مقدمة الناقد عزالدين نجيب عن السيرة الذاتية لـ٤٥ فنانا تشكيليا ..للكاتبة نجوى صالح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقدمة الناقد عزالدين نجيب عن السيرة الذاتية لـ٤٥ فنانا تشكيليا ..للكاتبة نجوى صالح


    عز الدين نجيب
    ‏٤ يوليو‏، الساعة ‏٣:٥٣ - 2022م‏ ·
    السيرة الذاتية ل ٤٥ فنانا تشكيليا
    -------------------------------------------------
    للكاتبة نجوى صالح
    -------------------------------------------------
    (مقاطع من مقدمة الناقد عزالدين نجيب)
    --------------------------------------------------
    قليلة للغاية فى مصر هى الكتب الفنية التى تهتم بإضاءة الجوانب الشخصية والإنسانية فى حياة الفنانين التشكيليين وغيرهم فى مجالات الإبداع الأخرى ، فعلى امتداد قرن كامل منذ نشأة الحركة التشكيلية المصرية، يتم التركيز فى الكتب الفنية التى صدرت على الجوانب التاريخية والسياسية والمهنية، وهامشيا على القيم الجمالية وعلى التحليل النقدى لأعمال الفنان. أسباب هذا الافتقار الى الكشف عن الجوانب الإنسانية تتراوح بين التجاهل المتعمد لها من بعض المؤرخين والنقاد ، مراعاة لحرمة الحياة الخاصة للفنان فى مجتمع محافظ يحرص فقط على إبراز الجانب المضىء فى حياة الشخصية العامة ، وبين عدم إدراك البعض الآخر للعلاقة الجدلية بين الظروف الحياتية للفنان ورؤيته وشخصيته الفنية ، وبين عدم توفر المعلومات الكافية لدى البعض الثالث عن حياة الفنان الشخصية، فيما عدا ما ينشر فى السير الذاتية بكتالوجات المعارض ، ويضاعف من هذه الأسباب مجتمعة عزوف فنانينا عن كتابة مذكراتهم الخاصة او نشر خطاباتهم إلى أصدقائهم وأحبائهم ، بما تكشفه من أسرار القلب والشطحات والنزوات وملامح النشأة والتكوين ، ولحظات الضعف والقوة فى علاقاتهم الاجتماعية ومواقفهم الإنسانية أو السياسية إن وجدت ، فلم يكن أمام كُتٌاب سيرهم فيما بعد إلا ما تيسر من شهادات معاصريهم وزملائهم ، إن امتلكوا الشجاعة أو الصراحة للإدلاء بها.
    ......
    كتاب الكاتبة نجوى صالح ينتمى الى هذا النوع من الكتب ، ما يجعله خطوة مهمة لملء الفراغ الكبير فى هذا المجال ، إنها تتعقب - عبر صفحاته التى تزيد عن الخمسمائة - السير الذاتية والجوانب الخاصة والإنسانية شبه المجهولة فى كثير من الأحيان لخمسة وأربعين فنانا وفنانة من مختلف أجيال الحركة الفنية، من رسامين ونحاتين وخزافين ، أغلبهم عاصرتهم واستمعت إلى شهاداتهم فاكتسبت مصداقية ، بما ألقته من بقع ضوء كاشفة على جوانب قد تكون مختفية فى دروب حياته لم يحاول نشرها من قبل ولم يحاول غيره استخراجها من ذاكرته ، وبعضها ينطوى على مواقف إنسانية مؤثرة وموحية بمعان شتى ، عالجتها الكاتبة بحسها الصحفى وحرصها على الدخول فى التفاصيل برفق وحذر ، بعيدا عن المواقف الحرجة أو الشاذة ، وهى ممسكة بميزان الذهب المرهف الذى يوازن بين حق الفنان فى الكتمان وحق القارئ فى المعرفة.
    وقد نجد فى استعراضها لحياة بعض الفنانين مساحة ضيقة للبوح بمكنونات النفس وذكريات الماضى تبعا للنزعة المحافظة التى شب عليها المصريون، لكن صدى أصواتهم ، وحتى لو لم تسجلها مباشرة ، او لو مستها مسا خفيفا يظل يرن بين سطورها ويرشح بدفء التجربة الإنسانية ، فيجعل القارئ أكثر شعورا بالحميمية نحو الفنان، وأكثر رغبة فى التعرف على عالمه الفنى.
    فى الكتاب عدد يعد على أصابع اليد الواحدةممن تعرفت عليهم الكاتبة من خلال الكتب والمراجع وشهادات معاصريهم ، فيما تعرفت على الباقين من خلال اللقاء المباشر بهم ، من النوع الاول نجد فنانا واحدا من جيل الرواد الأوائل ، وهو محمود سعيد ، الذى انتقل من سجن الطبقة الأرستقراطية المحافظة ومن منصة القضاء العالية إلى رحابة الفن بتمكن واقتدار ، ولا تكتفى الكاتبة بالتعرف على عالمه الفنى وحياته الشخصية وعلاقته بأسرته ، بل تهتم كذلك بالتعرف على شخصية حميدة "الموديل" التى تعود على رسمها حتى أصبحت تمثل القاسم المشترك الأعظم بين لوحاته المشهورة شعبيا ، العارية منها والكاسية ، وتهتم حتى بفستان بنت البلد الذى كان يرسمها به.
    والثانية من رواد الجيل الثانى فنانة مصورة انتقلت كذلك إلى عالم الفن، من ضفاف الطبقة نفسها منذ أواخر العشرينيات، هى عفت ناجى ، متأثرة بشقيقها الأكبر الرائد محمد ناجى ، لكنها شقت طريقها الخاص مستقلة عنه بشخصيتها المتفردة ، مع الاحتفاظ له بمشاعر الوفاء كأول أستاذ لها ، لكننا لم نعرف قط هل غفرت له قيامه بجرح قلبها وحرمانها من أول حب فى حياتها؟..سؤال لم تستطع الكاتبة أن تطرحه على الفنانة حتى رحلت وبداخلها وحدها إجابته !
    .....
    والشخصية الرابعة التى تلت جيل بيكار هى للفنان منير كنعان ، وقد رسمت الكاتبة صورة له من خلال عيون شريكة حياته الكاتبة سناء البيسى ، فقدمت لنا بانوراما بالغة الثراء عن حياته وفنه .
    ......
    أما الشخصية السادسة والأخيرة من ذلك الجيل فهى إنسانة بامتياز ، إنها الفنانة تحية حليم ، وقد انعكست حرارة اللقاء بينهما فى دفقة إنسانية صادقة ، فصورتها كأم للفنانين ، بحنانها الطاغى وعطائها السخى للفن وللآخرين حتى لقططها ، ومعاناتها فى رحلة زواجها التعسة ، ومواصلتها الكفاح وحيدة حتى نهاية العمر، وعشقها للنوبة ولعبقرية المكان وعظمة الإنسان.
يعمل...
X