أطفال الأنابيب أمل لمن حرموا زينة الحياة
تؤرق قضية عدم الإنجاب حياة كثير من الأزواج، خصوصاً في مجتمعنا الشرقي الذي قد تتحول فيه هذه القضية إلى معضلة تهدد استقرار الأسرة وتبدد سعادتها. وكلما طالت فترة عدم الإنجاب ازدادت هذه المعضلة تعقيداًً وأصبحت تبعاتها الأسرية والاجتماعية لا تطاق
من المعروف أن 85% من الأزواج ينجحون في إحداث حمل بشكل طبيعي خلال السنة الأولى من الزواج دون اللجوء إلى المساعدة الطبية. أما النسبة المتبقية فيضطرون إلى اللجوء إلى الاستشارة والتدخل الطبي في عيادة علاج العقم والمساعدة على الإخصاب، والنسبة الأكبر منهم يتم علاجهم بالعلاج التقليدي والكلاسيكي للعقم وذلك بالتوجيه والمشورة الطبية واستخدام بعض العقاقير المساعدة على الحمل والمنشطة للمبايض عند الزوجة والخصيتين عند الرجل وذلك بعد التقييم الطبي الكامل وإجراء الفحوص السريرية والمخبرية والإشعاعية اللازمة ومعرفة سبب عدم الإنجاب أو العقم. وفي العادة يكون 35-40% من الحالات متعلقة بالزوجة و30-35% بالزوج، والنسبة الباقية متعلقة بالاثنين معاً وبعضها يكون غير واضح السبب.
ولكن عند فشل كل ما ذكر أعلاه واستنفاذ كافة الوسائل التقليدية للعلاج، هل يبقى الزوجان محرومين من هذه النعمة أم أن هناك وسائل علاجية غير تقليدية تعيد الأمل للأسر المحرومة منها؟
كان الإنجاز الكبير الذي حققه العالمان ستبستو وادوارد في مضمار أطفال الأنابيب عام 1978 نقطة تحول في طب الإخصاب والمساعدة على الحمل، وبهذا النجاح لاحت في الأفق آمال كبيرة للأزواج الذين حرموا من الإنجاب، وتواصلت بعدها منجزات الطب فأصبح بالإمكان علاج العقم المعروفة أسبابه والمجهولة منها عن طريق أطفال الأنابيب.
ماذا نعني بأطفال الأنابيب؟
هو إخصاب البويضة (من الزوجة) بالحيوان المنوي (من الزوج) في أنبوب اختبار (في المختبر) ثم اعادة البويضة الملقحة (الجنين) إلى الأم بعد يومين إلى خمسة أيام من عملية التلقيح المجهري خارج الرحم، وذلك بعد إجراء الفحوصات المختلفة للزوج والزوجة من فحص الدم وفحص الرحم وقنوات فالوب عند الزوجة وفحص الحيوانات المنوية للزوج والتأكد من تعذر الحمل بالطرق التقليدية الأكثر بساطة.
ما الحالات المرشحة للعلاج بطريقة أطفال الأنابيب؟
من الضروري أن تكون الزوجة قادرة على إنتاج البويضات والزوج قادر على إنتاج حيوانات منوية. الحالات المناسبة للعلاج بهذه الطريقة تشمل:
- السيدات التي تكون قناة فالوب لديهن مغلقة أو تالفة فلا تسمح للحيوانات المنوية بالوصول للبويضة لاخصابها.
- بعض السيدات المصابات بمرض بطانة الرحم المهاجرة.
- الرجال الذين يعانون من العقم نتيجة نقص في عدد وحركة الحيوانات المنوية.
- الرجال الذين تتولد لديهم أجسام مضادة للحيوانات المنوية.
- حالات العقم غير واضحة الأسباب.
- كبر سن الزوجة (بعد 35 سنة).
- أسباب أخرى يتعذر بوجودها حدوث الحمل بشكل طبيعي.
خطوات الإخصاب خارج الجسم (أطفال الأنابيب):
أولاً: تحريض الإباضة ويقصد بذلك تحفيز المبيض لتكوين عدد كاف ونوعية جيدة من البويضات وذلك عن طريق برامج من الحقن الهرمونية اليومية وتوفير الضبط اللازم للهرمونات (منع حدوث الإباضة المبكرة).
ثانياً: سحب البويضات عن طريق الفحص التلفزيوني المهبلي وتحت التخدير العام بعد مرور 34-36 ساعة من إعطاء حقن إسقاط البويضات، حيث يتفاوت عدد البويضات من زوجة لأخرى (من بويضة واحدة إلى أكثر من 20 بويضة).
ثالثاً: تلقيح البويضات (بعد تنظيفها مما علق بها من شوائب بمواد معينة في المختبر) بالحيوانات المنوية من الزوج. ويمكن أن يتم ذلك بطريقتين:
- الإخصاب الكلاسيكي، حيث يكتفى بوضع آلاف الحيوانات المنوية حول البويضة ليقوم واحد منها باختراقها تلقائيا دون مساعدة.
- الحقن المجهري (الأكثر استعمالاً هذه الأيام)، حيث يتم حقن حيوان منوي واحد داخل كل بويضة بواسطة إبرة مرتبطة بمجهر ذي قدرة عالية على التكبير بعد إزالة الخلايا الملاصقة للبويضة.
قبل سحب البويضات بفترة قصيرة يعطي الزوج عينة السائل المنوي ويتم التعامل معها مخبرياً لانتفاء الحيوانات المنوية الجيدة. وفي حال خلو السائل منها يخضع الزوج لعملية جراحية لاستخلاصها من البربخ أو الخصية.
وتوضع البويضات الملقحة في حاضنات فيها كل الظروف الملائمة لانقسامها ونموها وتكوين الأجنة لعمر يومين إلى خمسة أيام. وتفحص هذه الأجنة يومياً لمراقبة انقسامها، ثم يتم اختيار الأجنة الأفضل لإرجاعها إلى الرحم.
رابعاً: إعادة الأجنة إلى الرحم، وتتم بعد يومين إلى خمسة أيام من وجودها في الحاضنة حيث ينصح في هذه المرحلة بإعادة 2-4 أجنة في عمر يومين إلى ثلاثة أيام أو 1-2 جنين في عمر خمسة أيام. ويعتمد عدد الأجنة المرجعة على عدة عوامل منها عمر الزوجة، ومدى جودة الأجنة، وعدد المحاولات الفاشلة سابقاً. وما تبقى من الأجنة يتم تجميدها لاستعمالها في المرات القادمة.
تعاد الأجنة إلى الرحم باستخدام أنبوب دقيق يتم إدخاله إلى تجويف الرحم من خلال عنق الرحم حيث تستغرق هذه العملية عدة دقائق ولا تحتاج إلى تخدير كونها غير مؤلمة، وتبقى الزوجة مستلقية على ظهرها لمدة ساعتين.
خامساً: مرحلة تثبيت الأجنة، إذ تعطى الزوجة بعض الأدوية المثبتة للحمل للمساعدة على استيعاب الأجنة المرجعة.
بعد مرور أسبوعين من إرجاع الأجنة يتم فحص دم الزوجة لمعرفة حدوث حمل أو لا. وبعد أسبوع من فحص الدم الإيجابي يمكن رؤية الحمل وعدد الأجنة بالفحص التلفزيوني.
تعليق