خروف العيد
أشرقت الشمس في أفضل يوم من أيام العام وهو يوم عرفة، وهلّ صوت الشيخ كامل يوسف البهتيمي مبتهلا:
“أهواك يا كعبة الأنوار أهواك
وأقطع العمر مشتاقا للقياك
يا ربة الحرم العالي الأمين لمن وافاك
من أين هذا النور لولاك”
استيقظ عمار البالغ من العمر عشر سنوات وايقظ شقيقته علياء البالغة من العمر سبع سنوات، فكانا هما أول من استيقظ في البيت.
راح عمار يهمس إلى علياء ويقول: هيا لابد من إتمام المهمة قبل استيقاظ أبي وأمي، فهمست علياء قائلة: وهل وجدت المكان المناسب؟ قال عمار: نعم! فوق سطح البيت، فقالت: حسنا هيا، فتح عمار باب البيت بهدوء ليتسلل منه هو وشقيقته، فخرج هو وقبل خروج علياء رأت أمها أمامها فارتبكت وقالت وهي تتلعثم: صباح الخير يا أمي، فقالت الام: صباح الخير يا حبيبتي، إلى أين أنت ذاهبة بدون علمي، ثم نظرت إلى الخارج فرأت عمار فقالت: وانت أيضا يا عمار تخرج من البيت بدون علمي؟! قال عمار صباح الخير يا أمي، أردنا اللعب في الخارج، فقالت علياء: نعم! أردنا اللعب مع الخروف، فنظر لها عمار نظرة ذات مغزى وقال: أردنا الاطمئنان على الخروف، فضحكت علياء وهي تضع يدها على فمها فهذه الحركة اعتادت فعلها كلما أرادت فعل أمر ما تعلم أن والديها يرفضاه.
فعلمت الام أن هناك أمر ما ينوي طفليها فعله، فأعادتهما إلى الداخل وأغلقت الباب وقالت: هيا أخبراني بما تريدان فعله، فقال عمار: تعرفين يا أمي أن غدا سيتم ذبح الخروف، ونحن أحببناه كثيرا فأردنا فقط … أردنا … وعلى الفور قالت علياء: إخفائه فوق سطح البيت، فضحكت الام وقالت: أهكذا إذا؟! أتعلمان ما سبب ذبح الخروف في صباح يوم العيد؟! فقال عمار: لا، بينما اكتفت علياء بتحريك رأسها بالنفي، فقالت الأم: سأقص عليكما القصة.
راحت الام تحكي لطفليها وتقول: إن سيدنا إبراهيم رأى يوما في منامه أنه يذبح ابنه إسماعيل، ولأن رؤى النبيين لابد أن تنفذ لأنها أمر من الله فأخبر الأب ابنه بما رأى، فأطاع الابن أمر ربه وقال لأبيه: ” يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ” فامتثلا لأمر الله، وهم سيدنا إبراهيم ليذبح ابنه سيدنا إسماعيل، وعندئذ أفاض الله عليهما من رحمته ففداه بكبش عظيم، لذا فنحن نذبح الخروف في العيد ونتذكر ذلك الموقف العظيم.
وهنا خرج الأب من غرفته معلقا على القصة فقد كان يسمع كل ما يدور بين الأم والأطفال فقال: كما أننا نذبح الخروف ونتصدق بثلثيه للفقراء والمساكين حتى نغنيهم عن الحاجة والسؤال في هذه الأيام الطيبة المباركة، فقال عمار: فهمت الآن، بينما قالت علياء: فلنذبح الخروف هيا، ولكن لا! لابد من وجود جدي وجدتي، لن نذبحه إلا في وجودهما، فضحك الأب وقال: ولكنهما في أرض مكة لأداء فريضة الحج فكيف ننتظرهما؟! فقالت الأم وهي تشغل التلفاز: ما رايكم أن نشاهد هذا المشهد العظيم الذي لا يأتي إلا مرة واحدة في العام، فأيد الجميع الفكرة وراحوا يرددون ” لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك”.
وفي صباح يوم العيد استيقظ الجميع عند الفجر، ثم ارتدى عمار وعلياء ثيابهما الجديدة وذهب الجميع إلى الصلاة في المسجد، وبعد صلاة العيد اجتمع الجيران والأهل والأصدقاء وأتى الجزار فذبحت الذبائح وقسمت، واعدت الام الإفطار وبعد تناوله حمد الجميع الله على نعمه وبعد ذلك قالت علياء: أريد العيدية لنشتري بالونات وألعاب، وقال عمار: أريد التنزه في الحديقة أو مدينة الألعاب، فقالت علياء: أريد حلوى، فقال عمار: أريد كرة جديدة لكي ألعب بها مع أصدقائي، فقالت علياء: بل تلعب بها معي والا لن أعطيك بالونة، قال عمار:حسنا ألعب معك ثم مع أصدقائي، فضحكت الام وقال الأب: سنفعل كل ما تريدان، ثم أعطاهما العيدية وبدأت مراسم العيد الطفولية التي لن تنتهى قبل سدول الليل.
ريم السباعي