Fareed Zaffour
٣١ أغسطس ٢٠٢٠ ·
مجلة فن التصوير:
الناقدة الفنية سعدية خزراني…نجمة تونسية تضيء عالم الثقافة الفوتوغرافية العربية..
- بقلم المصور: فريد ظفور
- رابط مجلة فن التصوير: فوتو آرت بوك.كوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يلقى النقد الفني والأدبي في مختلف وأصناف الحياة نفوراً واضحاً من المثقفين..بشكل يدعو إلى الهلع والجزع من هذا الفن المخيف من الكتابة..التي سرعان ماينعكس على مستوى وأداء الفنانين والأدباء..ولا سيما خلال المقابلات التلفزيونية أو الإذاعية أو المكتوبة منها عن عمل فني أو أدبي...إذ نرى نسبة مرتفعة من موضوعات النقد متدنية النزاهه ضعيفة الموضوعية..مفككة الإسلوب مضطربة الأفكار..متحيزة لطرف ضد آخر وتكيل الشتائم أو المدائح والتعظيم ..بشكل لايبشر بالخير ولا يمنحنا فرصة التفاؤل بمصير هذا الصنف الفني من الكتابة وعلاقة النقاد بالمكتوب عنهم.. ويضاف إلى ذلك بأننا نفتقر لثقافة ومراجع النقد الموضوعي وعلى رسم معالم وأبعاده الإنساتية.. وتقديمها على طبق شهي يحمل مغريات الإقبال عليه وعلى المطالعة النقدية وتوطيد عُرى الصداقة والإحترام بين الناقد والفنانين والأدباء..وكلي أمل بأن يشارك الزملاء بآرائهم النقدية من خلال تجاربهم الميدانية ..عسى أن نصل معاً إلى وضع يحسن العلاقة بين الناقد والمنقود ويسهل علينا وضع الأسس السليمة التي تكفل لفنانينا وأدبائنا الأعزاء التقدم والنجاح..
ومن هنا نسلط الضوء المكثف على عالم الرموز والكتابة فيه ..ولا سيما عند الجنس اللطيف ..لأنه قلما نجد من ينبري للكتابة في فن النقد عند العنصر النسائي..وإذا ما بحثنا عن بعضهن لكانت الندرة هي الغالبة..ونذكر منهن الفنانة السورية الناقدة سناء صبوح..والفنانة الفوتوغرافية العراقية: شيماء عبدالوهاب الخالدي..التي تقدم دروس تعليمية عن الفوتوغرافيا..والمهندسة المصرية يسرية الشبكشي..التي تكتب بشكل أشعار زجلية وتعلق بأغلب الأحيان على صور الفنان المصور المهندس المصري جلال المسري..وأيضاًالمصورة الفنانة الضوئية السعودية ( سلافة سعد الفريح ) .. طبيبة فوتوغرافية تُدّاوي الفنانين وهي بحاجة لمن يداويها ويكرمها.والزميلة Orkidea Whiteالعراقية المحررة في موقع التصوير عرب بوكس..والمصورة الإماراتية ..هي كاتبة ومصورة محترفة وكانت الأمين المساعد لجائزة حمدان بن محمد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي..والآن تتصدى وتنبرى للساحة الفنية المصورة والناقدة التونسية سعدية خزراني..
فمحاولتنا الأولية لإلقاء الضوء على عالم الرموز عند الإنسانة الناقدة كشفت لنا بأن الفكر الإنساني يكتب له الخلود من هذا القبيل..فسرمدية هذا الفكر تسمح من ناحية للإنسان بالتشابه النسبي مع الإله المتصف بالأزلية والأبدية المطلقتين بغض النظر عن إختلاف عوامل الزمان والمكان..وتأثر أعمال و سلوكات الأفراد والجماعات بقوة شحنة عالم الرموز تتغلب عادة على قوة المؤثرات المادية ..بحيث تصبح مثلاً إنتفاضات الشعوب المدرعة بذخيرة النقد وعالم الرموز قوة ماردة تشبه القوة الإلهية التي تعصف بالتخلف والجهل والطغاة مهما تصلب عود سلطانهم المادي..
إن التجربة النقدية نظرياً وعملياً لا ترتبط بشيء قدر إرتباطها بجهاز مرجعي مؤسس على الصعيد الإبستمولوجي الفني والأدبي والإجتماعي..فالنقد لا تكتمل له ملامح ولا يتموضع في أطر وقواعد بعيداً عن سياق التطور الفكري العام..ويفترض وجود ثلاث رؤى في إنتاج التجربة النقدية لأي مجتمع..الأولى..رؤية نقدية شاملة وخلاقة ترتهن بالإبداع الفلسفي وبالكشوف النظرية الفكرية في مجال القيم الثقافية والمعرفة..والثانية: رؤية نقدية تعتمد حساسية الإستيعاب والتمثل لما أنجزته الرؤية الأولى والتي قد تلجأ إلى التنظير..والثالثة: رؤية نقدية متماهية تعتمد ذات الحساسية التمثيلية وترتكز على الإستجابة لمرجعيات..وقد تتداخل الرؤى الثلاثة أو قد تتناسل من بعضها..
فالمتلقي في سياق البحث هو القاريء المفترض أو المتوقع ..يكون المتلقي سامعاً وقارئاً في الوقت ذاته..لأنه منذ دخول الثقافة العربية في عصر تدوين حقيقي لبدايات نهضة عربية إسلامية ..فما تزال آثار الرواية بادية في الكتابات الأولية والتالية..وما يزال النقل الشفوي وديوان السماع هو الغالب في القرن الخامس الهجري ..وكان هذا التقليد بالأصلين الكبيرين بالثقافة ..القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة..وما زالا ينقلان مشافهة ورواية في أوساط دينية معينة إلى يومنا هذا ..وكذلك كانت واضحة الرواية بالكتابات الأولى عند الأصمعي والجاحظ وابن قتيبة والمبرد وغيرهم..لذلك تتراجع شخصية الناقدة المتحدثة عن العمل أو الكادر أو اللوحة الفنية المتحدثة من بين ثناياها ولا يعود للناظر أو القاري او المشاهد حضور كبير فيه..فلا يبقى أمام الناقدة سوى العمل المدروس تفزع إليه لتلتقي قارئها فيه..لذلك يتعاظم دورها وتصبح مركزية في بنية العمل الفني وتفصح عن حرارة اللقاء بين الناقدة وصاحب العمل الفني والقاريء أو المتلقي له...
فالناقدة التونسية سعدية خزراني..تحاول تحديد زاوية النظر إلى العمل الفني أو الأدبي ..كما تحاول إبرازه بإعتباره ثمرةإنتاج فني موجه بطريقة ما للقراء أو المشاهدين أو المتابعين للعمل..وإنه لابد من تقدير ذلك التوجيه فهي إذن تدافع عن اللوحة أو النص أو الصورة ضد عدم الفهم وضد التأويلات المغلوطة لفهم العمل ..كما تحرص على إعادة تداوله وإبراز رسالته..لكنها تبقى بدورها خطاباً مكتوباً يحتاج إلى قراءة ويحتاج إلى تأويل وفك الرموز والطلاسم فيه.. وعلى الناقدة ومن ثم على صاحب العمل الفني أن يعي الحالة النفسية للمتلقي ..فيطرفه بخلط الجد والهزل ويعطيه ويسمعه ما يحب ليستميله إليه..وليقدم ما يتوافق مع قيم ومباديء مجتمعه..
وعلى ذلك فإن الناقدة التونسية سعدية خزراني كاتبة ومصورة وناقدة تمثل مرحلة وفترة زمنية عصيبة من عصر الكورونا..وتمثل المفكرة الشمولية النفعية في طرح نظريتها في الكتابة والنقد الفني ..وحضور المتلقي لأعمالها بعامة..بيان لطبيعة المرأة ودورها في كشف العلاقة القائمة بين الفنان والمثقف أو المفكر وواقعة الذي يعيش فيه في ظل حضارة وتطورات متسارعة في عصرنا الرقمي وفي عصر الصورة..
وندلف أخيراً للقول بأن ما تقدمه أو قدمته الناقدة التونسية سعدية خزراني ..كان بحق بمثابة بيرق مقاوم لعبودية العرأة وتحدي لظروفها ..سيما وأنها رفعت راية التحدي مع أقرانها من المصورين والمصورات لتؤكد بأنها متواجدة في أرض صلبة من الثقافة والدراسة الموسوعية..لكي تدلي بدلوها في مكاشفة ونقد الأعمال الفنية ومدارسها المتعددة في العالم..فتحية للفنانة الخزراني وللدكتور خالد نصار في فنانون بلا حدود.. وللأستاذ محمود فتحى في تجمع اتيليه فناني العالم..لما قدموه من فرصة أتاحت لنا التعرف باعمال وكتابات الناقدة التونسية سعدية خزراني..