الزخرفة الدمشقية: لكل بيت حكايته مع الجمال
تزهو البيوت الدمشقية بزخارف خشبية تسمى "العجمي" أو "النباتي" أو "الدهان الدمشقي" كما يطلق عليها البعض، كما أكدت "إلهام عزيز محفوض" مديرة متحف "الخط العربي" في "دمشق" التي قالت بأن "العجمي" عبارة عن ألواح ملونة بمواضيع زخرفية بارزة أو تشبيهية تغطي الجدران والسقوف، إذ يبدو السقف المزخرف بوحدات نباتية وهندسية وأشكال مختلفة وكأنه سجادة عجمية فرشت على السقف، وتعود بداية هذا الفن إلى عهد الخليفة الأموي "الوليد بن عبد الملك"، الذي استقدم الفنانين من بلاد "العجم والعراق"، ما جعل الفرصة سانحة للفنيين الدمشقيين بأن يقتبسوا أسرار هذه الصنعة فطوروها بنكهة دمشقية وأسسوا لها الورشات وتفننوا بألوانها ورسومها، وما تزال عشرات الورش في "دمشق" تمتهن وتحافظ على هذا الفن وتورثه لأبنائها، تلك الزخارف الدمشقية التي وصلت شهرتها إلى متحف "متروبوليتان" الأمريكي الشهير حيث يضم قاعة دمشقية خاصة بهذا الفن، ومكتبة جامعة "نيويورك" المزخرفة بهذا الفن الأصيل عدا الغرفة الحلبية الموجودة في "برلين"، بالإضافة إلى جميع البيوت الدمشقية المسجلة أثرياً كبيت "العقاد" وبيت "السباعي" وقصر "العظم" وغيرها. أقوم باختيار النقوش والرسوم والألوان بما يتلاءم مع السطح المراد عمله، فإن كانت رسوماً لا تحتاج إلى زخرفة نافرة، أستخدم الألوان فقط، أما إذا كانت النقوش بارزة، فلا بد من إعطاء التصميم للنجار الفني المختص بأعمال التراث العربي؛ أي بصنعة الخيط العربي لتجهيز التصميم، ثم تحضير الخشب بالغراء والاسبيداج والزنك ونسحج الأسطح حتى تصبح ملساء وجاهزة لتنزيل التصميمات الزخرفية النباتية أو الهندسية أو كتابات مختلفة كالحكم أو أبيات الشعر أو آيات قرآنية من خلال طباعة الرسوم والزخارف فوق الأسطح المراد زخرفتها وتسمى هذه عملية "الترب" باستخدام قطعة من القماش على شكل الصرة يوضع فيها هباب الفحم المسحوق، حيث تأخذ ذرات هباب الفحم مكانها عبر ثقوب الرسوم المثقبة بالإبرة أو الدبوس فوق خطوط زخارف التصاميم الزخرفية بواسطة الطبطبة والمسح على سطح ورق التصميم، ثم نقوم بتنزيل المواد النافرة للزخارف، ثم تلوينها وطلائها بماءات الذهب أو الفضة، ثم نقوم بالقطع؛ أي تحديد جوانب الزخارف وتسطيرها بما يتناسب مع بعضها، كما أن عملية التلوين في هذه المهنة الفنية لها طابع خاص بها، فلكل حرفي طريقته وذوقه بالتلوين والرمي؛ أي الرسم المباشر للزخرفة دون تحضير مسبق خاص بها، لتصبح جاهزة لتثبت باللكر، ووضعها على الأسقف والجدران بطريقة فنية مبتكرة
من الأسقف الدمشقية
ويتألف "العجمي" -بحسب "محفوض" التي عملت بترميم الزخارف على الأخشاب في قصر "العظم" ضمن قاعة "الاستقبال" و"المقهى" الشعبي وفي مدرسة "سيف الدولة" بحلب، وأشرفت وعملت بترميم الزخارف في بيت "العقاد" الذي أصبح مقراً للمركز الثقافي الدانماركي- من عدة مواد من الجص والاسبيداج والزنك والغراء الأحمر المستخرج من عظام الخواريف وسابقاً كانوا يضيفون البيض، ويتم وضعها بعد تحضير هذه العجينة بفرشاة أو أداة خاصة على الأخشاب المهيئة والمعالجة من التسوس والجافة تماماً، وأغلب الأخشاب المستخدمة هي الجوز والحور، وسابقاً كان يلبس الخشب بالشاش ويؤسس ومن ثم تصمم الرسوم النباتية والهندسية و(تُذهّب وتُفضّض) الرسوم ويتم تكحيلها وتحديدها ووضع طبقة عازلة للحماية.
كما أن أغلب الرسوم والزخارف التي عملت بترميمها تعود إلى أكثر من 200 عام تقريباً، وكانت أعمال الترميم تسير وفق وثيقة "فينيسيا" التي صدرت عام 1964، ومن خلال الترميم يتم تثبيت الرسوم وتنظيفها بمواد مثل الكحول وخلال هذه العملية لا تحتاج الرسومات إلى إعادة تلوينها، وإنما فقط رتوش بسيطة بألوان مائية وترابية تضاف إليها صموغ طبيعية كمادة "الكتيرة" المستخرجة من جذور بعض النباتات ويستفاد منها في تثبيت اللون، بالإضافة الى وضع طبقة حماية وعزل الرسوم من تأثيرات العوامل الخارجية باستخدام مادة "الدامار" وهي (صموغ شجر طبيعية تحل بمادة التربنتين الصافي) ويمكن إزالة طبقة الحماية ووضع مادة بدلاً منها، ومع تطور وتقدم العلوم في الترميم، لا بدّ من توثيق مراحل العمل بتصويره لتوثيقه، واحترام ما هو موجود من رسوم أصلية وعدم إضافة ما يشوه الرسوم، وهي من أهم توصيات مقررات مؤتمر "فينسيا".
التشكيلي التراثي "فريد شنكان"
بدوره التشكيلي التراثي "فريد شنكان" الذي عمل بهذه المهنة حوالي 39 عاماً أشار إلى أن لكل بيت دمشقي عهد أو حقبة تاريخية يعود إليها، وخلال عمله يختار من الزخارف ما يتناسب مع تلك الحقبة وأغلب هذه الزخارف صممت على طراز فن "الباروك" الذي هو فن زخرفي مستنبط ومختلط ما بين الفن الزخرفي العربي والغربي الذي استخدم بزخارف البيوت الدمشقية بقاعاتها وزخارف أثاثها وقصورها وبمنحوتاتها الحجرية والمباني الأثرية، كما قام بتصميم الكثير من النقوش الفنية التي تتعلق بهذه المهنة التراثية، فلكل تصميم مكانه وخصوصيته من تصميم زخارف السقوف الدمشقية المتعددة الطرز والفترات التاريخية إلى زخارف "الفريسك" الجداري للقاعات الشامية وأقواسها الحجرية، وهناك تصاميم لرسوم "الأملق" الحجري والمتعدد الألوان فوق جدران غرف وقاعات البيت الدمشقي، وهناك أنماط كثيرة ومختلفة للزخرفة الشامية في هذه المهنة فلكل حقبة زخرفتها الخاصة بها كالزخرفة والنقوش الأيوبية والمملوكية والعثمانية.
وشارك "شنكان" بترميم مبان كثيرة في "دمشق" القديمة أصبحت مطاعم أو فنادق سياحية كـ"بيت المملوكة" في "القيميرية" وغيرها، فقد زاد الإقبال على هذه الحرفة التراثية في الآونة الأخيرة ما دفع الكثيرين الذين هجروا هذه المهنة للعودة إليها، لتزيين بيوتهم بالنقوش الدمشقية العريقة داخل "سورية" وفي العديد من الدول العربية أيضاً.
وعن مراحل عمله الفني قال: «أقوم باختيار النقوش والرسوم والألوان بما يتلاءم مع السطح المراد عمله، فإن كانت رسوماً لا تحتاج إلى زخرفة نافرة، أستخدم الألوان فقط، أما إذا كانت النقوش بارزة، فلا بد من إعطاء التصميم للنجار الفني المختص بأعمال التراث العربي؛ أي بصنعة الخيط العربي لتجهيز التصميم، ثم تحضير الخشب بالغراء والاسبيداج والزنك ونسحج الأسطح حتى تصبح ملساء وجاهزة لتنزيل التصميمات الزخرفية النباتية أو الهندسية أو كتابات مختلفة كالحكم أو أبيات الشعر أو آيات قرآنية من خلال طباعة الرسوم والزخارف فوق الأسطح المراد زخرفتها وتسمى هذه عملية "الترب" باستخدام قطعة من القماش على شكل الصرة يوضع فيها هباب الفحم المسحوق، حيث تأخذ ذرات هباب الفحم مكانها عبر ثقوب الرسوم المثقبة بالإبرة أو الدبوس فوق خطوط زخارف التصاميم الزخرفية بواسطة الطبطبة والمسح على سطح ورق التصميم، ثم نقوم بتنزيل المواد النافرة للزخارف، ثم تلوينها وطلائها بماءات الذهب أو الفضة، ثم نقوم بالقطع؛ أي تحديد جوانب الزخارف وتسطيرها بما يتناسب مع بعضها، كما أن عملية التلوين في هذه المهنة الفنية لها طابع خاص بها، فلكل حرفي طريقته وذوقه بالتلوين والرمي؛ أي الرسم المباشر للزخرفة دون تحضير مسبق خاص بها، لتصبح جاهزة لتثبت باللكر، ووضعها على الأسقف والجدران بطريقة فنية مبتكرة». وفي حديث سابق للباحث في التراث الدمشقي "محمد خالد رمضان"، رأى أن الزخرفة علم من علوم الفنون، وتعني جملة الخطوط الهندسية والتوريقية التي أبدعها الإنسان، فالشواهد الفنية المتبقية هي أكبر دليل على عناية الحضارة الإسلامية بالفنون، وحبها للجمال والذوق الصافي في الإبداع، وكما يرى الباحثون فإن الفنون الإسلامية نشأت حول محورين هما المسجد والمصحف، هذان الأساسان كانا عاملي توحيد للفنون الإسلامية؛ حيث اهتم المسلمون ببناء المساجد من النواحي العمرانية والزخرفية، كما اهتموا بالمصحف من حيث تكوين الخط والتذهيب والتوريق، وبدأ الفن الإسلامي متأثراً بالرغبة في تجميل الحياة، وقد ترك الدمشقيون روائع فنية للأجيال القادمة لا لتفخر بها فحسب، وإنما لتشحذ الهمم للعمل المبدع والمتجدد، ولعل أبرز الأماكن التي تزخر بالزخرفة هي "الجامع الأموي" و"قصر العظم" الذي حرص بناؤوه على تزيين جدرانه بروائع فنية وثقافة جمالية.
- نجوى عبد العزيز محمود
تزهو البيوت الدمشقية بزخارف خشبية تسمى "العجمي" أو "النباتي" أو "الدهان الدمشقي" كما يطلق عليها البعض، كما أكدت "إلهام عزيز محفوض" مديرة متحف "الخط العربي" في "دمشق" التي قالت بأن "العجمي" عبارة عن ألواح ملونة بمواضيع زخرفية بارزة أو تشبيهية تغطي الجدران والسقوف، إذ يبدو السقف المزخرف بوحدات نباتية وهندسية وأشكال مختلفة وكأنه سجادة عجمية فرشت على السقف، وتعود بداية هذا الفن إلى عهد الخليفة الأموي "الوليد بن عبد الملك"، الذي استقدم الفنانين من بلاد "العجم والعراق"، ما جعل الفرصة سانحة للفنيين الدمشقيين بأن يقتبسوا أسرار هذه الصنعة فطوروها بنكهة دمشقية وأسسوا لها الورشات وتفننوا بألوانها ورسومها، وما تزال عشرات الورش في "دمشق" تمتهن وتحافظ على هذا الفن وتورثه لأبنائها، تلك الزخارف الدمشقية التي وصلت شهرتها إلى متحف "متروبوليتان" الأمريكي الشهير حيث يضم قاعة دمشقية خاصة بهذا الفن، ومكتبة جامعة "نيويورك" المزخرفة بهذا الفن الأصيل عدا الغرفة الحلبية الموجودة في "برلين"، بالإضافة إلى جميع البيوت الدمشقية المسجلة أثرياً كبيت "العقاد" وبيت "السباعي" وقصر "العظم" وغيرها. أقوم باختيار النقوش والرسوم والألوان بما يتلاءم مع السطح المراد عمله، فإن كانت رسوماً لا تحتاج إلى زخرفة نافرة، أستخدم الألوان فقط، أما إذا كانت النقوش بارزة، فلا بد من إعطاء التصميم للنجار الفني المختص بأعمال التراث العربي؛ أي بصنعة الخيط العربي لتجهيز التصميم، ثم تحضير الخشب بالغراء والاسبيداج والزنك ونسحج الأسطح حتى تصبح ملساء وجاهزة لتنزيل التصميمات الزخرفية النباتية أو الهندسية أو كتابات مختلفة كالحكم أو أبيات الشعر أو آيات قرآنية من خلال طباعة الرسوم والزخارف فوق الأسطح المراد زخرفتها وتسمى هذه عملية "الترب" باستخدام قطعة من القماش على شكل الصرة يوضع فيها هباب الفحم المسحوق، حيث تأخذ ذرات هباب الفحم مكانها عبر ثقوب الرسوم المثقبة بالإبرة أو الدبوس فوق خطوط زخارف التصاميم الزخرفية بواسطة الطبطبة والمسح على سطح ورق التصميم، ثم نقوم بتنزيل المواد النافرة للزخارف، ثم تلوينها وطلائها بماءات الذهب أو الفضة، ثم نقوم بالقطع؛ أي تحديد جوانب الزخارف وتسطيرها بما يتناسب مع بعضها، كما أن عملية التلوين في هذه المهنة الفنية لها طابع خاص بها، فلكل حرفي طريقته وذوقه بالتلوين والرمي؛ أي الرسم المباشر للزخرفة دون تحضير مسبق خاص بها، لتصبح جاهزة لتثبت باللكر، ووضعها على الأسقف والجدران بطريقة فنية مبتكرة
من الأسقف الدمشقية
ويتألف "العجمي" -بحسب "محفوض" التي عملت بترميم الزخارف على الأخشاب في قصر "العظم" ضمن قاعة "الاستقبال" و"المقهى" الشعبي وفي مدرسة "سيف الدولة" بحلب، وأشرفت وعملت بترميم الزخارف في بيت "العقاد" الذي أصبح مقراً للمركز الثقافي الدانماركي- من عدة مواد من الجص والاسبيداج والزنك والغراء الأحمر المستخرج من عظام الخواريف وسابقاً كانوا يضيفون البيض، ويتم وضعها بعد تحضير هذه العجينة بفرشاة أو أداة خاصة على الأخشاب المهيئة والمعالجة من التسوس والجافة تماماً، وأغلب الأخشاب المستخدمة هي الجوز والحور، وسابقاً كان يلبس الخشب بالشاش ويؤسس ومن ثم تصمم الرسوم النباتية والهندسية و(تُذهّب وتُفضّض) الرسوم ويتم تكحيلها وتحديدها ووضع طبقة عازلة للحماية.
خبيرة الترميم"إلهام محفوض" ومديرة متحف الخط العربي"المدرسة الجقمقية"
كما أن أغلب الرسوم والزخارف التي عملت بترميمها تعود إلى أكثر من 200 عام تقريباً، وكانت أعمال الترميم تسير وفق وثيقة "فينيسيا" التي صدرت عام 1964، ومن خلال الترميم يتم تثبيت الرسوم وتنظيفها بمواد مثل الكحول وخلال هذه العملية لا تحتاج الرسومات إلى إعادة تلوينها، وإنما فقط رتوش بسيطة بألوان مائية وترابية تضاف إليها صموغ طبيعية كمادة "الكتيرة" المستخرجة من جذور بعض النباتات ويستفاد منها في تثبيت اللون، بالإضافة الى وضع طبقة حماية وعزل الرسوم من تأثيرات العوامل الخارجية باستخدام مادة "الدامار" وهي (صموغ شجر طبيعية تحل بمادة التربنتين الصافي) ويمكن إزالة طبقة الحماية ووضع مادة بدلاً منها، ومع تطور وتقدم العلوم في الترميم، لا بدّ من توثيق مراحل العمل بتصويره لتوثيقه، واحترام ما هو موجود من رسوم أصلية وعدم إضافة ما يشوه الرسوم، وهي من أهم توصيات مقررات مؤتمر "فينسيا".
التشكيلي التراثي "فريد شنكان"
بدوره التشكيلي التراثي "فريد شنكان" الذي عمل بهذه المهنة حوالي 39 عاماً أشار إلى أن لكل بيت دمشقي عهد أو حقبة تاريخية يعود إليها، وخلال عمله يختار من الزخارف ما يتناسب مع تلك الحقبة وأغلب هذه الزخارف صممت على طراز فن "الباروك" الذي هو فن زخرفي مستنبط ومختلط ما بين الفن الزخرفي العربي والغربي الذي استخدم بزخارف البيوت الدمشقية بقاعاتها وزخارف أثاثها وقصورها وبمنحوتاتها الحجرية والمباني الأثرية، كما قام بتصميم الكثير من النقوش الفنية التي تتعلق بهذه المهنة التراثية، فلكل تصميم مكانه وخصوصيته من تصميم زخارف السقوف الدمشقية المتعددة الطرز والفترات التاريخية إلى زخارف "الفريسك" الجداري للقاعات الشامية وأقواسها الحجرية، وهناك تصاميم لرسوم "الأملق" الحجري والمتعدد الألوان فوق جدران غرف وقاعات البيت الدمشقي، وهناك أنماط كثيرة ومختلفة للزخرفة الشامية في هذه المهنة فلكل حقبة زخرفتها الخاصة بها كالزخرفة والنقوش الأيوبية والمملوكية والعثمانية.
وشارك "شنكان" بترميم مبان كثيرة في "دمشق" القديمة أصبحت مطاعم أو فنادق سياحية كـ"بيت المملوكة" في "القيميرية" وغيرها، فقد زاد الإقبال على هذه الحرفة التراثية في الآونة الأخيرة ما دفع الكثيرين الذين هجروا هذه المهنة للعودة إليها، لتزيين بيوتهم بالنقوش الدمشقية العريقة داخل "سورية" وفي العديد من الدول العربية أيضاً.
وعن مراحل عمله الفني قال: «أقوم باختيار النقوش والرسوم والألوان بما يتلاءم مع السطح المراد عمله، فإن كانت رسوماً لا تحتاج إلى زخرفة نافرة، أستخدم الألوان فقط، أما إذا كانت النقوش بارزة، فلا بد من إعطاء التصميم للنجار الفني المختص بأعمال التراث العربي؛ أي بصنعة الخيط العربي لتجهيز التصميم، ثم تحضير الخشب بالغراء والاسبيداج والزنك ونسحج الأسطح حتى تصبح ملساء وجاهزة لتنزيل التصميمات الزخرفية النباتية أو الهندسية أو كتابات مختلفة كالحكم أو أبيات الشعر أو آيات قرآنية من خلال طباعة الرسوم والزخارف فوق الأسطح المراد زخرفتها وتسمى هذه عملية "الترب" باستخدام قطعة من القماش على شكل الصرة يوضع فيها هباب الفحم المسحوق، حيث تأخذ ذرات هباب الفحم مكانها عبر ثقوب الرسوم المثقبة بالإبرة أو الدبوس فوق خطوط زخارف التصاميم الزخرفية بواسطة الطبطبة والمسح على سطح ورق التصميم، ثم نقوم بتنزيل المواد النافرة للزخارف، ثم تلوينها وطلائها بماءات الذهب أو الفضة، ثم نقوم بالقطع؛ أي تحديد جوانب الزخارف وتسطيرها بما يتناسب مع بعضها، كما أن عملية التلوين في هذه المهنة الفنية لها طابع خاص بها، فلكل حرفي طريقته وذوقه بالتلوين والرمي؛ أي الرسم المباشر للزخرفة دون تحضير مسبق خاص بها، لتصبح جاهزة لتثبت باللكر، ووضعها على الأسقف والجدران بطريقة فنية مبتكرة». وفي حديث سابق للباحث في التراث الدمشقي "محمد خالد رمضان"، رأى أن الزخرفة علم من علوم الفنون، وتعني جملة الخطوط الهندسية والتوريقية التي أبدعها الإنسان، فالشواهد الفنية المتبقية هي أكبر دليل على عناية الحضارة الإسلامية بالفنون، وحبها للجمال والذوق الصافي في الإبداع، وكما يرى الباحثون فإن الفنون الإسلامية نشأت حول محورين هما المسجد والمصحف، هذان الأساسان كانا عاملي توحيد للفنون الإسلامية؛ حيث اهتم المسلمون ببناء المساجد من النواحي العمرانية والزخرفية، كما اهتموا بالمصحف من حيث تكوين الخط والتذهيب والتوريق، وبدأ الفن الإسلامي متأثراً بالرغبة في تجميل الحياة، وقد ترك الدمشقيون روائع فنية للأجيال القادمة لا لتفخر بها فحسب، وإنما لتشحذ الهمم للعمل المبدع والمتجدد، ولعل أبرز الأماكن التي تزخر بالزخرفة هي "الجامع الأموي" و"قصر العظم" الذي حرص بناؤوه على تزيين جدرانه بروائع فنية وثقافة جمالية.