الرؤيه التشكيليه ... وتجليات الفلسفه البصريه .
يعتبر العمل الفني كيان فردي ، وذات فاعليه مُسيّْطِرة اشبه بما يسميه - سارتر - " موجوداً لذاته ( pour soi ) وليس موجوداً في ذاته ( on soi ) " ومما لا شك فيه ومن خلال معايشتنا اعمال الفنان جواد الجواد ومعرضه الاخير - Expred - الذي اقيم على قاعة جمعية الفنانين التشكيلين العراقيين / فرع البصره باكثر من عشرين عملا فنياً ، بأن هناك ذاتٌ فاعلة ومتزنة وانفعال استاطيقي ؛ يزيحنا الى اللامعنى ، ويعيدنا الى ذاتنا من خلال الوعي الباطني بما تحمله دواخلنا الكامنه ، لترتيب وتهذيب العمل الفني حسب مقتضياتنا الذهنيه ، لأيجاد التطابق المنطقي ، لكنه ليس هذا التطابق لأعتماده المتناقض الفكري ، وعبثية الكتابه المعكوسه وحروفها المبهمة ، وهذا لا يكون مصادفة ، دون دراية تامة بما يريد ولا يريد ، حتى اصبح الكل داعماً للجزء واجزاءه مكملةً للكل .
هذه التجربه بمجموعة اعمالها ، أعتقد فيها شيء من الاختلاف من حيث الرؤيا والفكره ، رغم تناغمهما الفني بمراحل التكنيك ، وخصوصاً سطوح الخلفيه (البيروكرام ) كجزء منفرد بتكامله الشكلي مع بقية اعماله السابقه ، ومن بينها معرضه الاخير ( العزف على وتر اللوّن ) من خلال هرمونية تلك الالوان وهجوع فورانها الضبابي تارة واخرى تميزها الهاديء والاخاذ ، والذي ينعكس حتى على رؤية عناصره الاخرى ، مما يجعلها تتكيف عبر ذلك الادراك الفني الصحيح الذي يتجه نحو الاثر ، بأعتباره ذاتاً اخرى ، ينعتها - انت لا بل هو - بما تحقق من خلاله الجلال الجمالي ، وقدرته العاطفيه المشيده رغم نزعة التهكم الواضحه بالاشاره الى تفاصيل منتهية الصلاحيه ، لواقع يمقت كل ما تم تخريبه ؛ كأكسير قد سُلِّطَ الضزء عليه كم مجهر هذا العالم من مفاهيم .
عموماً فهذه التجربه تبدوا مشاكسة الى حدٍ ما في استخدام المتنافض الفكري ، لأنتاج لغّة بصريه مقترحه بأسلوب من الممكن تفكيك شفرته بقليل من التأمل واستحضار المفاهيم المنطقيه والانسانيه ، فهذه النصوص ليست عملية تدوينيه بتوثيقها المباشر ، بقدر ماهي انعكاس وَهمّي اشبه بفوتغرافي لصورة حالكة السواد مقلوبة إلا من خطوط شبحية لهيكلها الخارجي ( اوت لاين ) بلا معنى ، تبحث عن حقيقتها في السلوك الانساني في زمن ما ومكان ما ، وخلق تساؤلات في صناعة حوار وتفاعل مشترك ، وتحفيز مخيلة المتلقي وذاكرته ، والبحث عن اجابات مختلفه بعيداً عن التفسيرات المغلقه والانيه ،،
أحياناً نجد ان الرمزيه والموضوع ما هما إلا دعامة للسطوح ، والتي تُحسُّ بسيادتها أحياناً ، ويحدث العكس حين تشعر ان السطوح ما هي إلا ارضية لموضوع يتشكل على جدار العمل ، ولا ينتهي بتأويلات وقراءات متعدده في ذهنية المتلقي ، واذ تحيلنا ذهنية الفنان بحذلقته الفنيه ، فلا نجد إلا هذيانات تشكيليه ، انتجت جمالا استثنائياً ، ولغة بصرية تعانق الشكل والمضمون معاً ، في صياغة فنية خالصة عبرت عن شكلها الدال ودلالة الشكل بحرفية مفكر فنان ، لذا لا احاول تفكيك شفرات العمل الفني ، ولا الولوج كثيراً في اعماقه ، وانما يُشاهَد هكذا ، قطعة واحدة ، ولا الحفر والاستقصاء عن اثر الاشياء وتكويناتها التي استعان بها الفنان ليقدمها لنا عملا متكاملا ، لنقف امامه نتجول في اروقته فالعمل الفني هو الذي يجب ان تنبثق منه الأسئله ويخلق حواراً ذاتياً ، وعلينا ان نصل الى أجابات بمستوى تلك الأسئله على شكل انصهارات تفاعليه ، كما هي طبقات تلك السطوح التي تتشكل منها اللوحه .
في عوالم جواد الجواد نرى عائلته من المفردات التي تتفاعل سيميائياً فيما بينها ، تتطابق وتختلف في شأن ابداعي متفرد لتنقل لنا صورة مركبة عند نشوئها ، فنستقبلها بيسر كما السهل الممتنع ، ومن ثم تشّرع بأسئلتها ، وعقد حوار ضمني لتشتت النظرة الاولى ، ابتداءاً من عنصر " الفكر " المحوري والذي يلعب أدواراً عديده ، وحتى الحروف والعبارات الاجنبيه المعكوسه ، والنّرد الذي يأخذ في كل عمل تفسير مغاير عن الذي سبق ، انسجاماً مع العمل الذي يقبع فيه ، ليؤكد لنا عدم الانجرار الى الاستهلاك السردي والقراءة المملة الواحده ، إضافة الى طبقات السطوح التي تأخذنا في تشكيل فني جمالي متضامن فعليا مع كل مجاور ليخلق نصا فيه من الوحده والتنوع ، ما يحيلك الى اسرار ذلك التماسك الفني على جدار العمل ، ايضا من أهم العوامل التي ساهمت في تشكيل النص الفني الارتباط الوثيق بالفلسفه الفكريه ، لذلك نجد قصيدة الشاعر محمود درويش " لاعب النرد " حاضرةً تصدح طيلة ايام المعرض ، مشهد من عبودية " المسخ " لكافكا ، الذي يَجّر العربه ، هذا ومن العوامل الاخرى ايضا الخزين الثقافي السابق للفنان وقدراته الذهنيه اتجاه النسق الجمالي للمنجز الفني ، وكذلك الادراك الحسي ، وأثره العاطفي اتجاه المحيط ، بالاضافه الى الجرأة بالتعامل التجريبي مع عناصره الفنيه ، ليحقق تكامل رؤيتها التكوينيه على السطح وفق رؤيا تحرريه تجردت في عين تقاربها السردي مع اعماقه الذاتيه التي تجسد بتلك الكيانات ، من رموزه الحاضره بتناقضها ، والتي ترقص بهذيانها فوق مساحات ذلك السطح من اشلاء الموروث ، ونزعته الاجتماعيه ، المنتهي الصلاحيه . يعد (expired )
مدخل مذهل لفكرة مشتركه بين الفنان والمتلقي ؛ وبطاقة دعوى بالسماح لزيارة عقلية الفنان ، وبماذا يفكر ، وهي لعبة احسن جواد الجواد أدائها بأتقان لأسقاط السؤال الاول عند الدخول لعالمه ، ومشاركته الثقافه الفكريه مع الجميع للأرتباط ذهنياً وديناميكيا لابداع مبتكر من اصل الفكرة .
وليد الغريبي
عن صفحة الفن التشكيلي والنقد
يعتبر العمل الفني كيان فردي ، وذات فاعليه مُسيّْطِرة اشبه بما يسميه - سارتر - " موجوداً لذاته ( pour soi ) وليس موجوداً في ذاته ( on soi ) " ومما لا شك فيه ومن خلال معايشتنا اعمال الفنان جواد الجواد ومعرضه الاخير - Expred - الذي اقيم على قاعة جمعية الفنانين التشكيلين العراقيين / فرع البصره باكثر من عشرين عملا فنياً ، بأن هناك ذاتٌ فاعلة ومتزنة وانفعال استاطيقي ؛ يزيحنا الى اللامعنى ، ويعيدنا الى ذاتنا من خلال الوعي الباطني بما تحمله دواخلنا الكامنه ، لترتيب وتهذيب العمل الفني حسب مقتضياتنا الذهنيه ، لأيجاد التطابق المنطقي ، لكنه ليس هذا التطابق لأعتماده المتناقض الفكري ، وعبثية الكتابه المعكوسه وحروفها المبهمة ، وهذا لا يكون مصادفة ، دون دراية تامة بما يريد ولا يريد ، حتى اصبح الكل داعماً للجزء واجزاءه مكملةً للكل .
هذه التجربه بمجموعة اعمالها ، أعتقد فيها شيء من الاختلاف من حيث الرؤيا والفكره ، رغم تناغمهما الفني بمراحل التكنيك ، وخصوصاً سطوح الخلفيه (البيروكرام ) كجزء منفرد بتكامله الشكلي مع بقية اعماله السابقه ، ومن بينها معرضه الاخير ( العزف على وتر اللوّن ) من خلال هرمونية تلك الالوان وهجوع فورانها الضبابي تارة واخرى تميزها الهاديء والاخاذ ، والذي ينعكس حتى على رؤية عناصره الاخرى ، مما يجعلها تتكيف عبر ذلك الادراك الفني الصحيح الذي يتجه نحو الاثر ، بأعتباره ذاتاً اخرى ، ينعتها - انت لا بل هو - بما تحقق من خلاله الجلال الجمالي ، وقدرته العاطفيه المشيده رغم نزعة التهكم الواضحه بالاشاره الى تفاصيل منتهية الصلاحيه ، لواقع يمقت كل ما تم تخريبه ؛ كأكسير قد سُلِّطَ الضزء عليه كم مجهر هذا العالم من مفاهيم .
عموماً فهذه التجربه تبدوا مشاكسة الى حدٍ ما في استخدام المتنافض الفكري ، لأنتاج لغّة بصريه مقترحه بأسلوب من الممكن تفكيك شفرته بقليل من التأمل واستحضار المفاهيم المنطقيه والانسانيه ، فهذه النصوص ليست عملية تدوينيه بتوثيقها المباشر ، بقدر ماهي انعكاس وَهمّي اشبه بفوتغرافي لصورة حالكة السواد مقلوبة إلا من خطوط شبحية لهيكلها الخارجي ( اوت لاين ) بلا معنى ، تبحث عن حقيقتها في السلوك الانساني في زمن ما ومكان ما ، وخلق تساؤلات في صناعة حوار وتفاعل مشترك ، وتحفيز مخيلة المتلقي وذاكرته ، والبحث عن اجابات مختلفه بعيداً عن التفسيرات المغلقه والانيه ،،
أحياناً نجد ان الرمزيه والموضوع ما هما إلا دعامة للسطوح ، والتي تُحسُّ بسيادتها أحياناً ، ويحدث العكس حين تشعر ان السطوح ما هي إلا ارضية لموضوع يتشكل على جدار العمل ، ولا ينتهي بتأويلات وقراءات متعدده في ذهنية المتلقي ، واذ تحيلنا ذهنية الفنان بحذلقته الفنيه ، فلا نجد إلا هذيانات تشكيليه ، انتجت جمالا استثنائياً ، ولغة بصرية تعانق الشكل والمضمون معاً ، في صياغة فنية خالصة عبرت عن شكلها الدال ودلالة الشكل بحرفية مفكر فنان ، لذا لا احاول تفكيك شفرات العمل الفني ، ولا الولوج كثيراً في اعماقه ، وانما يُشاهَد هكذا ، قطعة واحدة ، ولا الحفر والاستقصاء عن اثر الاشياء وتكويناتها التي استعان بها الفنان ليقدمها لنا عملا متكاملا ، لنقف امامه نتجول في اروقته فالعمل الفني هو الذي يجب ان تنبثق منه الأسئله ويخلق حواراً ذاتياً ، وعلينا ان نصل الى أجابات بمستوى تلك الأسئله على شكل انصهارات تفاعليه ، كما هي طبقات تلك السطوح التي تتشكل منها اللوحه .
في عوالم جواد الجواد نرى عائلته من المفردات التي تتفاعل سيميائياً فيما بينها ، تتطابق وتختلف في شأن ابداعي متفرد لتنقل لنا صورة مركبة عند نشوئها ، فنستقبلها بيسر كما السهل الممتنع ، ومن ثم تشّرع بأسئلتها ، وعقد حوار ضمني لتشتت النظرة الاولى ، ابتداءاً من عنصر " الفكر " المحوري والذي يلعب أدواراً عديده ، وحتى الحروف والعبارات الاجنبيه المعكوسه ، والنّرد الذي يأخذ في كل عمل تفسير مغاير عن الذي سبق ، انسجاماً مع العمل الذي يقبع فيه ، ليؤكد لنا عدم الانجرار الى الاستهلاك السردي والقراءة المملة الواحده ، إضافة الى طبقات السطوح التي تأخذنا في تشكيل فني جمالي متضامن فعليا مع كل مجاور ليخلق نصا فيه من الوحده والتنوع ، ما يحيلك الى اسرار ذلك التماسك الفني على جدار العمل ، ايضا من أهم العوامل التي ساهمت في تشكيل النص الفني الارتباط الوثيق بالفلسفه الفكريه ، لذلك نجد قصيدة الشاعر محمود درويش " لاعب النرد " حاضرةً تصدح طيلة ايام المعرض ، مشهد من عبودية " المسخ " لكافكا ، الذي يَجّر العربه ، هذا ومن العوامل الاخرى ايضا الخزين الثقافي السابق للفنان وقدراته الذهنيه اتجاه النسق الجمالي للمنجز الفني ، وكذلك الادراك الحسي ، وأثره العاطفي اتجاه المحيط ، بالاضافه الى الجرأة بالتعامل التجريبي مع عناصره الفنيه ، ليحقق تكامل رؤيتها التكوينيه على السطح وفق رؤيا تحرريه تجردت في عين تقاربها السردي مع اعماقه الذاتيه التي تجسد بتلك الكيانات ، من رموزه الحاضره بتناقضها ، والتي ترقص بهذيانها فوق مساحات ذلك السطح من اشلاء الموروث ، ونزعته الاجتماعيه ، المنتهي الصلاحيه . يعد (expired )
مدخل مذهل لفكرة مشتركه بين الفنان والمتلقي ؛ وبطاقة دعوى بالسماح لزيارة عقلية الفنان ، وبماذا يفكر ، وهي لعبة احسن جواد الجواد أدائها بأتقان لأسقاط السؤال الاول عند الدخول لعالمه ، ومشاركته الثقافه الفكريه مع الجميع للأرتباط ذهنياً وديناميكيا لابداع مبتكر من اصل الفكرة .
وليد الغريبي
عن صفحة الفن التشكيلي والنقد