أصول النوتة الموسيقية العربية وأوصافها:
لعل أول وصف واضح لشيء ملحَّن بالنوتة العربية هو ماجاء في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني. فقد ذكر المؤلف أن إسحاق الموصلي كتب إلى إبراهيم المهدي بجنس صوت صنعه فوصل خبره إلى إبراهيم المهدي فكتب يسأله عنه. فكتب إليه بشعره وإيقاعه وبسيطه ومجراه، وتجزئته وأقسامه ومخارج نغمه ومواضع مقاطعه ومقادير أدواره وأوزانه فغَنَّاه.
وقد جاء في وصف إسحاق الموصلي بالمرجع السابق نفسه أنه كان مغنيًّا بارعًا، وكان الغناء أصغر علومه، وأدنى ما يوسم به، وله في سائر علومه نظراء وأكفاء، وليس له في الغناء نظير، وقد لحق بمن مضى، وسبق من بقي وأوضح للناس طريقه، وسهل عليهم سبله بما ألَّف من كتب بتصحيح أجناس الغناء وطرائقه. استخرج هذا كله بتميزه حتى أتى على كل ما رسمه الأوائل مثل إقليدس ومن قبله ومن بعده من أهل العلم بالموسيقى، ووافقهم بطبعه وذهنه فيما أفنوا فيه الدهور.
ونخلص مما سبق إلى أن الملحنين العرب والمغنّين كانوا على دراية بموسيقى من سبقهم، وأنهم كانوا على علم بما وضعه الأوائل من ألحان، وأن معرفتهم لم تكن مقتصرة على موسيقى من جاورهم بل شملت موسيقى الإغريق القدامى.
ويرجّح سليم الحلو في كتابه تاريخ الموسيقى العربية (لندن عام 1929م) أن أول من أوجد علم الموسيقى العربية ابن مسجح وابن محرز المتوفيان عام 716م. وقد كان لهما عدد كبير من التلاميذ الذين تتلمذوا عليهما في الموسيقى. ومن أبرز تلاميذهم يونس الكاتب الذي يُعد أول كاتب معروف للموسيقى العربية. وتبعه ابن جامع الذي كتب مجموعات كبيرة من الأغاني، ثم جاء من بعدهم أحمد بن يحي المكي وإسحاق الموصلي.
ومجموعات هؤلاء المؤلفين تعرفنا بهوية الألحان في تلك الفترة، كما توضّح أساليبها وتراكيبها، لكنها لا تمكننا من معرفة صورتها الدقيقة. غير أن الألحان الشعبية المتواترة الموروثة، والمنتشرة في أغلب الأقطار العربية قد ساعدت الدارسين المعاصرين على التعرف على تلك الموسيقى القديمة وسلّمها وطراز ألحانها.
ولعل أفضل عربي كتب عن الموسيقى العربية هو الفيلسوف أبو نصر محمد بن إسحاق بن طرخان الفارابي، المتوفى عام 239هـ. وهو الذي ألف كتاب الموسيقى الكبير الذي قال عنه الدكتور محمود أحمد الحنفي في مقدمته "يعد أكمل ما كتبه العرب عن الموسيقى منذ ذلك التاريخ إلى وقتنا هذا".
ولعل أكثر البلاد تأثيرًا على السلم العربي هي بلاد فارس. والدليل على ذلك واضح من أسماء أصوات السلم العربي السباعي المستعمل حاليًا. فاسم الصوت السابع في السلم العربي الأوج، ويعني الصوت الأعلى أو الأكثر حدة، واسم الصوت السادس الحسيني، أما بقية الأصوات الخمسة فقد ظلّت فارسية لفترة طويلة. وتشتمل الأصوات الخمسة على كلمة كاه الفارسية، التي تعني المقام. فالصوت الخامس يُسمَّى بنجكاه، والكلمة مكونة من جزءين بنج، التي تعني خمسة أو الخامس في اللغة الفارسية، وكاه التي تعني المقام، والصوت الرابع يُسمَّى جهار كاه، وكلمة جهار معناها أربعة، وكاه معناها مقام. والصوت الثالث يُسمَّى سيكاه، وكلمة سي تعني في الفارسية ثلاثة، والصوت الثاني دوكاه وكلمة دو تعني اثنين في اللغة الفارسية. والصوت الأول يُسمَّى يكاه وكلمة يك فارسية تعني واحد.
ومن ثم فقد تغيّرت بعض أسماء هذه الأصوات كما أضيف لاحقًا صوت ثامن هو صوت الجواب، وهو في الفارسية الششكاه، وأطلق عليه العرب اسم الكردان وتعني هذه الكلمة العقد، وفي ذلك إشارة إلى اكتمال تنظيم الديوان.
غير أنه تبين لبعض الباحثين العرب، ومنهم الباحث السوري سعد الله أغا القلعة، أن بعض الكتابات العربية القديمة، وبخاصة كتابات الكندي وصفي الدين البغدادي وكتاب الأغاني، تتضمن ما يشير إلى أن أسماء السلم العربي كانت أسماء عربية، ومنها ما هو مرقم، ثم تحولت تلك الأسماء إلى فارسية بالتأثير الفارسي، مع بقاء الأصوات كما هي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن السلم الغربي قد أخذ من السلم العربي الشيء الكثير. فالأصوات الأساسية في السلم الغربي سبعة وهي: دو، ري، مي، فا، صول، لا، سي. وتتوسطها أصوات كالتي تتوسط السلم العربي. وقد أثبت هذه الحقيقة كثير ممن كتبوا عن الموسيقى العربية والغربية.
لعل أول وصف واضح لشيء ملحَّن بالنوتة العربية هو ماجاء في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني. فقد ذكر المؤلف أن إسحاق الموصلي كتب إلى إبراهيم المهدي بجنس صوت صنعه فوصل خبره إلى إبراهيم المهدي فكتب يسأله عنه. فكتب إليه بشعره وإيقاعه وبسيطه ومجراه، وتجزئته وأقسامه ومخارج نغمه ومواضع مقاطعه ومقادير أدواره وأوزانه فغَنَّاه.
وقد جاء في وصف إسحاق الموصلي بالمرجع السابق نفسه أنه كان مغنيًّا بارعًا، وكان الغناء أصغر علومه، وأدنى ما يوسم به، وله في سائر علومه نظراء وأكفاء، وليس له في الغناء نظير، وقد لحق بمن مضى، وسبق من بقي وأوضح للناس طريقه، وسهل عليهم سبله بما ألَّف من كتب بتصحيح أجناس الغناء وطرائقه. استخرج هذا كله بتميزه حتى أتى على كل ما رسمه الأوائل مثل إقليدس ومن قبله ومن بعده من أهل العلم بالموسيقى، ووافقهم بطبعه وذهنه فيما أفنوا فيه الدهور.
ونخلص مما سبق إلى أن الملحنين العرب والمغنّين كانوا على دراية بموسيقى من سبقهم، وأنهم كانوا على علم بما وضعه الأوائل من ألحان، وأن معرفتهم لم تكن مقتصرة على موسيقى من جاورهم بل شملت موسيقى الإغريق القدامى.
ويرجّح سليم الحلو في كتابه تاريخ الموسيقى العربية (لندن عام 1929م) أن أول من أوجد علم الموسيقى العربية ابن مسجح وابن محرز المتوفيان عام 716م. وقد كان لهما عدد كبير من التلاميذ الذين تتلمذوا عليهما في الموسيقى. ومن أبرز تلاميذهم يونس الكاتب الذي يُعد أول كاتب معروف للموسيقى العربية. وتبعه ابن جامع الذي كتب مجموعات كبيرة من الأغاني، ثم جاء من بعدهم أحمد بن يحي المكي وإسحاق الموصلي.
ومجموعات هؤلاء المؤلفين تعرفنا بهوية الألحان في تلك الفترة، كما توضّح أساليبها وتراكيبها، لكنها لا تمكننا من معرفة صورتها الدقيقة. غير أن الألحان الشعبية المتواترة الموروثة، والمنتشرة في أغلب الأقطار العربية قد ساعدت الدارسين المعاصرين على التعرف على تلك الموسيقى القديمة وسلّمها وطراز ألحانها.
ولعل أفضل عربي كتب عن الموسيقى العربية هو الفيلسوف أبو نصر محمد بن إسحاق بن طرخان الفارابي، المتوفى عام 239هـ. وهو الذي ألف كتاب الموسيقى الكبير الذي قال عنه الدكتور محمود أحمد الحنفي في مقدمته "يعد أكمل ما كتبه العرب عن الموسيقى منذ ذلك التاريخ إلى وقتنا هذا".
ولعل أكثر البلاد تأثيرًا على السلم العربي هي بلاد فارس. والدليل على ذلك واضح من أسماء أصوات السلم العربي السباعي المستعمل حاليًا. فاسم الصوت السابع في السلم العربي الأوج، ويعني الصوت الأعلى أو الأكثر حدة، واسم الصوت السادس الحسيني، أما بقية الأصوات الخمسة فقد ظلّت فارسية لفترة طويلة. وتشتمل الأصوات الخمسة على كلمة كاه الفارسية، التي تعني المقام. فالصوت الخامس يُسمَّى بنجكاه، والكلمة مكونة من جزءين بنج، التي تعني خمسة أو الخامس في اللغة الفارسية، وكاه التي تعني المقام، والصوت الرابع يُسمَّى جهار كاه، وكلمة جهار معناها أربعة، وكاه معناها مقام. والصوت الثالث يُسمَّى سيكاه، وكلمة سي تعني في الفارسية ثلاثة، والصوت الثاني دوكاه وكلمة دو تعني اثنين في اللغة الفارسية. والصوت الأول يُسمَّى يكاه وكلمة يك فارسية تعني واحد.
ومن ثم فقد تغيّرت بعض أسماء هذه الأصوات كما أضيف لاحقًا صوت ثامن هو صوت الجواب، وهو في الفارسية الششكاه، وأطلق عليه العرب اسم الكردان وتعني هذه الكلمة العقد، وفي ذلك إشارة إلى اكتمال تنظيم الديوان.
غير أنه تبين لبعض الباحثين العرب، ومنهم الباحث السوري سعد الله أغا القلعة، أن بعض الكتابات العربية القديمة، وبخاصة كتابات الكندي وصفي الدين البغدادي وكتاب الأغاني، تتضمن ما يشير إلى أن أسماء السلم العربي كانت أسماء عربية، ومنها ما هو مرقم، ثم تحولت تلك الأسماء إلى فارسية بالتأثير الفارسي، مع بقاء الأصوات كما هي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن السلم الغربي قد أخذ من السلم العربي الشيء الكثير. فالأصوات الأساسية في السلم الغربي سبعة وهي: دو، ري، مي، فا، صول، لا، سي. وتتوسطها أصوات كالتي تتوسط السلم العربي. وقد أثبت هذه الحقيقة كثير ممن كتبوا عن الموسيقى العربية والغربية.