تحف "أوضه باشي" الدمشقية.. من "قلعة حلب" إلى "أثينا"
من أشبه أباه فما ظلم، والابن سر أبيه، ربما يلخص هذان المثلان الشعبيان حال الحرفي "سمير أوضه باشي" الذي ورث مهنة الزخارف الإسلامية أو ما يعرف بـ"العجمي" عن والده "أوضه باشي" ابن الثامنة والستين عاماً، ويؤكد السير على خطا والده في الحفاظ على هذه المهنة الدمشقية العريقة كوفاء لوالده، وللمهنة التي يسري حبها في عروقه.
موقع eSyria التقى الحرفي في محترفه الفني "بسوق المهن اليدوية"، حيث تحدث عن تاريخ المهنة ووجودها في "دمشق": «نشأت في العهد الأموي عندما بنى الخليفة الوليد بن عبد الملك المسجد الأموي الكبير، إذ أحضر العديد من الفنانين الدمشقيين ومن بلاد فارس والترك لزخرفة المسجد، وبذلك تكونت مهنتنا من زخارف عربية وأعجمية بطابع إسلامي فقط، بعدما استبعدت الزخارف الأعجمية التي تضم حيوانات ورسوماً أخرى».
وأضاف: «بعد بناء الجامع الأموي، أخذ الفنانون يعملون في هذه المهنة "بدمشق"، ومن ثم انتقلوا إلى المدن السورية الأخرى، لذا تشتهر سورية بهذا الفن».
وتابع: «يدخل في هذا الفن الكتابة القرآنية خاصة بالمساجد، والحكم والأشعار وبعض الرسومات، وكان الأجداد يغطون الأسقف والجدران والنوافذ، وكذلك الجلسات العربية والطاولات، وتكتب عبارات، وترسم زخارف متنوعة».
أما عن اختلاف المهنة بين الماضي والحاضر فيتذكر "أوضه باشي": «إن المهنة كانت عائلية يتوارثها الأب عن الجد فالولد، ووالدي كان يمضي عاماً كاملا بزخرفة المنزل، إذ يأخذ جزءاً منه ينام ويأكل ويشرب ويعمل فيه، لينتقل إلى الجزء الآخر منه، بينما الآن فالأمر مختلف، حيث يعمل مجموعة من الفنيين، بطريقة أقرب إلى الورشة كي ينجز العمل بأسرع وقت ممكن».
وحول مراحل العمل يذكر الحرفي: «يوجد نجارون متخصصون وهم قلة لكنهم مهرة يصنعون السقف بقياسات دقيقة، ثم يجهز الفنان معجونة خاصة، وبعد أن كانت تقدر بالماضي عشوائياً أصبحت اليوم تقدر المواد الممزوجة "بالغرام" لتعطي جودة أفضل، ثم نرسم الزخرفة التي نريد ونطبعها على "المعجونة"، وبعد أن تجف تلون اللوحة بألونها النهائية لتأتي مرحلة التركيب».
بعد بناء الجامع الأموي، أخذ الفنانون يعملون في هذه المهنة "بدمشق"، ومن ثم انتقلوا إلى المدن السورية الأخرى، لذا تشتهر سورية بهذا الفن
"أوضه باشي" ذكر أن «المواد المستخدمة حالياً تختلف عن القديمة، حيث تقص الأخشاب في الماضي من جذوع الأشجار ويتم توصيلها مع بعضها بعضاً ومعالجتها، أما اليوم فيستخدم الخشب الصناعي لتسهيل العمل وإنجازه بسرعة كبيرة، كذلك حال الألوان، فقد كان الفنان يعدها بنفسه، ويستخدم "الترابة العربية"، بينما الآن توجد معامل تصنع الألوان المناسبة للمهنة وبجودة عالية، ولتفادي تلف الزخارف الإسلامية يجب استخدام الألوان الزيتية التي لا تتأثر بالرطوبة، حتى تبقى الزخارف لسنين طويلة».
وبالنسبة لعلاقة الرسم بالمهنة تحدث "أوضه باشي": «ينبغي أن يكون الحرفي رساماً ويعرف الرسومات التي تصلح ولا تصلح للمهنة، لأن لها هوية خاصة بها، تختلف عن الفنون والمهن الأخرى، وتوجد الكثير من الرسومات الجميلة في تراثنا التي تلائمها».
ويتابع «لم يقل الإقبال على هذا الفن فلا يزال المحبون كثر وهم من داخل البلد وخارجه، ويطلبه الأمراء والملوك، لهذا السبب فإن الفن باقٍ، ولا يمكن أن يتعرض للزوال ولا يُخشى عليه، إذ قلما تجد بيوتاً دمشقية قديمة لا تحوي زخارف هذا الفن، فبدلاً من التجارة بالأموال، يزين الناس بيوتهم بالزخارف العريقة، منذ الماضي وإلى يومنا هذا».
وحول انتشار أعماله يقول: «هناك أعمال كثيرة مثل "قاعة العرش" في "قلعة حلب"، و"دار الفتوى" في "لبنان" و"جونية" و"بيروت"، كما توجد لي أعمال في دول الخليج العربي "كالبحرين" و"الكويت"، وأشارك في المعارض الخارجية التي تشرف عليها وزارة السياحة فسافرت إلى "الهند" و"الصين" و"أثينا" وكثير من الدول الأجنبية الأخرى، وإن كثيرين يحبون هذه المهنة والأغلبية من بلدنا، وهم سبب استمرارها، وكذلك من البلاد العربية الأخرى والأجانب من محبي الفنون الشرقية والقديمة "كفرنسا" و"بريطانيا" وغيرها».
"أحمد الدالي" يملك بيتاً في دمشق القديمة، واعتاد على شراء لوحات العجمي من محترف "أوضه باشي" ليزين منزله القديم، مؤكداً لموقعنا «أنه يعشق هذا الفن فهو يحمل روعة فنية، وجمالية كبيرة، فوجود هذه الزخارف في المنازل يعطيها قدراً كبيراً من الجمال، خاصة إن كانت من صنع العم سمير أوضه باشي».
- وليد صوان
من أشبه أباه فما ظلم، والابن سر أبيه، ربما يلخص هذان المثلان الشعبيان حال الحرفي "سمير أوضه باشي" الذي ورث مهنة الزخارف الإسلامية أو ما يعرف بـ"العجمي" عن والده "أوضه باشي" ابن الثامنة والستين عاماً، ويؤكد السير على خطا والده في الحفاظ على هذه المهنة الدمشقية العريقة كوفاء لوالده، وللمهنة التي يسري حبها في عروقه.
موقع eSyria التقى الحرفي في محترفه الفني "بسوق المهن اليدوية"، حيث تحدث عن تاريخ المهنة ووجودها في "دمشق": «نشأت في العهد الأموي عندما بنى الخليفة الوليد بن عبد الملك المسجد الأموي الكبير، إذ أحضر العديد من الفنانين الدمشقيين ومن بلاد فارس والترك لزخرفة المسجد، وبذلك تكونت مهنتنا من زخارف عربية وأعجمية بطابع إسلامي فقط، بعدما استبعدت الزخارف الأعجمية التي تضم حيوانات ورسوماً أخرى».
وأضاف: «بعد بناء الجامع الأموي، أخذ الفنانون يعملون في هذه المهنة "بدمشق"، ومن ثم انتقلوا إلى المدن السورية الأخرى، لذا تشتهر سورية بهذا الفن».
وتابع: «يدخل في هذا الفن الكتابة القرآنية خاصة بالمساجد، والحكم والأشعار وبعض الرسومات، وكان الأجداد يغطون الأسقف والجدران والنوافذ، وكذلك الجلسات العربية والطاولات، وتكتب عبارات، وترسم زخارف متنوعة».
أما عن اختلاف المهنة بين الماضي والحاضر فيتذكر "أوضه باشي": «إن المهنة كانت عائلية يتوارثها الأب عن الجد فالولد، ووالدي كان يمضي عاماً كاملا بزخرفة المنزل، إذ يأخذ جزءاً منه ينام ويأكل ويشرب ويعمل فيه، لينتقل إلى الجزء الآخر منه، بينما الآن فالأمر مختلف، حيث يعمل مجموعة من الفنيين، بطريقة أقرب إلى الورشة كي ينجز العمل بأسرع وقت ممكن».
وحول مراحل العمل يذكر الحرفي: «يوجد نجارون متخصصون وهم قلة لكنهم مهرة يصنعون السقف بقياسات دقيقة، ثم يجهز الفنان معجونة خاصة، وبعد أن كانت تقدر بالماضي عشوائياً أصبحت اليوم تقدر المواد الممزوجة "بالغرام" لتعطي جودة أفضل، ثم نرسم الزخرفة التي نريد ونطبعها على "المعجونة"، وبعد أن تجف تلون اللوحة بألونها النهائية لتأتي مرحلة التركيب».
بعد بناء الجامع الأموي، أخذ الفنانون يعملون في هذه المهنة "بدمشق"، ومن ثم انتقلوا إلى المدن السورية الأخرى، لذا تشتهر سورية بهذا الفن
"أوضه باشي" ذكر أن «المواد المستخدمة حالياً تختلف عن القديمة، حيث تقص الأخشاب في الماضي من جذوع الأشجار ويتم توصيلها مع بعضها بعضاً ومعالجتها، أما اليوم فيستخدم الخشب الصناعي لتسهيل العمل وإنجازه بسرعة كبيرة، كذلك حال الألوان، فقد كان الفنان يعدها بنفسه، ويستخدم "الترابة العربية"، بينما الآن توجد معامل تصنع الألوان المناسبة للمهنة وبجودة عالية، ولتفادي تلف الزخارف الإسلامية يجب استخدام الألوان الزيتية التي لا تتأثر بالرطوبة، حتى تبقى الزخارف لسنين طويلة».
وبالنسبة لعلاقة الرسم بالمهنة تحدث "أوضه باشي": «ينبغي أن يكون الحرفي رساماً ويعرف الرسومات التي تصلح ولا تصلح للمهنة، لأن لها هوية خاصة بها، تختلف عن الفنون والمهن الأخرى، وتوجد الكثير من الرسومات الجميلة في تراثنا التي تلائمها».
ويتابع «لم يقل الإقبال على هذا الفن فلا يزال المحبون كثر وهم من داخل البلد وخارجه، ويطلبه الأمراء والملوك، لهذا السبب فإن الفن باقٍ، ولا يمكن أن يتعرض للزوال ولا يُخشى عليه، إذ قلما تجد بيوتاً دمشقية قديمة لا تحوي زخارف هذا الفن، فبدلاً من التجارة بالأموال، يزين الناس بيوتهم بالزخارف العريقة، منذ الماضي وإلى يومنا هذا».
وحول انتشار أعماله يقول: «هناك أعمال كثيرة مثل "قاعة العرش" في "قلعة حلب"، و"دار الفتوى" في "لبنان" و"جونية" و"بيروت"، كما توجد لي أعمال في دول الخليج العربي "كالبحرين" و"الكويت"، وأشارك في المعارض الخارجية التي تشرف عليها وزارة السياحة فسافرت إلى "الهند" و"الصين" و"أثينا" وكثير من الدول الأجنبية الأخرى، وإن كثيرين يحبون هذه المهنة والأغلبية من بلدنا، وهم سبب استمرارها، وكذلك من البلاد العربية الأخرى والأجانب من محبي الفنون الشرقية والقديمة "كفرنسا" و"بريطانيا" وغيرها».
"أحمد الدالي" يملك بيتاً في دمشق القديمة، واعتاد على شراء لوحات العجمي من محترف "أوضه باشي" ليزين منزله القديم، مؤكداً لموقعنا «أنه يعشق هذا الفن فهو يحمل روعة فنية، وجمالية كبيرة، فوجود هذه الزخارف في المنازل يعطيها قدراً كبيراً من الجمال، خاصة إن كانت من صنع العم سمير أوضه باشي».