منير فاطمي.. ضوء معكوس على عصر النهضة
آداب وفنون
مدريد
العربي الجديد
13 يونيو 2022
يشتبك منير فاطمي مع ظواهر سياسية واجتماعية في معظم أعماله التي بدأ تقديمها منذ بداية التسعينيات، مستخدماً وسائط متعدّدة من الفيديو والرسم والتركيب والتصوير والنحت لإيصال رسائله التي تتضمّن نزع القداسة عن الأيديولوجيات، وإعادة طرح التساؤلات حول الهوية والتراث.
وتتنوّع المقاربات التي يقدّمها الفنان المغربي (1970) الذي تخرّج من "معهد الفنون الجميلة" بالدّار البيضاء سنة 1989، ومن معهد الفنون الجميلة بروما، عام 1991، سواء في تجهيزاته الثلاثة حول أحداث 11 سبتمبر/ أيلول وتوظيفها في صراع الشرق والغرب، أو في نصبه أعلام الدول الصناعية الثماني على المكانس انتقاداً لهيمنتها الاقتصادية حول العالم.
"الضوء الأعمى" عنوان معرض فاطمي الذي يفتتح عند العاشرة من صباح الخميس المقبل في "البيت العربي" بمدريد، ويتواصل حتى الثامن عشر من سبتمبر/ أيلول المقبل، ويحمل عنوان ثلاثة أعمال طباعة على حبر نفّذها عام 2013.
تستند فكرة العمل المعروض إلى لوحة شهيرة للفنان الإيطالي فرا أنجيليكو تحمل عنوان "شفاء الشمّاس جوستينيان"، وتعود إلى القرن الخامس عشر، ويظهر فيها القديسان كوزماس وداميان يقومان بعملية زرع ساق سوداء لرجل إثيوبي فارق الحياة أخيراً في جسد الشمّاس الأبيض.
اللوحة التي لطالما افتتن بها فاطمي تحوّلت إلى موضوع للدراسة لديه، من خلال ابتكاره لسلسلة مخيفة من الصور التي تغطي عمل أنجيليكو الأصلي مع صور تم التقاطها في غرف الطوارئ الحديثة عالية التقنية أثناء العمليات الحقيقية لزراعة الساق، حيث تتشابك التفاصيل الصغيرة في تلاعب متقصّد بحيث يبدو أن الأطباء المعاصرين يعتنون بالشماس نفسه.
في المطبوعات الثلاث التي قدّمها الفنان منذ نحو عقد، يُجري تلاعباً مختلفاً في كلّ واحدة منها حيث يظهر الشماس في إحداها ذا بشرة سوداء بينما ساقه الجديدة بيضاء، في عملية تضاد للنظرة العرقية والثقافية التي تحكم العمل الأصلي الذي رُسم عام 1440.
يربط فاطمي بين عصر النهضة الذي يحظى بتقدير عالٍ في تاريخ الفن مع الحداثة المفرطة في عصر التكنولوجيا والتغيرات المتسارعة، حيث اختلفت النظرة إلى الحياة والإنسان في جميع المجالات بين زمن كان يؤمن بالمعجزات الإلهية، وبين زمن باتت تحكمه المادة.