النقش على النحاس.. حرفة الصبر التي لا يزال بريقها يلمع
جولة استكشافية
في حاضنة "دمر التراثية" تستوقف الزائر شمسية خشبية موجودة في ساحة الحاضنة مليئة بالنحاسيات المتدلية من الأعلى وعلى جنباتها، علقت عليها الثريات والفوانيس النحاسية، مزركشة بنقوش تراثية جميلة منها هندسية ونباتية بألوان معتقة برائحة الماضي. تلك الشمسية هي التي رافقت شيخ الكار "زياد الشايب" إلى الخارج عند مشاركته بالمعارض التراثية، ولكن ما لفت نظره أن الأجانب يلتقطون صوراً للشمسية ولا يتصورون داخلها وحسب رأيه "لأنها لا تمثل جزءاً من حضارتهم و لا تشبههم، فالتراث قطعة من روح كل إنسان ينجذب إليه لأنها تذكره بماضيه".
صبر وطول البال
يعد الحفر على النحاس من الحرف اليدوية ذات الذوق الرفيع، فهي تعتمد على فن النقش وتشكيل المعادن بطريقة فنية جميلة ورسومات متنوعة، تحول القطعة النحاسية إلى تحفة فنية رائعة تخطف الأبصار وتجذب الناس إليها، فهي تمزج بين الفن والجمال والتراث، ولها تاريخ عريق كما قال لمدونة وطن الحرفي "زياد الشايب" الذي عمل بهذه المهنة لأكثر من خمسين عاماً، وتعلمها هو وأخوته الستة من والدهم وحرصوا على تعليم أولادهم أصول المهنة، ولكن حسب رأيه للأسف أولادهم يرفضون الاستمرار بهذه المهنة، فالجيل الجديد ابتعد عن الحرف الصعبة التي تحتاج إلى وقت لإنجازها، ومردودها المادي ليس آنياً.
الحرفيان محمد وأحمد الشايب
ويضيف "الشايب" : "يجب على الحرفي الذي يعمل بهذه الحرفة أن يحبها ويعشقها ويقتنع بها، ويكون لديه صبر أيوب لأنها من المهن التي تتطلب صبراً خلال عملية الحفر والنقش لعمل تحفة فنية جميلة ورائعة، بالإضافة إلى أن الحفر على النحاس فن من الفنون التراثية ومهنة في الوقت ذاته، وقد ارتبطت تاريخياً بالفن الإسلامي الذي يهتم بالزخارف والرسومات النباتية والهندسية، وهو أحد الفنون الذي ما زال يحتفظ ببريقه، فهي مهنة من التراث وحرفة معجونة بالصبر والتقنية، تنشر الهوية الدمشقية والسورية في أنحاء العالم، وقد دخلت في السنوات الاخيرة الآلات، لكن تبقى حرفة اليد ذات خصوصية فنية فريدة".
اللمسة الأنثوية
ويتابع الحرفي بالقول: "خلال ورشتي في "باب شرقي" عملت لدي حوالي ثلاثين فتاة بهذه المهنة، وقد امتلكن المهارة والذوق الرفيع في المنتجات وأضفن إلى المنتجات اللمسات الأنثوية المميزة، فالمرأة حسب رأيه تمتلك الصبر والهدوء والتأني بالعمل على عكس الرجل، ولكن بسبب ظروف الحرب لم يستطعن الاستمرار بهذا العمل، وحالياً أقوم بتدريب العديد من الشبان الراغبين بتعلم تلك الحرفة من جرحى الحرب وأبناء الشهداء، ولكن أجد صعوبة حالياً بتأمين المواصلات لهم وإيصالهم إلى الورشة".
تراث قديم
مراحل العمل في صور
ويضيف "الشايب": " لقد عرف الدمشقيون النقش على النحاس في القرن الثالث عشر، حيث ازداد الإقبال على تزيين المباني كالمساجد والقصور والدور بمنقوشات نحاسية، كما دخلت في صك العملات والدروع للمحاربين وفي الاستخدامات المنزلية كالأواني، وتم استخدامه في طلاء قاع السفن حتى لا تتعرض للتلف، فالنحاسيات بحر من الصناعة الدمشقية العريقة، وأهم ما زينت به القصور الدمشقية التاريخية العريقة والكنائس والمساجد، ثريات وفوانيس نحاسية من أجمل ما صنعته أيدي النحاسين، واعتمد جزء من عملهم على الرسم اليدوي المحترف، مستخدمين فيه خطوطاً يدوية عريقة في تخطيط تلك التحف الفنية".
خطوات الإبداع
وعن طريقة العمل كان لنا حوار مع الحرفي "محمد الشايب" حيث قال: "هناك أنواع عدة من النحاس الذي يمكن النقش والحفر عليه كالنحاس الأصفر والأحمر والأبيض، وضمن ورشتنا نستخدم صفائح النحاس الأصفر لنقائه وخلوه من الشوائب، ويتميز بطراوته وسهولة النقش عليه، بالماضي كنا نقوم برسم التصميم على الورق وقص أقسامها وتشكيلها بطريقة ثلاثية الأبعاد، ثم نقوم بتصميمها على الألواح النحاسية بطريقة يدوية، أما حالياً مع التطور التكنولوجي تعلمت برنامج الأوتوكاد وبدأت بتشكيل التصميمات من ثريات وفوانيس وغيرها وتطبيقها على البرنامج، ثم تطبيقها على الألواح النحاسية، كما أن عملية الحفر والنقش على النحاس تتم بعدة خطوات تبدأ أولاً باختيار القطعة النحاسية، ثم نقوم بمساواتها بالطرق عليها بالمطرقة والسندان لتتساوى جميع أجزائها ثم مسحها بشكل جيد لتكون ملساء، ثم نبدأ الخطوة الثانية بعملية تبكير الخانات التي قمنا برسمها، أي تنسيق الخانات لتكون متساوية مع بعضها البعض، وفي الخطوة الثالثة ندق على الإزميل بالشاكوش، وثم نقوم بالنقر والحفر على النحاس بتمرير الإزميل على الشكل المرسوم بواسطة الدق عليه وذلك يحتاج للصبر والدقة، ثم نذهب بقطعة النحاس إلى المخرطة للحصول على شكل القطعة الخارجي سواء أردناه دائرياً أو مستطيلاً أو نجمياً أو غير ذلك، ثم نلمع القطعة بواسطة الفرشاة، ثم نطليها إما بالذهب أو البرونز أو الفضة حسب طلب الزبائن، ويمكن طلاؤها بأكثر من لون، فالنحاس لونه أصفر حتى نعطيه طابعاً معتقاً وتراثياً نضيف إليه مواد كيمياوية ثم نقوم بحفه حسب شكل الرسمة.. قديماً كان اللون الذهبي هو الدارج حتى كنا نلبس النحاس بالذهب أما حالياً فإن الزبائن تميل إلى اللون المعتق الذي يعطي للقطعة طابعاً تراثياً، بالإضافة إلا أن الثريات والفوانيس كانت تضاء بالزيت والفتيل ثم تمت إضافة المصابيح الكهربائية إليها، وفي أيامنا هذه بسبب انقطاع الكهرباء قمنا باستبدال المصابيح باللدات لإنارة الثريات والفوانيس، كما أننا ما زلنا نعمل بطريقة أخي الشهيد الذي كان من الحرفيين الماهرين في مجال النحاسيات فقد صمم إزميلاً ومطرقة خفيفة الوزن لتمكن الحرفي من الاستمرار بالعمل لساعات طويلة".
شيخ الكار زياد صبحي الشايب
زخرفيات
وعن طريقة زخرفة النحاس حدثنا الحرفي "أحمد الشايب": " تبدأ عملية زخرفة النحاس بنقوش متنوعة يتم اختيارها من قبل الحرفي تتصف بعناصر ووحدات هندسية تعتمد في إيقاعها على التكرار لإعطاء التركيب المناسب للقطعة المراد تصنيعها، سواء كانت ثريات أو فوانيس بأشكال متنوعة دائرية أو مستطيلة أو نجمية أو بيضوية، كما اتخذ النقاش السوري من الخط وحروفه المرنة القابلة للتشكيل والتطويع وسيلة لزخرفة التحف النحاسية، حيث كان ينقش علي جوانبها بعض الآيات القرآنية أو العبارات المأثورة أو أبيات الشعر فوق أرضية من الزخارف النباتية المورقة التي تساعد عادة علي إبراز تلك النقوش الخطية وتضفي عليها جمالاً أخاذاً، فالزخرفة على النحاس، كمثيلاتها من الحرف اليدوية الدقيقة تحتاج إلى التحلي بالصبر ودقة الملاحظة، ويتفرع عن هذه الحرفة، الحفر أو النقش والتجويف وتنزيل الفضة والذهب، ثم الكبس فالتخريق".
ويعد العمل بالحفر أو النقش على النحاس حسب قوله، أمراً صعباً على شخص واحد فقط، لذلك فإن حرفة النحاس موزعة إلى اختصاصات على أفرادٍ عدة ضمن الورشة الواحدة أو على عدد من الورشات، وغالباً ما يقتصر عمل الحرفي على التخطيط والرسم، وآخر على تنزيل الذهب والفضة، وآخر على التجويف، وآخر على النقش وهكذا، ونادراً ما تجتمع هذه الخبرات كلها لدى حرفي واحد، وهناك أيضاً أرباب صناعة الصب والسكب، أي صهر النحاس وسكبه في قوالب تأخذ أشكالاً مختلفة، أما أدوات الحرفة، فتقتصر على منضدة خشبية ومطارق حديدية خفيفة ومتنوعة، وأقلام الحفر الفولاذية وأزاميل ومنشار أحماض مؤثرة وأقلام رسم، ويتم الحفر أو النقش بعدة طرق: أولها هي الحفر أو النقش والثانية هي النقر أو الحفر البارز وهو أقل دقة من النقش، أما الطريقة الثالثة فهي تنزيل الفضة على النحاس وهي صنعة لا يعرف سرها إلا القلائل.
متدربون
يقول الشاب "محمد ليلا" والذي بدأ بالعمل بالورشة منذ ست سنوات، إن الحرفة صعبة جداً ومن الحرف اليدوية الدقيقة التي تحتاج إلى التحلي بالصبر ودقة الملاحظة، وتعتمد اعتماداً تاماً على الخط والرسم الزخرفي، ولا بد للحرفي أن يمتلك الحس الفني والرؤية الجمالية الإبداعية لتشكيل تلك التحف التراثية بما يتناسب مع متطلبات العصر، وبالوقت نفسه تحافظ على التراث، وخصوصاً أنه في أيامنا هذه بدأ الحرفيون بالبحث عن طرق جديدة تلبي متطلبات السوق بما يتناسب مع أذواق الزبائن.
- نجوى عبد العزيز محمود
جولة استكشافية
في حاضنة "دمر التراثية" تستوقف الزائر شمسية خشبية موجودة في ساحة الحاضنة مليئة بالنحاسيات المتدلية من الأعلى وعلى جنباتها، علقت عليها الثريات والفوانيس النحاسية، مزركشة بنقوش تراثية جميلة منها هندسية ونباتية بألوان معتقة برائحة الماضي. تلك الشمسية هي التي رافقت شيخ الكار "زياد الشايب" إلى الخارج عند مشاركته بالمعارض التراثية، ولكن ما لفت نظره أن الأجانب يلتقطون صوراً للشمسية ولا يتصورون داخلها وحسب رأيه "لأنها لا تمثل جزءاً من حضارتهم و لا تشبههم، فالتراث قطعة من روح كل إنسان ينجذب إليه لأنها تذكره بماضيه".
صبر وطول البال
يعد الحفر على النحاس من الحرف اليدوية ذات الذوق الرفيع، فهي تعتمد على فن النقش وتشكيل المعادن بطريقة فنية جميلة ورسومات متنوعة، تحول القطعة النحاسية إلى تحفة فنية رائعة تخطف الأبصار وتجذب الناس إليها، فهي تمزج بين الفن والجمال والتراث، ولها تاريخ عريق كما قال لمدونة وطن الحرفي "زياد الشايب" الذي عمل بهذه المهنة لأكثر من خمسين عاماً، وتعلمها هو وأخوته الستة من والدهم وحرصوا على تعليم أولادهم أصول المهنة، ولكن حسب رأيه للأسف أولادهم يرفضون الاستمرار بهذه المهنة، فالجيل الجديد ابتعد عن الحرف الصعبة التي تحتاج إلى وقت لإنجازها، ومردودها المادي ليس آنياً.
الحرفيان محمد وأحمد الشايب
ويضيف "الشايب" : "يجب على الحرفي الذي يعمل بهذه الحرفة أن يحبها ويعشقها ويقتنع بها، ويكون لديه صبر أيوب لأنها من المهن التي تتطلب صبراً خلال عملية الحفر والنقش لعمل تحفة فنية جميلة ورائعة، بالإضافة إلى أن الحفر على النحاس فن من الفنون التراثية ومهنة في الوقت ذاته، وقد ارتبطت تاريخياً بالفن الإسلامي الذي يهتم بالزخارف والرسومات النباتية والهندسية، وهو أحد الفنون الذي ما زال يحتفظ ببريقه، فهي مهنة من التراث وحرفة معجونة بالصبر والتقنية، تنشر الهوية الدمشقية والسورية في أنحاء العالم، وقد دخلت في السنوات الاخيرة الآلات، لكن تبقى حرفة اليد ذات خصوصية فنية فريدة".
اللمسة الأنثوية
ويتابع الحرفي بالقول: "خلال ورشتي في "باب شرقي" عملت لدي حوالي ثلاثين فتاة بهذه المهنة، وقد امتلكن المهارة والذوق الرفيع في المنتجات وأضفن إلى المنتجات اللمسات الأنثوية المميزة، فالمرأة حسب رأيه تمتلك الصبر والهدوء والتأني بالعمل على عكس الرجل، ولكن بسبب ظروف الحرب لم يستطعن الاستمرار بهذا العمل، وحالياً أقوم بتدريب العديد من الشبان الراغبين بتعلم تلك الحرفة من جرحى الحرب وأبناء الشهداء، ولكن أجد صعوبة حالياً بتأمين المواصلات لهم وإيصالهم إلى الورشة".
تراث قديم
مراحل العمل في صور
ويضيف "الشايب": " لقد عرف الدمشقيون النقش على النحاس في القرن الثالث عشر، حيث ازداد الإقبال على تزيين المباني كالمساجد والقصور والدور بمنقوشات نحاسية، كما دخلت في صك العملات والدروع للمحاربين وفي الاستخدامات المنزلية كالأواني، وتم استخدامه في طلاء قاع السفن حتى لا تتعرض للتلف، فالنحاسيات بحر من الصناعة الدمشقية العريقة، وأهم ما زينت به القصور الدمشقية التاريخية العريقة والكنائس والمساجد، ثريات وفوانيس نحاسية من أجمل ما صنعته أيدي النحاسين، واعتمد جزء من عملهم على الرسم اليدوي المحترف، مستخدمين فيه خطوطاً يدوية عريقة في تخطيط تلك التحف الفنية".
خطوات الإبداع
وعن طريقة العمل كان لنا حوار مع الحرفي "محمد الشايب" حيث قال: "هناك أنواع عدة من النحاس الذي يمكن النقش والحفر عليه كالنحاس الأصفر والأحمر والأبيض، وضمن ورشتنا نستخدم صفائح النحاس الأصفر لنقائه وخلوه من الشوائب، ويتميز بطراوته وسهولة النقش عليه، بالماضي كنا نقوم برسم التصميم على الورق وقص أقسامها وتشكيلها بطريقة ثلاثية الأبعاد، ثم نقوم بتصميمها على الألواح النحاسية بطريقة يدوية، أما حالياً مع التطور التكنولوجي تعلمت برنامج الأوتوكاد وبدأت بتشكيل التصميمات من ثريات وفوانيس وغيرها وتطبيقها على البرنامج، ثم تطبيقها على الألواح النحاسية، كما أن عملية الحفر والنقش على النحاس تتم بعدة خطوات تبدأ أولاً باختيار القطعة النحاسية، ثم نقوم بمساواتها بالطرق عليها بالمطرقة والسندان لتتساوى جميع أجزائها ثم مسحها بشكل جيد لتكون ملساء، ثم نبدأ الخطوة الثانية بعملية تبكير الخانات التي قمنا برسمها، أي تنسيق الخانات لتكون متساوية مع بعضها البعض، وفي الخطوة الثالثة ندق على الإزميل بالشاكوش، وثم نقوم بالنقر والحفر على النحاس بتمرير الإزميل على الشكل المرسوم بواسطة الدق عليه وذلك يحتاج للصبر والدقة، ثم نذهب بقطعة النحاس إلى المخرطة للحصول على شكل القطعة الخارجي سواء أردناه دائرياً أو مستطيلاً أو نجمياً أو غير ذلك، ثم نلمع القطعة بواسطة الفرشاة، ثم نطليها إما بالذهب أو البرونز أو الفضة حسب طلب الزبائن، ويمكن طلاؤها بأكثر من لون، فالنحاس لونه أصفر حتى نعطيه طابعاً معتقاً وتراثياً نضيف إليه مواد كيمياوية ثم نقوم بحفه حسب شكل الرسمة.. قديماً كان اللون الذهبي هو الدارج حتى كنا نلبس النحاس بالذهب أما حالياً فإن الزبائن تميل إلى اللون المعتق الذي يعطي للقطعة طابعاً تراثياً، بالإضافة إلا أن الثريات والفوانيس كانت تضاء بالزيت والفتيل ثم تمت إضافة المصابيح الكهربائية إليها، وفي أيامنا هذه بسبب انقطاع الكهرباء قمنا باستبدال المصابيح باللدات لإنارة الثريات والفوانيس، كما أننا ما زلنا نعمل بطريقة أخي الشهيد الذي كان من الحرفيين الماهرين في مجال النحاسيات فقد صمم إزميلاً ومطرقة خفيفة الوزن لتمكن الحرفي من الاستمرار بالعمل لساعات طويلة".
شيخ الكار زياد صبحي الشايب
زخرفيات
وعن طريقة زخرفة النحاس حدثنا الحرفي "أحمد الشايب": " تبدأ عملية زخرفة النحاس بنقوش متنوعة يتم اختيارها من قبل الحرفي تتصف بعناصر ووحدات هندسية تعتمد في إيقاعها على التكرار لإعطاء التركيب المناسب للقطعة المراد تصنيعها، سواء كانت ثريات أو فوانيس بأشكال متنوعة دائرية أو مستطيلة أو نجمية أو بيضوية، كما اتخذ النقاش السوري من الخط وحروفه المرنة القابلة للتشكيل والتطويع وسيلة لزخرفة التحف النحاسية، حيث كان ينقش علي جوانبها بعض الآيات القرآنية أو العبارات المأثورة أو أبيات الشعر فوق أرضية من الزخارف النباتية المورقة التي تساعد عادة علي إبراز تلك النقوش الخطية وتضفي عليها جمالاً أخاذاً، فالزخرفة على النحاس، كمثيلاتها من الحرف اليدوية الدقيقة تحتاج إلى التحلي بالصبر ودقة الملاحظة، ويتفرع عن هذه الحرفة، الحفر أو النقش والتجويف وتنزيل الفضة والذهب، ثم الكبس فالتخريق".
ويعد العمل بالحفر أو النقش على النحاس حسب قوله، أمراً صعباً على شخص واحد فقط، لذلك فإن حرفة النحاس موزعة إلى اختصاصات على أفرادٍ عدة ضمن الورشة الواحدة أو على عدد من الورشات، وغالباً ما يقتصر عمل الحرفي على التخطيط والرسم، وآخر على تنزيل الذهب والفضة، وآخر على التجويف، وآخر على النقش وهكذا، ونادراً ما تجتمع هذه الخبرات كلها لدى حرفي واحد، وهناك أيضاً أرباب صناعة الصب والسكب، أي صهر النحاس وسكبه في قوالب تأخذ أشكالاً مختلفة، أما أدوات الحرفة، فتقتصر على منضدة خشبية ومطارق حديدية خفيفة ومتنوعة، وأقلام الحفر الفولاذية وأزاميل ومنشار أحماض مؤثرة وأقلام رسم، ويتم الحفر أو النقش بعدة طرق: أولها هي الحفر أو النقش والثانية هي النقر أو الحفر البارز وهو أقل دقة من النقش، أما الطريقة الثالثة فهي تنزيل الفضة على النحاس وهي صنعة لا يعرف سرها إلا القلائل.
متدربون
يقول الشاب "محمد ليلا" والذي بدأ بالعمل بالورشة منذ ست سنوات، إن الحرفة صعبة جداً ومن الحرف اليدوية الدقيقة التي تحتاج إلى التحلي بالصبر ودقة الملاحظة، وتعتمد اعتماداً تاماً على الخط والرسم الزخرفي، ولا بد للحرفي أن يمتلك الحس الفني والرؤية الجمالية الإبداعية لتشكيل تلك التحف التراثية بما يتناسب مع متطلبات العصر، وبالوقت نفسه تحافظ على التراث، وخصوصاً أنه في أيامنا هذه بدأ الحرفيون بالبحث عن طرق جديدة تلبي متطلبات السوق بما يتناسب مع أذواق الزبائن.