هاجسي كمخرجة وثائقية هو المرونة والقدرة على التحّمل والتّكيف (*)
المخرجة التشيلية إلڤيرا دياز وفيلم ”الباحة“.
ترجمة وتقديم علي كامل
القسم الثاني
«الباحة» هو الفيلم الثالث الذي أخرجته إلڤيرا دياز عام ٢٠١٦، وهو يرصد اثنين
من حفاري القبور ممن عملوا في المقبرة القائمة في مركز العاصمة تشيلي
سنتياغو منذ فترة الانقلاب حتى الآن والتي هي بمثابة ملجأهما النائي عن
منزلهما كما يقولان، فثمة حديقة تتوسط المقبرة مليئة بأنواع الزهور وحقل
صغير تنمو فيه أنواع الخضار، ولكن رغم ارتباطهما الحميم بهذه المقبرة، كانا
يتوجسان خيفة من تلك الأيام السوداء التي أبقياها طي الكتمان حتى الآن. لقد
استطاعت إلڤيرا دياز أن تتعقب هذان الرجلان في عملهما اليومي وهما منهمكان
في حفر القبور وتنظيفها وإصلاح شواهدها وأضرحتها وصنع التوابيت. وهكذا
فقد نجحت في إخراجهما أخيراً من صمتهما الطويل القاتل ليرويان إلى زميلهما
الحّفار الأصغر «سيرﮔو» ولنا أيضاً حكاية ماضيهما البعيد غير المعلن
وذكرياتهم المضطربة في الأيام الأكثر عتمة حين قاما بشكل خفي بعد إنقلاب
١٩٧٣ بدفن مئات الجثث من الضحايا مجهولو الهوية والذين تم تشويه الكثير
منهم من أثر التعذيب.
لقد حاول هذان الحفّاران نسيان السنوات الأربعين الماضية و قاعة الموتى أو
مستودع الجثث المرعب:«لقد كانت الجثث متناثرة على الأرض فيما راحت
الديدان تغزو الجدران»، يقول أحدهما بحزن وإحساس بالندم.
لقد حاولا أيضاً نسيان موت زملائهم الذين غرقوا في إدمان الكحول والاكتئاب
والجنون. إنَّّ السبيل الوحيد لبقاء هذين الحفاّرين على قيد الحياة خلال ذلك
المنحدر المفضي إلى الجحيم هو مقاومتهما الخوف الذي بداخلهما وقدرتهما على الصمود.
كانت الكلمات تنبثق من صمت ممرّات المقبرة وبعض شواهدها الرمزية لتعيد
سرد ذلك التأريخ الأسود ثانية وتضعنا في مواجهة الواقع التشيلي لرؤية الكيفية
التي كان يتبعها النظام التوتاليتاري في تجريد البشرية من معانيها الإنسانية.
لقد وَظّفت المُخرجة تلك المونولوجات والحوارات التي أجرتها معهما مُضيفةً
لقطات وثائقية من الأرشيف لمقابلات مع أسر الضحايا لازالوا ينادون بالعدالة
ويطالبون بأن لا تُدفن حقائق الماضي القاسية.
في هذه المقابلة سنتعرف على التحديات التي واجهت عمل المخرجة على إنجاز
فيلم «الباحة» فضلاً عن الأمور التي تعلمتها هي وفريقها السينمائي، الذي هو
جُلّه نسوي، في العمل وسط مجتمع ذكوري.
نص المقابلة:
- كيف ولماذا قُمتِ بتنفيذ فكرة فيلمك ومواجهة الشخصيات الرئيسية فيه؟
ـ حين قمتُ بتصوير فيلمي الوثائقي الثاني حول الدفن السّري للمغني ﭬﮔتور جارا
حاولت التحّدث مع حفاّري قبور عام ١٩٧٣ ممّن لازالوا يعملون في المقبرة. وقد
التقيتُ حينها بصحفّية تشيلّية اسمها باسكال أونيفوي والتي كتبت لسنوات عن
هذا الموضوع، أخبرتني بأن حفاري القبور لا يتحدثوا لأّيٍ كان عن العمل الرهيب
الذي كانوا مُلزمين حينها على القيام به بعد الانقلاب. مع ذلك فقد أصريّتُ على
أن ألتقيهم وجهاً لوجه وقد استطعت حقاً القيام بذلك. كان الأمر حساساً للغاية
ومع ذلك أردّتُ في الواقع توثيق وأرشفة شهاداتهم.
- ما الذي اكتشفتهِ بشأن هذا الموضوع وأنت تُخرجين الفيلم؟
ـ اكتشفت أن لا يزال ثمة كثير من الأسرار في هذه المقبرة ينبغي على العوائل
والمحققّين البحث عنها عَبْرَ ذاكرة الناجين. والأَهّم من كل ذلك أنني تعلّمتُ أن
البشر يتمتعون بطاقات هائلة وإن وبوسعهم إعطاء دلالة وإحساساً إيجابيين إزاء
الأمور السيئة التي حدثت وتحدث في الحياة.
- ما الذي تعلّمتهِ من خلال عملك للفيلم ما له شأن بفن الإخراج السينمائي؟
ـ الذي تعلّمتهُ هو أنه حتى لو كانت ثمة عقبات في بعض الأحيان، ينبغي على
المرء أن يتبع حدسه ومشاعره الحميمة وأن يكون واثقاً من وجهة نظره ورؤيته
للبشرية لعرض رؤيته الخاصة للعالم، فضلاً عن عمله بصدق وإخلاص «مع»
الشخصيات وليس «عنها» فقط. هاجسي كمخرجة وثائقية هو المرونة والقدرة
على التحمّل والتكيّف.
- ما هو أكبر التحدّيات التي واجهتكِ في تصويره؟
ـ التحّدي الأكبر هو أن أنال ثقة الحفاّر الأصغر سيرﮔو والشخصيات الأخرى لأنها
المرة الأولى التي يتحدثوا فيها عن هذا الأمر بعد أربعين عاماً من الصمت.
- بصفتكِ امرأة، هل تعتقدين أن الفيلم قد منحك رؤية متميزة أو طريقة خاصة
للتعامل مع عملية الإخراج السينمائي؟
ـ ربما، أقول ربما، لأن الكثير من الصحفيين في تشيلي ممن تناولوا هذا الموضوع
هم رجال ولم يتحدث أحد من الحفارين معهم مطلقاً. حساسيتي الخاصة
ووجهة نظري الطبيعية ربما ساعداني على منح تلك الثقة لهم ما جعلهم
يستجيبون لعملي برضا وسلاسة. قال لي أحد الأصدقاء وهو يراقب عملنا أنَّ
وجهة النظر الشاملة والطريقة التي صَوّرتُ بها المقبرة كانت أنثوية للغاية!. لا
أعرف حقاً. ربما. لقد كان فريق عملنا كله من السيدات وهن اللواتي قمن بتنفيذ
المهام الأساسية في الفيلم بما فيها الإنتاج بل وحتى المونتاج وتصحيح الألوان
. استطيع القول أن جُلّ العمل قد اضطلعت به سيدات. لقد عملت مع امرأتين
كمساعدات لي وكنتُ مديرة للتصوير إضافة لعملي كمخرجة للفيلم. بالتالي من
الممكن جداً أن يكون أسلوب عمل معظمه من النساء هو نهج نسوي ما أعطى
الفيلم الوثائقي هذا ميزة أنثوية.
- ما هي خططك التي تعتزمين إنجازها في المستقبل؟
ـ إنني أكتب سيناريو فيلمي الرابع، وهو قصة تشيلية مرة أخرى، لكنني سوف
أعمل، ولأول مرة، مع فريق أشخاص وُلدوا بعد الانقلاب العسكري مباشرة
وترعرعوا في بيئة سرّية وهم الآن يشاركون بفعالية ونشاط في حركة تسعى إلى
إدانة جلادي وقتلة النظام الديكتاتوري السابق.
- مَن مِن المخرجين قد ألهمك في أعمالك أو تأثرت بهم؟
ـ لقد تأثرتُ بحساسية بيدرو غونزاليس روبيو كمدير تصوير، وشعرت بمتعة
المخرجة نينو كيرتادزة في أسلوب تصويرها للإنسانية. كذلك ريثي بان، برونو
مويل، وباتريسيو غوزمان بالطبع وماريانا إوتيرو وماكارينا أغيلو، وكثيرون غيرهم.
وقد اكتشفت هذا العام الفيلم الوثائقي «الموثِّق» لإيفارس زفيدريس وإينس
كوافا وقد أحببته حقاً بسبب الطريقة التي تم فيها تصوير العلاقة بين المخرج
والشخصية الرئيسية التي صورّها في الفيلم.
- ما نوع المشورة التي يمكن أن تُسديها لمخرجات الأفلام اللواتي يحاولن شق
طريقهن من خلال صناعة لا يزال يهيمن عليها الذكور؟
ـ أودُّ فقط الإشارة هنا إلى ضرورة إتباع المرء حدسه الخاص للعمل في هذا
الحقل سواء كان رجلاً أو امرأة. الأمر الآخر، أنَّ على المرأة أن لا تخشى من التعبير
عن نفسها بسبب جنسها. لقد تمَّ تصوير فيلمي «الباحة» وسط عالم كُلُّه ذكور
على وجه الحصر، ومع ذلك لم أفقد قناعاتي أو أحكامي مطلقاً. لكن مع ذلك
ينبغي عليّ الاقرار أنَّ من السهل عليَّ قول ذلك لأنني ولدت في فرنسا في عائلة
منفتحة للغاية وفعلت ما أردت ودرست ما أحببت، وهذه الحرية هي بمثابة
الإرث الثمين لنضال والدتي بالطبع، فقد كانت معنية بالنضال من أجل حقوق
المرأة، ففي فرنسا قامت بإنشاء مؤسسة لحماية وإيواء النساء مع أطفالهن
اللواتي اضطررن إلى الفرار من عنف أزواجهن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)
أجرت هذه المقابلة جينيفر ميرن عبر الموقع الإلكتروني «اتحاد الصحفيات
السينمائيات» الذي تأسس عام ٢٠٠٦ ومقره نيويورك وهو ممّول من قبل النساء
ومكرّس لدعمهنَّ في صناعة السينما ويتألف من ما يقرب ٧٦ من الناقدات
والصحفيات المحترفات والكاتبات البارزات والعاملات في ميدان المطبوعات
والبث والاعلام عَبر الانترنيت.
المخرجة التشيلية إلڤيرا دياز وفيلم ”الباحة“.
ترجمة وتقديم علي كامل
القسم الثاني
«الباحة» هو الفيلم الثالث الذي أخرجته إلڤيرا دياز عام ٢٠١٦، وهو يرصد اثنين
من حفاري القبور ممن عملوا في المقبرة القائمة في مركز العاصمة تشيلي
سنتياغو منذ فترة الانقلاب حتى الآن والتي هي بمثابة ملجأهما النائي عن
منزلهما كما يقولان، فثمة حديقة تتوسط المقبرة مليئة بأنواع الزهور وحقل
صغير تنمو فيه أنواع الخضار، ولكن رغم ارتباطهما الحميم بهذه المقبرة، كانا
يتوجسان خيفة من تلك الأيام السوداء التي أبقياها طي الكتمان حتى الآن. لقد
استطاعت إلڤيرا دياز أن تتعقب هذان الرجلان في عملهما اليومي وهما منهمكان
في حفر القبور وتنظيفها وإصلاح شواهدها وأضرحتها وصنع التوابيت. وهكذا
فقد نجحت في إخراجهما أخيراً من صمتهما الطويل القاتل ليرويان إلى زميلهما
الحّفار الأصغر «سيرﮔو» ولنا أيضاً حكاية ماضيهما البعيد غير المعلن
وذكرياتهم المضطربة في الأيام الأكثر عتمة حين قاما بشكل خفي بعد إنقلاب
١٩٧٣ بدفن مئات الجثث من الضحايا مجهولو الهوية والذين تم تشويه الكثير
منهم من أثر التعذيب.
لقد حاول هذان الحفّاران نسيان السنوات الأربعين الماضية و قاعة الموتى أو
مستودع الجثث المرعب:«لقد كانت الجثث متناثرة على الأرض فيما راحت
الديدان تغزو الجدران»، يقول أحدهما بحزن وإحساس بالندم.
لقد حاولا أيضاً نسيان موت زملائهم الذين غرقوا في إدمان الكحول والاكتئاب
والجنون. إنَّّ السبيل الوحيد لبقاء هذين الحفاّرين على قيد الحياة خلال ذلك
المنحدر المفضي إلى الجحيم هو مقاومتهما الخوف الذي بداخلهما وقدرتهما على الصمود.
كانت الكلمات تنبثق من صمت ممرّات المقبرة وبعض شواهدها الرمزية لتعيد
سرد ذلك التأريخ الأسود ثانية وتضعنا في مواجهة الواقع التشيلي لرؤية الكيفية
التي كان يتبعها النظام التوتاليتاري في تجريد البشرية من معانيها الإنسانية.
لقد وَظّفت المُخرجة تلك المونولوجات والحوارات التي أجرتها معهما مُضيفةً
لقطات وثائقية من الأرشيف لمقابلات مع أسر الضحايا لازالوا ينادون بالعدالة
ويطالبون بأن لا تُدفن حقائق الماضي القاسية.
في هذه المقابلة سنتعرف على التحديات التي واجهت عمل المخرجة على إنجاز
فيلم «الباحة» فضلاً عن الأمور التي تعلمتها هي وفريقها السينمائي، الذي هو
جُلّه نسوي، في العمل وسط مجتمع ذكوري.
نص المقابلة:
- كيف ولماذا قُمتِ بتنفيذ فكرة فيلمك ومواجهة الشخصيات الرئيسية فيه؟
ـ حين قمتُ بتصوير فيلمي الوثائقي الثاني حول الدفن السّري للمغني ﭬﮔتور جارا
حاولت التحّدث مع حفاّري قبور عام ١٩٧٣ ممّن لازالوا يعملون في المقبرة. وقد
التقيتُ حينها بصحفّية تشيلّية اسمها باسكال أونيفوي والتي كتبت لسنوات عن
هذا الموضوع، أخبرتني بأن حفاري القبور لا يتحدثوا لأّيٍ كان عن العمل الرهيب
الذي كانوا مُلزمين حينها على القيام به بعد الانقلاب. مع ذلك فقد أصريّتُ على
أن ألتقيهم وجهاً لوجه وقد استطعت حقاً القيام بذلك. كان الأمر حساساً للغاية
ومع ذلك أردّتُ في الواقع توثيق وأرشفة شهاداتهم.
- ما الذي اكتشفتهِ بشأن هذا الموضوع وأنت تُخرجين الفيلم؟
ـ اكتشفت أن لا يزال ثمة كثير من الأسرار في هذه المقبرة ينبغي على العوائل
والمحققّين البحث عنها عَبْرَ ذاكرة الناجين. والأَهّم من كل ذلك أنني تعلّمتُ أن
البشر يتمتعون بطاقات هائلة وإن وبوسعهم إعطاء دلالة وإحساساً إيجابيين إزاء
الأمور السيئة التي حدثت وتحدث في الحياة.
- ما الذي تعلّمتهِ من خلال عملك للفيلم ما له شأن بفن الإخراج السينمائي؟
ـ الذي تعلّمتهُ هو أنه حتى لو كانت ثمة عقبات في بعض الأحيان، ينبغي على
المرء أن يتبع حدسه ومشاعره الحميمة وأن يكون واثقاً من وجهة نظره ورؤيته
للبشرية لعرض رؤيته الخاصة للعالم، فضلاً عن عمله بصدق وإخلاص «مع»
الشخصيات وليس «عنها» فقط. هاجسي كمخرجة وثائقية هو المرونة والقدرة
على التحمّل والتكيّف.
- ما هو أكبر التحدّيات التي واجهتكِ في تصويره؟
ـ التحّدي الأكبر هو أن أنال ثقة الحفاّر الأصغر سيرﮔو والشخصيات الأخرى لأنها
المرة الأولى التي يتحدثوا فيها عن هذا الأمر بعد أربعين عاماً من الصمت.
- بصفتكِ امرأة، هل تعتقدين أن الفيلم قد منحك رؤية متميزة أو طريقة خاصة
للتعامل مع عملية الإخراج السينمائي؟
ـ ربما، أقول ربما، لأن الكثير من الصحفيين في تشيلي ممن تناولوا هذا الموضوع
هم رجال ولم يتحدث أحد من الحفارين معهم مطلقاً. حساسيتي الخاصة
ووجهة نظري الطبيعية ربما ساعداني على منح تلك الثقة لهم ما جعلهم
يستجيبون لعملي برضا وسلاسة. قال لي أحد الأصدقاء وهو يراقب عملنا أنَّ
وجهة النظر الشاملة والطريقة التي صَوّرتُ بها المقبرة كانت أنثوية للغاية!. لا
أعرف حقاً. ربما. لقد كان فريق عملنا كله من السيدات وهن اللواتي قمن بتنفيذ
المهام الأساسية في الفيلم بما فيها الإنتاج بل وحتى المونتاج وتصحيح الألوان
. استطيع القول أن جُلّ العمل قد اضطلعت به سيدات. لقد عملت مع امرأتين
كمساعدات لي وكنتُ مديرة للتصوير إضافة لعملي كمخرجة للفيلم. بالتالي من
الممكن جداً أن يكون أسلوب عمل معظمه من النساء هو نهج نسوي ما أعطى
الفيلم الوثائقي هذا ميزة أنثوية.
- ما هي خططك التي تعتزمين إنجازها في المستقبل؟
ـ إنني أكتب سيناريو فيلمي الرابع، وهو قصة تشيلية مرة أخرى، لكنني سوف
أعمل، ولأول مرة، مع فريق أشخاص وُلدوا بعد الانقلاب العسكري مباشرة
وترعرعوا في بيئة سرّية وهم الآن يشاركون بفعالية ونشاط في حركة تسعى إلى
إدانة جلادي وقتلة النظام الديكتاتوري السابق.
- مَن مِن المخرجين قد ألهمك في أعمالك أو تأثرت بهم؟
ـ لقد تأثرتُ بحساسية بيدرو غونزاليس روبيو كمدير تصوير، وشعرت بمتعة
المخرجة نينو كيرتادزة في أسلوب تصويرها للإنسانية. كذلك ريثي بان، برونو
مويل، وباتريسيو غوزمان بالطبع وماريانا إوتيرو وماكارينا أغيلو، وكثيرون غيرهم.
وقد اكتشفت هذا العام الفيلم الوثائقي «الموثِّق» لإيفارس زفيدريس وإينس
كوافا وقد أحببته حقاً بسبب الطريقة التي تم فيها تصوير العلاقة بين المخرج
والشخصية الرئيسية التي صورّها في الفيلم.
- ما نوع المشورة التي يمكن أن تُسديها لمخرجات الأفلام اللواتي يحاولن شق
طريقهن من خلال صناعة لا يزال يهيمن عليها الذكور؟
ـ أودُّ فقط الإشارة هنا إلى ضرورة إتباع المرء حدسه الخاص للعمل في هذا
الحقل سواء كان رجلاً أو امرأة. الأمر الآخر، أنَّ على المرأة أن لا تخشى من التعبير
عن نفسها بسبب جنسها. لقد تمَّ تصوير فيلمي «الباحة» وسط عالم كُلُّه ذكور
على وجه الحصر، ومع ذلك لم أفقد قناعاتي أو أحكامي مطلقاً. لكن مع ذلك
ينبغي عليّ الاقرار أنَّ من السهل عليَّ قول ذلك لأنني ولدت في فرنسا في عائلة
منفتحة للغاية وفعلت ما أردت ودرست ما أحببت، وهذه الحرية هي بمثابة
الإرث الثمين لنضال والدتي بالطبع، فقد كانت معنية بالنضال من أجل حقوق
المرأة، ففي فرنسا قامت بإنشاء مؤسسة لحماية وإيواء النساء مع أطفالهن
اللواتي اضطررن إلى الفرار من عنف أزواجهن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)
أجرت هذه المقابلة جينيفر ميرن عبر الموقع الإلكتروني «اتحاد الصحفيات
السينمائيات» الذي تأسس عام ٢٠٠٦ ومقره نيويورك وهو ممّول من قبل النساء
ومكرّس لدعمهنَّ في صناعة السينما ويتألف من ما يقرب ٧٦ من الناقدات
والصحفيات المحترفات والكاتبات البارزات والعاملات في ميدان المطبوعات
والبث والاعلام عَبر الانترنيت.