"شرائط لوسط بيروت".. سيرة بصرية لماضي المدينة
آداب وفنون
بيروت
العربي الجديد
13 يونيو 2022
من المعرض (تصوير: موراني مطر)
تُشكّل فترة ما قبل الحرب الأهلية في لبنان (1975 - 1990) حالة تبعث على التذكّر لدى شرائح واسعة من الفنّانين اللبنانيين، فعدا عن التوق إلى مرحلة يتحقّق فيها السلام، فإنّها فرصة أيضاً لرصد حياة كانت الثقافة والفنون أبرز معالمها، ومن ثمّ تجاوُز تلك النظرة الرومانسية عن الماضي والتمعُّن به أكثر بوصفه أحد أسباب ما هو قائم اليوم.
"في هذا المكان: شرائط لوسط بيروت" هو عنوان المعرض السينمائي الذي أعدّ أفلامَه الخمسة المخرج اللبناني هادي زكّاك، وقد افتُتح أوّل أمس السبت ويستمرّ حتّى الثاني والعشرين من تمّوز/ يوليو المُقبل في "مركز مينا للصورة" ببيروت؛ بالتوازي مع تظاهرة "أيام بيروت السينمائية" التي تشهدها المدينة وأعادت لها بعضاً من حيويتها المفقودة بسبب جائحة كوفيد - 19 والأزمة الاقتصادية.
كما أنّ المكان الذي اختير لاحتضان الشرائط الخمسة هو جزء من تلك الذاكرة المستهدَفة، فهو على مقربة من "مرفأ بيروت" حيث ملامح الانفجار الذي وقع في آب/ أغسطس 2020 ما زالت قائمة.
اللافت في الأفلام المعروضة أنّ زكّاك لم يصوّر كلُاً منها على حدة، بل جمعَ مادّتها من خلال عملية مونتاج لحوالي 50 فيلماً لبنانياً وعربياً وأجنبياً ليبقى الرابط بينها هو تناولها لمدينة بيروت وتاريخها، بهذا أخذت طابعاً تعريفياً أيضاً عند أجيال جديدة.
وتتسلسل شرائط المعرض (90 دقيقة مجتمعة) بدءاً من فيلم "أهلا بكم في بيروت" وهو مشغول من مشاهد لـ 18 فيلماً، وحسب زكّاك، فإنّ موضوعة هذا الفيلم هي النظرة المقارنة إلى بيروت بين الأفلام العربية التي يغلب عليها الانبهار، وبين الأفلام الأجنبية التي لا تخلو بدورها من إعجاب استشراقي.
أمّا الفيلم الثاني، فيأخذ عنوان "مرفأ بيروت" وما فيه من حمولة رمزية عن الهجرة والسياحة والصراعات الخفية. ثمّ فيلم "البلد" الذي يُركّز على منطقة وسط بيروت التي تكثّف حالة المدينة بأسرها، حيث تتجاور فيها أسواق الخضار بالمصارف. في حين قُدّم الجزء الآخر من حياة المدينة بفيلمين أخيرَين: "أوتيل بيروت" و"كباريه بيروت".
انطلاقاً من بيروت، يُمكنُ القول إنّ "شرائط" هادي زكّاك لم تشكّل صورةً كلّية لماضٍ ما زال يتردّد صداه في لبنان فحسب، بل هي دعوة للتمعّن بالمصائر التي تعيشها اليوم مدن المنطقة كلّها.