بيوغرافي الفنان العراقي رياض نعمة..
التعبير الأكثر جمالاً عن مأساة البشر
يجمع الفنان العراقي “رياض نعمة” في لوحاته عناصر لونية وتقنية متمايزة، وأحياناً متناقضة، توحي بأن اللوحة تكتنف على طبقات ومستويات متراكمة لا تشبه إلا واقع الحياة المتراكم المتناقض والمتنافر.
عبر خليط بصري مميّز بين الذاكرة والتراث البغدادي الذي قدم منه، يترك “رياض نعمة” اللوحة لتتشكّل بحرية فيغلب عليها الصمت تارة، وفي تارة أخرى تسكنها انفعالات لونية تعمّق الهم التعبيري في اللوحة، كأنها حسبما يرى الناقد التشكيلي “موسى الخميسي”: “جواب عالم داخلي غير مرئي تحييه الصيغ اللونية التي يحضر فيها البني بقوة، تتوزع كمناخات وأمزجة، تتجاور على توافق أو على تنافر وتضاد، إلا أنها تستجمع المضمون في منطق بصري جامع”.
ولد الفنان العراقي “رياض نعمة” في بغداد العام 1968، وحصل في العام 1992 على بكالوريوس فنون جميلة (تصوير) من جامعة بغداد التي غادرها إلى دمشق في العام 1997، وهناك أقام معرضه الشخصي الأول في العام 2000، حين حُرم من إقامة معرض له في مدينته بغداد حتى اليوم.
ثمة مدن أربع يمكن أن نسميها أعمدة حياته الفنية وهي: بغداد، عمان، دمشق، وبيروت. ولكل واحدة من هذه المدن حصة من ذاكرته وخزان إلهامه الفني، فقد أثرت كل مدينة، بحسب الزمن الذي قضاه الفنان فيها، على قطعة ما من عناصره الفنية، إذا ليس لدى “رياض نعمة” وصفة أسلوبية جاهزة، وتجربته خضعت لتحولات كثيرة ومتلاحقة، إلا أن ثمة تيمة قد تكون أساسية في عمله وهي التقاطه كل ما هو هامشي ومنسي في مشاهدات الفضاء العام اليومية.
قام “رياض نعمة” بالعديد من المعارض الفردية في عديد المدن العربية والعالمية كدمشق والكويت وبيروت وعمان وأربيل والدوحة ودبي وبراغ وغيرها، وكذا اشترك بالكثير من المعارض الجماعية في عديد البلدان ومنها: باريس وبغداد والولايات المتحدة الأميركية. كما حاز على جائزة المجلس الثقافي البريطاني في دمشق-سوريا العام 2000.
لا يتوانى الفنان عن استخدام أي مادة تغني الحسّ التعبيري الحرّ في لوحاته، من بقايا ملصقات قديمة إلى كتابات الجدارن وحتى الخربشات، كما لم يكتف “رياض نعمة” في أعماله الفنية بإظهار التناقض الحياتي واللوني، بل ذهب أبعد من ذلك عندما جعل من العمل الفني تجسيداً للشعور والدلالة والرمز، ويرى الخميسي أيضاً بأنه “مأخوذ بالحنين الذي يستثمر من خلاله مصادر الاضطرابات التي يعيشها بلده، للوقوف في وجه مجتمع بات يعاني من مشاكل معقدة”.
يبدو “رياض نعمة” كأنه يحاول عبر لوحاته أن يفسر تمسّك الفنان بالأشياء التي لم يفقدها بعد، ويسبر عبر اللون مدى صلتها بالذاكرة، فأضفى على العذاب العراقي طابعاً كونياً، حيث تبدو رسومه التعبير الأكثر تأثيراً على المستوى الجمالي عن المأساة العراقية.
بورتريهات “رياض نعمة” كذلك تقترب من دقة الصورة الفوتوغرافية ولكنها تتجاوزها لتمازج بين تفاصيل الوجوه وحكاياتها الشخصية، كأن اللوحة تنقش لحظة نفسية لصاحب أو صاحبة البورتريه على جزء من ملامح وجهه أو وجهها، وتجعل من هذه اللحظة المخلّدة وهذا الجزء من الوجه معاً عالماً قائماً بذاته.
لوحات الفنان مقتناة اليوم في الدول التالية: بغداد، بيروت، سوريا، واشنطن، لندن، الدنمارك، هولندا، الجمهورية التشيكية، الرياض، أبو ظبي، دبي، عمان، باريس، تونس، الكويت، ألمانيا، البحرين.
* عن موقع الابواب