"بشير بدوي".. لوحات ببعد زمني عريق
كانت بيئته مصدر إلهام له، فقد جسد رؤيته الجمالية والفنية من خلال ألوانه وريشته، حيث استهوته اللوحات العالمية منذ الصغر، فعبّر عنها بطريقته الخاصة، واستخدم تقنيات متنوعة بلوحاته، كالخشب العتيق، والألوان الزيتية، وبعض الأكاسيد المعدنية، وغيرها.
مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 30 تشرين الثاني 2018، مع التشكيلي "بشير بدوي" ليحدثنا عن مسيرته الفنية، فقال: «بدأت الرسم بتأثير من الصور الفوتوغرافية والمشاهد المرسومة على السجاد ورسومات الطبيعة والقديسين، في البداية بدأت تقليد ما أشاهده وأرسمه بقلم الرصاص والتلوين، وبعد تطور مهاراتي انتقلت إلى الرسم بألوان الباستيل، ورسمت صورة لوالدي، ومناظر طبيعية مأخوذة من بطاقات بريدية. كان لخالي التشكيلي "جرجس قصبجي" دور كبير في صقل موهبتي، فقد علمني أشياء كثيرة في الحياة وفن الرسم والحفر على الخشب، واستخدام الألوان الزيتية، فكانت أولى محاولاتي بها أنني مزجت الألوان بزيت الزيتون، ولونت إطار إحدى اللوحات، وانزعجت لأن اللون لم يجفّ؛ حيث عرضت الأمر على خالي، فشرح لي الفرق بين زيت الطبخ وزيت الرسم، ورسمت في تلك المرحلة أعمال الانطباعيين، أمثال: "مونيه"، و"رينوار"، و"دغاس"، وبعض وجوه الأطفال التي كانت تستهويني. وفي عام 1972 انتسبت إلى معهد "فتحي محمد" للفنون التشكيلية، وتتلمذت على يد الفنان "إسماعيل حسني"، و"وحيد مغاربة" الذي عرض عليّ تخصيص غرفة لي أمارس فيها الرسم وقت ما أريد، وانتسبت في عام 1976 إلى أكاديمية "صاريان" للفنون، وداومت لمدة سنتين بإشراف التشكيليين "طالب يازجي" و"أرسينه زويان"، وكانت أعمالي في تلك المرحلة تجسد البرورتريه والمناظر الطبيعية المأخوذة من الواقع. حيث شاركت بكل المعارض التي أقامتها الأكاديمية خلال دوامي فيها، فوجود خالي في بداية حياتي الفنية وأخي التشكيلي "نعمت"، وبعدها بسنوات وجود زوجتي؛ خلق نوعاً من الجو الفني، فساد العمل الفني والحوار في الفن واللوحات؛ وهو ما أدى إلى انفتاح أكبر وتفاعل أكثر، وخلق لكل واحد منا شخصيته المتميزة والخاصة». قمت بالمشروع وأخي التشكيلي "نعمت بدوي"، وكان الهدف الأساسي تزييني وجمالي، وكان له أيضاً هدف روحاني، حيث قمنا بتوزيع العمل بشكل غير مباشر لإظهار جماليته، وكان المشروع عبارة عن تزيين قبة سيدة الانتقال بكنيسة السريان الكاثوليك، وهو مشروع ضخم والأول من نوعه في مدينة "حلب" بلوحة متمثلة بانتقال السيدة العذراء إلى السماء، حيث تبلغ مساحتها 700 متر مربع، لتكون شاهداً على إعادة الإعمار في مدينة "حلب"، ودليلاً على إرادة الحياة والإبداع والجمال لدى السوريين بوجه عام، ومنهم أهالي "حلب" الذين عانوا كثيراً خلال الحرب
من أعماله الفنية
وعن الطابع الذي غلب على أعماله، قال: «يسحرني الفن العالمي، وخصوصاً البيزنطي منه، والأيقونات الفنية بعمقها التاريخي والحضاري، فقمت بتنفيذ العديد من أعمالي الفنية على مادة الخشب القديم والمعتّق الذي أضفى على اللوحة بعداً حميمياً وقيمة جمالية مضاعفة، كما أحببت رسم الشخصيات والوجوه منذ البدايات؛ خاصة النساء بمختلف الحالات والانفعالات الإنسانية، متنقلاً عبرها إلى مراحل كثيرة ومتنوعة من ناحية التشكيل والتقنية، في مسعى دائم لتطوير أدواتي وثقل تجربتي على صعيد التشريح والتكوين اللوني والتعاطي مع الظل والضوء، لكن ضمن إطار الأسلوب العام الذي أنتهجه في أعمالي التي غلب عليها طابع الواقعية التعبيرية والرمزية».
قبة كنيسة "سيدة الانتقال" في حي "العزيزية"
وعن مشروع تزيين قبة "كنيسة السريان" الكاثوليكية في حيّ "العزيزية" بمدينة "حلب" التي طالتها يد الإرهاب، قال: «قمت بالمشروع وأخي التشكيلي "نعمت بدوي"، وكان الهدف الأساسي تزييني وجمالي، وكان له أيضاً هدفزيع العمل بشكل غير مباشر لإظهار جماليته، وكان المشروع عبارة عن تزيين قبة سيدة الانتقال بكنيسة السريان الكاثوليك، وهو مشروع ضخم والأول من نوعه في مدينة "حلب" بلوحة متمثلة بانتقال السيدة العذراء إلى السماء، حيث تبلغ مساحتها 700 متر مربع، لتكون شاهداً على إعادة الإعمار في مدينة "حلب"، ودليلاً على إرادة الحياة والإبداع والجمال لدى السوريين بوجه عام، ومنهم أهالي "حلب" الذين عانوا كثيراً خلال الحرب».
الفنان "بشير" أثناء تزيينه لقبة الكنيسة
الفنان والناقد التشكيلي "أديب مخزوم" تحدث عن التشكيلي "بشير بدوي" بالقول: «معرفتي به تعود إلى مطلع التسعينات، حيث كنت أتابع أعماله التي كان يعرضها في "دمشق" مع لوحات شقيقه "نعمت"، حتى إنهما سرعان ما أصبحا من أشهر الثنائيات الفنية التشكيلية في حركتنا الفنية السورية، ومن خلال تجربة "بشير" وجدت حالات التنقل بين أدق درجات الدقة في الرسم الكلاسيكي والواقعي، وبين حالات التبسيط والاختصار والعفوية المطلقة، كما نجد في لوحتيه "الملاك الأحمر" و"الشيطانة الزرقاء"، حيث نجده يتجاوز حالات الرسم الواقعي، ويدخل في إطار التشكيل التعبيري والرمزي وحتى التجريدي عبر فيض من الحركات اللونية العفوية والإضاءة المركزة في أماكن متفرقة من اللوحة، وهذا يوحي بأجواء أيقونية وروحانية. وفي أعماله الكلاسيكية والواقعية يركز لإظهار المرأة -على سبيل المثال- برؤية شديدة الوضوح والبروز، مع إعطاء أهمية لتقنية التعتيق وإبراز تشققات الخلفية الذي يوحي ببعد زمني، ويجعلها تبدو قريبة من الرسم الجداري القديم».
يذكر، أن الفنان "بشير بدوي" من مواليد "حلب" عام 1960، له العديد من المعارض الفردية والمشتركة داخل "سورية" وخارجها، وأقام العديد من المعارض المشتركة في "فرنسا" و"أرمينيا" و"بيروت"، وأعماله مقتناة بوزارة الثقافة السورية، ومجموعات خاصة.
- نجوى عبد العزيز محمود
كانت بيئته مصدر إلهام له، فقد جسد رؤيته الجمالية والفنية من خلال ألوانه وريشته، حيث استهوته اللوحات العالمية منذ الصغر، فعبّر عنها بطريقته الخاصة، واستخدم تقنيات متنوعة بلوحاته، كالخشب العتيق، والألوان الزيتية، وبعض الأكاسيد المعدنية، وغيرها.
مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 30 تشرين الثاني 2018، مع التشكيلي "بشير بدوي" ليحدثنا عن مسيرته الفنية، فقال: «بدأت الرسم بتأثير من الصور الفوتوغرافية والمشاهد المرسومة على السجاد ورسومات الطبيعة والقديسين، في البداية بدأت تقليد ما أشاهده وأرسمه بقلم الرصاص والتلوين، وبعد تطور مهاراتي انتقلت إلى الرسم بألوان الباستيل، ورسمت صورة لوالدي، ومناظر طبيعية مأخوذة من بطاقات بريدية. كان لخالي التشكيلي "جرجس قصبجي" دور كبير في صقل موهبتي، فقد علمني أشياء كثيرة في الحياة وفن الرسم والحفر على الخشب، واستخدام الألوان الزيتية، فكانت أولى محاولاتي بها أنني مزجت الألوان بزيت الزيتون، ولونت إطار إحدى اللوحات، وانزعجت لأن اللون لم يجفّ؛ حيث عرضت الأمر على خالي، فشرح لي الفرق بين زيت الطبخ وزيت الرسم، ورسمت في تلك المرحلة أعمال الانطباعيين، أمثال: "مونيه"، و"رينوار"، و"دغاس"، وبعض وجوه الأطفال التي كانت تستهويني. وفي عام 1972 انتسبت إلى معهد "فتحي محمد" للفنون التشكيلية، وتتلمذت على يد الفنان "إسماعيل حسني"، و"وحيد مغاربة" الذي عرض عليّ تخصيص غرفة لي أمارس فيها الرسم وقت ما أريد، وانتسبت في عام 1976 إلى أكاديمية "صاريان" للفنون، وداومت لمدة سنتين بإشراف التشكيليين "طالب يازجي" و"أرسينه زويان"، وكانت أعمالي في تلك المرحلة تجسد البرورتريه والمناظر الطبيعية المأخوذة من الواقع. حيث شاركت بكل المعارض التي أقامتها الأكاديمية خلال دوامي فيها، فوجود خالي في بداية حياتي الفنية وأخي التشكيلي "نعمت"، وبعدها بسنوات وجود زوجتي؛ خلق نوعاً من الجو الفني، فساد العمل الفني والحوار في الفن واللوحات؛ وهو ما أدى إلى انفتاح أكبر وتفاعل أكثر، وخلق لكل واحد منا شخصيته المتميزة والخاصة». قمت بالمشروع وأخي التشكيلي "نعمت بدوي"، وكان الهدف الأساسي تزييني وجمالي، وكان له أيضاً هدف روحاني، حيث قمنا بتوزيع العمل بشكل غير مباشر لإظهار جماليته، وكان المشروع عبارة عن تزيين قبة سيدة الانتقال بكنيسة السريان الكاثوليك، وهو مشروع ضخم والأول من نوعه في مدينة "حلب" بلوحة متمثلة بانتقال السيدة العذراء إلى السماء، حيث تبلغ مساحتها 700 متر مربع، لتكون شاهداً على إعادة الإعمار في مدينة "حلب"، ودليلاً على إرادة الحياة والإبداع والجمال لدى السوريين بوجه عام، ومنهم أهالي "حلب" الذين عانوا كثيراً خلال الحرب
من أعماله الفنية
وعن الطابع الذي غلب على أعماله، قال: «يسحرني الفن العالمي، وخصوصاً البيزنطي منه، والأيقونات الفنية بعمقها التاريخي والحضاري، فقمت بتنفيذ العديد من أعمالي الفنية على مادة الخشب القديم والمعتّق الذي أضفى على اللوحة بعداً حميمياً وقيمة جمالية مضاعفة، كما أحببت رسم الشخصيات والوجوه منذ البدايات؛ خاصة النساء بمختلف الحالات والانفعالات الإنسانية، متنقلاً عبرها إلى مراحل كثيرة ومتنوعة من ناحية التشكيل والتقنية، في مسعى دائم لتطوير أدواتي وثقل تجربتي على صعيد التشريح والتكوين اللوني والتعاطي مع الظل والضوء، لكن ضمن إطار الأسلوب العام الذي أنتهجه في أعمالي التي غلب عليها طابع الواقعية التعبيرية والرمزية».
قبة كنيسة "سيدة الانتقال" في حي "العزيزية"
وعن مشروع تزيين قبة "كنيسة السريان" الكاثوليكية في حيّ "العزيزية" بمدينة "حلب" التي طالتها يد الإرهاب، قال: «قمت بالمشروع وأخي التشكيلي "نعمت بدوي"، وكان الهدف الأساسي تزييني وجمالي، وكان له أيضاً هدفزيع العمل بشكل غير مباشر لإظهار جماليته، وكان المشروع عبارة عن تزيين قبة سيدة الانتقال بكنيسة السريان الكاثوليك، وهو مشروع ضخم والأول من نوعه في مدينة "حلب" بلوحة متمثلة بانتقال السيدة العذراء إلى السماء، حيث تبلغ مساحتها 700 متر مربع، لتكون شاهداً على إعادة الإعمار في مدينة "حلب"، ودليلاً على إرادة الحياة والإبداع والجمال لدى السوريين بوجه عام، ومنهم أهالي "حلب" الذين عانوا كثيراً خلال الحرب».
الفنان "بشير" أثناء تزيينه لقبة الكنيسة
الفنان والناقد التشكيلي "أديب مخزوم" تحدث عن التشكيلي "بشير بدوي" بالقول: «معرفتي به تعود إلى مطلع التسعينات، حيث كنت أتابع أعماله التي كان يعرضها في "دمشق" مع لوحات شقيقه "نعمت"، حتى إنهما سرعان ما أصبحا من أشهر الثنائيات الفنية التشكيلية في حركتنا الفنية السورية، ومن خلال تجربة "بشير" وجدت حالات التنقل بين أدق درجات الدقة في الرسم الكلاسيكي والواقعي، وبين حالات التبسيط والاختصار والعفوية المطلقة، كما نجد في لوحتيه "الملاك الأحمر" و"الشيطانة الزرقاء"، حيث نجده يتجاوز حالات الرسم الواقعي، ويدخل في إطار التشكيل التعبيري والرمزي وحتى التجريدي عبر فيض من الحركات اللونية العفوية والإضاءة المركزة في أماكن متفرقة من اللوحة، وهذا يوحي بأجواء أيقونية وروحانية. وفي أعماله الكلاسيكية والواقعية يركز لإظهار المرأة -على سبيل المثال- برؤية شديدة الوضوح والبروز، مع إعطاء أهمية لتقنية التعتيق وإبراز تشققات الخلفية الذي يوحي ببعد زمني، ويجعلها تبدو قريبة من الرسم الجداري القديم».
يذكر، أن الفنان "بشير بدوي" من مواليد "حلب" عام 1960، له العديد من المعارض الفردية والمشتركة داخل "سورية" وخارجها، وأقام العديد من المعارض المشتركة في "فرنسا" و"أرمينيا" و"بيروت"، وأعماله مقتناة بوزارة الثقافة السورية، ومجموعات خاصة.