لِڤ أولمان
”حين وقفتُ خلفَ الكاميرا عرفتُ تماماً أهمّية أن تكونَ ممثلاً“!.
ترجمة وتقديم علي كامل
”شيء رائع أن تذهب لمشاهدة فيلم لغرض التسلية. لكن في بعض الأحيان شيء رائع أيضاً أن تذهب لا لكي تتسلى فقط بقدر ما تُثار داخلياً، لتخرج من قاعة العرض وتقول: (ماذا يعني هذا الفيلم؟ ماهي القيم التي يطرحها؟) أو من الممكن أن تغضب وتنزعج أو ربما تهدأ وتقول: (سوف أصمت قليلاً ولن أتكلم لبعض الوقت). وهذا هو بالضبط ما ينبغي على المُشاهد أن يفعله إزاء الفيلم. ينبغي أن يكون مبدعاً أيضاً وعليه أن يعثر على أشياء في الفيلم لم يفكر بها الكاتب أو المخرج أو الممثل مطلقاً“ لِڤ أولمان
لِڤ أولمان مخرجة!
إن آخر دور لعبته ليف أولمان كممثلة هو شخصية الجّدة في فيلم ”عبر زجاج معتم“ ٢٠٠8 وهو من إخراج جيسبار نيلسون وهو مسك الختام لممثلة أمضت ستة وأربعين عاماً تقف أمام الكاميرا لتنتقل إلى الوقوف خلفها هذه المرة ليس كممثلة إنما كمخرجة. تقول أولمان في هذا الصدد: ”حين وقفت خلف الكاميرا عرفت تماماً أهمية أن تكون ممثلاً“!.
بوصفها مخرجة، أنجزت أولمان خمسة أفلام روائية هي:
ـ حُبْ (١٩٨٢) سيناريو وإخراج
ـ صوفيا (١٩٩٢) سيناريو وإخراج.
ـ كريستين لافرانسداتار (١٩٩٦) سيناريو وإخراج.
ـ اعترافات خاصة. مسلسل تلفزيوني (١٩٩٦) عن مخطوطة لبيرگمان.
ـ الخائن (٢٠٠٠) عن مخطوطة لبيرگمان.
أما في ميدان الإخراج المسرحي فقد أنجزت عام ٢٠٠٩ عرضاً مميزاً لمسرحية تنيسي وليامس ”عربة اسمها الرغبة“ لعبت فيها كل من الممثلة الاسترالية كيت بلانشيت والبريطانية كيت وينسل الدورين الرئيسيين. الجدير بالذكر أن أولمان كانت قد لعبت الدور الرئيسي في هذه المسرحية لأول مرة عام ١٩٧٥على مسارح برودواي.
الحفاظ على الثقة!.
هذا نص المقابلة التي أجراها أليكس سيمون مع أولمان في صفحة هوليوود إنترفيو في مجلة ”فينيسيا وبسايت“
أنا لا أسير تحت ظلال بيرگمان إنما أستنير بضيائه (**)
القسم الأول
س: دعينا نتحدث عن الخلفية الاجتماعية الخاصة بك. أنت وُلدت في طوكيو، أليس كذلك؟
لِڤ: نعم. كان والدي يعمل مهندسا مدنياً في اليابان، وحين اندلعت الحرب العالمية الثانية تمّكنا من الفرار إلى كندا. عمل والدي مدرباً للطيران في معسكر تدريب للطيارين النرويجيين والإنكليز كان يطلق عليه ”نرويج الصغيرة“ وتوفي هناك. ليست لديّ أية ذكرى عنه للأسف الشديد!. لكن الذي عرفته فيما بعد، أن
من بين الطلاب الذين تتلمذوا على يديه هو ”Thor Heyerdahl“ الذي أصبح فيما بعد مستكشفاً شهيراً وقد تم توثيق مآثره في فيلم Kon-Tiki الذي حاز على جائزة الأوسكار عام ١٩٥١.
أتذكّر ما قاله لي حين التقيت به بعد سنوات وبالصدفة، قال: ”لقد أحبّ الجميع والدك، لأنه كان الضابط الوحيد الذي يحب أن يتحدث معنا كأننا أناس حقيقيون“. كان ذلك شيء رائع بالنسبة لي ان أسمع ذلك لأنني ليس لدي أي ذكرى عنه.
س: وكيف وقعتِ في غرام المسرح ومهنة التمثيل عموماً؟
لِڤ: كنت أُمثّل في مسرح المدرسة دائماً. وكنت فتاة خجولة على غرار معظم الممثلين في البدء. أحببت الكتابة أيضا وكتبت نصوصاً مسرحية وكنت أقوم بكل
تلك الأشياء بمتعة وبهجة. يومها قالت لي والدتي: ”حسنا إذا أردت تحقيق ذلك بالفعل فينبغي عليك أن تُكملي تعليمك أولاً“. إلا إنني بدلاً من ذلك سافرت إلى لندن ودرست فن التمثيل لمدة عام في أكاديمية Webber Douglas للفنون الدرامية.
الدور الأول الذي لعبته على خشبة المسرح هو آنا فرانك في مسرحية ”يوميات آنا فرانك“. ومن بعد مثلّت أدواراً في الكثير من الأفلام النرويجية والسويدية.
الفيلم الأول الذي مثلت فيه مع بيرگمان هو”ﭙيرسونا“ عام ١٩٦٦ حين كنت في سن الخامسة والعشرين، وهي الفترة التي بدأت فيها التمثيل حقاً في السينما. لكن مع ذلك كنت أواصل عملي في المسرح أيضاً.
س: كيف كان عملك مع أنگريد بيرگمان في فيلم ”سوناتا الخريف“؟
لِڤ: شيء مذهل! أنگريد سيدة حقيقية وصعبة للغاية في نفس الوقت. ومثلما جعلتني أفتخر بها كامرأة جعلتني أنا أيضاً أشعر بالفخر لأنني امرأة حين كنا نمثل معاً.
ربما هي الشخص الأول والوحيد الذي لم أرَ مثله من قبل في طريقة تعاملها مع إنگمار بيرگمان. لقد كانت صعبة الارضاء، وكانت تناقشه بكل صغيرة وكبيرة بجرأة وأحياناً بفضاضة، وكانا في شجار دائم بشأن النص. (تضحك).
أتذكّر حينما كنا نعمل في (سوناتا الخريف) حيث كنت أقوم بدور البنت وهي بدور الأم. ثمة مشهد في الفيلم تقوم فيه البنت بتأنيب أمها لأن الأخيرة تريد العمل كعازفة بيانو. لقد طلب بيرگمان منها أن تقول لابنتها: ”أرجوك سامحيني. أرجوك أن تحبيني“ لكنها رفضت ذلك بشكل قاطع وقالت له: ”ينبغي أن أصفعها
على وجهها بدلاً من ذلك“، ثم بدأ الشجار وتصاعد الصراخ فتوقف التصوير وخرجا معاً لبعض الوقت ثم عادا ثانية وفعلت هي ما أراد. إلا إن الغريب في الأمر هو إن الكلمات التي كانت تتفوه بها لم يكن لها صلة بالتعبير المرسوم على وجهها!. لقد كان شيئاً لا يصّدق. كان إنگمار لا يحب العمل معها لأنه لم يتعود العمل بتلك الطريقة، ومع ذلك، نجح من خلال ذلك الشجار والجدال أن ينتزع منها أداءاً رائعاً وفريداً.
ثمة رابطة حقيقية تربطنا نحن الإثنين. لقد اشتركنا بتجارب كثيرة في أفلامنا وحياتنا. كانت أنگريد تحتمل الأشياء الصعبة بكياسة ولباقة، على العكس مني، فقد كنت ميالة للشجن والنحيب قليلاً. (تضحك).
كان بوسعها أن تروي كل تلك القصص المروعة التي قاستها في هوليوود حين كانت منبوذة أول الأمر دون أن تبكي أو تتشكى مطلقاً. كانت تقول: ”إنني لا أنظر إلى الوراء إنما أتطلع دائماً إلى المضي قدماً“.
س: هذا يذكرني بجملة شهيرة للاعب كرة البيسبول الشهير ساتشير بيج يقول فيها: ”لا تنظر إلى الوراء فقد يسبقك أحد ما“.
لِڤ: أوه هذا شيء رائع. وهو بالضبط ما ينطبق على الحياة التي عاشتها أنگريد بيرگمان. أتذكر حين كنا نعمل في فيلم ”سوناتة الخريف“ كانت مريضة جداً، لكنها لم تشكو أو تتذمر أو تتحدث عن مرضها مطلقاً. كانت أنگريد امرأة في غاية الشجاعة والجرأة، وكانت تقوم بأعمال جسدية اتضح لي لاحقاً أن من المستحيل لأحد القيام بها وهو يعاني من السرطان.
لقد كانت على الدوام أول من يحضر إلى موقع التصوير وآخر من يغادر. كنا نذهب عادة في المساءات إلى نادي الممثلات وقد كانت أنگريد هي أول شخص ندعوه من خارج مجموعتنا لتنضم إلينا. أتذكرها كيف وقفت يومها وسط مائدة العشاء ورفعت كأسها وقالت:
”لقد كانت لي حياة موسرة ومترفة، لكن، لم يكن لي صديقات رائعات مثلكن“. كان ذلك مثير للغاية. ونحن لا زلنا نتحدث عنها كثيراً حتى الآن.
س: لننتقل في الحديث عن مهنتك الجديدة. هل الإخراج هو الشيء الذي كنت تتمنينه دائماً؟
لِڤ: كلا، فقد التحقت بهذا الميدان في وقت متأخر. لقد أتيحت لي فرصة أن أخرج فيلماً قصيراً اسمه ”حُبْ “ حين كنت في كندا ضمن مشروع أنطولوجي. الفيلم يتحدث عن شخصين مسنين، وهو فيلم يخلو من أي حوار. نسيته فيما بعد تماماً ولم أفكر به مطلقاً، لكنني عدت إليه ثانية لأن شركة إنتاج دنماركية طلبت مني أن أكتب سيناريو له، ومن بعد وجهت لي دعوة للقيام بإخراجه وقبلت الدعوة.
لقد أحسست في الاسبوع الأول من العمل أنني عثرت حقاً على مهنتي الحقيقية لأنني كنت قد بدأت أشعر بالاعياء من عملي كممثلة فضلاً عن دافع مشجع آخر هو وجود الكثير من المخرجين الرديئين هناك. (تضحك).
س: ألم تعد لديك رغبة حقيقية في التمثيل بعد؟
لِڤ: كلا على الإطلاق. التمثيل يتطلب جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً، والوقت، هو جوهر المسألة بالنسبة لي وأنا في هذه السن، فضلاً عن شحة العروض المغرية التي
كانت تقدّم لي في السابق. جزئياً، لأنني أنا نفسي قررت أن أتوقف عن ممارسة هذه المهنة، ناهيك عن ندرة وجود مخرجين ممسوسين (بالمعنى الجميل طبعاً) مثل إنگمار. وأحياناً، وأنت في سن محددة، عليك أن تكن صبوراً... لحين أن يتفضّل عليك الآخرين بدور... كلا، أنا لا أحب ان أفعل ذلك حقاً.
الحياة كانت ولا زالت معطاء بالنسبة لي وها هي تمنحني فرصة جديدة أخرى ممتعة. وهناك أمر آخر رائع للغاية هو أن تجد نفسك وأنت تقف وراء الكاميرا وأمامك ممثل آخر يُزهر ويتورد أمام عينيك.
ثمة من كان يقول، ها إنك تدخلين الأربعين، لكنني تجاوزت ذلك السن وكانت فترة رائعة. وثمة آخر يقول، ها إنك تدخلين الخمسين، ومرّت هذه هي الأخرى بشكل ممتع وجميل. هكذا تمّر السنوات، حيث كل مرحلة لها مذاقها الخاص، وها هي الحياة تمنحني من جديد فرصة أخرى لولوج مهنة رائعة وهي الإخراج.
الآن، وأنا في خريف العمر، أوّد أن أتمتع بفترة استراحة حقاً. ربما للقيام بشيء آخر مختلف. ليس بالضرورة أن يكون ممارسة لمهنة جديدة. الحياة هي هي أينما تكن، وستكون سخية جداً إذا سمحت لها أن تكون سخية، لا سيما بالنسبة لنا نحن الذين نتمتع بالكثير من الخيارات.
س: ماذا تقصدين بفترة استراحة؟ هل تعنين استراحة من إخراج الأفلام أو من لعب أدوار في الأفلام؟
لِڤ: مسألة التمثيل محسومة بالنسبة لي.
س: تماماً؟ هل ثمة شيء ما يقنعك بالعودة؟
لِڤ: حسناً، أنا لا أعرف شيئاً عن الغد مطلقاً، لكنني مع ذلك لا أعتقد أن بإمكاني العودة. لا أريد أن أكون قلقة بشأن طريقتي في رؤية الأشياء. ما أريده فقط هو الاهتمام بالكيفية التي أحيا فيها. أود رؤية حفيدي في رحلة مثلاً. نعم، لِمَ لا؟ أنا لم أفعل ذلك مطلقاً.
س: هل تعتقدين أن التمثيل يمكن أن يكون أرضية جيدة للمخرجين الذين سبق لهم ممارسة التمثيل لاعتبار واحد هو قدرتهم على التعاطف أكثر مع الممثلين؟
لِڤ: نعم بالتأكيد. أنا لا أعتقد أن بوسع جميع الممثلين أن يكونوا مخرجين. في المقابل ثمة الكثير من المخرجين ليس لديهم القدرة على الإخراج. (تضحك). وإذا ما تمكنوا من ذلك، ربما بسبب من هذا التعاطف، فسيكون ذلك رائعاً حقاً.
س: أظن أن الممثلين الذين عملوا معك جاءوا مدفوعين بهاجس هو أنك ممثلة متمرسة في هذا الميدان. لذا فثمة درجة من الثقة ستنشأ حتماً بينكم وعلى الفور.
لِڤ: ينبغي أن يكون هناك الكثير من الثقة. بادئ ذي بدء، يجب أن تكون منفتحاً مع نفسك، مدركاً أنهم يعرفون أنك لا تخفي أي شيء عنهم. عليهم أن يثقوا بك
لكي يعرفوا أي شيء سيمنحونه لك، شرط أن لا تُسيء استخدام ذلك العطاء بالطبع. ينبغي أن يشعروا أنك أشبه بالعاشق وأنت جالس خلف الكاميرا. إذا كنتَ
جالساً مع شخص تعشقه حقاً وهو يتطّلع إليك ويُبدي لك أنك أعذب شخص في هذا العالم، فسوف تُزهِر وتتفتح فجأة. ينبغي أن تمنح الممثلين فسحة واسعة من الحرية وأن لا تحاول أن تجعل منهم نسخة من الفكرة التي استحوذت عليك وأنت في ورشة عملك الخاصة.
س: كيف تنتزعين الاداء الجيد من ممثليك أثناء العمل؟
لِڤ: من خلال الثقة المتبادلة. ينبغي أن أكون جديرة بثقتهم لكي يبدعوا. أنا لن أطلب منهم القيام بشيء أقل أو أكثر إن لم يكن صادقاً حقاً. خذ على سبيل
المثال المشهد الرائع الذي صورناه في فيلم (الخائن) مثلاً، حين تجلس ماريانا (الممثلة لينا اندريه) قرب النافذة وهي تتحدث عن محاولتها التخلي عن طفلتها.
المشهد يستغرق ٨ ـ ١٠ دقائق تقريباً على الشاشة والكاميرا مرّكزة على وجهها فقط. حين قامت لينا في أداء الدور في المرة الأولى كان ادائها رائعاً، لأنها ممثلة..
وأي ممثلة!. إن كل من يرى تقنية ذلك الاداء سيقول، آه، يا إلهي، أية ممثلة رائعة هذه!. لكن، مع ذلك، كنت أعرف جيداً أنها يمكن أن تُعطي المزيد.
قلت لها أن ادائك مدهش والجميع سيُثني عليك، ولكن أريد أكثر من ذلك. ثم قلت لها: ”لينا، فكرّي فقط بتلك الطفلة الصغيرة التي خرجت تواً دون أن تستدير نحوك، وستظلين تحملين تلك الصورة معك لبقية حياتك. كوني أنت نفسك لينا“.
عندما قامت في أداء الدور ثانية حدث شيء ساحر. لم يكن تصفيقاً حاراً في الإستوديو كما هي العادة حين يجيد الممثل دوره، بل كان هناك صمت.. صمت ناطق.
حينها غادرتْ لينا الأستوديو حالاً فيما صار بعض العمال يربتوا على كتفها بحرارة. لم تقم لينا باداء دور الشخصية بل كانت تجسد دور لينا نفسها حقاً. وهذا شيء من الصعب عليّ شرحه.
س: لقد احتفظتِ بالعديد من الدروس التي تعلمتِها في العمل مع بيرگمان. هل يمكنني القول أنه كان يلقي بظلاله على حياتك المهنية؟
لِڤ: حسنا هذه هي كلماتك...
س: بل كلماتك أستعيرها من كتابك (أتغّير).
لِڤ: حسنا ولكن مضى على إصدار الكتاب الآن فترة طويلة.
س: مع ذلك لا زال غضاً محتفظاً بحرارته وحيويته.
لِڤ: حسناً. ولكنني عشت بعد ذلك أكثر من عقدين آخرين وكان قد مضى على انفصالنا وقت طويل. مع ذلك، أعتقد أنه ما قلتَه صحيح. بيرگمان هو أفضل مخرج عملتُ معه.
لقد عملت معه عشرة أفلام كممثلة ومخطوطتا سيناريو كمخرجة. لكن لا تنسى أيضاً أنك، كشخص، لا بّد من أن تعكس شخصيتك في أفلامك. إنها في الآخِر حياتي التي أعمل في إطارها، وكل ما أقدمه يمثل حياتي وتجربتي الخاصة بي.
أما بشأن التّعلم، فإن ما تتعلمه أكثر، وممّن، اذا ما تحدثنا عن الإخراج، فأقول، إن الذي تعلمته من المخرجين الرديئين هو أفضل مما تعلمته من المخرجين الجيدين!.
ستتعلم من الرديئين تجّنب عمل الأشياء التي لا يجوز لك عملها مع الممثلين والناس الذين يعملون معك. أعني تلك الأمور التي تسحق المخيلة ولا تحترم التجربة والخبرة.
بوسعك أن تتعلم أكثر وأكثر من ذلك بالطبع إذا كنت تريد حقاً أن تكون مخرجاً أنت بنفسك. وأود أن أضيف هنا شيء آخر بشأن سؤالك هو إنني لا أسير تحت ظلال بيرگمان إنما أستنير بضيائه.
س: أنا سعيد جداً لهذا التوضيح. طيب، هل دَعَمَكِ حين أردتِ أن تكوني مخرجة؟
لِڤ: بالطبع. وكان داعماً حقيقياً. حين انتهيت من توليف فيلمي الأول ”صوفيا“ أرسلت له نسخة من الفلم وطلبت منه سماع رأيه. إنه مُعلّمي الأول بلا شك، إلا
أن كوني ممثلة، كان التمثيل بالنسبة لي هو أفضل المعاهد السينمائية لأكون مخرجة، لأنني أعرف ما يُحسّه الممثل في أعماقه، وهذا ما دفعني أكثر إلى احترام الممثل ومهنة التمثيل أكثر فأكثر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:
(*)
Live Ullmann. Changing. published in UK in 1977 by George Weidenfield amp; Nicolson Ltd
(**)
هوليوود إنترفيو. مجلة فينيسيا ويبسايت. ليف أولمان: الحفاظ على الثقة!..أليكس سيمون
يتبع…
”حين وقفتُ خلفَ الكاميرا عرفتُ تماماً أهمّية أن تكونَ ممثلاً“!.
ترجمة وتقديم علي كامل
”شيء رائع أن تذهب لمشاهدة فيلم لغرض التسلية. لكن في بعض الأحيان شيء رائع أيضاً أن تذهب لا لكي تتسلى فقط بقدر ما تُثار داخلياً، لتخرج من قاعة العرض وتقول: (ماذا يعني هذا الفيلم؟ ماهي القيم التي يطرحها؟) أو من الممكن أن تغضب وتنزعج أو ربما تهدأ وتقول: (سوف أصمت قليلاً ولن أتكلم لبعض الوقت). وهذا هو بالضبط ما ينبغي على المُشاهد أن يفعله إزاء الفيلم. ينبغي أن يكون مبدعاً أيضاً وعليه أن يعثر على أشياء في الفيلم لم يفكر بها الكاتب أو المخرج أو الممثل مطلقاً“ لِڤ أولمان
لِڤ أولمان مخرجة!
إن آخر دور لعبته ليف أولمان كممثلة هو شخصية الجّدة في فيلم ”عبر زجاج معتم“ ٢٠٠8 وهو من إخراج جيسبار نيلسون وهو مسك الختام لممثلة أمضت ستة وأربعين عاماً تقف أمام الكاميرا لتنتقل إلى الوقوف خلفها هذه المرة ليس كممثلة إنما كمخرجة. تقول أولمان في هذا الصدد: ”حين وقفت خلف الكاميرا عرفت تماماً أهمية أن تكون ممثلاً“!.
بوصفها مخرجة، أنجزت أولمان خمسة أفلام روائية هي:
ـ حُبْ (١٩٨٢) سيناريو وإخراج
ـ صوفيا (١٩٩٢) سيناريو وإخراج.
ـ كريستين لافرانسداتار (١٩٩٦) سيناريو وإخراج.
ـ اعترافات خاصة. مسلسل تلفزيوني (١٩٩٦) عن مخطوطة لبيرگمان.
ـ الخائن (٢٠٠٠) عن مخطوطة لبيرگمان.
أما في ميدان الإخراج المسرحي فقد أنجزت عام ٢٠٠٩ عرضاً مميزاً لمسرحية تنيسي وليامس ”عربة اسمها الرغبة“ لعبت فيها كل من الممثلة الاسترالية كيت بلانشيت والبريطانية كيت وينسل الدورين الرئيسيين. الجدير بالذكر أن أولمان كانت قد لعبت الدور الرئيسي في هذه المسرحية لأول مرة عام ١٩٧٥على مسارح برودواي.
الحفاظ على الثقة!.
هذا نص المقابلة التي أجراها أليكس سيمون مع أولمان في صفحة هوليوود إنترفيو في مجلة ”فينيسيا وبسايت“
أنا لا أسير تحت ظلال بيرگمان إنما أستنير بضيائه (**)
القسم الأول
س: دعينا نتحدث عن الخلفية الاجتماعية الخاصة بك. أنت وُلدت في طوكيو، أليس كذلك؟
لِڤ: نعم. كان والدي يعمل مهندسا مدنياً في اليابان، وحين اندلعت الحرب العالمية الثانية تمّكنا من الفرار إلى كندا. عمل والدي مدرباً للطيران في معسكر تدريب للطيارين النرويجيين والإنكليز كان يطلق عليه ”نرويج الصغيرة“ وتوفي هناك. ليست لديّ أية ذكرى عنه للأسف الشديد!. لكن الذي عرفته فيما بعد، أن
من بين الطلاب الذين تتلمذوا على يديه هو ”Thor Heyerdahl“ الذي أصبح فيما بعد مستكشفاً شهيراً وقد تم توثيق مآثره في فيلم Kon-Tiki الذي حاز على جائزة الأوسكار عام ١٩٥١.
أتذكّر ما قاله لي حين التقيت به بعد سنوات وبالصدفة، قال: ”لقد أحبّ الجميع والدك، لأنه كان الضابط الوحيد الذي يحب أن يتحدث معنا كأننا أناس حقيقيون“. كان ذلك شيء رائع بالنسبة لي ان أسمع ذلك لأنني ليس لدي أي ذكرى عنه.
س: وكيف وقعتِ في غرام المسرح ومهنة التمثيل عموماً؟
لِڤ: كنت أُمثّل في مسرح المدرسة دائماً. وكنت فتاة خجولة على غرار معظم الممثلين في البدء. أحببت الكتابة أيضا وكتبت نصوصاً مسرحية وكنت أقوم بكل
تلك الأشياء بمتعة وبهجة. يومها قالت لي والدتي: ”حسنا إذا أردت تحقيق ذلك بالفعل فينبغي عليك أن تُكملي تعليمك أولاً“. إلا إنني بدلاً من ذلك سافرت إلى لندن ودرست فن التمثيل لمدة عام في أكاديمية Webber Douglas للفنون الدرامية.
الدور الأول الذي لعبته على خشبة المسرح هو آنا فرانك في مسرحية ”يوميات آنا فرانك“. ومن بعد مثلّت أدواراً في الكثير من الأفلام النرويجية والسويدية.
الفيلم الأول الذي مثلت فيه مع بيرگمان هو”ﭙيرسونا“ عام ١٩٦٦ حين كنت في سن الخامسة والعشرين، وهي الفترة التي بدأت فيها التمثيل حقاً في السينما. لكن مع ذلك كنت أواصل عملي في المسرح أيضاً.
س: كيف كان عملك مع أنگريد بيرگمان في فيلم ”سوناتا الخريف“؟
لِڤ: شيء مذهل! أنگريد سيدة حقيقية وصعبة للغاية في نفس الوقت. ومثلما جعلتني أفتخر بها كامرأة جعلتني أنا أيضاً أشعر بالفخر لأنني امرأة حين كنا نمثل معاً.
ربما هي الشخص الأول والوحيد الذي لم أرَ مثله من قبل في طريقة تعاملها مع إنگمار بيرگمان. لقد كانت صعبة الارضاء، وكانت تناقشه بكل صغيرة وكبيرة بجرأة وأحياناً بفضاضة، وكانا في شجار دائم بشأن النص. (تضحك).
أتذكّر حينما كنا نعمل في (سوناتا الخريف) حيث كنت أقوم بدور البنت وهي بدور الأم. ثمة مشهد في الفيلم تقوم فيه البنت بتأنيب أمها لأن الأخيرة تريد العمل كعازفة بيانو. لقد طلب بيرگمان منها أن تقول لابنتها: ”أرجوك سامحيني. أرجوك أن تحبيني“ لكنها رفضت ذلك بشكل قاطع وقالت له: ”ينبغي أن أصفعها
على وجهها بدلاً من ذلك“، ثم بدأ الشجار وتصاعد الصراخ فتوقف التصوير وخرجا معاً لبعض الوقت ثم عادا ثانية وفعلت هي ما أراد. إلا إن الغريب في الأمر هو إن الكلمات التي كانت تتفوه بها لم يكن لها صلة بالتعبير المرسوم على وجهها!. لقد كان شيئاً لا يصّدق. كان إنگمار لا يحب العمل معها لأنه لم يتعود العمل بتلك الطريقة، ومع ذلك، نجح من خلال ذلك الشجار والجدال أن ينتزع منها أداءاً رائعاً وفريداً.
ثمة رابطة حقيقية تربطنا نحن الإثنين. لقد اشتركنا بتجارب كثيرة في أفلامنا وحياتنا. كانت أنگريد تحتمل الأشياء الصعبة بكياسة ولباقة، على العكس مني، فقد كنت ميالة للشجن والنحيب قليلاً. (تضحك).
كان بوسعها أن تروي كل تلك القصص المروعة التي قاستها في هوليوود حين كانت منبوذة أول الأمر دون أن تبكي أو تتشكى مطلقاً. كانت تقول: ”إنني لا أنظر إلى الوراء إنما أتطلع دائماً إلى المضي قدماً“.
س: هذا يذكرني بجملة شهيرة للاعب كرة البيسبول الشهير ساتشير بيج يقول فيها: ”لا تنظر إلى الوراء فقد يسبقك أحد ما“.
لِڤ: أوه هذا شيء رائع. وهو بالضبط ما ينطبق على الحياة التي عاشتها أنگريد بيرگمان. أتذكر حين كنا نعمل في فيلم ”سوناتة الخريف“ كانت مريضة جداً، لكنها لم تشكو أو تتذمر أو تتحدث عن مرضها مطلقاً. كانت أنگريد امرأة في غاية الشجاعة والجرأة، وكانت تقوم بأعمال جسدية اتضح لي لاحقاً أن من المستحيل لأحد القيام بها وهو يعاني من السرطان.
لقد كانت على الدوام أول من يحضر إلى موقع التصوير وآخر من يغادر. كنا نذهب عادة في المساءات إلى نادي الممثلات وقد كانت أنگريد هي أول شخص ندعوه من خارج مجموعتنا لتنضم إلينا. أتذكرها كيف وقفت يومها وسط مائدة العشاء ورفعت كأسها وقالت:
”لقد كانت لي حياة موسرة ومترفة، لكن، لم يكن لي صديقات رائعات مثلكن“. كان ذلك مثير للغاية. ونحن لا زلنا نتحدث عنها كثيراً حتى الآن.
س: لننتقل في الحديث عن مهنتك الجديدة. هل الإخراج هو الشيء الذي كنت تتمنينه دائماً؟
لِڤ: كلا، فقد التحقت بهذا الميدان في وقت متأخر. لقد أتيحت لي فرصة أن أخرج فيلماً قصيراً اسمه ”حُبْ “ حين كنت في كندا ضمن مشروع أنطولوجي. الفيلم يتحدث عن شخصين مسنين، وهو فيلم يخلو من أي حوار. نسيته فيما بعد تماماً ولم أفكر به مطلقاً، لكنني عدت إليه ثانية لأن شركة إنتاج دنماركية طلبت مني أن أكتب سيناريو له، ومن بعد وجهت لي دعوة للقيام بإخراجه وقبلت الدعوة.
لقد أحسست في الاسبوع الأول من العمل أنني عثرت حقاً على مهنتي الحقيقية لأنني كنت قد بدأت أشعر بالاعياء من عملي كممثلة فضلاً عن دافع مشجع آخر هو وجود الكثير من المخرجين الرديئين هناك. (تضحك).
س: ألم تعد لديك رغبة حقيقية في التمثيل بعد؟
لِڤ: كلا على الإطلاق. التمثيل يتطلب جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً، والوقت، هو جوهر المسألة بالنسبة لي وأنا في هذه السن، فضلاً عن شحة العروض المغرية التي
كانت تقدّم لي في السابق. جزئياً، لأنني أنا نفسي قررت أن أتوقف عن ممارسة هذه المهنة، ناهيك عن ندرة وجود مخرجين ممسوسين (بالمعنى الجميل طبعاً) مثل إنگمار. وأحياناً، وأنت في سن محددة، عليك أن تكن صبوراً... لحين أن يتفضّل عليك الآخرين بدور... كلا، أنا لا أحب ان أفعل ذلك حقاً.
الحياة كانت ولا زالت معطاء بالنسبة لي وها هي تمنحني فرصة جديدة أخرى ممتعة. وهناك أمر آخر رائع للغاية هو أن تجد نفسك وأنت تقف وراء الكاميرا وأمامك ممثل آخر يُزهر ويتورد أمام عينيك.
ثمة من كان يقول، ها إنك تدخلين الأربعين، لكنني تجاوزت ذلك السن وكانت فترة رائعة. وثمة آخر يقول، ها إنك تدخلين الخمسين، ومرّت هذه هي الأخرى بشكل ممتع وجميل. هكذا تمّر السنوات، حيث كل مرحلة لها مذاقها الخاص، وها هي الحياة تمنحني من جديد فرصة أخرى لولوج مهنة رائعة وهي الإخراج.
الآن، وأنا في خريف العمر، أوّد أن أتمتع بفترة استراحة حقاً. ربما للقيام بشيء آخر مختلف. ليس بالضرورة أن يكون ممارسة لمهنة جديدة. الحياة هي هي أينما تكن، وستكون سخية جداً إذا سمحت لها أن تكون سخية، لا سيما بالنسبة لنا نحن الذين نتمتع بالكثير من الخيارات.
س: ماذا تقصدين بفترة استراحة؟ هل تعنين استراحة من إخراج الأفلام أو من لعب أدوار في الأفلام؟
لِڤ: مسألة التمثيل محسومة بالنسبة لي.
س: تماماً؟ هل ثمة شيء ما يقنعك بالعودة؟
لِڤ: حسناً، أنا لا أعرف شيئاً عن الغد مطلقاً، لكنني مع ذلك لا أعتقد أن بإمكاني العودة. لا أريد أن أكون قلقة بشأن طريقتي في رؤية الأشياء. ما أريده فقط هو الاهتمام بالكيفية التي أحيا فيها. أود رؤية حفيدي في رحلة مثلاً. نعم، لِمَ لا؟ أنا لم أفعل ذلك مطلقاً.
س: هل تعتقدين أن التمثيل يمكن أن يكون أرضية جيدة للمخرجين الذين سبق لهم ممارسة التمثيل لاعتبار واحد هو قدرتهم على التعاطف أكثر مع الممثلين؟
لِڤ: نعم بالتأكيد. أنا لا أعتقد أن بوسع جميع الممثلين أن يكونوا مخرجين. في المقابل ثمة الكثير من المخرجين ليس لديهم القدرة على الإخراج. (تضحك). وإذا ما تمكنوا من ذلك، ربما بسبب من هذا التعاطف، فسيكون ذلك رائعاً حقاً.
س: أظن أن الممثلين الذين عملوا معك جاءوا مدفوعين بهاجس هو أنك ممثلة متمرسة في هذا الميدان. لذا فثمة درجة من الثقة ستنشأ حتماً بينكم وعلى الفور.
لِڤ: ينبغي أن يكون هناك الكثير من الثقة. بادئ ذي بدء، يجب أن تكون منفتحاً مع نفسك، مدركاً أنهم يعرفون أنك لا تخفي أي شيء عنهم. عليهم أن يثقوا بك
لكي يعرفوا أي شيء سيمنحونه لك، شرط أن لا تُسيء استخدام ذلك العطاء بالطبع. ينبغي أن يشعروا أنك أشبه بالعاشق وأنت جالس خلف الكاميرا. إذا كنتَ
جالساً مع شخص تعشقه حقاً وهو يتطّلع إليك ويُبدي لك أنك أعذب شخص في هذا العالم، فسوف تُزهِر وتتفتح فجأة. ينبغي أن تمنح الممثلين فسحة واسعة من الحرية وأن لا تحاول أن تجعل منهم نسخة من الفكرة التي استحوذت عليك وأنت في ورشة عملك الخاصة.
س: كيف تنتزعين الاداء الجيد من ممثليك أثناء العمل؟
لِڤ: من خلال الثقة المتبادلة. ينبغي أن أكون جديرة بثقتهم لكي يبدعوا. أنا لن أطلب منهم القيام بشيء أقل أو أكثر إن لم يكن صادقاً حقاً. خذ على سبيل
المثال المشهد الرائع الذي صورناه في فيلم (الخائن) مثلاً، حين تجلس ماريانا (الممثلة لينا اندريه) قرب النافذة وهي تتحدث عن محاولتها التخلي عن طفلتها.
المشهد يستغرق ٨ ـ ١٠ دقائق تقريباً على الشاشة والكاميرا مرّكزة على وجهها فقط. حين قامت لينا في أداء الدور في المرة الأولى كان ادائها رائعاً، لأنها ممثلة..
وأي ممثلة!. إن كل من يرى تقنية ذلك الاداء سيقول، آه، يا إلهي، أية ممثلة رائعة هذه!. لكن، مع ذلك، كنت أعرف جيداً أنها يمكن أن تُعطي المزيد.
قلت لها أن ادائك مدهش والجميع سيُثني عليك، ولكن أريد أكثر من ذلك. ثم قلت لها: ”لينا، فكرّي فقط بتلك الطفلة الصغيرة التي خرجت تواً دون أن تستدير نحوك، وستظلين تحملين تلك الصورة معك لبقية حياتك. كوني أنت نفسك لينا“.
عندما قامت في أداء الدور ثانية حدث شيء ساحر. لم يكن تصفيقاً حاراً في الإستوديو كما هي العادة حين يجيد الممثل دوره، بل كان هناك صمت.. صمت ناطق.
حينها غادرتْ لينا الأستوديو حالاً فيما صار بعض العمال يربتوا على كتفها بحرارة. لم تقم لينا باداء دور الشخصية بل كانت تجسد دور لينا نفسها حقاً. وهذا شيء من الصعب عليّ شرحه.
س: لقد احتفظتِ بالعديد من الدروس التي تعلمتِها في العمل مع بيرگمان. هل يمكنني القول أنه كان يلقي بظلاله على حياتك المهنية؟
لِڤ: حسنا هذه هي كلماتك...
س: بل كلماتك أستعيرها من كتابك (أتغّير).
لِڤ: حسنا ولكن مضى على إصدار الكتاب الآن فترة طويلة.
س: مع ذلك لا زال غضاً محتفظاً بحرارته وحيويته.
لِڤ: حسناً. ولكنني عشت بعد ذلك أكثر من عقدين آخرين وكان قد مضى على انفصالنا وقت طويل. مع ذلك، أعتقد أنه ما قلتَه صحيح. بيرگمان هو أفضل مخرج عملتُ معه.
لقد عملت معه عشرة أفلام كممثلة ومخطوطتا سيناريو كمخرجة. لكن لا تنسى أيضاً أنك، كشخص، لا بّد من أن تعكس شخصيتك في أفلامك. إنها في الآخِر حياتي التي أعمل في إطارها، وكل ما أقدمه يمثل حياتي وتجربتي الخاصة بي.
أما بشأن التّعلم، فإن ما تتعلمه أكثر، وممّن، اذا ما تحدثنا عن الإخراج، فأقول، إن الذي تعلمته من المخرجين الرديئين هو أفضل مما تعلمته من المخرجين الجيدين!.
ستتعلم من الرديئين تجّنب عمل الأشياء التي لا يجوز لك عملها مع الممثلين والناس الذين يعملون معك. أعني تلك الأمور التي تسحق المخيلة ولا تحترم التجربة والخبرة.
بوسعك أن تتعلم أكثر وأكثر من ذلك بالطبع إذا كنت تريد حقاً أن تكون مخرجاً أنت بنفسك. وأود أن أضيف هنا شيء آخر بشأن سؤالك هو إنني لا أسير تحت ظلال بيرگمان إنما أستنير بضيائه.
س: أنا سعيد جداً لهذا التوضيح. طيب، هل دَعَمَكِ حين أردتِ أن تكوني مخرجة؟
لِڤ: بالطبع. وكان داعماً حقيقياً. حين انتهيت من توليف فيلمي الأول ”صوفيا“ أرسلت له نسخة من الفلم وطلبت منه سماع رأيه. إنه مُعلّمي الأول بلا شك، إلا
أن كوني ممثلة، كان التمثيل بالنسبة لي هو أفضل المعاهد السينمائية لأكون مخرجة، لأنني أعرف ما يُحسّه الممثل في أعماقه، وهذا ما دفعني أكثر إلى احترام الممثل ومهنة التمثيل أكثر فأكثر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:
(*)
Live Ullmann. Changing. published in UK in 1977 by George Weidenfield amp; Nicolson Ltd
(**)
هوليوود إنترفيو. مجلة فينيسيا ويبسايت. ليف أولمان: الحفاظ على الثقة!..أليكس سيمون
يتبع…