النحات حسام نصرة منحوتات تعبيرية تجمع بين جمال الكتلة وقوة الفكرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النحات حسام نصرة منحوتات تعبيرية تجمع بين جمال الكتلة وقوة الفكرة

    النحات السوري حسام نصرة يشكّل من الصلب أجسادا تروي مأساة وطن


    الفنان السوري لا يطلق على منحوتاته بعد أن ينجزها اسما، كي تبقى أكثر إيحاء وتحمل جذورا توحي بالتمسك بالأرض
    ​ منحوتات تعبيرية تجمع بين جمال الكتلة وقوة الفكرة

    ما تصنعه يد الفنان، هو ببساطة إسقاط فكري للجمال من حوله وداخله، فإذا كانت الرؤية البصرية على قدر ما اختزنت البصيرة يخرج إلى النور بمزيج من الفكر والفن والإبداع، وهو ما يشكّله النحات السوري حسام نصرة عبر مجسماته التي تتناول الصلب من المواد لتصنع منه أشكالا طيعة ومطواعة خامة ومعنى.

    دمشق – النحت وسيلة تعبيرية بيد الفنان كما هي الكلمة بالنسبة للشاعر والكاتب، ولاسيما إن كانت فكرة العمل تتصل بموضوع ضارب في القدم وقابل للتجدّد كالمرأة والخصوبة والأرض.

    ومن هذا المنطلق يحدّد الفنان التشكيلي السوري حسام نصرة تجربته النحتية إيمانا منه بأن النحات يعبّر بالقطعة التي يبدعها عمّا يعتمل في داخله ويحوّلها إلى رسائل فنية تخاطب الإنسان والمجتمعات قاطبة.

    ولدى نصرة شغف كبير بتقديم منعكسات العوالم الداخلية للإنسان من خلال منحوتاته التعبيرية التي تحمل جمال الكتلة وقوة الفكرة في الوقت ذاته، وهو الذي يشكّل من مادة البرونز نساءه اللاتي يتّقدن أنوثة وخصوبة.



    حسام نصرة يرى المرأة وجها آخر لوطنه سوريا، ويستطيع من خلالها أن يحملها ما يشاء من الرموز والمعاني


    وحول حضور الأنثى في أعماله يوضّح نصرة أن المرأة حظيت بمكانة كبيرة عند السوريين منذ القدم، وهذا يظهر في المكتشفات واللقى الأثرية التي وجدت منذ الآلاف من السنين، حيث كانت لها قدسية كبيرة واعتبرت رمزا للخصوبة والعطاء وظهرت شخصيات نسائية أثّرت في البشرية والحضارة الإنسانية كجوليا دومنا وزنوبيا، فضلا عن الأساطير وكانت بطلاتها من الإناث مثل عشتار.

    ويرى النحات السوري أن المرأة وجه آخر للوطن، ويستطيع أن يحمّلها ما يشاء من الرموز والمعاني وأن يبحر في حركات الجسد والرأس واليدين والعينين بما توحي من الخصوبة والجمال.

    وفي منحوتات نصرة تركيز تام على إظهار الحالات الإنسانية بوضعياتها المختلفة، إلى جانب التشكيلات الفراغية الحيوانية، وهو بذلك لا يجسد العناصر (وخاصة الأجساد) على الطريقة التقليدية، وإنما يجسّد الإحساس بمرارة الواقع الراهن، مؤكدا مشاعره وأحاسيسه وعفوية لمساته وتصوّراته، التي تلامس روح العناصر، في لحظة تحريفها وتحويرها للوصول إلى التعبير الفني المطلوب.

    وحول انتصاره كفنان إلى الدراسة الأكاديمية أم الموهبة؟ وهو الذي يعدّ عصامي التكوين، يقول النحات السوري “العلم مهم جدا، ولكن الثقافة الفطرية والعفوية والتجلي يعكسان ذات الفنان وقدراته أيضا”، مشيرا إلى تجربة شيخ النحاتين السوريين سعيد مخلوف الفطرية والتي أتاحت له ترك بصمته على المحترف الفني السوري، فهو أول من مزج خامتي الخشب والحجر وهناك فنانون كثر تأثّروا بتجربته.

    وعن أعماله التي تناول فيها الأرض يشير إلى أنها توحي بصورة رمزية إلى الثقافة السورية المشبعة بالحضارة والفكر والعطاء، لذلك عندما ينجز منحوتة لا يطلق عليها اسما كي تبقى أكثر إيحاء ومتعددة المعاني وتحمل جذورا توحي بالتمسك بالأرض.

    ونصرة الذي كان يفضل العمل بمادة البرونز دفعه غلاء هذه المادة في السنوات الأخيرة إلى اختيار خامة الحجر الصناعي لأنه مادة مطواعة، مبينا أن ما يعطي للعمل جماليته عند إنجازه هو اللمسات الأخيرة التي تأتي بعد مرحلة السكب.

    كما يميل نصرة لعمل المنحوتات من الأحجام الصغيرة لأنها أنسب للاقتناء المنزلي وأكثر تداولا، لافتا إلى أن أكثر ما يهمّه في الظرف الراهن، ولاحقا أيضا، هو أن يحقّق بصمة وأن يعرف المتلقي أن هذا العمل له من غير أن يرى توقيعه.

    ولأن نصرة يصنّف نتاجه ضمن المدرسة التعبيرية، ولاسيما جسد الأنثى ويجد نفسه متخصصا فيه، فهو لا يحبذّ أن يغير الفنان أسلوبه مع كل عمل وينتقل فجأة من مدرسة إلى أخرى.

    وهو بذلك يرفض اتجاه بعض الفنانين لنسخ منحوتات عالمية، لأن الفن كما يراه “حالة إبداعية يجب أن تحقّق تكاملا بين الحرفية والإبداع”، مشيرا إلى وجود منحوتات تكنيكها عال ولكن قيمتها الفنية ضعيفة، وبالمقابل هناك أعمال فطرتها جميلة ولكنها ضعيفة تقنيا لجهة السكب والتلوين والقاعدة والنسب وغيرها.

    وعن تأثيرات الحرب في سوريا على منجزه الفنّي، يقول “منذ بداية الأزمة ومشاهدتنا كمّ الخراب والدمار في مناحي الحياة كافة، والإنسان في رأس قائمتها، أخذت أعمالي مسارا جديدا، حيث بدت الأعمال متقوقعة وخائفة، والشخوص منطوية على ذواتها. وظهرت الأجساد بحركات توحي بالعذاب والقهر والقلق والترقّب، ولا يخلو بعضها من حركات منطلقة ترمي إلى التفاؤل والأمل”.

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	hou2 (1).jpg 
مشاهدات:	17 
الحجم:	119.0 كيلوبايت 
الهوية:	26673
    الفراغ لا يعني الخواء من المعنى


    ويعتبر نصرة أن الفن النحتي في المشرق تأخّر عن نظيره التشكيلي رغم أنه مغرق في القدم، معيدا ذلك إلى الأثر المدمّر للاحتلال العثماني الذي ظل جاثما على الصدور زهاء أربعة قرون، حارب فيها الفن وأدّى إلى قطيعة مع التراث العربي، لذلك نهل النحاتون في مطلع القرن الماضي من الغرب وتأثّروا بمدارسه ولم تحمل أعمالهم هوية مشرقية.

    ويضيف مؤكّدا “لا يختلف اثنان على تأثّر جيل الشباب من الفنّانين بالحداثة الغربية، ويعود ذلك برأيي إلى غياب الهوية التشكيلية السورية الخاصة والمتبلورة بشكل كامل، مع وجود كمّ هائل من الضخّ الثقافي وغيره الآتي من الغرب. في وقت نملك فيه جميع الاعتبارات لتكوين هوية ثقافية بصرية سورية خاصة بنا من التاريخ الحافل إلى التراث الفني وصولا إلى الفنان السوري المتميّز”.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	hou3 (1).jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	168.6 كيلوبايت 
الهوية:	26674
    والنحات السوري حسام نصرة من مواليد عام 1978 درس النحت والفن التشكيلي دراسة خاصة، وتخرّج من مركز أحمد وليد عزت للفنون التطبيقية، وله العديد من الأعمال المميزة التي انتشرت داخل سوريا وخارجها، حصل على جائزة معرض الربيع السنوي للنحت خان أسعد باشا لعام 2015 وهو مشارك دائم في هذا المعرض.

    كما أنه عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين وقد شارك في العديد من المعارض الهامة كمعرض “الفصول الخمسة” في صالة الشعب عام 2009، وصالة الرواق العربي (2010) والمركز الثقافي في جرمانا (2013)، ومعرض الخريف السنوي (2016)، ومعرض “حالة حبق” في غاليري ألف نون بدمشق (2017)، وأعماله مقتناة داخل سوريا وخارجها.
يعمل...
X