدها الريان
سوى إدراك الإحساس بالحياة؟!
قل لي شيئا
ففي ملجأ نافذتي لي صلة بالشمس.
3- المونتاج:
سلسلة من الصور المرئية والمسموعة تشبه الاختزال تستخدم لخلق مزاج أو جو عام أو انتقال في الزمان والمكان أو تأثير عاطفي يشبه عملية التداعي.
بغتةً.. امتلأت النافذة بالليل
والليل امتلأ بكومة أصوات فارغة
والليل تسمم من لهيب الأنفاس المسمّمة
والليل..
أصخت السّمع في الشارع الخائف
المعتم
كان ثمة شخص
وكأنه يدهس قلبه
مثل حجم.. فاسد
في الشارع.. الخائف.. المعتم
انفجرت نجمة
أصخت السَّمع..
عدّة سمات للمونتاج يتضمّنها هذا المقطع.. المونتاج المتسارع عبر اللقطات والايقاعات السريعة "الليل.. الليل.. الليل" والمونتاج التصوري عبر التقابلات والتضادات لإبراز الأثر أو الحالة "والليل امتلأ بكومة أصوات فارغة.. والمونتاج اللافت أي الانتقال من الصورة إلى رمزها "نافذة امتلأت.. بالليل" والمونتاج السردي
في التتابع الزمني الكون من تدفق السرد والإيقاع" أصخت السمع في الشارع الخائف المعتم كان ثمة شخص وكأنه.. يدهس قلبه.."
فعلى إيقاع الليل وإيقاع خطوات الشخص تتابع المشهديات الشعرية والسينمائية في النص.. المونتاج الحركي والزمني. أي وقوع الفعل خارجياً وداخلياً" "في الشارع الخائف المعتم.. انفجرت نجمة.. أصخت السّمع" هذا الحضور اللافت للشعرية في السينما، للسينما في الشعر يتحمل أكثر من قراءة
ولعل قراءتنا له هنا ليست أكثر من ملامسة.. فهذان الفنان يلتقيان في أكثر من وسيلة يتبادلان المواقع أحياناً.. ويكونان شيئاً واحداً في لحظة ما..
إنها العلاقة التبادلية والعابرة لتلاقي الفنون جميعها
كما تملك الكلمة علاقة غير مباشرة بما تدل عليه، تملك الصورة علاقة أيقونية مباشرة بما تدل عليه وتصوره : أي إن الكلمة، وحدة لغوية، علامة، وظيفتها إحلال شيء بدل شيء آخر، فهي دال ينفصل عن مدلوله: الكلمة تساوي الشيء. أما الصورة، فهي علامة بصرية،
تتشابه فيها العلاقة بين الشيء ومظهره، ويتطابق فيها الدال مع المدلول: أي إن العلامة هنا هي مظهر الشيء ذاته: العلامة تشبه مظهر الشيء. وتكمن قوة اللغة في استعمال علامات يتباين فيها الدال والمدلول، بينما قوة الفيلم تكمن في استعمال علامات يتطابق فيها الدال والمدلول.الكاتب يستعمل اللغة، أما السينمائي فإنه يبتكرها".
اللغة الصورة والصورة اللغة
كما حولت اللغة نفسها من هيروغليف الرسمة الى التجريد والرمز متخلصة من عفويتها بالرمز ومتخلية عن الصور الى التصور كذك فعلت السنينما عبر الحركة التي لها ايقاع يتطولر الى لغة عبر التحول من الحركة الى الاحساس الى الخطاب الى الصورة ومنهما الى الشعور الى الفكرة يحول السنما الى شعرية تستخدم كل وسائل الشعر وتعيد انتاجه بطريقتها السنما كتابة انها تجرد اللغة والصورة جاعلة من السينما كتابة حيث ياخذ الزمان والمكان زمنا هو زمن النص البصري كما الشعر تماماوعبر السردصوت صورة لغة وعند فروغ كما عند بازوليني شبه تطابق بين افلامها
وقصائدها ا حيث السنما والشعر فكما ان السنينما والشعر فكما اننا محكومين باللغة عبر ماورائية الصور الصورة الساكنة تماثل الحرف تتحول الى جمل ومقولات بالحركةوكما ان الانتاج اللغوي وهو يتحول الى شعر
يجعلنا ننتبه الى القصيدةوننسى اللغة كذلك في السينما عندما تتحول فيلما نحن ننتبه الى الفيلم وليس الى السينما فروغ فرخزاد في تجربتها الشعرية والسينمائية تخطت الحواجز بين الفنين وحولتهما فنا واحدا انه حلم للشعر قديم كان رامبو يحلم بحيازة الفجر ومالارميه ان يحول العالم الى كتاب
عبر تحويل اصوات الكلمات الى تيمات متطابقة مع معناها وكل هذه التجارب التي لم تكف ولن تكف ماهي الا استلهام رغبة الانسان البدائي بالتطابق بين الكلمة ودالها ورفضه المطلق للفصل بينهما
دائما هناك تبرم بالقواعد وميل الى الفوض ىسينمائيا وشعريا تستمد وجودها من جوهر الفن الثابت والمتحول معاً.. الفن الذي هو أعظم فرح يهبه الإنسان إلى نفسه…
وحده الصوت يبقى -فروغ فرخزاد
كما تقف الخرافات وانعكاسات المخيلة على بوابات القصائد لتُبعث من جديد كذلك.. تقف مسكونة بالانبعاث والحلم على حساسية شريط تستعير الضوء لتقف في منطقة الحلم مجرّدة.
الشعر والسّينما باحتكاكهما بالواقع يعيدان الحلم إلى قلب الحضارة من خلال الإيهام بالواقع وواقع الإيهام.. إنّهما تاريخ المخيّلة في عبورها من المحسوس إلى الرّوحيّ، من الملموس إلى المتخيّل عبر الإيقاع والصورة..
يشترك الشّعر مع السّينما بالتّصوّر الذّهني والاستعارات والرّموز في جميع المثيرات عبر شهوة العين كما يشتركان بالتفاوتات والانقطاعات في عالم خاص بهما تجرّد من مراكز ثقله متجهاً إلى متلق لم تعد ذاته مركزاً لإحساساته.. بل لما تتلقّاه.. فالمرسل والمتلقي في لعبة الشعر والسينما فقدا مراكز الجاذبية وتورّطا في لعبة الدّهشة.. إنها أحلام "آبولينير" و"جون كوكتو" في تحرير الأشياء من عاديتها.
إنّ تحول المنظور في السينما ربما لا يكون شعرياً لكنه يستعير كل وسائط الشعر.
الفرق بين الحالتين جسّده "بريسون": على فيلمك أن يماثل ما تراه عند إغماض عينيك، جسّد المرئي الذي لا يراه سواك".\\\http://youtu.be/DdD-dyhgcNM\\\فيلم النشال بريسون
ارتيطت السينما منذ بدايتها بالشعر على اعتبار الثقافة الشعرية مهيمنة وجذرها يمتد الاف السنين يذكرنا ايزنشتاين ان الكتابة في الشرق القديم تقدم توليفة بين
هيروغليفتين تجعلها قادرة على انتاج دلالة صورة الى جانب باب تعني انصات
عصفور وفم غناء اي ان فكرة التعبير بالصورة كتابة عامية فكرية تعودالى اول عصور البشرية السنما لاتعرف اللغات ولاالحدود فهي تكتب بالضوء وتخاطب كل فرد بلغته وتتجاوزها انها خطاب متطور يعتمد الصورة
الشاعر السينمائي والسينمائي الشاعر
سنة 1913 انجز مايايكوفسكي فيلم فلاديمير ماياكوفسكي في اللونابارك
وفي 1918 فدم فيلم الانسة الراقية وفتى الازقة ومثله مع ريبيكوفا مع المخرج سابينسكي \\\http://youtu.be/JI0eVsi-Dmo\\\
ثم عمل سناريو عن قصة لجاك لندن ليس في سبيل المال يجيئ المرء الى الدنيا
وفيلم مقيدة بالسلاسل الذي مثله مع ليلي بريك واخرجه توركين
يعد فيلمي المدرعة بوتمكين والمواطن كين لازنشتاين ووبودفكين من الارث السنمائي الذي لايزال حاضرا الى الان
ومن التجارب المهمة تجربو جان كوكتو دم الشاعر 1931 كتابة واخراجاوتعد لقطة دخول الشاعر المراة متجاوزا وعابرا ماسماه مابعد المراةلاتزال حاضرة الى اليوم
وفي 1946 انتج الحسناء والوحش وبعده الاهل الشقياء واورفيوس وموت الشاعر مشروع جان كوكتو هو واقعية اللاواقع شخوصه بين الظل والضوء بين الحلم والواقع مرة حقيقية ومرة سحرية \\\http://youtu.be/KCYcWpMDWLQ\\\
ومن اهم الشعراء السينمائيون بيير باولو بازوليني\\\ http://youtu.be/_wcmu2zrpEs \\\
إنّ شهوة العين في السّينما تماثل شهوة الصورة الشّعرية وهي تتضح وتتكشف على مهل. لتوضيح العلاقة بين السّينما والشّعر نستعير واحدة من أهم التجارب لشاعرة وسينمائية معاً عبر مجموعة شعريّة هي أقرب للسّينما أو عبر سينما في مرحلة "الديكوباج".
-المرحلة السابقة للتصوير.. مجموعة "وحده الصوت يبقى"
1935 ـ كانون الثاني: ولادتها في طهران، للأب (العقيد محمد فرخ زاد) والأمّ (توران وزيري تبار). \\\http://youtu.be/A6WO-Xcfx0A\\\
1952 ـ زواجها من (برويز شابور) ـ رسام كاريكاتير.
1953 ـ ديوانها الشعري الأول (أسير).
1954 ـ ولادة ابنها الأوحد (كاميار).
1955 ـ طلاقها.
1956 ـ الطبعة الثانية من ديوانها (أسير).
1957ـ أصدرت ديوانها الثاني (حائط).
1958 ـ أصدرت ديوانها الثالث (عصيان).
1959ـ تعرفت على القاص الإيراني الشهير (إبراهيم كلستاني) وهو تعارف سيكون مقدمة لصداقة حميمة استمرت إلى وفاتها.
* التعاون مع (إبراهيم كلستاني) في مؤسسته السينمائية (كلستان فيلم).
1960 ـ سفرها إلى لندن للبحث عن إعداد أحد الأفلام.
· بداية موتاج فيلم (يك آتش) ـ (نارٌ ما).
· السفر إلى خوزستان ـ جنوب إيران، للتصوير.
* تدرس عدداً من الأفلام، وتساعد في إعداد مقدمات لصناعة أفلام أخرى.
1961 ـ ممثلة ومعدة لفيلم (الخطوبة) المنتج من قبل مؤسسة الفيلم الوطني الكندي.
1962 ـ تعد القسم الثالث من فيلم (الماء والحرارة).
* تساعد في إعداد الصوت لفيلم (موج ومرجان وحجر).
*نجاح فيلم (نار ما).
*السفرة الثانية إلى لندن لغرض إنجاز فيلم.
*تعد فيلماً مدته دقيقة واحدة لصالح صفحة المحتاجين في صحيفة (كيهان) الإيرانية.
1963 ـ ربيع ـ تسافر إلى تبريز ـ شمال غرب إيران لتنجز فيلمها عن المصابين بالجذام.
* صيفاً تمثل وتساعد في إعداد فيلم (البحر) الذي لم ير النور.
* خريفاً سفرة لمدة ثلاثة عشر يوماً إلى تبريز مرة أخرى برفقة ثلاثة أشخاص.
* إعداد فيلم (البيت الأسود)، وإكمال المونتاج.
* تتبنى طفلاً اسمه (علي)، وتكتب فيه قصيدتها (علي الصغير).
1964 ـ شتاء ـ عرض فيلمها (البيت الأسود).
* إعداد فيلم ملون لمؤسسة كيهان.
* ربيعاً كتابة سيناريو لفيلم لم ينجز.
* خريفاً: بدأت التدريب والتمثيل في مسرحية (ست شخصيات تبحث عن مؤلف) للكاتب الإيطالي الشهير (بيراندللو).
* صدور الطبعة الثالثة من (أسير).
1965 ـ شتاء ـ تمنح الجائزة الأولى لأفضل فيلم وثائقي في مهرجان (اوبرهاوزن) عن فيلمها (البيت الأسود* \\\خرجت فيلماً سينمائياً وثائقياً بعنوان "البيت أسود" عن حياة المجذومين ونال الفيلم جائزتين من مهرجان "لايبزيغ" و"أوبرهاوزن" الذي سمّى جائزته الكبيرة باسم الشاعرة الفنانة عام 1963.\\\http://youtu.be/5WL4w5ceO7w\\\\
-
* صدور مجموعتها الشعرية (ولادة أخرى).
* ربيعاً إنجاز فيلم (آجر وامرأة)..
* صيفاً تسافر إلى ألمانيا وإيطاليا وفرنسا.
* صدور كتابها (مختارات شعرية)
* خريفاً ـ (اليونسكو)، تعدّ فيلماً لمدة نصف ساعة عن حياتها.
* المخرج الإيطالي (برناردو برتولوجي) ينجز فيلماً مدته ربع ساعة عنها أيضاً.
1966 ـ ربيعاً ـ تسافر إلى إيطاليا وتشارك في الدورة الثانية لمهرجان (بيزارو) للتأليف السينمائي ويتم تكريمها.
* تتلقى عرضاً لإنجاز فيلم في السويد وتوافق عليه.
* توافق على عرض آخر لترجمة وطبع أشعارها باللغات: الألمانية، الإنكليزية، الفرنسية، والسويدية.
1967 ـ الاثنين ـ السابع من آذار، في الساعة الرابعة والنصف عصراً،توفت إثر حادث سير، اتقنت الانجليزية والإيطالية والألمانية. عاشت مع القاص,والمنتج السينمائي
ابراهيم كلستان في صداقة لمدة ثمان سنوات
من رسالة الى والدها نشرت مؤخرا لقد سألتني عن العمل والدراسة، أنت تعرف هدفي في الحياة، قد يكون فيه شيء من الجنون، لكنه الشيء الوحيد الذي أجد فيه سعادتي وأحس فيه بالرضا، أحب الشعر وأريد أن أكون شاعرة كبيرة، ليس لي أي شغل غير هذا، أي أنني منذ وعيت نفسي
وأنا أحب الشعر، وكل عمل أقدم عليه يكون لتنمية أفكاري ومشاعري، أنا لم أدرس قط لكي أحصل على الشواهد، بل أسعى إلى استخدام معلوماتي ومعارفي لكي أنجح في الشعر، لقد اغتنمت الأشهر السبعة التي قضيتها في إيطاليا لتعلم اللغة الإيطالية، وتمكنت من ترجمة كتابين من اللغة الإيطالية، وأنا الآن مشغولة بمساعدة أمير بترجمة
كتاب من الألمانية.
بعد أن أنهيت ترجمت الكتاب الأول، وهو الآن لدى ناشر في طهران- بالطبع هناك تعويض مالي من ورائه- وخلال الأشهر العشرة التي قضيتها هنا في أوروبا كتبت ديواناً شعريا أعتقد أنني سأنشره، الشعر سيدي، إلى هذا الحد أحب الشعر، أقضي الأيام والليالي في إبداع شعر جديد، شعر جميل لم يقله أحد حتى الآن، اليوم الذي لا أقضيه وحيدة
ولأفكر فيه في شعر جديد، أعتبره يوما باطلا وبلا معنى، قد لا يجلب لي الشعر سعادة ظاهرة، لكنني أقدر السعادة بطريقة أخرى، فالسعادة بالنسبة لي ليست هي اللباس الجيد، والحياة المرفهة، أنا أكون سعيدة حين أحس بالرضا، والشعر يمنحني الإحساس بالرضا، بينما إذا أعطيت كل هذه الأشياء التي يحرص الناس عليها ويأخذ مني القدرة
على قول الشعر، حينئذ سأنتحر... دع عنك الذين يعتقدون أنني بائسة وحائرة، لكنني لن أشكو قط من الحياة... أقسم بالله وبحياة أطفالي أنني أحبك كثيرا، والتفكير فيك يملأ عيني بالدموع، أحيانا أتساءل مع نفسي:
لماذا خلقني الله هكذا؟ وخلق في داخلي شيطانا باسم الشعر يمنعني من كسب رضاك ومحبتك، لكنه ليس تقصيري، إنني لا أرى في نفسي القدرة على تحمل حياة عادية كما يعيشها ملايين الناس، الزواج كذلك ليس من أهدافي، إنني أريد أن أكون متميزة في حياتي الشخصية وفي حياتي الاجتماعية أرغب في أن أكون امرأة بارزة، وأظن
أنك ستتفهم موقفي. أكتب لي فأنا أحب رسائلك، أرغب كذلك في شراء شيء جميل وإرساله لك، لكنني لا أعرف ما لذي تحبه، وأيضا أريد أن أرسل مبلغا ماليا، هدية صغيرة إلى أبي الحبيب، لكن ينبغي لك أن تكتب لي مالذي تحبه من هنا، إنني أقبلك».
عاشت فروغ فرخزاد حياة مليئة بالاضطراب، كان والدها رجلا عسكريا يرغب في أن تكون ابنته سيدة متميزة يحترمها المجتمع، تحكي الروايات أنها أمضت طفولتها في ظروف صعبة، لكنها لا تقول شيئا عن والدتها، إلا ما نقل عن لسان فروغ نفسها حين وصفتها بامرأة تحرص على الدعاء، لكن أكثر شيء أثر على فروغ هو زواجها المبكر.
كان عمرها القصير سلسلة من المرارات و الإحباطات المتتالية، ترجمتها أشعارها وعناوين دواوينها وكذا أفلامها القصيرة: «أسير- عصيان- نار ما- البيت الأسود»... وقد كشفت صراحة عن وجعها الدفين حين قالت: «أحسّ أني خسرت عمري كله، كان عليَّ أن أعرف أقل بكثير من خبرة السبعة والعشرين عاما، لعلّ السبب يكمن
في أن حياتي لم تكن مضيئة، فالعاطفة وزواجي المضحك في السادسة عشرة زلزلا أركان حياتي. على الدوام لم يكن لي مرشد، لم يربّني أحد فكرياً وروحياً. كل ما لدي هو مني، وكل ما لم أحصل عليه كان بمقدوري امتلاكه لولا اخطائي وعدم معرفتي لنفسي، عراقيل الحياة منعتني من الوصول»- فروغ فرخزاد -
أحسّ أني خسرت عمري كله ، كان عليَّ أن أعرف أقل بكثير من خبرة السبعة والعشرين عاما ً، لعلّ السبب يكمن في أن حياتي لم تكن مضيئة ، فالحب ، وزواجي المضحك في السادسة عشرة زلزلا أركان حياتي. على الدوام لم يكن لي مرشد ، لم يربّني أحد فكرياً وروحيا ً. كل ما لدي هو مني ،
وكل ما لم أحصل عليه كان بمقدوري امتلاكه لولا انحرافي وعدم معرفتي لنفسي . عراقيل الحياة منعتني من الوصول
أريد أن أبدأ ..
سيئاتي لم تكن لسوء في صميمي ، لكن بسبب إحساسي اللامتناهي بعمل الخير.
أشعر تحت جلدي بانقباض وغثيان ..
أريد تمزيق كل شيء .. أريد أن أتقوقع في ذاتي ما أمكنني . أريد الانطواء في أعماق الأرض ، فهناك حبي ، هناك عندما تخضر البذور وتتواشج الجذور يلتقي التفسخ والانبعاث ، وجود ما قبل الولادة وما بعد الولادة ، كأنما جسدي شكل مؤقت سرعان ما سيزول . أريد الوصول إلى الأصل ،
أرغب في تعليق قلبي على الأغصان مثل فاكهة طازجة ..
سعيت دائماً لأكون بوابة موصدة لئلا يطلع أحد على حياتي الباطنية الموحشة ،
لئلا يعرف أحد حياتي ... سعيت إلى أن أكون آدمية .. ولكن كان في داخلي على الدوام كائن حي ..
قد ندحرج إحساسنا بأقدامنا .. لكننا لا نستطيع أن نرفضه أبداً .
لا أعرف الوصول .. لكني أعتقد أن هناك هدفاً ولابد ّ، هدف ينساب من وجودي كله إليه ، آه .. لو أموت وأبعث ثانية لأرى الدنيا شكلاً آخر .
العالم ليس ظلماً بكليته ، والناس ، الناس المتعبون ينسون أنفسهم دائماً فلا يسيج أحد منهم بيته .
الإدمان على عادات الحياة المضحكة ، والإذعان للمحدودية والعوائق ، كلها أعمال مخالفة للطبيعة .
إن حرماناتي ، وإن تكنْ قد منحتني الحزن ، فهي على العكس من ذلك أيضاً أعطتني هذه الميزة :
لقد أنجتني من فخاخ التهتك المخادع في العلاقات المحتملة . فالحرمانات تقرب العلاقة إلى مركز الاضطرابات والتحولات الأصلية .
لا أريد أن أشبع ،
أريد الوصول إلى فضيلة الشبع .
سيئاتي؟
أية سيئات لي سوى خجلي وعجز حسناتي عن الإفصاح ، سوى أنين حسناتي الأسيرة في هذه الدنيا المليئة بالجدران على مد البصر ، جداراً تلو جدار ، التقشف بالشمس ، وقحط الفرص ، والخوف والاختناق والاحتقار ...
أمس الأول ، في الغرفة اللصيقة بغرفتي ( في الفندق ) انتحرت امرأة ، قبيل الصبح انفجر صوت صراخ ظننته عواء كلب ، خرجت لأستمع ، الآخرون خرجوا أيضًا.. وأخيراً كسروا الباب .. كانت المرأة قد أصبحت رمادية ، كانت قبيحة قصيرة ، فقيرة ، ترقد على سريرها فاقدة وعيها .
يبدو أنها قد ضُربت أولاً ، وقام ضاربوها بسحبها من الطابق الرابع إلى الطابق الأول . كانت قبل انتحارها ميتة تقريباً ، والآن ماتت تمامًا . من حقيبتها المفتوحة وسط الغرفة ومن بين ثيابها تبرز أشياء مضحكة ، وعجيبة : حمالات صدر لا عدد لها ، ألبسة داخلية قذرة ، جوارب ممزقة ،
أوراق ملونة ودمى ملفوفة بالأوراق الملونة ، كتب قصصية للأطفال ، أقراص مختلفة ، صورة المسيح وعين اصطناعية .
لا أعرف ، لقد جاء هذا الموت بلا شفقة . تمنيت أن أذهب وراءها إلى المستشفى . لكني أمام كل الناس الذين تعاملوا مع جسدها الرمادي بهذا القدر من الفظاظة ، لم أتجرأ على إظهار رأفتي ومواساتي نحوها ...
سعيدة أنا ،
لأن شعري صار أبيض ، وجبيني تغضن ، وانعقدت بين حاجبي تجعيدتان كبيرتان رسختا على بشرتي . سعادتي أني لم أعد حالمة . قريباً سأبلغ الثانية والثلاثين ، صحيح أن ال الثانية والثلاثين عاماً هي حياتي التي تركتها خلفي وأتممتها . لكن ما يشفع لي أنني وجدت فيها نفسي .
فمي مضطرب ، وقلبي منقبض . تعبت من كوني متفرجة . .
ما إن أعود إلى البيت وأتوحد مع نفسي أحس أني قضيت يومي كله بالتشرد والضياع بين أشياء ليست مني ! ، أشياء زائلة .
- في قصيدتها "لتؤمن ببداية فصل بارد" تحدثت عن الموت في الشتاء والساعة الرابعة مراراً وهي آخر القصائد التي نشرتها قبل وفاتها إثر حادث اصطدام عند عودتها من موقع التصوير..\\\http://youtu.be/8eRflfyaMGU\ \\\
لم يقبل أحد أن يؤم الصلاة في جنازتها، مما دفع الأديب والناقد "مهر داد صمدي" إلى القيام بذلك، لا تزال مجموعة من عشاقها الكثيرين مصرة على التجمع عند قبرها كل سنة، في الخامس عشر من شهر شباط فبراير، تجتمع هناك لتشعل الشموع وتتذكر الشاعرة التي كتبت وحيدة ومغتربة كأنما تكتب لنفسها وتتنبأ بمصيرهاجولستان.
« إلى جانب كتابتها الشعر وإبداعها فيه اتجهت الشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد إلى السينما وصناعة الأفلام فقد قامت بمونتاج فيلم تسجيلي بعنوان "الحريق" الذي يروي قصة الحريق الذي اندلع في آبار نفط في مدينة الأهواز، وسافرت إلى إنكلترا لدراسة صناعة الأفلام وبالأخص الوثائقية
منها وقد مثلت دوراً في فيلم يدور حول طقوس الخطوبة في إيران وكان لها دور أساسي في إعداده ومثلت دوراً مهماً في الجزء الثالث من فيلم "الماء والبحر" من إخراج إبراهيم كلستان، كما شاركت في فيلم "الموج والمرجان والحجر" من إخراج كلستان أيضاً.
وبعد عودتها من انكلترا أخرجت فيلما طوله دقيقة واحدة عن صحيفة "كيهان" الإيرانية المعروفة وهو فيلم ترويجي مهم»
لكنه نشرت ديوانين آخرين بعنوان الجدار والثورة وذلك قبل ذهابها إلى تبريز لتصوير فيلماً عن الإيرانيين المصابين بالجذام بعنون "البيت أسود". نقطة تحول في صنعة فرخزاد السينمائية إذ توجهت إلى مدينة تبريز في شمال إيران مع طاقم لها "البيت أسود" أو "بيت الظلام" تدور ثيمته
حول الناس المصابين بداء الجذام في مصحة تجمعهم في تبريز، وقد أخرجت الفيلم بناء على طلب من "لجنة مساعدة المجذومين"وفاز بجوائز عالمية. «وقد فاز فيلم "بيت الظلام" بجائزة أفضل فيلم في مهرجان "أوبرهاوزن" بألمانيا الغربية سابقاً وقد سمى المهرجان في دورته الرابعة عشرة جائزته الكبرى للأفلام الوثائقية
باسم "فروغ فرخزاد" كما اقتبست اللجنة المشرفة على المهرجان شعار الجائزة من حوارات الفيلم.
ومن الجدير بالذكر أن فروغ فرخزاد تبنت طفلاً اسمه "حسين" كان يعيش في المصحة مع والديه المجذومين بعد أن نجحت في الحصول على موافقتهما فعاش الطفل معها.وفى العام التالي 1342ه.ش. نشرت ديوان "ميلاد جديد" والذي كان علامة في تاريخ الشعر الحديث بإيران.« قبل وفاتها، كتبت فرخزاد قصيدة لابنها كاميار ا
لذي ربما علمت أنها لن تتمكّن من تربيته، بالإضافة إلى أنها حُرمت من حضانته بسبب طلاقها من قريبها الذي عشقته في السادسة عشرة من عمرها، وكانت نتيجة الغرام زواجاً «مضحكاً» كما عبّرت في رسالتها لصديقها ا(كلستاني(.»
«كان لحياة فروغ مرحلتان كما يقول والدها: "فعندما باشرت بتأليف الشعر شجعتها ولكن عندما تسبب الشعر في إثارة الضجيج حولها وكان يهزأ أركان حياتها العائلية كنت منزعجا، لأنني كنت أعتقد أن هذه الخطوة والطريق التي اختارتها ستكون سببا في تحطيم حياتها العائلية".
في إحدى مقالاتها كتبت "أخشى أن أموت أسرع مما أتوقع ولا أتمكن من إتمام أعمالي"، وجاء ذلك اليوم في 13 فبراير1967. اليوم الأخير في حياة الشاعرة فروغ فرخزاد. كان الشعر بالنسبة لفروغ النافذة التي تصلها بالوجود ومن خلالها تمعن النظر داخل ذاتها لذلك كانت تعتبره -أي الشعر- قطعة من الحياة لا يستطيع الانفصال عنها أ
و أن يكون خارج منطقة نفوذ المؤثرات التي تشكل حياة الناس المعنوية والمادية، كذلك يمكن النظر إليها بـ رؤية شاعرية بحتة.بل إن الشعر الذي لا يحفل بمحيطه وظروف ظهوره وتطوره لن يكون شعر ذات يوم.
في العام 1334ه.ش. صدرت الطبعة الأولى من ديوانها الأول "الأسيرة" الذي أثار زوبعة من الانتقادات والردود حوله لأن الشاعرة جسدت من خلاله مشاعرها كامرأة في مجتمع مغلق. صدر ديوانها الثاني "الجدار" الذي اعتبر امتداد لديوانها الأول ولكن هذه المرة بنضوج أكبر في طرح فكرتها الشعرية.
في ديوان "عصيان" بحثت الشاعرة فروغ فرخزاد عن فضائها الشعري الخاص لذلك قالت عن هذا الديوان وديوان "الجدار": "هما محاولة يائسة وسط مرحلتين من مراحل الحياة، آخر محاولات التنفس قبل أحد أشكال التحرر. الإنسان يصل إلى مرحلة التفكير في سنوات الشباب.للمشاعر جذور ضعيفة
وإن كانت لها قوة اجتذاب واضحة إذا لم يتول الفكر هذه الأحاسيس بالتوجيه أو أنها لم تكن هي نفسها وليدة تفكير فإنها تجف وتنتهي".
. ديوانها الرابع "ميلاد آخر" وبعد وفاتها صدر ديوانها الخامس "لنؤمن ببداية فصل قارس"،
«فارقت فرخزاد الحياة وهي في قمة إبداعها ولم تكن قد تجاوزت الثانية والثلاثين من عمرها إثر إصاباتٍ في الرأس في حادث سير في الرابع عشر من شباط فبينما كانت تحاول أن تتجنب عربةً قادمةً، اصطدمت بجدارٍ وانطرحت خارج سيارتها. ومن سخرية القدر هو أنّ هذه المرأة التي تجنبت الجدران وفرت منها
طيلة عمرها قتلها في نهاية المطاف جدار.» [7] ونشر لها بعد وفاتها قصيدة بعنوان "لنؤمن ببداية موسم البرد" وتعد أقوى القصائد في الشعر الفارسي الحديث.
-
ترى هل سأمشّط جدائلي
في الريح ثانيةً
ترى هل سأزرع البنفسج
في الحدائق ثانيةً
وهل سأضع الشمعدانات
في السماء وراء النافذة
هل سأرقص فوق الكؤوس ثانيةً
وهل سيأخذني جرس الباب
مرّة أخرى إلى انتظار الصوت؟
قلت لأمي: "أخيراً انتهى
قلت دائماً قبل أن تظني أن حادثاً سيقع
يجب أن نبعث التعازي إلى الصحيفة..
في قراءتنا لمجموعتها وحده الصوت يبقى نركّز على تقنيات السرد السينمائي في الشعر والشعر في السرد السينمائي وفق المعطيات التالية:
الصورة – الفلاش باك – المونتاج..
1- الصورة في شعر فروغ فرخزاد
الصورة هي لغة الشيء قبل أن يصبح مجرداً وفي الكتابات القديمة كالهيروغليفية والصينية القديمة كان التعبير أقرب إلى التصور الشعري والسحري للعالم والكائنات.. ويبدو أن هذه اللغة السرية التي لم يكن يستطيع أن يقرأها سوى الكهنة عادت إلى الوجود عبر الشاشة بعد مرحلة تراجع كان "بازوليني" يحاول أن يجعل للسينما لغة من خلال كون الصورة مدلول.. وأشياء الواقع وحدات للصورة.. عندما تتحرك تغدو واقعاً يتكلم عبر الأشياء.. الوحدة السينمائية مقابل الوحدة اللغوية.
تقسم الصورة الشعرية وتكاد تتماهى معها الصورة السينمائية إلى ثلاثة أقسام:
1-الصورة الإحساس:
وهي تشابه الماء في حالة التجمّد.. أحادية لا تحيل إلاّ إلى ذاتها.
ولّت تلك الأيام
تلك الأيام الطيبة
تلك الأيام السليمة المثمرة
تلك السماوات الملأى بالغلس
تلك الأغصان الملأى بالكرز
تلك البيوت المتكئة على بعضها
هنا.. نلاحظ فيزيائية الصورة وأحاديتها وكونها لا تحيل إلا إلى ذاتها.. إنّها الشيء كما هو أمام عين الشاعرة وعين الكاميرا.. محايد لأطلال هلة وضعيفة من الناحية الفنية والشعرية ويعتبر بالمفهومين الشعري والسينمائي بوابة أو عتبة ممهدة للدخول فيمايليها:
2- الصورة العاطفية:
سائلة متموجة.. عابرة ثنائية لا تعرف إلا الاستناد إلى صورة أخرى تفسرها.
تعال إلى سهل النجيل
إلى سهل النجيل الكبير
ونادني من وراء أنفاس
وردة الحرير
كما ينادي غزالٌ.. أنثاه
الثنائية هنا لا يمكن عزلها ولا تفسيرها إلاّ بما يقابلها – ارتباط النجيل بالورد.. ارتباط النجيل بالغزال.. ارتباط الحبيب بذكر الغزال والحبيبة بأنثى الغزال..
الصورة هنا أكثر عمقاً ومليئة بالتقابل والترادف.. وحتى حركة الكاميرا تعبر من الثنائيات المفترضة إلى تفسيرها الفني والداخلي.
الفعل العاطفي هنا في: تعال ونادني، وحضور اللون والحركة بين تخيل له صورة واقعية وواقعيّ له صورة خيالية.. الأرضية الثابتة لعناصر ثابتة – سهل – نجيل – زهرة – وكائنات متحركة- غزال- أنثاه- شاعرة وحبيبها- والنداء/اصطدام صوتين فعل أهم وأخطر من اصطدام صورتين.
3- الصورة الفعل:
أثيرية – متحولة.. خلاصة للصورة السابقة تختلف عنها بالحرارة والحركة.
والآن كيف
كيف ينهض شخص إلى الرقص
ويحل ضفائر طفولته
في الماء الجاري
ويشم التفاحة التي قطفها في النهاية
ويدوسها بأقدامه
هنا اجتمعت عناصر الصورة شعرياً وسينمائياً.. وكذلك الصور اجتمعت. فالثنائية تتضمن الواحدية والثلاثية تتضمنها معاً مجسّدة اللون والحركة والفعل.. المعنى واللامعنى.. الرمز والمثال بتركيب لمجموعة أشياء لإنتاج دلالة تتضمنها، وتختلف عنها، وتجسيد الرؤية لا كما هي، ولكن كما نراها في مرحلة عبور من العادي إلى التلقي المنتبه وخلخلة المفردة والصورة عبر الحركة والإيحاء لإنتاج معنى مغايراً وقابلاً لاحتمالات لا نهائية..
تحتاج الكاميرا وهي تستعيد عين الشاعر، أو الشاعر وهو يستعيد حساسية عين الكاميرا إلى عدة زوايا للرؤية لتجسيد عملية الانتقال من الثابت إلى الجانبي ومن البانورامي إلى الرؤية الداخلية ليظهر الفعل والحركة والتشخيص عبر حركية الضوء الموزع بين الخفوت والسطوع الحنان والقسوة.. بين الدافئ والبارد والصارخ في تمثيل أقرب للانطباع وتأثيراته. تصطاد تحولات الحركة في مشهدية شعرية وسينمائية ينتجها نص متحرك مكثف.. ومفتوح..
2- الفلاش باك بالسينما تكمن الانسان لاول مرة من تسجيل الزمن وتحولاته وهي اقرب الفنون الى الشعر وطبيعته ويشترك اكل منهما في الصورة والايقاع والاثر وفي التداعي اعبر
نقاط تفرّع غير محسوسة، محملة بالماضي محطمة السببية باحثة عن مبرر لوجودها المادي ثقلها ورابطها.. وأكثر ما تتبدى تقنية الفلاش باك في قصيدة "لعلي قالت أمه ذات يوم" هنا نختار بعض المقاطع مع التأكيد على أن الحالة في هذه القصيدة حلميّة استرجاعية رابطها المتحول يتخذ رمز السمكة.. حيث تتقاطع أحلام الشاعرة الأم مع أحلام ابنها الذي لم تره مذ كان صغيراً وتتداخل أحلامهما في حلم دخل الحلم..
كان حلُم بسمكة
سمكة كما لو بكومة مسكوكات
كما لو لفافة حرير
بسجافٍ مشغول بالترتر
كما لو سطح أوراق زهر الساعة
طرّزت بالقشدة
يلعب الاستغماية في عينيه
حجران مدوّران صافيان
من الماس
بطيئاً.. بطيئاً
تمدّد نفسها فوق الماء
بحيث تداعب
دورة المروحة.. وجه الماء..
حالة التلقي الأولى تماهي بين الطفل عليّ.. والسمكة باللون والملمس والرائحة.. ويحضر الزمن في أوراق زهر الساعة ودورة المروحة في تحريكها وجه الماء.. وكأنه الزمن الحلم في حركيّته..
مهما كانت.. كائنة من كانت
فعليّ الصغير كان مشدوهاً برؤيتها
صار مولهاً.. مفتوناً بها
بحيث مدّ يده كي يمسّ
ذلك اللون الجاري
النور الفتيّ
المطعّم بالفضة
فبرقت.. وأمطرت
وصار الماء.. أسود..
إنّها حالة التحول من الدهشة إلى الاشتهاء والفتنة والانغمار بالنور والفضة والأبيض ومحاولة معانقة الحلم التي تنتهي بإدراك أنه.. مجرد حلم.. حيث يتوقف جريان الزمن الحلمي والصحو على الحالة الكابوسية المليئة بالبرق والمطر وتحوّل الماء "الرحم" للون الأسود اللافت هنا استخدام صورة الماء عبر حالات ثلاث.. الماء الجاري الممثل لزمن الحلم، وحركيته الماء الأسود الممثل لاصطدام زمنين ينتهيان لحالة كابوسيّة مرفوضة
والماء المطر الملي بالبرق الممثل للداخل- سخطاً وحزناً وبكاءً..
فجأةً.. ارتفع الماء
وشُفط.. وابتلع
كما لو أن الماء
بحث عن قرينه
وامتصه إليه
الدوائر الفضيّة على دواخلها
دارت.. ودارت.. وتعبتْ
أحدثت الأمواج جرائر
ومن جديد
انشدت بسلاسل قعر الحوض..
إن تغير اللون والزمن والسمكة في الحركتين السابقتين /المقطعين من القصيدة/ انتهى إلى عدميّة.. استعارت البياض، وأعطته معنى الغياب /غياب الحلم/ وكائناته من مياهٍ وأسماك وألوان وحركة لم يبقَ منها إلاّ الحوض الفارغ..
اللون هنا بياض مختلف عن بياض الفضة الموحي بالامتلاء والحركة.. بينما يوحي الآن بالخواء والعدم..,,ومقطع اخر من نص اخر يعود الى البداية ليفسر بالتداعي حالة انية راهنة
أنا آتية من ديار الدمى،
من ظلال الأشجار الورقية في بستان كتاب مصوّر،
من المواسم اليابسة لتجارب الحب ّ والصداقة العقيمة في أزقة البراءة الترابية.
أنا قادمة من سنوات نضوج ّ حروف الأبجدية الكالحة وراء طاولات المدرسة المسلولة..من اللحظة التي استطاع فيها الأطفال أن ينحتوا على السبورة مفردة حجر
إذ هجرت الزرازير شجرة شائخة.
قادمة أنا من زحمة جذور نباتات تمضغ اللحوم
ومازال دماغي يدوي
بحفيف موحش لفراشة
صلبوها في الدفتر بدبوس.
حينما كانت ثقتي مدلاة من حبل العدالة الناحل
حينما كانوا يقطعون في المدينة قلب قناديلي إربا إربا
حينما كانوا يعصبون عيني حبي الطفلتين
بمنديل القانون الداكن
حينما كانت نافورات الدم تنفجر من أصداغ أملي المضطربة
وحينما لم تعد حياتي سوى دقات ساعة جدارية
أدركت أن
أن
أن أعشق بجنون.
نافذة بلحظة صحو ورؤيا وصمت
والآن
فقد سمقت شجيرة الجوز
حتى صارت تترجم لأوراقها اليانعة معنى الجدار.
سل المرآة عن اسم منقذك
أليست الأرض الراجفة تحت قدميك أكثر عزلة منك؟!
حمل الرسل رسالة الدمار إلى عصرنا
أليست هذي الانفجارات المتتالية والغيوم المسمومة
دوي آيات مقدسة؟!
يا صاحبي
يا أخي
يا بن دمي
حينما تصل القمر
دون تاريخ مجزرة الأزهار!
يسقط الحالمون دوما من علو سلّم سذاجتهم ويموتون
إني أشم رائحة ورود الليلك النامية على قبر الأفكار الهرمة
ترى هل كان شبابي تلك المرأة المتفسخة في كفن انتظارها وبراءتها؟
هل سأتسلق , ثانية سلّم الفضول الشاهق
كي ألقي تحية على الإله السائر فوق سطح الدار؟
أشعر أن الوقت مضى
أشعر أن "اللحظة" هي حصتي من وريقات التاريخ
أشعر أن الطاولة فاصلة خادعة بين ضفائري وأيادي هذا الغريب الحزين
قل لي شيئا!
قل لي ماذا تروم منك من تهبك طراوة جسدها الريان
سوى إدراك الإحساس بالحياة؟!
قل لي شيئا
ففي ملجأ نافذتي لي صلة بالشمس.
3- المونتاج:
سلسلة من الصور المرئية والمسموعة تشبه الاختزال تستخدم لخلق مزاج أو جو عام أو انتقال في الزمان والمكان أو تأثير عاطفي يشبه عملية التداعي.
بغتةً.. امتلأت النافذة بالليل
والليل امتلأ بكومة أصوات فارغة
والليل تسمم من لهيب الأنفاس المسمّمة
والليل..
أصخت السّمع في الشارع الخائف
المعتم
كان ثمة شخص
وكأنه يدهس قلبه
مثل حجم.. فاسد
في الشارع.. الخائف.. المعتم
انفجرت نجمة
أصخت السَّمع..
عدّة سمات للمونتاج يتضمّنها هذا المقطع.. المونتاج المتسارع عبر اللقطات والايقاعات السريعة "الليل.. الليل.. الليل" والمونتاج التصوري عبر التقابلات والتضادات لإبراز الأثر أو الحالة "والليل امتلأ بكومة أصوات فارغة.. والمونتاج اللافت أي الانتقال من الصورة إلى رمزها "نافذة امتلأت.. بالليل" والمونتاج السردي
في التتابع الزمني الكون من تدفق السرد والإيقاع" أصخت السمع في الشارع الخائف المعتم كان ثمة شخص وكأنه.. يدهس قلبه.."
فعلى إيقاع الليل وإيقاع خطوات الشخص تتابع المشهديات الشعرية والسينمائية في النص.. المونتاج الحركي والزمني. أي وقوع الفعل خارجياً وداخلياً" "في الشارع الخائف المعتم.. انفجرت نجمة.. أصخت السّمع" هذا الحضور اللافت للشعرية في السينما، للسينما في الشعر يتحمل أكثر من قراءة
ولعل قراءتنا له هنا ليست أكثر من ملامسة.. فهذان الفنان يلتقيان في أكثر من وسيلة يتبادلان المواقع أحياناً.. ويكونان شيئاً واحداً في لحظة ما..
إنها العلاقة التبادلية والعابرة لتلاقي الفنون جميعها
كما تملك الكلمة علاقة غير مباشرة بما تدل عليه، تملك الصورة علاقة أيقونية مباشرة بما تدل عليه وتصوره : أي إن الكلمة، وحدة لغوية، علامة، وظيفتها إحلال شيء بدل شيء آخر، فهي دال ينفصل عن مدلوله: الكلمة تساوي الشيء. أما الصورة، فهي علامة بصرية،
تتشابه فيها العلاقة بين الشيء ومظهره، ويتطابق فيها الدال مع المدلول: أي إن العلامة هنا هي مظهر الشيء ذاته: العلامة تشبه مظهر الشيء. وتكمن قوة اللغة في استعمال علامات يتباين فيها الدال والمدلول، بينما قوة الفيلم تكمن في استعمال علامات يتطابق فيها الدال والمدلول.الكاتب يستعمل اللغة، أما السينمائي فإنه يبتكرها".
اللغة الصورة والصورة اللغة
كما حولت اللغة نفسها من هيروغليف الرسمة الى التجريد والرمز متخلصة من عفويتها بالرمز ومتخلية عن الصور الى التصور كذك فعلت السنينما عبر الحركة التي لها ايقاع يتطولر الى لغة عبر التحول من الحركة الى الاحساس الى الخطاب الى الصورة ومنهما الى الشعور الى الفكرة يحول السنما الى شعرية تستخدم كل وسائل الشعر وتعيد انتاجه بطريقتها السنما كتابة انها تجرد اللغة والصورة جاعلة من السينما كتابة حيث ياخذ الزمان والمكان زمنا هو زمن النص البصري كما الشعر تماماوعبر السردصوت صورة لغة وعند فروغ كما عند بازوليني شبه تطابق بين افلامها
وقصائدها ا حيث السنما والشعر فكما ان السنينما والشعر فكما اننا محكومين باللغة عبر ماورائية الصور الصورة الساكنة تماثل الحرف تتحول الى جمل ومقولات بالحركةوكما ان الانتاج اللغوي وهو يتحول الى شعر
يجعلنا ننتبه الى القصيدةوننسى اللغة كذلك في السينما عندما تتحول فيلما نحن ننتبه الى الفيلم وليس الى السينما فروغ فرخزاد في تجربتها الشعرية والسينمائية تخطت الحواجز بين الفنين وحولتهما فنا واحدا انه حلم للشعر قديم كان رامبو يحلم بحيازة الفجر ومالارميه ان يحول العالم الى كتاب
عبر تحويل اصوات الكلمات الى تيمات متطابقة مع معناها وكل هذه التجارب التي لم تكف ولن تكف ماهي الا استلهام رغبة الانسان البدائي بالتطابق بين الكلمة ودالها ورفضه المطلق للفصل بينهما
دائما هناك تبرم بالقواعد وميل الى الفوض ىسينمائيا وشعريا تستمد وجودها من جوهر الفن الثابت والمتحول معاً.. الفن الذي هو أعظم فرح يهبه الإنسان إلى نفسه…