Sajiyousef Qorqmaz
يسوع ابن الإنسان
كتاب لجبران خليل جبران صدر عام 1928 باللغة الإنجليزية في نيويورك، وتمت ترجمته إلى العربية في عام 1962.
يؤول فيه جبران حياة يسوع وتعاليمه، على ضوء آرائه الصوفية، وهو يرسم صورة يسوع من خلال ما يقوله عنه سبعة وسبعون شخصاً عرفوا يسوع ومعظمهم ورد ذكرهم في الإنجيل ، وهو يمثلون الفئات البشرية المختلفة.
وقد ابتدع جبران في كتابه منهجاً جديداً في تحليل شخصية يسوع التي أضفى عليها صفة الفرح والمحبة والقوة والصلابة، والثورة والتمرد، والصبر والعمل، وذلك في أسلوب غني بالصفاء والسلاسة والفكر والمجنح ويختم الكتاب بمقارنة بين سوء فهم الناس للمسيح وتعاليمه، وصورة يسوع كما رسمها جبران المؤمن بالتصوف، فمسيح جبران ليس إلها كما يعتقد المسيحيون، بل إنسان حر جبار متمرد على التقاليد الدينية والاجتماعية، يعشق الفرح ويحمل إلى الناس رسالة الغفران والمحبة.
يصور جبران يسوع الناصريّ في هذا الكتاب كما يراه هو من خلال مشاعره وخياله وليس كما يصوره الإنجيل، أي أنه يتصور شخص أخر تماما.
يسوع جبران مولود لأب وأم في الناصرة ، و ليس في بيت لحم من العذراء مريم ، فيروي الأحداث كما يراها هو فيحذف ويضيف كما يشاء ولهذ فالكتاب ليس بأي حال من الأحوال مرجعا تاريخيا أو سرداً لحقائق وأحداث ، وانما رؤية فنان بالدرجة الأولى أثر فيه فرسمه كما يراه في مخيلته.
نهج جبران هو السماح للقارئ برؤية يسوع من خلال عيون مجموعة كبيرة ومتباينة من الناس. ستكون بعض هذه الشخصيات مألوفة: نسمع من بطرس ؛ مريم والدته ؛ لوقا. بيلاطس البنطي وتوما ومريم المجدلية. لكن العديد من الشخصيات الأخرى جديدة، ابتكرها جبران، بما في ذلك إسكافي القدس، وراعي يوناني قديم - وأم يهوذا. تقول لنا: "كان ابني رجلاً صالحًا ومستقيمًا". "لقد كان حنونًا معي ولطيفًا، وكان يحب أقاربه وأبناء وطنه". ما يربط هؤلاء الناس هو حقيقة أن لديهم جميعًا رأيًا في يسوع ؛ على الرغم من عدم وجود رأيين متشابهين. يقول كاهن شاب: "كان الجليلي ساحرًا ومخادعًا". ولكن بعد ذلك تعرضت له امرأة متورطة بالزنا بطريقة مختلفة. "عندما لم يحكم عليّ يسوع، أصبحت امرأة بلا ذاكرة ملوثة، وكنت حرًا ولم يعد رأسي منحنيًا". مع كل صوت جديد، يتم استكشاف جانب مختلف من شخصية يسوع ؛ ورد فعل مختلف اسمه. والمنطق واضح في عدم ثقته:
هو رجل فوضوي بخالف كل أمر ؛ متسول يعارض كل الممتلكات.
لكن بالنسبة لجبران نفسه، الذي جعلته جذوره اللبنانية قريبًا من الجليل، فإن يسوع يستحق أكثر وما زال موجودًا .
لكن يا سيد، يا قلب السماء، فارس حلمنا الأكثر إنصافًا، ما زلت تسير على هذا النحو. لا قوس ولا رماح تبتعد عن خطواتك. أنت تمشي من خلال كل سهامنا. تبتسم علينا، وعلى الرغم من أنك أصغرنا جميعًا، فأنت أبونا جميعًا. شاعر، مغني، قلب عظيم! بارك الله في اسمك.
تابعوا هذا المقطع من الكتاب :
يوحنا المعمدان ، لواحدٍ من تلاميذه :
إنني لست صامتاً في هذا السجن المظلم في حين أنن صوت يسوع يتعالى في ساحة الحرب، ولا يقدر أحدٌ أن يُلقي عليَّ يداً أو يقيد حريتي طالما أنه هو حُر.
يقولون لي إن الأفاعي تنساب حول حقويه، ولكنني أُجيب أن الأفاعي ستوقظ قوته ليسحقها بقدميه .
إنني لست سوى رعدٍ في برقه. ومع أنني تكلمت أولاً فإن الكلِمة التي نطقتُ بها هي كلمته ، والغاية التي سعيتُ إليها هي غايته.
قد قبضوا عليَّ بدون إنذار، ولعلهم يُلقون أيديهم عليه أيضاً ولكنهم لن يفعلوا ذلك قبل أن يتلفظ بكل أقواله، وسيغلبهم.
ستمر عربته فوقهم، وستدوسهم حوافر خيوله، وسيكون منتصراً. سيخرجون إليه بسيوفٍ وحراب ، ولكنه سيجابههم بقوة الروح .
سيجري دمه على الأرض، ولكن قاتليه أنفسهم سيعرفون جراحه وآلامها، وسيتعمَّدون بدموعهم حتى يتطهروا من خطايهم.
إن جيوشهم ستهجم على مُدنه بالمجانيق الحديدية، ولكنهم سيغرقون في طريقهم في نهر الأردن.
أما أسواره وأبراجه فستزداد ارتفاعاً ،ودروع محاربيه سيتضاعف بريقها في أشعة الشمس.
يقولون إنني متواطئ معه لنحُضَّ الشعب على النهوض للثورة ضدّ مملكة اليهودية.
وها أنا أجيب. ويا ليت لي نيراناً أصوغ منها كلماتي: إذا كانوا يحسبون بؤرة الإثم هذه مملكة، إذاً فلتخرج ولتصر إلى لا شيء، وليحل بها ما حلَّ بصادوم وعمورة، ولينسَ الربُّ هذا الجنس ، ولتتحمل هذه الأرض إلى رماد.
نعم أنا حليف يسوع الناصري وراء هذه الجدران الغليظة في سجني، وهو سيقود جيوشي بما فيها من الفرسان والمشاة. وأنا نفسي، وإن كنت قائداً في معسكر الرَّب، فإنني لست أهلاً لأن أحلَّ سُيور حذاءه.
اذهبوا إليه، وأعيدوا كلماتي على مسمعه، واطلبوا إليه باسمي أن يعزيّكم ويبارككم .
إنني لن أُقيم طويلاً في هذا المكان، لأنني في كل ليلةٍ بين اليقظة واليقظة أشعر بأقدامٍ بطيئةٍ تدوس على الجسد بخطواتٍ متناسقة ، وعندما أُصغي جيداً أسمع قطرات المطر تتساقط على جسدي.
اذهبوا إلى يسوع وقولوا له: يوحنا الكدورني الذي تمتلئ نفسه من الأشباح ثم يفرغها ثانية، يصلي من أجلك، في حين أن حفار القبور يقف قريباً منه، والسياف يمد يده لقبض أجرته.
- مقتطع من ويكيبيديا دون تدخل...