موزائيك ملون بمعطيات التجربة وفضاء الحلم
أن الفنان يراقب العالم من حوله ليبدأ رحلة اكتشاف للمثيرات البصرية، باتجاه هدم المسافة الفاصلة بين عالم المدركات الحسية (الواقع) بقيوده واشتراطاته المنطقية من حالة انضباط الشكل أو معايير تبني نسقاً ثابتاً، ليمضي نحو جغرافية الحلم الشاسعة والمنفتحة على تأثيث سطوح تقنية للاشتغال عبر عملية استعارة بيئات مكانية وزمانية مختلفة، بقصدية تحويل السطح إلى منطقة محكومة بسلطة المنتج للعمل الفني؛ وهذا ما سارت به ورشة الموزائيك حيث تجمعت مجموعة من المتدربين، لإنتاج إعمال فنية من قطع الموزائيك الصغيرة والكبيرة وغير المنتظمة، تحت إدارة الفنان محمد العنزي وقدم فيها دروس عن كيفية استثمار السطوح المختلفة سواء أكانت خشب أو كتل نحتية أو بيئات متخيلة تحضر فوق جسد العمل بلغة تصميمية بالغة الانتظام في إدائها او بحرية وشغف الاكتشاف لتقنيات فائقة الجمال في إظهارها من خلال قطع الموزائيك ، وأسفرت تجربة الورشة بعملها المتواصل مدة شهرين إقامة معرض من إعمال الطلبة المتدربين في قاعة المحطة "The Station" من (15) عملاً فنياً توزعت في فضاء قاعة العرض) لتغدو بيئة مكانية للمشاريع الناشئة واتصفت الدورة "الورشة" بمعطياتها ومخرجاتها العملية.
اختارت المجموعة المتدربة في الورشة موضوعاتها من البيئة والمكان، لتشكل كيانات مادية احتفلت بالمتعة البصرية، واحتشد الجمهور المتنوع بتخصصاته وبيئاته خلاف معارض التشكيل السابقة التي يكون عادة فيها الحاضرين من بيئة الفنانين أنفسهم، ولهذا امتلأت قاعة العرض يوم 21 حزيران 2022م، يوم الافتتاح الذي سيستمر عشرة أيام على( قاعة المحطة) وليمثل الحضور صورة من الانفتاح للوسط التشكيلي على جميع الاختصاصات والمعارف، إذ أن دافع الفن هو أن يتواصل مع طبقات وبيئات المجتمع بغية تعزيز حضوره وبالتالي تبيان مدى تأثيره في الوعي بقيم الجمال ومتعة التفكير
امتازت الإعمال المعروضة (لفن الموزائيك ) في فضاء المحطة بتعدد الصياغات الشكلية وآليات ونظم التكوين ، والعمل على تقسيم السطح البصري إلى تكوينات تتجاوز وتتظافر لإنتاج مظهراً قادراً على التواصل المرئي مع المتلقي، ولهذا فإن هذه الإعمال الموزائيكية ما هي إلا مقترحات يمكن تنفيذها في فضاء المدن والشوارع العامة في بغداد، إذ أن فن الموزائيك غايته تجميل الأمكنة والمدن والفضاءات العامة والاسهام في التخلص من حالة التشويه البصري ويدخل كعنصر فاعل ومؤثر في خرائط التخطيط الحضري.