مناسبة مرور خمسين عاماً على إنتاجه ( عام 1972 ) كواليس فيلم ( العرّاب The

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مناسبة مرور خمسين عاماً على إنتاجه ( عام 1972 ) كواليس فيلم ( العرّاب The

    بمناسبة مرور خمسين عاماً على إنتاجه ( عام 1972 )
    كواليس فيلم ( العرّاب The Godfather )

    في العام 1969 ، أصدر الكاتب الأمريكي ( إيطالي الأصل ) " ماريو بوزو " ( 1920 ــ 1999 ) عمله الروائي ( العرّاب ) ــ الأب الروحي ــ الذي طُبعت 9 ملايين نسخة منه خلال عامين ، و ظل لعدة أعوام العمل الأكثر مبيعاً في التاريخ خلال تلك الفترة ، حتى أنها تجاوزت العشرين مليون نسخة من المبيعات حول العالم . و ما زاد الرواية شهرة هو تحويلها عام 1972 الى فيلم سينمائي روائي طويل ( ساعتان و 55 دقيقة ) على يد المخرج الأمريكي ــ ذي الأصول الإيطالية ــ " فرنسيس فورد كوپولا " الذي كتب سيناريو الفيلم بالتعاون مع الكاتب " ماريو بوزو " نفسه . و الفيلم الذي بلغت ميزانيته حوالي 7 ملايين دولار قفزت إيراداته الى ما يقترب من 300 مليون دولار .
    شكّل هذا الفيلم حدثاً مفصلياً في تاريخ السينما من حيث موضوعه الذي تغلغل في أروقة المافيا ، و السيناريو المحبوك ، و الموسيقى الرائعة التي وضعها الإيطالي البارع " نينو روتا " ( 1911 ــ 1979 ) ، و التصوير الدقيق بكاميرا " گودران ويلز " ( 1931 ــ 2014 ) ، و الممثلين المقتدرين الذين في مقدمتهم " مارلون براندو " ( 1924 ــ 2004 ) و " آل باچينو " و " روبرت دوڤال " و " جيمس كآن " و " ريچارد كاستيلانو " و غيرهم من نجوم تلك المرحلة الذين تم اختيارُهم بدقة و عناية بالغتين ، و تحدٍ و عناد أيضاً . فكل هذه العناصر خضعت لإدارة المخرج القدير " فرنسيس فورد كوپولا " الذي قدم لتاريخ السينما فيلماً ملحمياً فخماً . و ها قد مر نصفُ قرن على تاريخ إنتاج هذ الفيلم و هو مايزال طرياً يشغل حديث المعنيين بالسينما .. و سيبقى .
    و بمناسبة مرور خمسين عاماً على انتاج فيلم ( العراب ) قامت شركة ( پاراماونت پيكچرز ) المنتجة للفيلم بترميم نسخته الأصلية ، للحفاظ عليها تاريخياً ، و قد استغرق الترميم نحو 5 آلاف ساعة و تحت إشراف المخرج " كوپولا " نفسه .
    عندما أصدر " ماريو بوزو " روايته ، كان في الخامسة و الأربعين من عمره ، و لم يكن الرجلُ ليتوقع أن تلقى الرواية كلَّ هذا الصدى الكبير و يحصل على ما حصل عليه من أموال ، و قد كانت عليه ديون تبلغ نحو 20 ألف دولار ، معظمها ديون قمار ، فاشترت منه شركة الإنتاج ( پاراماونت پيكچرز ) حقوق الرواية بمبلغ 80 ألف دولار ، قبل أن تقفز مبيعاتها الى الملايين . و هي رواية تتناول موضوعاً فريداً يتعلق بالحياة الأسرية لإحدى عصابات المافيا . ولكن الغريب إن أحداث الرواية لم تحصل على أرض الواقع كما كان الجميع يظن ، ذلك أن كل ما نسجه الكاتب في الرواية ــ من شخصيات و أحداث ــ إنما كان من خيوط خياله ، فقد اعترف في كتابه اللاحق ( أوراق العراب و اعترافات أخرى ) أنه لم يلتقِ في حياته رجلاً واحداً من عصابات المافيا ، و قال بالنص ( أشعر بالخجل من الاعتراف بأنني كتبت " العراب " كاملاً من خلال البحث ، إذ لم أقابل أبداً رجلَ عصابات حقيقياً ) . و زاد في حديث لصحيفة ( نيويورك تايمز ) بأنه استوحى شخصية " كورليوني " التي لعب دورها " مارلون براندو " من شخصية والدته . و أضاف بأنه حتى عندما كان يسمع " براندو " يتحدث .. فإنه كان يسمع صوت أمه " ماريا " المولودة في ناپولي .
    صحيح إن " ماريو بوز " صرح بأنه استوحى شخصية " كورليوني " من شخصية والدته ، ولكن الشخصية الحقيقية المُلهمة هي شخصية رجل العصابات ايطالي الأصل " فرانك مارسيلو " ( 1891 ــ 1973 ) ، الذي تنطبق سيرته و مواصفاته على " كورليوني " ، و كلاهما ولد في العام 1891 و كلاهما توفي بالنوبة القلبية ، ولكن " ماريو بوزو " أماته في الرواية عام 1955 في حين أن " فرانك مارسيلو " مات ــ واقعياً ــ عام 1973 . أما الشخصية الأقرب ــ سينمائياً ــ الى " كورليوني " كما جاءت في الرواية فهي شخصية الممثل " مارلون براندو " الذي نال جائزة الأوسكار كأفضل ممثل في دور رئيس عن دوره هذا . ولكن ــ كما هو معروف ــ فإن " براندو " ــ و هو ناشط مدني ــ رفض الجائزة احتجاجاً على معاملة الحكومة الأمريكية تجاه الهنود الحمر و على نظرة هوليوود الإستعلائية تجاههم في أفلامها ، فأرسل الممثلة الأمريكية " ساشين ليتلفيثر " ( أصلها من الهنود الحمر ) نيابة عنه لتعلن رفضه الجائزة .
    كانت رغبة إدارة الإنتاج أن يكون الفيلم ( عرقياً حتى النخاع ) ، أي أن يكون ذا روح إيطالية ، كون " كورليوني " و عائلته من أصل إيطالي و معظم رؤساء و عائلات و أفراد عصابات المافيا هم من أصول إيطالية ، و كاتب الرواية إيطالي الأصل أيضاً، لذلك استُبعد " كيرك دو گلاس " ــ مثلاً ــ كونه أمريكياً . و قد عُرض سيناريو الفيلم على عدد من المخرجين ، ولكنهم رفضوه واحداً تلو الأخر . فقد رفض الإيطالي " سرجيو ليون " ( 1929 ــ 1989 ) إخراجه لتفضيله فيلم ( ذات مرة في أمريكا ) ، و رفضه ــ أيضاً ــ الأمريكي " پيتر بوگدانوڤيتش " لعدم اكتراثه بالمافيا ، كما عُرض الفيلم على مخرجين آخرين فرفضوا إخراجه ، منهم : الأمريكي " أوتو بريمينـ گر " ( 1905 ــ 1986 ) و البريطاني " بيتر ييتس " ( 1929 ــ 2011 ) و الأمريكي " آرثر بن " ( 1922 ــ 2010 ) و اليوناني " كوستا گافراس " و الأمريكي " ريـ چارد بروكس " ( 1912 ــ 1992 ) .
    بعد هذه السلسلة طُرح إسم " فرنيسس فورد كوبولا " الذي كان يرى ــ أول الأمر ــ أن ( العرّاب ) رواية مهلهلة ، ولكنه وافق في النهاية مقابل 125 ألف دولار و 6% من مردودات الفيلم . فأخرج تحفة مذهلة باتت علامة فارقة في تاريخ السينما ، فبلغت المردودات نحو 300 مليون دولار .
    عندما شرعت شركة ( پاراماونت پيكچرز ) بإنتاج الفيلم كانت تمر بوضع مالي غير مريح بالنسبة للقائمين عليها بسبب انتاجها أفلاماً لم تلق النجاح المطلوب ، فانعكس ذلك على ميزانية فيلم ( العراب ) ، فتم تخصيص 2.5 مليون دولار فقط ، فطالب " كوبولا " برفع مقدار الميزانية ، خصوصاً بعد الشهرة التي نالتها الرواية و ارتفاع مبيعاتها ، و كانت الشركة قد قررت أن تبنى المدينة في الأستوديو فرفض " كوبولا " ذلك ، و أصر على التصوير في أماكن تتلاءم مع أجواء الأربعينيات و الخمسينيات حيث تدور الأحداث ، فسُمحَ له التصوير في جزيرة صقلّية الإيطالية و نيويورك التي تم تصوير نحو 90% من مشاهد الفيلم فيها . و صقلّية ــ كما هو معروف ــ هي مهد عصابات المافيا في العالم . و يُفترَض أن ( العرّاب ) " فيتو كورليوني " قد ولد فيها بتاريخ 29 إبريل / نيسان 1891.. حسب رواية " ماريو بوز " ( العرّاب ) .
    كان وضع " كوبولا " حرجاً مع شركة الإنتاج ، و كان يتوقع طرده في أي يوم ، خصوصاً و أنها استكثرت صرف 40 ألف دولار يومياً ، لذا وضعت الصرفيات تحت المراقبة و التدقيق الشديدين . و كان " كوبولا " يشعر أن مساعده " ستيف كستنر " و محرر الفيلم " آرام أفاكيان " يتآمران من أجل الإيقاع به كي يتم طرده . في هذه الدائرة أدرك " مارلون براندو " حجم التآمر فهدد بالإنسحاب من الفيلم إذا ما تم طرد " كوبولا " .
    كان كاتب الرواية " ماريو بوزو " قد وجد في " مارلون براندو" النجم الأشد ملاءمة لتجسيد شخصية " كورليوني " ولكن القائمين على شركة الإنتاج رفضوا هذا الترشيح استناداً الى ضعف أدواره الأخيرة . بدوره قام المخرج " كوبولا " بتأكيد ترشيح " براندو " ، و رشح ــ أيضاً ــ " لورنس أوليڤيه " ولكن وكيله زعم أنه مريض و لا يمكنه لعب الدور . عليه وجد " كوبولا " نفسه في موقف تحدٍ للشركة و الإصرار على ترشيح " مارلون براندو " . ولكن الجدل استمر شهوراً بين المخرج و الشركة ، فطُرح إسم الممثل الأمريكي من أصول إيطالية " إرنست بور گنين " ( 1917 ــ 2012 ) كمنافس لـ " براندو " . و لكي يقترب " براندو " من شخصية " كورليوني " وضع ــ أثناء الإختبار ــ كرتي قطن في فمه لنفخ خديه و صبغ شعره بصبغ الأحذية ، و مرّر " كوبولا " لقطاته في منتصف شريط الإختبار ، فكان موفقاً في إقناع الشركة بإسناد الدور الى " براندو " . كما أن " كوبولا " كان يريد إسناد دور المحامي " توم ها گن " الى " روبرت دو ڤال " فكان له ذلك . و مع اقتراب موعد التصوير كان ترشيح أو إزاحة أسماء قد حُسم ، و كان " كوبولا " قد قرر إسناد دور " مايكل كورليوني " الى " آل باچينو " ، و هو ما حصل ، و عن هذا الدور ترشح " باچينو " لأوسكار أفضل ممثل في دور ثانوي ، في حين كان المنتج " روبرت ايـڤانز " يرى أن الدور يجب أن يُسنَد الى ممثل ذائع الصيت مثل " روبرت ريدفورد " أو " رايان أونيل " . و خضع " داستن هوفمان " و " مارتن شِن " و " جيمس كان " للإختبار ، و طُرح إسم " بيرت رينولدز " ( 1936 ــ 2018 ) ولكن " مارلون براندو " هدد بالإنسحاب في حال إسناد الدور الى " رينولدز " . و في النهاية آل الدور الى " آل باچينو " .
    هذا يعني أن الشركة المنتجة " ( پاراماونت پيكچرز ) التي اشترت أوراق ( العراب ) ، بقليل من الإهتمام ، وجدت نفسها في دائرة الجد عندما تصاعد الإهتمام بالرواية و قد ذاع صيتها و تزايدت طبعاتها ، خصوصاً و أن كاتبا سيناريو الفيلم هما مؤلف الرواية " ماريو بوزو " نفسه و مخرجه " فرنسيس كوبولا " . فباتت الشركة حريصة ــ من ناحية الربح التجاري ــ على الدقة العالية في اختيار الممثلين . غير أن المخرج " كوبولا " كان ينظر الى الفيلم بغير العين التي تنظر بها الشركة . ولكن سُجل على " كوبولا " أنه كاد أن يجعل الفيلم عائلياً حين منح أدواراً لأخته و والده و إبنته و زوجته و والدتها و إبناها .. لولا أن تلك الأدوار كانت عابرة .
    في المحصلة صنع المخرج " فرنسيس فورد كوبولا " تحفة سينمائية خالدة في تاريخ السينما ، و في العام 1974 تم إصدار جزء ثان للفيلم ولكنه كان أقل ألقاً من الجزء الأول ، أما الجزء الثالث الذي صدر عام 1990 فكان أقل ألقاً من الجزئين كلاهما .
    وفي العام 1990 تم الإحتفاظ بالفيلم في السجل الوطني للأفلام في مكتبة الكونگرس الأمريكي لأهميته ( الثقافية و التاريخية و الجمالية ) .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    اليــكم رابــط الفيــلــم ،
    الجزء الأول ( 1972 ) :
    https://ok.ru/video/1814276606718

يعمل...
X