الكأس المقدسة وكل الغموض والخلاف حولها؟
أراد الناس من خلال الفهم الجيد للكتاب المقدس والإيمان به الفصل بين الحقيقة الدينية والخرافة. ولقد أدى الاعجاب الدائم بالكتاب المقدس وشخصيات التوراة ومعتقدات المسيحيين إلى ظهور البحث التاريخي والأثري.
لم تكن الأدلة المرتبطة بصلب المسيح او بسفينة (نوح) ملموسه فعلًا، ما يحافظ على الرغبة في التعرف والفضول في معرفة المزيد. إن تفكير المؤمنين المسيحيين مازال متعلق بهيئة الكأس المقدسة معتبرين أنها قطعة أثرية لا يمكن الحصول عليها.
لقد تم الاعتقاد بأن الكأس المقدسة استخدمها (يسوع) في العشاء الأخير، أو استخدمت لجمع دم (يسوع) عند موته على الصليب، هذه الأفكار جميعها أساطير، ومع ذلك فقد انتشرت في البرامج التلفزيونية والأعمال الأدبية والأفلام، وإن امكانية امتلاك الكأس المقدسة لأشكال أو تأويلات عدة، زاد الفرضيات حول مظهرها.
لكن السؤال الأكثر أهمية، أين تتواجد هذه الكأس؟
مازال الاختلاف والالتباس يرافقان الكأس المقدسة. ومع استمرار البحث في أصولها، افترض العلماء والناس إمكانية اختفائها عبر الزمن، لا بل أنه تم العثور عليها ورؤيتها بالفعل.
زعم زوج مؤرخان أن الكأس المقدسة كانت في إسبانيا
صورة: National Library of Wales / Wikimedia Commons / Public Domain
ادعى المؤرخان (مارغريتا توريس) و(خوسيه ميغيل أورتيغا ديل ريو) في كتابهم «ملوك الكأس: تتبع تاريخ الكأس المقدس» الذي صدر عام 2014، أنهم تتبعوا تاريخ الكأس المقدسة وعثروا عليها. إذ خمّن الثنائي أن القطعة الأثرية المفقودة هي كأس (إنفانتا دونيا أوراكا) الواقعة في (بازيليكا سان إيزيدورو) في (ليون) والمعروضة منذ عقود.
إن اعتقادات (توريس) و(ديل ريو) اعتمدت على مخطوطة مصرية تشرح كيف تم نقل الكأس المقدسة من (القدس) إلى (القاهرة)، وصولا إلى (إسبانيا الإسلامية) ليتم تقديمها لأمير محلي، وبعدها تم إهداء الكأس للملك (فرديناند الأول) ملك (ليون) وذلك تقريبا في 1015، وثم جرى نقلها إلى الكنيسة التي دُفن فيها الملك عام 1065.
وأن هذه الكـأس تحمل اسم (أوراكا من زامورا) ابنة الملك (فرديناند). أما صناعتها فقد كانت من العقيق والذهب ومزخرفة بالأحجار الكريمة وتمت بدمج كأسين في كأس واحد. كما قام العلماء بتحديد الكأس على أنه ينتمي للفترة بين القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الأول للميلاد، وذلك دعما لمزاعم (توريس) و(دي ريو).
وهكذا تم إيجاد الكأس حسب تصريح (دي ريو) بأنه ”الكأس الوحيد الذي يمكن اعتباره الكأس المقدسة هو الذي قطع الرحلة إلى القاهرة ثم إلى ليون.“
لم يكن 2014 هو العام الوحيد الذي عُثر فيه على الكأس المقدسة
صورة: National Library of Wales / Wikimedia Commons / Public Domain
إن المؤرخين (توريس) و(ديل ريو) ليسوا الوحيدين الذين صمموا على حل غموض الكأس المقدسة. ففي أوائل القرن الثاني عشر، وصف الشعراء والأدباء الكأس، وادعوا أنهم يعلمون مكانها. حيث انتشرت عدة مواقع للكأس المقدسة في أنحاء العالم، مع التلميح إلى كؤوس (كندا) و(اسكتلندا)، وتلك التي سيطر عليها فرسان الهيكل.
لقد تم الاعتقاد أن كأس (مريم المجدلية) المصنوع من المرمر الأخضر الذي يعود إلى القرن الأول الميلادي تم استخدامها لجمع دم (اليسوع) عند موته على الصليب من قبل أحد محبيه.
أما بالنسبة للمؤلف (غراهام فيليبس) يرفض فكرة استخدم (اليسوع) لكأس (ماريان تشاليس) باعتباره وعاء يشبه جرة صغيرة من المرجح انها استخدمت لحمل العطر أو المرهم، ربما استخدمها (يسوع)، وقد اختلطت الأفكار بينها وبين الكأس المقدسة.
فقد كان رأي (فيليبس) أن الكأس المقدسة هي الكتاب المقدس السري (إنجيل توماس) الذي تم اكتشافه عام 1945. وحسب نظريته فإن كأس (مريم المجدلية) حصل عليها (فولك فيتز وارين) بعد أن تم نقلها إلى (بريطانيا) خلال القرن الخامس الميلادي.
هناك أقوال أخرى، أحدها بأن الكأس المقدسة هي كأس (هوكستون)، التي عثرت عليها عائلة) فيتز وارين) في حديقة (هوكستون) وخبأتها في قلعة (واينتغون). ربما هذا هو السبب لربط كاس (ماريان) وكأس (هوكستون) بالكأس المقدسة.
على الأرجح هما متشابهين تمامًا، فقد زعم (توماس رايت) من سلالة عائلة (فيتز وارين) أنه عثر على الكأس خلال القرن الثامن عشر، لكن ما عثر عليه أقرب الى كأس (مريم)، وهي في ثقافات أخرى تشير إلى النبيذ و الدم وغيرها.
إن الكأس الأسطورية المقدسة هي كأس فالنسيا حسب اعتقاد البعض
صورة: Master of the Female Half-Lengths / Wikimedia Commons / Public Domain
ربما تكون أكثر كأس مقدسة تم الاعتراف بها هي (سانتو كاليز) أو الكأس المقدسة المصنوعة من الذهب والعقيق والتي يعود أصولها للقرن الأول قبل الميلاد في مدينة (فالنسيا) الإسبانية، وخلال القرن الأول الميلادي تم الاعتقاد أن (يسوع) استخدمها في عشاءه الأخير فقام القديس (بطرس) بنقلها إلى (روما).
ونتيجة لتهديد (البابوية) خلال القرن الثالث الميلادي تم نقل الكأس إلى (هويسكا الإسبانية)، أما في العصور الوسطى فقد خُبئت في (البرانس) نتيجة للغزوات الإسلامية. ولكن بالنسبة لسجلات التاريخ فقد نُقل الكأس إلى دير (سان خوان دي بينيا) عام 1071 للميلاد.
ولقد قام الملك (أراغون مارتن) بوضع الكأس بين الممتلكات الملكية في عام 1399، ليتم نقله إلى (فالنسيا) عام 1416. وقد ظهر واختفى الكأس خلال القرون اللاحقة في (إسبانيا) ليصل في نهاية الأمر إلى كاتدرائية (فالنسيا) وذلك عام 1939. وبالنسبة للوقت الحالي فيمكن للمؤمنين المسيحيين مشاهدة الكأس المقدسة مرتين سنويًا وذلك عند عرضها للجمهور في (فالنسيا).
مازال العلماء يدافعون عن كأس (فالنسيا) باعتبارها الكأس المقدسة الحقيقية. وقد صرحت المؤرخة الفنية (آنا مافي غارسيا) عام 2019 أن ”تكوين الكأس يمثل قبيلة (يهوذا)، والتي كان (يسوع الناصري) عضوًا فيها“.
المنافس المحتمل للكأس هو كأس جنوة
صورة: Sylvain Billet / Wikimedia Commons / CC BY-SA 4.0
لقد تم صناعة كأس (ساكرو كاتينو) في مصر من الزجاج، وهو معروف باسم (كأس جنوة) ذو الشكل سداسي الأضلاع، ولقد قامت ملكة (سبأ) بنقله إلى (القدس) ثم إلى (الموقع الساحلي) في (القيصرية) وذلك قبل القرن الحادي عشر. حتى تبنى (غوليلمو) أخذ الكأس إلى (جنوة) وذلك في أعقاب الحملة الصليبية الأولى.
لقد كتب (ويليام) خلال القرن الثاني عشر، أن ”الكأس أكثر من مجرد إناء من اللون الأخضر اللامع استولت عليه جمهورية عوضا عن مبلغ كبير من المال معتبرين أنها من الزمرد، وذلك للحصول على ديكور رائع لكنيستهم.“
أصبح الطبق الزجاجي عنصرًا تم الاعتراف به بقدوم القرن الثالث عشر كعنصر أساسي مستخدم في العشاء الأخير، وبذلك أصبح جزءًا من قصة (يسوع) على الصليب. أما القصص التي تحدثت عن استخدام الكأس لجمع دم (يسوع) فهي مقتبسة عن (نيقوديموس) الذي دفن (يسوع) مع (جوزيف) من (اريماثا.)
ولقد قام (نابليون) بأخذ بقايا الكأس إلى (باريس) في أوائل القرن التاسع عشر، ليكتشف أنها مصنوعة من الزجاج وليس من الزمرد.
أراد الناس من خلال الفهم الجيد للكتاب المقدس والإيمان به الفصل بين الحقيقة الدينية والخرافة. ولقد أدى الاعجاب الدائم بالكتاب المقدس وشخصيات التوراة ومعتقدات المسيحيين إلى ظهور البحث التاريخي والأثري.
لم تكن الأدلة المرتبطة بصلب المسيح او بسفينة (نوح) ملموسه فعلًا، ما يحافظ على الرغبة في التعرف والفضول في معرفة المزيد. إن تفكير المؤمنين المسيحيين مازال متعلق بهيئة الكأس المقدسة معتبرين أنها قطعة أثرية لا يمكن الحصول عليها.
لقد تم الاعتقاد بأن الكأس المقدسة استخدمها (يسوع) في العشاء الأخير، أو استخدمت لجمع دم (يسوع) عند موته على الصليب، هذه الأفكار جميعها أساطير، ومع ذلك فقد انتشرت في البرامج التلفزيونية والأعمال الأدبية والأفلام، وإن امكانية امتلاك الكأس المقدسة لأشكال أو تأويلات عدة، زاد الفرضيات حول مظهرها.
لكن السؤال الأكثر أهمية، أين تتواجد هذه الكأس؟
مازال الاختلاف والالتباس يرافقان الكأس المقدسة. ومع استمرار البحث في أصولها، افترض العلماء والناس إمكانية اختفائها عبر الزمن، لا بل أنه تم العثور عليها ورؤيتها بالفعل.
زعم زوج مؤرخان أن الكأس المقدسة كانت في إسبانيا
صورة: National Library of Wales / Wikimedia Commons / Public Domain
ادعى المؤرخان (مارغريتا توريس) و(خوسيه ميغيل أورتيغا ديل ريو) في كتابهم «ملوك الكأس: تتبع تاريخ الكأس المقدس» الذي صدر عام 2014، أنهم تتبعوا تاريخ الكأس المقدسة وعثروا عليها. إذ خمّن الثنائي أن القطعة الأثرية المفقودة هي كأس (إنفانتا دونيا أوراكا) الواقعة في (بازيليكا سان إيزيدورو) في (ليون) والمعروضة منذ عقود.
إن اعتقادات (توريس) و(ديل ريو) اعتمدت على مخطوطة مصرية تشرح كيف تم نقل الكأس المقدسة من (القدس) إلى (القاهرة)، وصولا إلى (إسبانيا الإسلامية) ليتم تقديمها لأمير محلي، وبعدها تم إهداء الكأس للملك (فرديناند الأول) ملك (ليون) وذلك تقريبا في 1015، وثم جرى نقلها إلى الكنيسة التي دُفن فيها الملك عام 1065.
وأن هذه الكـأس تحمل اسم (أوراكا من زامورا) ابنة الملك (فرديناند). أما صناعتها فقد كانت من العقيق والذهب ومزخرفة بالأحجار الكريمة وتمت بدمج كأسين في كأس واحد. كما قام العلماء بتحديد الكأس على أنه ينتمي للفترة بين القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الأول للميلاد، وذلك دعما لمزاعم (توريس) و(دي ريو).
وهكذا تم إيجاد الكأس حسب تصريح (دي ريو) بأنه ”الكأس الوحيد الذي يمكن اعتباره الكأس المقدسة هو الذي قطع الرحلة إلى القاهرة ثم إلى ليون.“
لم يكن 2014 هو العام الوحيد الذي عُثر فيه على الكأس المقدسة
صورة: National Library of Wales / Wikimedia Commons / Public Domain
إن المؤرخين (توريس) و(ديل ريو) ليسوا الوحيدين الذين صمموا على حل غموض الكأس المقدسة. ففي أوائل القرن الثاني عشر، وصف الشعراء والأدباء الكأس، وادعوا أنهم يعلمون مكانها. حيث انتشرت عدة مواقع للكأس المقدسة في أنحاء العالم، مع التلميح إلى كؤوس (كندا) و(اسكتلندا)، وتلك التي سيطر عليها فرسان الهيكل.
لقد تم الاعتقاد أن كأس (مريم المجدلية) المصنوع من المرمر الأخضر الذي يعود إلى القرن الأول الميلادي تم استخدامها لجمع دم (اليسوع) عند موته على الصليب من قبل أحد محبيه.
أما بالنسبة للمؤلف (غراهام فيليبس) يرفض فكرة استخدم (اليسوع) لكأس (ماريان تشاليس) باعتباره وعاء يشبه جرة صغيرة من المرجح انها استخدمت لحمل العطر أو المرهم، ربما استخدمها (يسوع)، وقد اختلطت الأفكار بينها وبين الكأس المقدسة.
فقد كان رأي (فيليبس) أن الكأس المقدسة هي الكتاب المقدس السري (إنجيل توماس) الذي تم اكتشافه عام 1945. وحسب نظريته فإن كأس (مريم المجدلية) حصل عليها (فولك فيتز وارين) بعد أن تم نقلها إلى (بريطانيا) خلال القرن الخامس الميلادي.
هناك أقوال أخرى، أحدها بأن الكأس المقدسة هي كأس (هوكستون)، التي عثرت عليها عائلة) فيتز وارين) في حديقة (هوكستون) وخبأتها في قلعة (واينتغون). ربما هذا هو السبب لربط كاس (ماريان) وكأس (هوكستون) بالكأس المقدسة.
على الأرجح هما متشابهين تمامًا، فقد زعم (توماس رايت) من سلالة عائلة (فيتز وارين) أنه عثر على الكأس خلال القرن الثامن عشر، لكن ما عثر عليه أقرب الى كأس (مريم)، وهي في ثقافات أخرى تشير إلى النبيذ و الدم وغيرها.
إن الكأس الأسطورية المقدسة هي كأس فالنسيا حسب اعتقاد البعض
صورة: Master of the Female Half-Lengths / Wikimedia Commons / Public Domain
ربما تكون أكثر كأس مقدسة تم الاعتراف بها هي (سانتو كاليز) أو الكأس المقدسة المصنوعة من الذهب والعقيق والتي يعود أصولها للقرن الأول قبل الميلاد في مدينة (فالنسيا) الإسبانية، وخلال القرن الأول الميلادي تم الاعتقاد أن (يسوع) استخدمها في عشاءه الأخير فقام القديس (بطرس) بنقلها إلى (روما).
ونتيجة لتهديد (البابوية) خلال القرن الثالث الميلادي تم نقل الكأس إلى (هويسكا الإسبانية)، أما في العصور الوسطى فقد خُبئت في (البرانس) نتيجة للغزوات الإسلامية. ولكن بالنسبة لسجلات التاريخ فقد نُقل الكأس إلى دير (سان خوان دي بينيا) عام 1071 للميلاد.
ولقد قام الملك (أراغون مارتن) بوضع الكأس بين الممتلكات الملكية في عام 1399، ليتم نقله إلى (فالنسيا) عام 1416. وقد ظهر واختفى الكأس خلال القرون اللاحقة في (إسبانيا) ليصل في نهاية الأمر إلى كاتدرائية (فالنسيا) وذلك عام 1939. وبالنسبة للوقت الحالي فيمكن للمؤمنين المسيحيين مشاهدة الكأس المقدسة مرتين سنويًا وذلك عند عرضها للجمهور في (فالنسيا).
مازال العلماء يدافعون عن كأس (فالنسيا) باعتبارها الكأس المقدسة الحقيقية. وقد صرحت المؤرخة الفنية (آنا مافي غارسيا) عام 2019 أن ”تكوين الكأس يمثل قبيلة (يهوذا)، والتي كان (يسوع الناصري) عضوًا فيها“.
المنافس المحتمل للكأس هو كأس جنوة
صورة: Sylvain Billet / Wikimedia Commons / CC BY-SA 4.0
لقد تم صناعة كأس (ساكرو كاتينو) في مصر من الزجاج، وهو معروف باسم (كأس جنوة) ذو الشكل سداسي الأضلاع، ولقد قامت ملكة (سبأ) بنقله إلى (القدس) ثم إلى (الموقع الساحلي) في (القيصرية) وذلك قبل القرن الحادي عشر. حتى تبنى (غوليلمو) أخذ الكأس إلى (جنوة) وذلك في أعقاب الحملة الصليبية الأولى.
لقد كتب (ويليام) خلال القرن الثاني عشر، أن ”الكأس أكثر من مجرد إناء من اللون الأخضر اللامع استولت عليه جمهورية عوضا عن مبلغ كبير من المال معتبرين أنها من الزمرد، وذلك للحصول على ديكور رائع لكنيستهم.“
أصبح الطبق الزجاجي عنصرًا تم الاعتراف به بقدوم القرن الثالث عشر كعنصر أساسي مستخدم في العشاء الأخير، وبذلك أصبح جزءًا من قصة (يسوع) على الصليب. أما القصص التي تحدثت عن استخدام الكأس لجمع دم (يسوع) فهي مقتبسة عن (نيقوديموس) الذي دفن (يسوع) مع (جوزيف) من (اريماثا.)
ولقد قام (نابليون) بأخذ بقايا الكأس إلى (باريس) في أوائل القرن التاسع عشر، ليكتشف أنها مصنوعة من الزجاج وليس من الزمرد.
تعليق